العداوة الأزلية. 4/8/1436هـ

عبد الله بن علي الطريف
1436/08/04 - 2015/05/22 07:46AM
العداوة الأزلية. 4/8/1436هـ
أيها الإخوة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. أعوذ بالله من إبليس.. تعوذ من الشيطان الرجيم.. دعوات ندعو بها، وتوجيهات نطلقها لمن حاد عن الطريق المستقيم.. نقولها استجابة للتوجيه الإلهي فربنا يقول موجهاً لمن يحس بوسوسة الشيطان وتثبيطه عن الخير، أو حثه على الشر، أو الإيعاز إليه: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف:200]، ووجه لهذا الدعاء رسولنا -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ للرجل غضبان: "إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ. لَوْ قَالَ: أَعُوذ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم". رواه البخاري ومسلم.
أيها الأحبة: لقد حثنا اللهُ ورسولُه على الاستعاذة من الشيطان لأن العداء بين الإنسان والشيطان عداء بعيد الجذور يعود تاريخه إلى اليوم الذي شَكلَ الله فيه آدم من صلصال من طين قبل أن ينفخ فيه الروح.. فأخذ الشيطان يطيفُ به ويقول: لئن سُلْطْتَ عليَّ لأعصينك، ولئن سُلطتُ عليك لأهلكنك.. وقَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا صَوَّرَ اللهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ، (أي يستدير حوله) يَنْظُرُ مَا هُوَ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ أي (دَاخلَه خالٍ) عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ» أي: لا يملكُ نفسَه ويحبسُها عن الشهوات، وقيل لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل لا يملك نفسه عند الغضب والمراد جنس بني آدم.. رواه مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه.
ولما نفخَ اللهُ الروحَ في آدم، وأمرَ الملائكةَ بالسجودِ له، كان إبليسُ يتعبدُ مع ملائكةِ السماء فشمله الأمر.. ولم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين كما قال الحسن البصري رحمه الله. وقال شيخ الإسلام رحمه الله: إن الشيطان كان من الملائكة باعتبار صورته، وليس باعتبار أصله ولا باعتبار مثاله..
فلما أُمِرَ بالسجودِ تعاظم في نفسه واستكبر وأبى السجود لأدم وقال قولته التي ذكرها الله في كتابه: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف:12].
أيها الإخوة: لقد فتح أبونا آدمُ عينيِه فإذا به يجد أعظمَ تكريم.. يجد الملائكةَ الكرامَ له ساجدين امتثالاً لأمر الله تعالى.. فقد سجدوا سجود إكرامٍ واحترام وسلام.. وليس سجود عبادة..
ووجد أبونا آدمُ عليه السلام في الطرف الآخر عدواً رهيباً يهدده ويتوعده وذريته بالهلاك والضلال وهو الشيطان الرجيم.. وطرد الله تعالى الشيطانَ من جنةِ الخلودِ بسبب استكباره.. لكنه حصل على وعدٍ من الله بإبقائِه حياً إلى يومِ القيامةِ لحكمةٍ أرادها اللهُ تعالى.. قال الله تعالى: (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ* قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) [الأعراف:13-15] وقطع اللعين على نفسه عهداً بإضلالِ آدمَ وذريتَه والكيدِ لهم وتوعدهم قال الله تعالى على لسانه: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف:16،17]. نعم إصرار مطلق منه على الشر، وتصميم تامٌ على الغواية.. غويةٌ لهذا المخلوقِ الذي كرمه الله تعالى، والذي بسببه كانت مأساةُ إبليسَ ولعنُه وطردُه.
نعم توعد إبليس آدم وذريته بأنه سيقعدُ لهم على صراط الله المستقيم.. ويصدُ عنه كل من يهم منهم باجتيازه، وأنه سيأتيهم من كل جهة من بين أيدهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم للحيلولة بينهم وبين الإيمان والطاعة..
وقوله هذا يصور مدى الجهد الذي يبذله لإضلال بني آدم فهو يأتيهم من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو غالباً وهذا مثال لوسوسته إليهم وتسويله لهم ما أمكنه وقدر عليه..
هكذا أيها الإخوة: أعلن إبليسُ لرب العزة والجلال سبحانه موقفَه في عنادٍ وتمردٍ وتبجحٍ، قال الله تعالى في موضع آخر على لسان إبليس: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء:62] (وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا* وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) [النساء:117-119] وقال: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص:82،83]. هذا هو خطاب إبليس اللعين لله رب العالمين.. خطابٌ عارٍ من الأدبِ وخالٍ من الخوف.. يتبجح بخطابه بكل كلماتِ الكفرِ والعنادِ والإصرارِ وأسلوب التوكيد على الغواية والإضلال..
