الظلم بين أفراد الأسرة الواحدة

[font="] الخطبة الأولى: [/font]
[font="] الظلم بين أفراد الأسرة الواحدة[/font]
[font="] [/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]الحمدُ لله المُبدِئُ المعيد، الغنيُّ الحميد، ذي العفو الواسع و العقاب الشديد، من هداه فهو السعيد السديد، و من أضلّه فهو الطريد البعيد، و من أرشده إلى سبل النجاة و وفّقه فهو الرشيد، يعلم ما ظهر و ما بطن و ما خفِي و ما علِن وهو أقرب إلى الكلّ من حبل الوريد.. قسّم الخلقَ قسمين و جعل لهما منزلتين، فريق في الجنّة و فريقٌ في السّعير، إنّ ربُّك فعّال لما يريد.. من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربُّك بظلاّم للعبيد.. أحمده و هو أهل للحمد و التحميد، و أشكره و الشكر لديه من أسباب المزيد..[/font]
[font="]و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، ذو العرش المجيد و البطش الشديد، شهادة تكفل لي و لكم أعلى درجات أهل التوحيد عنده، في دار القرار و التأييد.. و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله البشير النذير، أشرف من أظلّ في السماء و أقلَّ في البيدِ، صلى الله عليه و على آله و صحبه أولي العون على الطّاعة و التّأييد، صلاة دائمة في كلّ حين تنمو و تزيد و لا تنفذ ما دامت الدنيا و الآخرة و لا تبيد.[/font]
[font="]أمّا بعد، السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته، و أسأل الله العظيم ربّ العرش المجيد، أن يجعل هذا الاجتماع لي و لكم ذُخْرا ليومٍ تتقلّبُ فيه القلوب و الأبصار، و أن يجعله من صالحات الأعمال و خالصات الآثار و باقيات الحسنات إلى آخر الأعمار.. اللهم أكتب لنا به أجرا و ارفع لنا به ذكرا و اجعله لنا ذخرا.. اللهم اجعل سرائرنا خير من علانيتنا، و أعمالنا خيرا من أقوالنا.. اللهم أنر بصائرنا و ثبّتنا على الحقّ حتّى نلقاك..[/font]
[font="]أيّها الناس، أعلموا أنّ الله سبحانه لمّا أمر بالعدل و أوجبه، و نهى عن الظلم و حرّمه، لم يختصّ به رجال الحكم و السياسة.. فشَرْعُهُ أنّ العدل واجب على كلّ فئة و على كلّ دائرة من دوائر الحياة.. شرعه على الأنظمة و المجتمعات، و على التجّمعات و الأسر، و أوّل هذه الدوائر، عدل الإنسان مع نفسه فلا يظلم ذاته " و ما ظلمناهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون ".[/font]
[font="]و الدّائرة الثانية هي عدل الإنسان في أسرته، فقد أعطى الله القوامة للرجل على الأسرة. فهو رئيس العائلة، و الرئاسة هذه مسؤولية للرجل تجمع إلى توفير مرافق الحياة من الغذاء و السكن و الكساء، و تشمل التربية التي تكوّن الجيل الجديد، و تتحكّم بالتالي في مصير الأمّة، فهي إمّا أن تنشئ جيلا مريضا ضعيفا منحرفا، و إمّا أن تنشئ جيلا قويّا سليما مستقيما.[/font]
[font="]و من أهمّ العوامل التي تساعد على التربية الناجحة، العدل.. فالأب مسؤول، و كذلك الأمّ مسؤولة عن العدل بين أطفالها. فلا يجوز لواحد أن يسير مع عواطفه في معاملة أبنائه فيكرّم أحدهم إكراما زائدا، و يهين الآخر.. يظهر هذا حتى في إيثار أحدهم بلباس أرفع و غذاء أجود، و عناية أكثر من إخوته و أخواته.[/font]
[font="]فما هي النتيجة ؟ النتيجة أنّه يدبّ بين الأخوة داء الحسد و الحقد والمعاداة، فيمزّق روابط العائلة، و تنصرف الجهود إلى التخريب، و تتحوّل العواطف النبيلة، إلى مكر، وبغض و حسد و شماتة وما إلى ذلك. لقد قصّ الله علينا في سورة يوسف عليه السلام، فأنبأنا أنّ كلّ ما لاقاه يوسف من عذاب و معاناة و أتعاب كان نتيجة لما أظهره والده نحوه و نحو أخيه من عطف زائد ألهب قلوب إخوته حسدا و كراهية له، قال تبارك و تعالى: " إذْ قالوا ليوسفُ وأخوهُ أحبُّ إلى أبينا منّا و نحنُ عُصْبَةٌ إنّ أبانا لفي ضلالٍ مبينٌ [/font][font="]*[/font][font="] اقتلوا يوسف أوِ اطرحوه أرضا يخْلُ لكم وجْهُ أبيكم و تكونوا من بعده قوما صالحين [/font][font="]".[/font][font="]( سورة يوسف الآية: 8/9 )[/font][font="] [/font]
[font="]فهؤلاء اخوة يوسف و قد شاهدوا ميل أبيهم نحو أخيهم. و ما كان يعقوب وهو يكرّم يوسف و يأنس له إلاّ لما تميّز به بين اخوته من ذكاء و فطنة و أدب جمّ و خلق رفيع، و جمالِ صورة و وسامة تأسر الناظر و تُدخل على النفس البهجة و الانشراح. كيف لا و يوسف نبيٌّ من أنبياء الله.. كاملٌ كمال الرسل المنتخبين من خلق الله.. و مع هذا فقد حرم يوسف من والده كامل طفولته و شبابه، و بِيعَ في الأسواق و حِيكت حوله المؤامرات، و أُدخل السجن، و ذلك بسبب ما أظهره الوالد نحو ولده من عطفٍ زائدٍ و تكريمٍ أفضل. و إذا كان هذا من يعقوب عليه السلام و له ما يبرّره، لأنّ الفوارق بين يوسف و اخوته كانت كبيرة جدّا، لأنّ ما أُوتيه يوسف لم يكن لأحدٍ أن يبلغه، إذ هو عِلْمُ الباري يصطفي، و حكمته البالغة تُربّي. إذا كان هذا من يعقوب وهو يجد من قوّة تأثير يوسف ما يبرّره، فإنّ ما يجري في الأسر اليوم من فوضى في معاملة أولادهم لهو من الظلم الذي يسألون عنه. فبمجرّد ما تظهر بوادر النجابة على أحدهم يُسْرِعون إلى تكريمه و تبجيله. و الأنكى من هذا هو ما يترسّب في نفوسنا من عادات جاهلية ما أنزل الله بها من سلطان. وهو تكريم الذكور على الإناث، و تمكينهم أكثر ممّا خولّهم الله تعالى من حقوق. إنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قد بارك الله في ذرّيته، و بارك في نسله، و إنّما انحدر نسله الشريف في ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها، و الغريب أنّك تجد الوالد يفخر بنسبه الشريف و يهتزّ فخرا بأصله الماجد، ثم هو لا يكرّم ابنته إكرام ابنه، و يراها أحطّ منه مقاما و مقدارا. و اعلموا أنّ الله قال في مريم لمّا قالت أمّها: " ربِّ إنّي وضعتها أُنثى ". يعقّب على كلامها هذا بقوله تبارك و تعالى: [/font][font="]" و الله أعلم بما وضعتْ ". [/font][font="]فليست البنت النسل الضعيف المهين، و لكن في هذه المولودة من الأسرار الإلهية ما تتميّز به على كثير من البنين. فكانت أمّا لعيسى عليه السلام، و آية من آيات الله.[/font][font="][/font]
[font="]و نوع آخر من الظلم في البيوت، فكما يفضّل الأب الأولاد على البنات، فإنّ الأمّ تفضّل بناتها على أبنائها و تخصّهنّ بمزيد من العناية و الحباء.. و لا حقّ لا للأب و لا للأمّ أن يجورا في معاملة أولادهما، و يكونا بذلك سببا في الفرقة و تفجّر العداء..[/font]
[font="]و ممّا يظهر عدالة منهج الله ما أخرجه البخاري و مسلم عن النعمان بن بشير قال: تصدّق عليّ أبي ببعض ماله، فقالت أمّي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتّى تُشهد رسول الله صلى الله عليه و سلم. فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه و سلّم ليُشهده على صَدَقَتي فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: " أفعلت هذا بولدك كلّهم ؟ " قال: لا. قال: " فاتّقوا الله و اعدلوا في أولادكم ". فرجع أبي فردّ تلك الصدقة. فتفطّنوا و انتبهوا رحمكم الله. فقد سمّى رسول الله صلى الله عليه و سلم من يخصّص بعض ولده بعطاء، جورا و ظلما، ينال فاعله من التّبعات ما يناله الظلمة التّاركون منهج الله و أحكامه الرافضون لأدب الله و هدايته.[/font]
[font="]هذا هو أحد أنواع الظلم في الأسر، هو ظلم الأب و الأمّ في معاملة الأولاد و عدم العدل بينهم. فإياكم و التمييز بين أولادكم، فإنّه ينشئ الولد معقّدا، مريض الشخصية، منطويا على الحقد و البغض و الكراهية، و المكر و الخديعة، و حبّ الخصام و الجدل. أو تموت حساسيته فينقلب مطبوعا على الذلّ، قابلا لما يتبع النفس الذليلة من انحرافات و لا مبالاة.[/font]
[font="]و الباب الآخر في العدل في التركيب العائلي، هو علاقة الأسرة بمن يعينها على قضاء حوائجها، هو ما يعبّر عنه – بعملة المنازل -. النساء و الفتيات اللاتي يعملن داخل البيوت. الإسلام يبيح للإنسان أن يستأجر غيره ليعينه، و ينتفع هذا بمجهود العامل، و الآخر بما يأخذه من أجرٍ مقابل عمله. و لكن الإسلام لا يبيح بحال من الأحوال أن يمتهن المؤمن أخاه المؤمن باحتقار. فضلا عن أن يملأ فمه بسبّه أو شتمه.[/font][font="] [/font]
[font="]أخرج البخاري عن المعرور بن سويد قال: رأيت أبا ذرّ و عليه حلّة، و على غلامه مثلها. فسألته عن ذلك فذكر أنّه ساب رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم، فعيّره بأمّه، فأتى الرجل النبيّ صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له، فقال له النبيّ صلى الله عليه و سلم: " إنّك امرؤٌ فيك جاهلية ". قلت على ساعتي هذه من كبر السنّ ؟ قال: " نعم هم إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل و ليلبسه ممّا يلبس، و لا تكلّفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه ". و في رواية: " من سبّ الرجل سبّوا أباه و أمّه ". و أخرج أبو داود و أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم ؟ فصمت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم ؟ قال: " اعف عنه كلّ يوم سبعين مرّة ".[/font]
[font="]فهذا هو الأدب في معاملة الخادم يكلّف من العمل ما لا يشقّ عليه، يأكل من نفس ما تأكل الأسرة لا فتات الموائد و فواضل الطّعام، و يلبس كما تلبس العائلة، و لا تتّبع عوراته و تقيّد زلاّته.[/font]
[font="]أقول ما تسمعون فإن كان حسن فمن الله وحده، و إن كان غير ذلك فمن الشيطان و من نفسي، و أستغفر الله الكريم لي و لكم و لوالديّ و لوالديكم و لجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه و توبوا إليه إنّه هو التواب الرحيم.[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]* * *[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="][/font][font="] الثانية: الظلم بين الأزواج[/font]
[font="] [/font][font="][/font][font="][/font]

[font="] [/font]
[font="]الحمد لله ربّ العالمين، وليُّ المتّقين، و لا عدوان إلاّ على الظالمين، و الصلاة و السلام على إمام الصالحين و قدوة الناس أجمعين، سيّدنا محمّد و على آله و صحبه و على كلّ من اهتدى بهديه و استنّ بسنّته و اقتفى أثره إلى يوم الدين.[/font]
[font="]عبادُ الله، إنّ من العدل الذي أكّده الحقّ تبارك و تعالى في كتابه، و على لسان رسوله، عدل الرجل في معاملة زوجته. فلا يظلمها، و لا يتسلّط عليها بقوّته الجسمية ضربا و سبّا، و لا بقوّته الأدبية فيتعسّف في المعاملة اليومية و يستولي على أموالها التي ورثتها أو تلك التي تتوفّر عليها قبل الزواج، قال تعالى:[font="] " و لهُنَّ مثلُ الذي عليهِنَّ بالمعروف، و للرجال عليهِنَّ درجةٌ ". [/font][font="]فهذه الدرجة هي رئاسة العائلة و قيادة أمر الأسرة، هي مسؤولية الحماية و الصّيانة.. و هذا التفضيل هو تفضيل تخصّص لا تفضيل منزلة أو رتبة.. فالحقّ تبارك و تعالى لا يعطي للرجل درجة أفضل لأنّه يُنفق و يوفّر مرافق الحياة، فهل من المعقول أن يرفع الله الرجل درجة من أجل المال.. لا أبدا، لذلك قال تعالى:[/font][font="] " إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم "، [/font][font="]و لم يقل تعالى أغناكم أو أكثركم مالا و جاها و ملكا.. لذلك يجب أن نفهم بأنّ الله فضّل المرأة و كرّمها بإعطاء القوامة للرجل من ذلك أنّه أتاح لها فرصة البقاء في بيتها مُكرّمة مبجّلة و أمر الرجل من خلال قوامته بتوفير كلّ ما تستحقّه العائلة.. و أعلموا أنّ إنفاق الرجل على المرأة لا يدخل في باب المزيّة أو التكرّم عليها بل هو واجب أمر به الله، و لكن في حدود ما تقدر عليه العائلة، و الرجل هو الذي يضبط بقوامته كلّ ما ينفق على العائلة..[/font][/font]
[font="]و قد سجّلت كتب السنّة أنّ من آخر ما أوصى به النبيّ صلى الله عليه و سلم في حياته، أنّه أوصى بالنساء خيرا. فقد أخرج الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه في وصف حجّة الوداع، و خطبة رسول الله صلى الله عليه و سلم أنّه قال:[font="] " اتّقوا الله في النساء فإنّكم أخذتموهنّ بأمانة الله ". [/font][font="]لقد أعطى سيّد الخلق بأمر من ربّه للمرأة قيمتها الحقّ و وضعها في الأسرة، و حرّم على الرجل أن يتسلّط عليها ظلما و قهرا. قال سبحانه:[/font][font="] " و لا تُمْسِكوهُنَّ ضِرارا لتعتدوا و من يفعل ذلك فقد ظلم نفسهُ و لا تتّخذوا آياتِ اللهِ هُزُؤًا و اذكروا نعمة الله عليكم و ما أنزل عليكُمُ من الكتاب و الحكمة يعظُكُمْ به و اتّقوا اللهَ و اعلموا أنّ الله بكُلِّ شيءٍ عليمٌ ". [/font][font="]هذه الكرامة التي أكرم الإسلام بها المرأة، إكراما لم يقع تحت ضغط الطلبات المتكرّرة و المظاهرات المهيجة، و لا مسوقة بأطماع التصويت في الانتخابات. و لكنّه العدل الإلهي في إعطاء كلّ ذي حقٍّ حقَّهُ و الوقوف عند حدوده رحمة للناس و توجيها لهم إلى خير السبل و المناهج. ثم أقام حارسا على هذه الحقوق من باطن الإنسان من ضميره المؤمن المتعلّق بالله، مذكِّرا جماعة الإيمان بما كان عليه وضعهم من ضعف و وهن و تمزّق و هوان، يوم كانوا يأخذون شرعهم عن تقليد، و تركيبهم الاجتماعي من القوّة المادية المتعسّفة في أحكامها. قال تعالى:[/font][font="] " و اذكروا نعمة اللهِ عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب و الحكمة ".[/font][/font]
[font="]فليست المرأة متاعا للرجل و لا سلعة بيده يمسكها متى يشاء و يدعها متى لعب به الهوى، و إنّما هي شطر المجتمع و تلد الشطر الآخر، و رئيسة البيت، و أمّ الأطفال، و مكوّنة الأجيال. و لكن المجتمع الإسلامي لم يَسِرْ طويلا على هدي الله حتى رجع إلى جاهليته، و لم يمض في التركيب الاجتماعي على نورانَيْ صراطه حتى رجع إلى ظلمه القاسي فصبّه على المرأة. ثم قامت الحركات المدّعية للإصلاح بردّ فعلٍ قويٍّ فسلّطت المرأة على الرجل، و افتكّت منه حقوقها أولا، ثم زادت فاستولت على كثير من حقوقه الشرعية، و انطلقت في الحياة بدون حدود و لا قيود، فوضى و يا لها من فوضى. و أوّل ما ظهرت آثار هذا الظلم من المرأة للرجل، أن انحلّت الأسر، و ضعفت الوحدة التي كانت تربط بين أفراد العائلة، و ظنّت المرأة نفسها أنّها ندٌّ للرجل في كلّ شيء، و نسيت الدرجة التي فضّل الله بها الرجال. فآل الأمر إلى جاهلية جديدة و خراب اجتماعي، و فقر عاطفي، و أنانية طاغية، و مادية خشنة ماكرة. إنّ هذه الأمراض التي حدثت في المجتمعات الغربية، و منها تسرّبت بالتقليد إلينا لتنذر بالويل للمجتمع الذي فقد هداية الله و طريق محمّد صلى الله عليه و سلم، قال تعالى:[font="] " و من أضلُّ مِمَّن اتَّبَعَ هواهُ بغير هُدًى من اللهِ ".[/font][/font]
[font="]أيها المؤمنون، إن ما توعدون من الآخرة لآت، و إنكم في دار هي محلّ العبر و الآفات، و أنتم على سفر، و الطريق كثيرة المخافات، فتزودوا من دنياكم قبل الممات و تداركوا هفواتكم قبل الفوات، و حاسبوا أنفسكم و راقبوا الله في الخلوات، و تفكروا فيما أراكم من الآيات. و بادروا بالأعمال الصالحة، و استكثروا في أعماركم القصيرة من الحسنات قبل أن ينادي بكم منادي الشتات. قبل أن يفاجئكم هاذم اللذات. قبل أن يتصاعد منكم الأنين و الزفرات. قبل أن تتقطّع قلوبكم عند فراق الدنيا حسرات. قبل أن يغشاكم من غمّ الموت الغمرات. قبل أن تزعجوا من القصور إلى بطون الفلوات. قبل أن تتمنوا رجوعكم إلى الدنيا لتعملوا و لكن هيهات. و أعلموا أن الله أمركم بالصلاة و السلام على نبيكم المختار. فبالصلاة عليه تذهب الهموم و تمحى الأوزار. اللهم صل و سلم و زد و بارك على الذي أتممت به على الخلائق المنّة. و جعلت ما بين قبره و منبره روضة من رياض الجنة. و على آله الأطهار الطيبين، و صحابته الأعلام الميامين. اللهم ارض عنهم و عن أهل بدر و المبايعين و عن بقية الصحابة أجمعين. و عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك أن تعز الإسلام و المسلمين يا من برحمته على عباده تفضل .. و أن تعلي شأن المسلمين، و تتوجهم بتاج النصر و الظفر و الأمل.. اللهم أصلح من كان في صلاحه صلاح للمسلمين، و أهلك من كان في هلاكه صلاح للمسلمين.. اللهم أصلح ولاّة المسلمين و وفقهم لإزالة المنكرات، و إظهار المحاسن و أنواع الخيرات.. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، و أمّنهم في أوطانهم و اقض ديونهم و عاف مرضاهم و اشف صدورهم و اذهب غيظ قلوبهم و ألّف بينهم..اللهم رب الفجر، و ليال عشر، و الشفع و الوتر، و رب جبريل و ميكائيل و اسرافيل و جميع الملائكة المقربين، و رب إبراهيم و إسماعيل و رب موسى و عيسى و جميع المرسلين و رب محمد صلى الله عليه و سلم، نسألك أن تحمي أرضنا و تستر عرضنا و تنقّي سريرتنا.. اللهم ابرم لهذه الأرض الطيبة أمر رشد يؤمر فيه بالمعروف و ينهى فيه عن المنكر.. استر عوراتنا و آمن روعاتنا و بلغنا مما يرضيك آمالنا، و اختم بالصالحات الباقيات أعمالنا.. نعوذ بك من شماتة الأعداء.. و خيبة الرجاء.. و من السلب بعد العطاء.. [/font]
[font="]اللهم دمّر المنافقين و الكافرين الذين يصدّون عن سبيلك، و يبدّلون دينك و يعادون أوليائك الموحدين.. اللهم دمّر المجرمين قتلة الأنبياء و المرسلين، و اجعل تدميرهم في تدبيرهم، و أدر عليهم دائرة السوء، و أنزل عليهم بأسك الذي لا يردّ عن القوم المجرمين.. اللهم شدّد عليهم وطأتك و ارفع عنهم عافيتك، و مزّقهم كل ممزّق، و دمّرهم تدميرا..اللهم يتّم أطفالهم.. و رمّل نساءهم.. و هدّم بنيانهم.. و اقضي على ساستهم و على من والاهم.. اللهم اقسم لنا في هذا اليوم أفضل ما تقسمه لعبادك الصالحين.. و اعطنا فيه أفضل ما تعطيه لأوليائك المقرّبين، من المغفرة و العفو و العتق من النار و الفوز بالجنة و خيري الدنيا و الآخرة.. اللهم اجعل دعاءنا فيه إليك واصلا، و رحمتك و خيرك إلينا فيه نازلا، و عملنا فيه مقبولا، و سعينا فيه مشكورا، و ذنوبنا فيه مغفورة، حتى يكون نصيبنا فيه الأكثر و حظّنا فيه الأوفر..أسأل الله لي و لكم منازل الشهداء.. و معايشة السعداء.. و مرافقة الأنبياء.. آمين، آمين، آمين يا رب العالمين.. و صلى الله و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين..[/font]
[font="] عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون..[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] الشيخ محمّد الشاذلي شلبي [/font] [font="]الإمام الخطيب[/font]
[font="] جامع الإمام محمّد الفاضل ابن عاشور[/font]
[font="] الزّهور الرّابع - تونس [/font]
المشاهدات 2040 | التعليقات 0