العجلة المذمومة
محسن الشامي
1435/04/26 - 2014/02/26 22:12PM
الحمد لله حمد الشاكرين، وأثني عليه سبحانه ثناء المنيبين الذاكرين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وقيوم السموات والأرضين وخالق الخلق أجمعين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيُّه وخليلُه وأمينُه على وحيه ومبلِّغ الناس شرعه صلّى الله عليه و على آله الطيّبين وصحابته الغُرّ الميامين ومن ثبتَ على منهجهم إلى يوم الدّين أما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى فتقوى الله نورٌ في القلب، وذخرٌ في المنقلَب وهي خير شيء نلقى به الله تعالى يوم لا ينفع مال وبنون إلا من أتى الله بقلب سليم {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته }
إخوة الايمان حديثنا اليومَ عن صفة مذمومة لا يسلم منها أحد منا صفةٌ تقف وراءها نفس مندفعة أو انفعال متهور قتلُ الأبرياء من آثارها والطلاق من ثمارها واليأس من أضرارها وترك الدعاء من مظاهرها صفة ابتُليَ بها الإنسانُ بالجِبِلَّة فهي مركوزةٌ في طبيعته وتكوينِه استِحْكَامُها في العبدِ يسبّبُ لهُ النّدم والخُسران إنها صفة العجلة و الاستعجال صفة فطر الله الإنسان عليها لكنه حذره منها فقال تعالى{خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}وقال اللهُ جلَّ وعلاَ {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولا}وقال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ }
أيها المؤمنون :العَجَلةُ ثورةٌ نفسيةٌ خاليةٌ منْ تقديرِ العاقبة ومِنَ الإحاطةِ بالظروفِ والملابسات، ومِنْ أخذِ الأهبةِ والاستعداد في القول والعمل .ذلكَ أنَّ المستعجِلَ يقولُ قبلَ أنْ يعلم ويُجِيبُ قبلَ أنْ يفهم ويَحمدُ قبلَ أنْ يُجرِّب ويَذمُّ بعدما يَحمد ويعزمُ قبلَ أنْ يُفكِّر ويمضي قبلَ أنْ يعزم ، فلا يحصدُ من ذلكَ كُلّه سوى الحسرَةِ والنّدَم والتّعبِ في الحياةِ والألم قال بعض الحكماءُ مَنْ نظرَ في العواقبِ سلِمَ مِنَ النوائب " وقال بعضهم " منْ أسرعَ الجوابَ أخطأَ الصواب "
أيها المسلمون للعجلة المذمومة صوراً لاحصر لها فمن صورِ العجَلَةِ المذمومةِ
شرعًا محبَّةُ العاجِلَةِ وتركُ الآخرة محبَّةُ الدنيا واستعجالُ شهواتِها الفانيَةِ الزائلة وتركُ الآخرةِ والتفريطُ فيها وفي خيراتِها الدّائمة قال تعالى{ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وتذرُونَ الآخِرَة} وقال سبحانه{مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً}فالعجلة المذمومة هي التي جعلَت الإنسانَ يستعجِلُ الكُفرَ على الإيمان والمعصيةَ على الطاعة والكذِبَ على الصّدق والنّظَرَ إلى الحرامِ على لذَّةِ النّظَرِ إلى وجهِ اللهِ الكريم وخمرَ الدّنيا على خمر الآخِرة والزّنا على الحور العين اللاتي لو اطلعت إحدَاهُنَّ على أهلِّ الأرضِ لملأت ما بينهما ريحًا ونورًا ولَنَصِيفُها على رأسها خيرٌ من الدُنيا وما فيها مهورهن العِفة والصبرِ على المغرياتِ ولقاؤهن في جنةٌ عرضها الأرض والسماوات فيها ما لا عينٌ رأت ولا أُذنٌ سمعت ولا خطرَ على قلبِ بشر نسأل الله من فضله
ومن صورِ العجَلَةِ المذمومةِ الاستعجالُ في اجابة الدُّعاء يدعُوالإنسانُ مرَّةً أو مرّتين أو ثلاث ثمَّ يستبطئُ الإجابَة فيمَلُّ الدُّعاءَ قال صلى الله عليه وسلم (يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَم يَعْجَلْ، يَقُولُ:دَعَوتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي)رواهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلمٌ فكن ياعبدالله على حذر أن تقول:دعوت ودعوت فلم يستجب لي، فتمل الدعاء وتركن إلى اليأس والقنوط واعلم بأن ربّك الذي وعدك بالإجابة لا ولن يخلفك الوعد فهو القائل سبحانه{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}واعلم يا عبدالله أن عدم استجابة دعاءك أو تأخر الاستجابة يحمل في طياته خيراً كثيراً فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « مَا عَلَى الْأَرْضِ
مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ
بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ ».
وَمِنْ صُورِ العَجَلةِ المذمومة الحكمُ عَلى النَّاسِ وَسُوءُ الظّنِّ بهم قَبْلَ التَّثَبُّتِ وَاليقينِ فتجد بعض الناس هداهم الله يشيع كل ما يصل أذناه من غير تثبت، أهو حق أم باطل؟ أصدقٌ أم كذب؟ مجرد خبر يسمعه لا يستطيع أن يكتمه بل يرى أنه لا بد أن يشيعه وينشره ولو كان هذا الخبر محض افتراء قال صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع (رواه مسلم والاستعجال في تصديق الأخبار قبل التثبت من صحتها أو في إصدار الأحكام مدحاً أو ذماً دون دراية وتبين تورث صاحبها الحسرة والندامة الم يقل الله تعالى{يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق }
ومن صورِ العجلةِ المذمومة العجلةُ عند الغضب والانفعال فهما صفتانِ جِبِلِّيّتانِ في العبدِ إذا اجتمعتَا على العبدِ أهلكَتَاهُ ولابُد وهاهو نبينا يوصينا بعدم الغضب فعن أبي هريرةَ أنَّ رجُلاً قال للنبي أوصني قال صلى الله عليه وسلم(لا تغضب (فردَّدَ ذلك مرارا قال ) لا تغضب) رواه البخاري فالغَضبُ وَالاستِجَابَةُ لِثَورَةِ النَّفْسِ تؤدي إلى الوقُوعِ فِي المحذُورِ، فيتحمَّقُ المَرْءُ عَلىَ عَجَلٍ، وَيكُونُ لِسانُهُ وَفِعْلُهُ قَبلَ قَلْبهِ وَعَقْلِهِ، فَلاَ يَزِمُّ نَفْسَهُ وَلاَ يَتَرَيَّثُ، بَلْ يَهْذِي بِكَلاَمٍ وَيُوكِسُ وَيُشْطِطُ بأَفعالٍ يَحَتاجُ بَعْدَها إِلى اعْتِذَارٍ قال صلى الله عليه وسلم (لاَ تَتَكَلَّمْ بِكَلامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا)رَوَاهُ أَحمدُ ماج
ومن صور العجلة المذمومة ما هدَّم َبيوتًا آمِنةً وشتَّتَ أُسَراً كاملةً بتسرُّع بعض الرجال في إطلاق لفظ الطلاق على زوجته لأيِّ سَببٍ وَأَدنَى حُجَّةٍ اولمجرَّد جدال وخصام بسيط أو لتقصيرها في بعض الأمور لظروف اكتنفتها مما تكتنف مثيلاتها من النساء فيهدم بيته ويفرِّق أسرته دون ترو أو أنات أو الصبر عليها، لتجاهله لجِبلَّةِ المرأة المقررة شرعا والمعروفة طبعا والتي بينها النبي صلى الله عليه وسلم فقال " اسْتَوْصُوا بالنساء خيرا فإن المرأةَ خُلقت من ضِلَع وإن أعوجَ ما في الضِّلَع
أعلاه فإِن ذهبتَ تُقيمُهُ كسرتَهُ وإِن تركتَهُ لم يزلْ أعوجَ فاستوصوا بالنساء خيرًا "
الَّلهمَّ أَرِنَا الحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلاً وَارزُقْنَا اجْتِنَابَهُ بارك الله
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الأنام وبدر التمام وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى وأعلموا أنَّ دِينَ الإسْلاَمِ دِينٌ وَسَطٌ لاَ يَرْضَى بالإفرَاطِ وَلاَ بِالتَّفْرِيطِ، وَلاَ المغَالاَةِ وَلاَ المجَافَاةِ، وَالنَّظْرَةُ الشَّرعيَّةُ لِلعَجَلَةِ هِي نَظرةٌ عَادِلَةٌ كَرِهَهَا الإسلامُ في مَواضعَ وَنَدَبَ إليهَا في مَوَاضعَ أخْرَى، فَكَمَا أَنَّ التَّأنِي مَنْدُوبٌ إِليهِ فِي ظُرُوفٍ تَليقُ به، فَإنَّ ظُروفًا أُخْرَى تَتَطَلَّبُ العَجَلةَ.وَلاَ يَعْنِي تَنِفيرُ الإِسْلاَمِ مِنَ العَجَلةِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَن يُعَلِّمَ أَتْباعَهُ البُطءَ فِي الحَرَكَةِ أَو الضَّعْفَ في الإِنْتَاجِ أَو التَّمَاوُتَ فِي العَملِ، كَيفَ وَرسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَد قَالَ:((بَادِرُوا بِالأعْمَالِ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيقُولُ صلى الله عليه وسلم: ((مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ له شَيءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبيتُ لَيلتَينِ إلاَّ وَوصِيَّتُهُ مَكْتَوبَةٌ عِنَدهُ) رَواهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَمِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ عِبادَ اللهِ هُنَاكَ أُمُورٌ وَمَواقفُ تَتَطَلَّبُ مِنَ التَّصَرُّفِ الحَازِمِ والعَملِ السَّريعِ مَا لاَ يُنَاسِبهُ التَّأْجِيلُ وَالتَّسويفُ مِثلُ العَجَلَةِ في اغْتِنَامِ الأوقاتِ وَتركِ التَّسْويفِ فيها، وَعَدَمُ تَأخيرِ البَيَّانِ عَنْ وَقتِ الحَاجَةِ؛ كَبيَانِ حَقٍّ وَإِبطَالِ بَاطِلٍ وَأمرٍ بالمعرُوفِ وَنَهيٍ عَنْ المُنكَرِ وَكَذَا الوَاجِبَاتُ الموقُوتَةُ بَوقْتٍ مَحدُودٍ الا فَاتَّقُوا اللهَ مَعَاشِرَ المؤمِنينَ وَعَلَيكُمْ بالتُّؤدَةِ وَالتَّأَنِّي تُفْلِحُوا وَإيَّاكُم وَما ذُم من العَجَلَةَ فَلَيسَ مِنْ هَدْيِ نبيكم صلى الله عليه وسلم وَلاَ هو مِنْ شَأْنِهِ وردَ وفدٌ على النبيّ صلى الله عليه وسلم ظهرَ فيهم رجلٌ يقال له الأشج عبد القيس رزينٌ حليمٌ فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد رؤيَةِ رزانتِه في الكلامِ والتصرّف "إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة "رواه مسلم وهنيئًا للمتأني محبةُ الله تعالى له اللهم ثبّتنا على الرزانة والحِلم وجنّبنا الاستعجال والتسرّع .الا وصلوا وسلموا
إخوة الايمان حديثنا اليومَ عن صفة مذمومة لا يسلم منها أحد منا صفةٌ تقف وراءها نفس مندفعة أو انفعال متهور قتلُ الأبرياء من آثارها والطلاق من ثمارها واليأس من أضرارها وترك الدعاء من مظاهرها صفة ابتُليَ بها الإنسانُ بالجِبِلَّة فهي مركوزةٌ في طبيعته وتكوينِه استِحْكَامُها في العبدِ يسبّبُ لهُ النّدم والخُسران إنها صفة العجلة و الاستعجال صفة فطر الله الإنسان عليها لكنه حذره منها فقال تعالى{خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}وقال اللهُ جلَّ وعلاَ {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولا}وقال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ }
أيها المؤمنون :العَجَلةُ ثورةٌ نفسيةٌ خاليةٌ منْ تقديرِ العاقبة ومِنَ الإحاطةِ بالظروفِ والملابسات، ومِنْ أخذِ الأهبةِ والاستعداد في القول والعمل .ذلكَ أنَّ المستعجِلَ يقولُ قبلَ أنْ يعلم ويُجِيبُ قبلَ أنْ يفهم ويَحمدُ قبلَ أنْ يُجرِّب ويَذمُّ بعدما يَحمد ويعزمُ قبلَ أنْ يُفكِّر ويمضي قبلَ أنْ يعزم ، فلا يحصدُ من ذلكَ كُلّه سوى الحسرَةِ والنّدَم والتّعبِ في الحياةِ والألم قال بعض الحكماءُ مَنْ نظرَ في العواقبِ سلِمَ مِنَ النوائب " وقال بعضهم " منْ أسرعَ الجوابَ أخطأَ الصواب "
أيها المسلمون للعجلة المذمومة صوراً لاحصر لها فمن صورِ العجَلَةِ المذمومةِ
شرعًا محبَّةُ العاجِلَةِ وتركُ الآخرة محبَّةُ الدنيا واستعجالُ شهواتِها الفانيَةِ الزائلة وتركُ الآخرةِ والتفريطُ فيها وفي خيراتِها الدّائمة قال تعالى{ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وتذرُونَ الآخِرَة} وقال سبحانه{مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً}فالعجلة المذمومة هي التي جعلَت الإنسانَ يستعجِلُ الكُفرَ على الإيمان والمعصيةَ على الطاعة والكذِبَ على الصّدق والنّظَرَ إلى الحرامِ على لذَّةِ النّظَرِ إلى وجهِ اللهِ الكريم وخمرَ الدّنيا على خمر الآخِرة والزّنا على الحور العين اللاتي لو اطلعت إحدَاهُنَّ على أهلِّ الأرضِ لملأت ما بينهما ريحًا ونورًا ولَنَصِيفُها على رأسها خيرٌ من الدُنيا وما فيها مهورهن العِفة والصبرِ على المغرياتِ ولقاؤهن في جنةٌ عرضها الأرض والسماوات فيها ما لا عينٌ رأت ولا أُذنٌ سمعت ولا خطرَ على قلبِ بشر نسأل الله من فضله
ومن صورِ العجَلَةِ المذمومةِ الاستعجالُ في اجابة الدُّعاء يدعُوالإنسانُ مرَّةً أو مرّتين أو ثلاث ثمَّ يستبطئُ الإجابَة فيمَلُّ الدُّعاءَ قال صلى الله عليه وسلم (يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَم يَعْجَلْ، يَقُولُ:دَعَوتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي)رواهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلمٌ فكن ياعبدالله على حذر أن تقول:دعوت ودعوت فلم يستجب لي، فتمل الدعاء وتركن إلى اليأس والقنوط واعلم بأن ربّك الذي وعدك بالإجابة لا ولن يخلفك الوعد فهو القائل سبحانه{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}واعلم يا عبدالله أن عدم استجابة دعاءك أو تأخر الاستجابة يحمل في طياته خيراً كثيراً فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « مَا عَلَى الْأَرْضِ
مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ
بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ ».
وَمِنْ صُورِ العَجَلةِ المذمومة الحكمُ عَلى النَّاسِ وَسُوءُ الظّنِّ بهم قَبْلَ التَّثَبُّتِ وَاليقينِ فتجد بعض الناس هداهم الله يشيع كل ما يصل أذناه من غير تثبت، أهو حق أم باطل؟ أصدقٌ أم كذب؟ مجرد خبر يسمعه لا يستطيع أن يكتمه بل يرى أنه لا بد أن يشيعه وينشره ولو كان هذا الخبر محض افتراء قال صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع (رواه مسلم والاستعجال في تصديق الأخبار قبل التثبت من صحتها أو في إصدار الأحكام مدحاً أو ذماً دون دراية وتبين تورث صاحبها الحسرة والندامة الم يقل الله تعالى{يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق }
ومن صورِ العجلةِ المذمومة العجلةُ عند الغضب والانفعال فهما صفتانِ جِبِلِّيّتانِ في العبدِ إذا اجتمعتَا على العبدِ أهلكَتَاهُ ولابُد وهاهو نبينا يوصينا بعدم الغضب فعن أبي هريرةَ أنَّ رجُلاً قال للنبي أوصني قال صلى الله عليه وسلم(لا تغضب (فردَّدَ ذلك مرارا قال ) لا تغضب) رواه البخاري فالغَضبُ وَالاستِجَابَةُ لِثَورَةِ النَّفْسِ تؤدي إلى الوقُوعِ فِي المحذُورِ، فيتحمَّقُ المَرْءُ عَلىَ عَجَلٍ، وَيكُونُ لِسانُهُ وَفِعْلُهُ قَبلَ قَلْبهِ وَعَقْلِهِ، فَلاَ يَزِمُّ نَفْسَهُ وَلاَ يَتَرَيَّثُ، بَلْ يَهْذِي بِكَلاَمٍ وَيُوكِسُ وَيُشْطِطُ بأَفعالٍ يَحَتاجُ بَعْدَها إِلى اعْتِذَارٍ قال صلى الله عليه وسلم (لاَ تَتَكَلَّمْ بِكَلامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا)رَوَاهُ أَحمدُ ماج
ومن صور العجلة المذمومة ما هدَّم َبيوتًا آمِنةً وشتَّتَ أُسَراً كاملةً بتسرُّع بعض الرجال في إطلاق لفظ الطلاق على زوجته لأيِّ سَببٍ وَأَدنَى حُجَّةٍ اولمجرَّد جدال وخصام بسيط أو لتقصيرها في بعض الأمور لظروف اكتنفتها مما تكتنف مثيلاتها من النساء فيهدم بيته ويفرِّق أسرته دون ترو أو أنات أو الصبر عليها، لتجاهله لجِبلَّةِ المرأة المقررة شرعا والمعروفة طبعا والتي بينها النبي صلى الله عليه وسلم فقال " اسْتَوْصُوا بالنساء خيرا فإن المرأةَ خُلقت من ضِلَع وإن أعوجَ ما في الضِّلَع
أعلاه فإِن ذهبتَ تُقيمُهُ كسرتَهُ وإِن تركتَهُ لم يزلْ أعوجَ فاستوصوا بالنساء خيرًا "
الَّلهمَّ أَرِنَا الحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلاً وَارزُقْنَا اجْتِنَابَهُ بارك الله
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الأنام وبدر التمام وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى وأعلموا أنَّ دِينَ الإسْلاَمِ دِينٌ وَسَطٌ لاَ يَرْضَى بالإفرَاطِ وَلاَ بِالتَّفْرِيطِ، وَلاَ المغَالاَةِ وَلاَ المجَافَاةِ، وَالنَّظْرَةُ الشَّرعيَّةُ لِلعَجَلَةِ هِي نَظرةٌ عَادِلَةٌ كَرِهَهَا الإسلامُ في مَواضعَ وَنَدَبَ إليهَا في مَوَاضعَ أخْرَى، فَكَمَا أَنَّ التَّأنِي مَنْدُوبٌ إِليهِ فِي ظُرُوفٍ تَليقُ به، فَإنَّ ظُروفًا أُخْرَى تَتَطَلَّبُ العَجَلةَ.وَلاَ يَعْنِي تَنِفيرُ الإِسْلاَمِ مِنَ العَجَلةِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَن يُعَلِّمَ أَتْباعَهُ البُطءَ فِي الحَرَكَةِ أَو الضَّعْفَ في الإِنْتَاجِ أَو التَّمَاوُتَ فِي العَملِ، كَيفَ وَرسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَد قَالَ:((بَادِرُوا بِالأعْمَالِ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيقُولُ صلى الله عليه وسلم: ((مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ له شَيءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبيتُ لَيلتَينِ إلاَّ وَوصِيَّتُهُ مَكْتَوبَةٌ عِنَدهُ) رَواهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَمِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ عِبادَ اللهِ هُنَاكَ أُمُورٌ وَمَواقفُ تَتَطَلَّبُ مِنَ التَّصَرُّفِ الحَازِمِ والعَملِ السَّريعِ مَا لاَ يُنَاسِبهُ التَّأْجِيلُ وَالتَّسويفُ مِثلُ العَجَلَةِ في اغْتِنَامِ الأوقاتِ وَتركِ التَّسْويفِ فيها، وَعَدَمُ تَأخيرِ البَيَّانِ عَنْ وَقتِ الحَاجَةِ؛ كَبيَانِ حَقٍّ وَإِبطَالِ بَاطِلٍ وَأمرٍ بالمعرُوفِ وَنَهيٍ عَنْ المُنكَرِ وَكَذَا الوَاجِبَاتُ الموقُوتَةُ بَوقْتٍ مَحدُودٍ الا فَاتَّقُوا اللهَ مَعَاشِرَ المؤمِنينَ وَعَلَيكُمْ بالتُّؤدَةِ وَالتَّأَنِّي تُفْلِحُوا وَإيَّاكُم وَما ذُم من العَجَلَةَ فَلَيسَ مِنْ هَدْيِ نبيكم صلى الله عليه وسلم وَلاَ هو مِنْ شَأْنِهِ وردَ وفدٌ على النبيّ صلى الله عليه وسلم ظهرَ فيهم رجلٌ يقال له الأشج عبد القيس رزينٌ حليمٌ فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد رؤيَةِ رزانتِه في الكلامِ والتصرّف "إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة "رواه مسلم وهنيئًا للمتأني محبةُ الله تعالى له اللهم ثبّتنا على الرزانة والحِلم وجنّبنا الاستعجال والتسرّع .الا وصلوا وسلموا