أحبتي: هل يظن ظانٌ أنه بعد هذا التهديد والوعيد والأيمان المغلظة سيتهاون وينام ويغفل.. قال رجل للحسن: يا أبا سعيد أينام إبليس.؟ فتبتسم وقال: لو نام لوجدنا راحة.. ولكن إبليس لا ينام ونحن ننام.. وإبليس لا يغفل عن عداوتنا ونحن نغفل عن عداوته.. إبليس وجنودُه يروننا ونحن لا نراهم.. والمعركة بيننا قائمة والصراع دائر، والجراحات مُثْخَنة، والقتلى تتساقط، والسهام تتطاير، والرايات مرتفعة والقائد يبث جنوده كل يوم ليضلوا المسلمين ويخرجونهم من دين الله..
فأهل الإسلام والطاعة والإيمان هم حقل عمله ومكان كيده ومكره، أما أهل الديانات والملل والنحل الأخرى فهم أتباعه وجنوده وحزبه.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ، قَالَ: فَيَخْرُجُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَيَقُولُ: أَوْشَكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ، فَيَقُولُ: أَوْشَكَ أَنْ يَبَرَّ، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى زَنَى فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ» رواه بن حبان وصححه الألباني عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه. وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا، وَلَكِنْ سَتَكُونُ لَهُ طَاعَةٌ فِي بَعْضِ مَا تَحْقِرُونَ مِنَ أَعْمَالِكُمْ فَيَرْضَى بِهَا. رواه النسائي في السنن الكبرى عن عمرو بن الأحوص وحسنه الألباني. وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه أي: بإيقاع العداوة بينهم والخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها.
أيها الإخوة: ولا يكتفي الشيطان بدعوة الناس إلى الكفر والذنوب والمعاصي بل يصدهم عن فعل الخير، فلا يترك سبيلاً من سبل الخير يسلكه عباد الله إلا قعد فيه يصدهم ويميل بهم ففي الحديث "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ، فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ (أي الحبل الطويل يشد في يد الفرس ليدور ويرعى ولا يذهب لوجهه) فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ، فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، وَيُقْسَمُ الْمَالُ، فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ" رواه النسائي صححه الألباني. وهذا بيان لقول الله تعالى على لسان إبليس (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) [الأعراف:16] أي على صراطك فالشيطان لا يدع سبيلًا من سبل الخير إلا قعد فيه يصد الناس عنه نعوذ بالله من كيده وإغوائه.. فلقد قطع على نفسه وعدًا وأقسم عليه بغواية بني آدم فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ: بِعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتِ الْأَرْوَاحُ فِيهِمْ، فَقَالَ لَهُ اللهُ: فَبِعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي" رواه أحمد وصححه الألباني. أستغفر الله العظيم لي ولكم....
الخطبة الثانية:
أيها الإخوة: اتقوا الله تعالى حق التقوى واعرفوا كيد الشيطان ومكره وإنه إن لم يستطع صد المسلم عن الطاعة والعبادة بذل جهده في إفسادها كي يحرمَه من الأجر والثواب. أتى أبو الْعَاصِ رضي الله عنه إلى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْهُ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا» قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنِّي. رواه مسلم.. فإذا دخل العبد في صلاته أجلب عليه الشيطان يوسوس له ويشغله عن طاعة الله ويذكره بأمور الدنيا..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى" رواه البخاري ومسلم. ولم تقتصر وسوسته علينا بل حاول وتجرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً، قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَيَّ لِيَقْطَعَ الصَّلاَةَ عَلَيَّ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَذَعَتُّهُ (أي خنقته) وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا، فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) [ص:35] فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِيًا. رواه البخاري.
وبعد: خير سبيل للاحتماء من الشيطان وجندِه هو الالتجاء إلى الله والاحتماءُ بجنابه، والاستعاذةُ به من الشيطان، فإذا أجار عبده فأنى يخلصُ الشيطان إليه، قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف:200] وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله من همزات الشياطين وحضورِهم: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ* وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) [المؤمنون:97،98] وهمزات الشياطين: نزغاتهم ووساوسهم، فالله يأمرنا بالاستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة؛ إذ لا يقبل مصانعة ولا إحساناً، ولا يبتغي إلا هلاك ابن آدم، لشدة العداوة بينه وبين آدم.
المشاهدات 1971 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا