الظُّلْمُ فِي الْمِيرَاثِ 3 رَجَب 1446هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1446/07/01 - 2025/01/01 16:56PM

الحمدُ للهِ الّذي أعَزّ مَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاهُ، النَّاصِرُ لِديِنِهِ وِأَوْلِيَائِهِ، القَائِلُ فِي مُحكَمِ آيَاتِهِ {وَلْتًكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُوْنَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ}، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كِلِّ شَيءٍ قَدَيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبيِّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وِسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِمَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَنَهَى عَنْهُ : الظَّلُمَ، فَقَدْ حَرَّمَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ، وَحَرَّمَهُ عَلَى عِبَادِهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ (يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلا تَظَالَمُوا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَإِنَّ الظُّلْمَ بَيْنَ النَّاسِ لَهُ صُوَرٌ مُتَنَوِعَّةٌ وَأَشْكَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ سَوْفَ نَتَكَلَّمُ بِإِذْنِ اللهِ عَنِ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنَ الظُّلْمِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ فِي الْمِيرَاثِ وَقِسْمَةِ التَّرَكِاَتِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَصَّلَ أَحْكَامَ الْمَوَارِيثِ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ تَفْصِيلًا تَامًّا وبَيَنَّهَا بَيَانًا كَامِلًا لِعِظَمِ شَأْنِهَا، وَأَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النَّسَاءِ فِي ثَلاثِ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ، وَخَتَمَ سُبْحَانَهُ الآيَةَ الأُولَى بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}، وَخَتَمَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ}، وَخَتَمَ الآيَةَ الثَّالِثَةَ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، فَهَذِهِ الْقِسْمَةُ صَادِرَةٌ عَنْ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَهِيَ وَصِيَّةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ، وَبَيَّنَهَا لَنَا لِئَلَّا نَضِلَّ وَنَنْحَرِفَ عَنِ الصَّوَابِ، وَرَغَّبَ سُبْحَانَهُ فِي ثَنَايَا تِلْكَ الآيَاتِ فِي قَبُولِ تِلْكَ الْقِسْمَةِ وَوَعَدَ مَنِ امْتَثَلَ بِالْجَنَّةِ وَحَذَّرَ مَنْ عَصَى مِنَ النَّارِ، قَالَ سُبْحَانَهُ {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ عَدَمَ الْعَدْلِ فِي الْمِيرَاثِ وَقِسْمَةَ التَّرِكَاتِ تَسَبَّبَتْ فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْمُعَانَاةِ وَالنِّزَاعَاتِ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْعَائِلَةِ الْوَاحِدَةِ، حَتَّى بَاتَوا أَعْدَاءً مُتَنَاحِريِنَ؛ بِسَبَبِ الظُّلْمِ وَأَكْلِ حُقُوقِ الْوَرَثَةِ، وَالتَّحَايُلِ عَلَيْهِمْ، فَكَمْ مِنْ امْرَأَةٍ حُرِمَتْ مِيرَاثَهَا، وَكَمْ مِنْ يَتِيمٍ أُكِلَتْ حُقُوقُهُ، وَكَمْ مِنْ ضَعْيفٍ لَمْ يَجِدْ لَهُ نَاصِرًا، حَتَّى آلَ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ يَتَنَاحَرَ أَبْنَاءُ الْأُسْرَةِ بَعْدَ مَوْتِ مُورِّثِهِمْ وَتُقْطَعُ أَوَاصِرُ الْمَحَبَّةِ وَيَبْقَوْنَ فِي بَغْضَاء، بَدَلَ أَنْ يَتَوَاصَلُوا وَيَتَحَابُّوا، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ أَكْلَ حُقُوقِ الْوَرَثَةِ مُحَرَّمٌ وَذَنْبٌ وَبِيلٌ، وَلا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا ضُعَفَاءَ كَالْيَتَامَى وَالنِّسَاءِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ التَّحْذِيرُ الْعَظِيمُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَمَعْنَى (أُحَرِّج) أُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ فِي تَضْييعِ حَقِّهُمَا، وَأُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ، وَأُحَذِّرُ وَأُلْحِقُ الْحَرَجَ وَالْإِثْمَ بِمَنْ أَضَاعَ حَقَّ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ, وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ آكِلَ حَقِّ الآخَرِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ حَرِيٌّ أَنْ يَعَاجِلَهُ اللهُ بِعُقُوبِةٍ فِي الدُّنْيَا تُحِيطُ بِهِ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ لِلتَّلَاعُبِ بِالتَّرِكَاتِ وَأَكْلِ حُقُوقِ الْوَرَثَةِ صَوَرًا مُتَنَوِّعَةُ وَأَشْكَالًا مُتَعَدِّدَةً وَحِيَلًا مُلْتَوِيَةً، فَمِنْ ذَلِكَ : تَأْخِيرُ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَقَارِبِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَهَذَا خَطَأٌ كَبِيرٌ، وَذِلَكَ لِأَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِلُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَيِّتِ مُبَاشَرَةً إِلَى الْوَرَثَةِ حَتَّى قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ إِحْصَاءِ الْأَمْلَاكِ، وَعَلَيْهِ فَتَصَرُّفُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ تَصَرُّفٌ فِي غَيْرِ مُلْكِهِ لا يَحِلُّ لَهُ، وَالَوَاجِبُ الْبَدْءُ مُبَاشَرَةً فِي إِحْصَاءِ الْمَالِ ثُمَّ قِسْمَتُهُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ.

وَمِنْ أَسْبَابِ النِّزَاعِ فِي الْمِيرَاثِ: تَخْصِيصُ الْوَالِدِ أَحَدِ أَبْنَائِهِ لِمَعْرِفَةِ أَمْلَاكِهِ وَالْبَقِيَّةُ لا يَعْلَمُونَ، وَرُبَّمَا أَخْفَى هَذَا الابْنَ بَعْضَ الْأَمْوَالِ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْأُمَنَاءِ، أَوْ رُبَّمَا أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ الْوَرَثَةُ كَمْ وَرِثُوا مِنْ مَيِّتِهِمْ، أَوْ أَخَّرَ تَوْزيِع ِالْمِيرَاثِ وَقَدْ يُوجَدُ قُصَّرٌ يَعِيشُونَ فَقْرًا، وَالتَّرِكَةُ تُغْنِيهِمْ عَنْ صَدَقَاتِ الْمُحْسِنِينَ، أَوْ رُبَّمَا مَالَ فِي التَّقْسِيمِ لِإِخْوَتِهِ الْأَشِقَّاءِ، وَتَرَكَ إِخْوَتَهُ وَأَخْوَاتِهِ مِنَ الزَّوْجَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا لا يَحِلُّ لَهُ، وَهُوَ ظُلْمٌ بَيِّنٌ وَإِثْمٌ وَاضِحٌ.

وَمِنْ صُورَ الظُّلْمِ فِي تَوْزيِعِ الْمِيرَاثِ : أَنَّهُمْ يَقْسِمُونَ لِلْبِنْتِ مَعَ أَخِيهَا، فَيَقُولُونَ : هَذَا لِفُلانٍ وَفُلانَة، ثُمَّ يَبْقَى هَذَا الأَخُ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ وَأُخْتُهْ لا يُعْطِيهَا شَيْئًا وَرُبَّمَا يَعِدُهَا مَواعِيدَ لا يَفِي بِهَا، فَتَبْقَى هَذِهِ الأُخْتُ بَيْنَ نَارَيْنِ، إِمَّا أَنْ تَسْكُتَ عَلَى مَضَضٍ وَغُصَّةٍ مِنَ الظُّلْمِ أَوْ تَشْتَكِي أَخَاهَا لِلْقَاضِي فَتَحْصُلُ قَطِيعَةٌ لا يَمْحُوهَا الدَّهْرُ.

وَمِنْ أَسْبَابِ النِّزَاعِ فِي الْمِيرَاثِ: تَصَرُّفُ كَبِيرِ الْأَوْلادِ فِي التَّرِكَةِ مِنْ مَزَارِعَ أَوْ بُيُوتٍ أَوْ شُقَقٍ بِالْبَيْعِ أَوِ الإِجَارَةِ دُونَ إِذْنِ الْوَرَثَةِ أَوْ عِلْمِهِمْ ثُمَّ هُوَ لا يُدَوِّنُ الْحِسَابَاتِ أَوْ رُبَّمَا أَخْفَى بَعْضَ الصُّكُوكِ وَالْمُسْتَنَدَاتِ فَتْرةً طَويلَةً لاسْتِغْلَالِ بَعْضِ الْعَقَارَاتِ وَخَاصَّةً الْمُؤَجَّرَةَ، فَمَنِ الذِي أَحَلَّ لَهُ هَذَا دُونَ بَقَيِّةِ الْوَرَثَةِ ؟

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ الظُّلْمِ فِي الْمِيرَاثِ أَنَّ بَعْضَ الآبَاءِ يَهَبُ لِبَعْضِ أَبْنَائِهِ دُونَ بَعْضٍ، أَوْ يَهَبُ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَهَذَا ظُلْمٌ وَجَوْرٌ، عنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال : أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ [أُمِّي]: لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ (أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟)، قَالَ: لاَ، قَالَ (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ)، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. رَوَاهُ مُسْلِم, فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا فِي القِسْمَةِ وَإِيَّاكُمْ وَأَكْلِ حَقِّ غَيرِكُمْ, وَاللهَ تَعَالَى أَعْلَم.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاحْذَرُوا مِنَ التَحَايُلِ فِي قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ وَأَكْلِ أَمْوَالِ الْوَرَثَةِ بِالْبَاطِلِ، بِإِسْقَاطِ حَقِّ أَحَدِهِمْ أَوْ تَأْخِيرِ الْقِسْمَةِ أَوِ الْمُمَاطَلَةِ فِي ذَلِكَ لانْتِفَاعِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِالْمَالِ، أَوْ إِلْجَاءِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ أَوِ التَّحَايُلِ عَلَيْهِ لِيَتَنَازَلَ عَنْ حَقِّهِ أَوْ بَعْضِ حَقِّهِ، وَخَاصَّةً الضُّعُفَاءَ مِنْهِمْ كَالْمَرْأَةِ وَالطِّفْلِ وَالشّيْخِ الْكِبِيرِ.

وِإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا جَمِيعًا التَّعَاوُنَ عَلَى مَنْعِ الْمُعْتَدِينَ عَلَى أَمْوَالِ الضُّعَفَاءِ مِنَ الْوَرَثَةِ، بِالنُّصْحِ وَالتَّذْكِيرِ، وَإِبْلَاغِ الْجِهَاتِ الْمَعْنِيَّةِ بِشَأْنِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اسْتَقِيمُوا عَلَى طَاعَةِ رَبِّكُمْ وَابْتَعِدُوا عَنْ مَعَاصِيهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْقِصَاصَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ الْمِيرَاثَ وَمَا يُخلِّفُهُ الْمَيِّتُ مِنَ الْمَالِ يَجْمَعُ الْأُسْرَةَ وَلا يُفَرِّقُهَا، وَيَقُوِّيهَا وَلا يُضْعِفُهَا، وَحُبُّ الْمَالِ لا يُقَدَّمُ عَلَى حُبِّ الإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ؛ فَمَنْ يَظُنُّ أَنَّ أَخًا يَشْتَكِي أَخَاهُ فِي الْمَحَاكِمِ، وَمَنْ يَظُنُّ أَنَّ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ بَعْدَ اجْتِمَاعٍ وَوِصَالٍ تَفَرَّقُوا وَتَهَاجَرُوا وَتَبَاغَضُوا , أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْالُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ فِي الدِّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْالُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ فِي دِينِنِا وِدُنْيَانَا وَأَهَالِينَا وَأَمْوَالِنَا، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا، اللَّهُمَّ احْفَظْنَا مِنْ بَينِ أَيْدِينَا وَمِنْ خَلْفِنَا، وَعَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شِمَائِلِنَا وَمِنْ فَوْقِنَا، وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنَا، اللَّهُمَّ إنا نَعَوذُ بك مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاء، اللَّهُمَّ إنا نَعَوذُ بك مِنْ زَوالِ نِعمتِك وتَحوُّلِ عَافِيتِك وفُجْأَةِ نِقمَتِك وجَميعِ سَخطِكِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أُمُورِ المسْلِمِينَ عَامَّةً، اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا خَادِمَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَوَفْقِهُمْ لِكِلِّ بِرٍّ، وَأَصْلِحْ بِطَانَتَهُم وأَعْوَانَهُم، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المرفقات

1735739806_الظُّلْمُ فِي الْمِيرَاثِ 3 رَجَب 1446هـ.pdf

المشاهدات 1854 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا