الطَّلاقُ وَسُبُلُ عِلاجِهِ

سعيد المفضلي
1438/06/18 - 2017/03/17 04:01AM
الطَّلاقُ وَسُبُلُ عِلاجِهِ
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ الزَّوَاجَ، وَجَعَلَهُ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَى العِبَادِ، وَنَهَى عَنْ كُلِّ مَا يُعَرِّضُ الرَّابِطَةَ الأسرِيَّةَ لِلتَّفَكُّكِ وَالزَّوَالِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، أَبَاحَ الطَّلاَقَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الوِفَاقِ، وَجَعَلَهُ آخِرَ حُلُولِ المَشَاكِلِ الزَّوْجِيَّةِ، بَعْدَ استِنْفَادِ الوَسَائِلِ العِلاَجِيَّةِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحمَّداً عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ النَّاسِ لأَهلِهِ، وَأَحْسَنُهُمْ عِشْرَةً لأَزْوَاجِهِ، -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهتَدَى بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ :
الإِسْلاَمُ دِينٌ وَاقِعِيٌّ، لاَ يُحَلِّقُ فِي أَجْوَاءِ الخَيَالِ، بَلْ يَنْزِلُ بِتَشْرِيعَاتِهِ لِيُرَاعِيَ طِبَاعَ النَّاسِ واختِلاَفَ النُّفُوسِ، وَقَدْ شَرَعَ الزَّوَاجَ لِيَتَحقَّقَ بِهِ الاستِقْرَارُ وَالأَمْنُ فِي الأُسْرَةِ وَالمُجتَمَعِ، قَالَ تَعَالَى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)) ، غَيْرَ أَنَّ الحَيَاةَ لاَ تَسِيرُ بِوَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلاَ تَمُرُّ الأَيَّامُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ الطِّبَاعُ وَالنُّفُوسُ، فَهُناكَ نُفُوسٌ تَتَعَايَشُ مَعَ بَعْضِهَا وَتَتَواءَمُ، وَهُنَاكَ نُفُوسٌ لاَ تَقْوَى عَلَى العَيْشِ مَعاً، إِمَّا لِعَدَمِ التَّوَافُقِ، أَو لاختِلاَفِ الطِّبَاعِ وَالنُّفُوسِ، مِمَّا يُؤدِّي إِلَى نُفُورٍ يَصْعُبُ مَعَهُ العَيْشُ المُشْتَركُ فِي أُسْرَةٍ وَاحِدَةٍ، ومُرَاعَاةً مِنَ الإِسْلاَمِ لِطَبِيعَةِ البَشَرِ شَرَعَ الطَّلاَقَ، وَهُوَ انْتِهَاءُ المِيثَاقِ الغَلِيظِ الذِي بَيْنَ الزَّوجَيْنِ، فَإِمَّا مُعَاشَرَةٌ بِالمَعْروفِ، وإِمَّا تَسْرِيحٌ بإِحْسَانٍ. وَالطَّلاَقُ لَيْسَ شَرَّاً فِي كُلِّ حَالاَتِهِ، بَلْ هُوَ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ عِلاجٌ لِدَاءٍ استَعْصَى عَلَى العِلاَجِ، وَإِنْهَاءٌ لِمُشكِلَةٍ يَصْعُبُ مَعَهَا حَلٌّ غَيْرُهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ رَاحَةٌ لِلطَّرَفَيْنِ، وإِعْطَاءُ كلٍّ مِنْهُمَا فُرْصَةً لِلْبَحْثِ عَنِ السَّعَادَةِ الزَّوجِيَّةِ مَعَ طَرَفٍ آخَرَ يَكْتُبُ اللهُ إِكْمَالَ مَسِيرَةِ الحَيَاةِ مَعَهُ، يَقُولُ تَعَالَى: ((فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)) ، وَالطَّلاَقُ آخِرُ مَرْحَلَةٍ فِي عِلاَجِ الشِّقَاقِ وَعَدَمِ الوِفَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَآخِرُ الدَّوَاءِ الكَيُّ، وَهُوَ الأَمْرُ الذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ إِذَا عَجَزَتْ كُلُّ مُحَاوَلاَتِ الحَلِّ عَنْهُ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ :
هُنَاكَ أَشْيَاءُ تَحُولُ دُونَ وُقُوعِ الطَّلاَقِ، وَتَقِي الأُسْرَةَ المُسلِمَةَ شَرَّ وُقُوعِهِ، فَـ(دِرْهَمُ وِقَايَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِنْطَارِ عِلاَجٍ) كَمَا يَقُولُ المَثَلُ العَرَبِيُّ، هَذِهِ التَّدَابِيرُ لَو أَخَذَ النَّاسُ بِهَا، لَجَنَّبُوا الأُسْرَةَ التَّصَدُّعَ وَالانْهِيَارَ، وانْتَهَاءَ العَلاَقَةِ بِالطَّلاَقِ، فَمِنْ أَهَمِّهَا: حُسْنُ الاختِيَارِ، فَيَنْبَغِي التَّدقِيقُ قَبلَ الإِقْدَامِ عَلَى الزَّوَاجِ فِي الاخْتِيَارِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ الاختِيَارُ مُتَوازِناً قَدْرَ الإِمكَانِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ المُصَارَحَةِ قَبْـلَ الزَّوَاجِ؛ حَتَّى يَتَبيَّنَ كُلُّ طَرَفٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ كَيْفَ يُمْـكِنُ أَنْ يَتَأقْلَمَ وَيتَعايَشَ مَعَ الآخَرِ، فَهُنَاكَ صِفَاتٌ لَو عُرِفَتْ مِنَ البِدَايَةِ لَحَكَمَ الطَّرَفُ الآخَرُ: أَيَستَطِيعُ أَنْ يُكْمِلَ مَعَهُ مَسِيرَةَ الحَيَاةِ أَمْ لاَ؟ أَو لَهَيّأ نَفْسَهُ لِتَقَبُّلِها، وَهَذَا مَا كَانَتْ فِيهِ مَثَلاً لَنَا جَمِيعاً أُمُّ المُؤمنِينَ أُمُّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- حِينَمَا ذَهَبَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَاطِباً، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ كَبِيرَةٌ وَذَاتُ عِيَالٍ، وإِنِّي امْرَأَةٌ غَيُورٌ))، بِهَذَا الوُضُوحِ كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا-، وَكَانَ جَوَابُ الطَّرَفِ الآخَرِ مُتَفهِّماً كُلَّ مَا ذَكَرَتْ، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((أَمَّا السِّنُّ فَأنَا أَيْضاً رَجُلٌ كَبِيرٌ، وَأَمَّا العِيَالُ فَلِي عِيَالٌ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الغَيرَةِ، فَلَعَلَّهُ يَخِفُّ مَعَ الأَيَّامِ)). قَدْ يُفَاجَأُ المَرْءُ فِي حَيَاتِهِ الأسرِيَّةِ بِأُمُورٍ لَمْ تَكُنْ وَاضِحَةً قَبْـلَ الزَّوَاجِ، وَخَاصَّةً أَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ مَرحَلَةَ الخِطْبَةِ كَاشِفَةٌ لأَخْلاَقِيَّاتِ الطَّرَفَيْنِ، وَهَذَا لَيْسَ صَحِيحاً، فَمَرحَلَةُ الخِطْبَةِ قَلَّ أَنْ تَظْهَرَ فِيهَا كُلُّ الأُمُورِ، لأنَّ كُلَّ طَرَفٍ يُحَاوِلُ أَنْ يُبْرِزَ أَفْضَلَ مَا فِيهِ، ولاَ يُعالِجُ هَذَا الخَلَلَ إِلاَّ المُصَارَحَةُ التِي يُرَبِّي الإِسلاَمُ المُسلِمَ عَلَيْهَا فِي كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شُؤونِهِ، وَإِذَا كَانَ فُقَهَاؤُنَا السَّابِقُونَ يُدقِّقُونَ فِي أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّواقِصِ الجَسَدِيَّةِ مِنْ حَيْثُ الصَّمَمُ وَتَلَعْـثُمُ اللِّسَانِ وَنَحْوُها، فَمِنْ بَابِ أَولَى ذِكْرُ تِلْكَ التِي لاَ تَرَاها العَيْنُ، والتِي تَظْهَرُ بِالعِشْرَةِ وَالمُعَامَلَةِ، حتَّى تَبْدأَ الحَيَاةُ الزَّوجِيَّةُ عَلَى وُضُوحٍ، وَقَدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنَّا))، وَهَذَا الحَدِيثُ عَامٌّ لِكُلِّ غِشٍّ يَحْدُثُ فِي حَيَاةِ المُسلِمينَ، وَإِذَا كَانَ الغِشُّ حَرَاماً فِي أُمُورِ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَهُوَ فِي أُمُورِ الحَيَاةِ الزَّوجِيَّةِ وَالأسرِيَّةِ أَكْثَرُ جُرْماً، فَغِشُّ البَيْعِ لَهُ عِلاَجٌ بِرَدِّ المَبِيعِ، وَغِشُّ الحَيَاةِ الزَّوجِيَّةِ عِلاَجُهُ عَسيرٌ وَجُرْحُهُ غَائِرٌ.

عِبادَ اللهِ :
إنَّ مِنْ أَهَمِّ التَّدَابِيرِ الوَاقِيَةِ مِنَ الطَّلاَقِ مَعْرِفَةَ طَبِيعَةِ كُلِّ طَرَفٍ، فَعَلَى الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَعْرِفَ كُلٌّ مِنْهُما طِبَاعَ الآخَرِ، وَمَا يُحِبُّ وَمَا يَكْرَهُ، وَمَا يُسْعِدُهُ ويُحزِنُهُ، وَمَا يَنْبَغِي تَجَنُّبُهُ مَعَهُ، بِمَعْنَىً أَدَقَّ: عَلَى كُلٍّ مِنَ الزَّوجَيْنِ أَنْ يَدْرُسَ كُلُّ طَرَفِ مِنْهُما الآخَرَ دِرَاسَةً وَاعِيَةً مُستَوعِبَةً قَدْرَ الإِمكَانِ، وَعِنْدَمَا جَاءَ الوَحْيُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَارِ حِرَاءَ، وَحَدَثَتْ لَهُ الرِّعْدَةُ والارتِجَافُ، وَذَهَبَ إِلَى زَوْجِهِ خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- يَقُولُ: دَثِّرُونِي دَثِّرُونِي، زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، وَحَكَى لَهَا مَا حَدَثَ لَهُ؛ قَالَتْ زَوْجُهُ خَدِيجَةُ-رَضِيَ اللهُ عَنْها-: ((وَاللهِ لَنْ يُخْزِيكَ اللهُ أَبَداً، إِنَّكَ لِتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحَمِلُ الكَلَّ، وتُعِينُ عَلَى نَوائِبِ الدَّهْرِ))، فَقَدْ ذَكَرَتْ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- صِفَاتِ زَوْجِهَا، وَمِيزَاتِهِ التِي تَمْنَعُ أَيَّ مَكْروهٍ أَو شَرٍّ يَلْحَقُهُ، وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ خَدِيجَةَ تَرقُبُ زَوْجَها، وَتَعْـلَمُ مَا فِيهِ جَيِّداً، لِذَا عَّدَدَتْ مَا فِيهِ مِنْ أُمُورٍ لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْها إِلاَّ مَنْ عَاشَرَ الشَّخْصَ وَعَرَفَهُ مَعْرِفَةً تَامَّةً. وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ طَرَفِ لِلآخَرِ كَذَلِكَ: مَعْرِفَةُ الرَّجُلِ لِطَبِيعَةِ المَرأَةِ وَتَكْوِينِها العَاطِفيِّ، إِذْ إِنَّهُ يَعتَرِيهَا أُمُورٌ خَاصَّةٌ تُغيِّرُ مِنْ مِزَاجِهَا النَّفْسِيِّ وَالعَصَبِيِّ، وَلِذَا أَرْشَدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى هَذِهِ الأَعْذَارِ لِتَكُونَ رَاسِخَةً فِي أَذْهَانِ الرِّجَالِ، فَرَفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ النِّسَاءِ الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ عِنْدَ المَحِيضِ وَالنِّفَاسِ، وَذَلِكَ لِعلْمِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى بِضَعْفِ المَرأَةِ فِي هَذِهِ المَرْحَلَةِ، وِمِنْ بَابِ الرَّحْمَةِ: خَفَّفَ اللهُ عَنْهَا بِرَفْعِ هَذِهِ التَّكَالِيفِ عَنْهَا فِي حَالِ حُدُوثِهَا، فَمَا بَالُ بَعْضِ الأَزْوَاجِ لاَ يُرَاعُونَ هَذِهِ العَوَارِضَ التِي تَعْـتَرِي المَرأَةَ؟ كَمَا أَنَّ مِنْ طَبِيعَةِ الرَّجُلِ أَنَّهُ لاَ يَقْبَلُ مَا يَمَسُّ رُجُولَتَهُ، أَو قِوَامَتَهُ فِي البَيْتِ، مِنْ حَيْثُ مَعْرِفَتُهُ بِكُلِّ مَا يَدُورُ فِي بَيْتِهِ، وَمَا يَخُصُّه ويَخُصُّ أَبْنَاءَهُ، وَيُحِبُّ أَنْ يُراعَى فِيهِ هَذَا الجَانِبُ، فَلِمَاذَا تُصِرُّ بَعْضُ النِّسَاءِ عَلَى تَجَاهُلِ هَذِهِ الأُمُورِ عِنْدَ الرَّجُلِ؟!.
أَيُّهَا المُؤمِنونَ :
مِنَ الأُمُورِ التِي تُعِينُ الزَّوجَيْنِ عَلَى عِلاَجِ المُشكِلاَتِ بَيْـنَهُمَا حتَّى لاَ تَصِلَ إِلَى الطَّلاَقِ: بَذْلُ الجُهْدِ فِي التَّفَاهُمِ فِيمَا بَيْـنَهُمَا، فَقَدْ يَتَصوَّرُ البَعْضُ أَنَّ أَوَّلَ طُرُقِ الحِوَارِ وَالعِلاَجِ هُوَ التَّهْدِيدُ بِالطَّلاَقِ، وَطَرْحُهُ حَلاًّ يُلْجِمُ المَرأَةَ عَنِ الكَلاَمِ، وَيَجْعَلُهَا تَسكُتُ مُجْبَرَةً مَكْبُوتَةً، وَهَذَا لَيْسَ مِنَ العَقْلِ فِي شَيءٍ، بَلْ عَلَى الزَّوْجَيْنِ بَذْلُ الجُهْدِ بَيْـنَهُمَا فِي التَّفَاهُمِ، وَالجُلُوسُ مَعاً لِلتَّحَاوُرِ فِي مَوَاضِعِ الخِلاَفِ، وَالبَحْثُ الجَادُّ عَنْ حَلٍّ لِلمُشكِلَةِ، وَلاَ بُدَّ مِنَ الاهتِمَامِ وَبَذْلِ الجُهْدِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ الحِرْصُ شَدِيداً مِنْ كِلَيْهِمَا، وَهُوَ مَا نَلْمَحُهُ فِي سَبَبِ نُزُولِ الآيَاتِ الأُوَلِ مِنْ سُورَةِ (المُجَادَلَةِ) فَقَدْ كَانَ بَيْنَ خَولَةَ بِنْتِ ثَعلَبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- وَزَوجِها أَوسِ بنِ الصَّامِتِ شَيءٌ مِنَ الخِلاَفِ فَغَضِبَ وَظَاهَرَ مِنْهَا، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنَعَتْهُ نَفْسَهَا حتَّى يَحكُمَ اللهُ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِما بِحُكْمِهِ، وتَحَرَّجَ هُوَ فَقَالَ لَهَا: مَا أَظُنَّكِ إِلاَّ قَدْ حَرُمْتِ عَلَيَّ، فَأَتَتْ خَولَةُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ زَوْجِي أَوسَ بنَ الصَّامِتِ تَزَوَّجَنِي وأَنَا شَابَّةٌ غَنِيَّةٌ ذَاتُ مَالٍ وَأَهلٍ، حتَّى إِذَا أَكَلَ مَالِي، وأَفْنَى شَبَابِي، وَتَفَرَّقَ أَهلِي، وَكَبِرَ سِنِّي: ظَاهَرَنِي وَقَدْ نَدِمَ، فَهلْ مِنْ شَيءٍ يَجْمَعُنِي وَإِيَّاهُ؟ فَجَعَلَتْ تُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَكُلَّما قَالَ لَهَا: حَرُمْتِ عَلَيْهِ، هَتَفَتْ وَقَالَتْ: أَشْكُو إِلَى اللهِ فَاقَتِي، وَشِدَّةَ حَالِي، وإِنَّ لِي صِبْيَةً صِغَاراً إنْ ضَمَمتُهُمْ إِلَيْهِ ضَاعُوا، وإِنْ ضَمَمتُهُمْ إِلَيَّ جَاعُوا، وَجَعَلَتْ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ، اللَهُمَّ أَنْزِلْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ فَرَجِي، فَأَنْزَلَ اللهُ قَولَهُ عَزَّوجَلَّ: ((قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)) ، فَهُنَا رَأَيْنَا حِرْصَ المَرأَةِ عَلَى الحَلِّ، وَالبَحْثِ عَنْهُ حتَّى لاَ يَقَعَ الطَّلاَقُ وَيَضِيعَ أَولاَدُهَا، وَتَفْقِدَ زَوجَها وَهِيَ لَهُ مُحِبَّةٌ وَبِهِ مُتَمَسِّكَةٌ، وَلِذَا مَا تَرَكَتْ سَبِيلاً إِلاَّ سَلَكَتْهُ، وَلاَ بَاباً إِلاَّ طَرَقَتْهُ، إِلَى أَنْ لَجَأَتْ إِلَى بَابِ المُولَى سُبْحَانَهُ وَتَعالَى، فَأَنْزَلَ مَا أَنْزَلَ مِنْ آيَاتٍ، وفِي قِصَّـتِها دَلاَلَةٌ بَالِغَةٌ عَلَى الحِرْصِ عَلَى بَذْلِ كُلِّ جُهْدٍ مُمْـكِنٍ لِلْحَلِّ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ :
عَلَى الزَّوجَيْنِ كَذَلِكَ التَّمَهُّلُ فِي اتِّخَاذِ القَرَارِ، فَقَدْ يَكُونُ مَا بَيْنَهُمَا خِلاَفاً وَقْتيّاً، يَزُولُ بِزَوَالِ أَسْبَابِهِ وَبِعِلاَجِ تَوَابِعِهِ، وَلاَ يَنْبَغِي تَصْعِيدُ الأُمُورِ مِنْ أَوَّلِها إِلَى الطَّلاَقِ، بَلْ عَلَى الطَّرَفَيْنِ التَّعقُّلُ وَالتَّرَوِّي، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ عِظْنِي، قَالَ: لاَ تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِراراً: لاَ تَغْضَبْ))، وَهَذا لأَنَّ الغَضَبَ يَجْعَلُ الإِنْسَانَ يَتَصرَّفُ تَصَرُّفاً يَنْدَمُ عَلَيْهِ، فَهُوَ يَدْفَعُ إِلَى التَّسَرُّعِ، وَالتَّسَرُّعُ آفَةٌ تَصْدَعُ بُنْيَانَ الأُسْرَةِ، وَالتَّعَقُّلُ والتَّرَوِّي والتَّمَهُّلُ كَفِيلٌ بِحَلِّ أَيِّ مُشكِلَةٍ، لأَنَّ الإِنْسَانَ وَقْتَها يَبْعُدُ عَنْ كُلِّ مُؤَثِّرٍ عَصَبِيٍّ ونَفْسِيٍّ وَيَجْعَلُ قَرَارَهُ يَخْرُجُ صَائِباً قَدْرَ الإِمكَانِ.

عِبادَ اللهِ :
إِنَّ هُنَاكَ مِعْياراً مُهِمّاً عِنْدَ الخِلاَفِ بَيْنَ الزَّوجَيْنِ فَعلَيْهِمَا أَلاَّ يَنْسَياهُ، وَهُوَ مِعْيَارُ تَذَكُّرِ الفَضْلِ، فَهُوَ أَسَاسٌ فِي التَّعَامُلِ بَيْنَ الزَّوجَيْنِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)) ، وَيَقُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((لاَ يَفْرَكُ مُؤمِنٌ مٌؤمِنَةً، إِذَا سَخِطَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ آخَرَ))، وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَقَالَ: إِنَّنِي لاَ أُحِبُّ زَوْجَتِي وَأُرِيدُ طَلاَقَهَا، فَظَلَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يُنَاقِشُ الرَّجُلَ، وفِي نِهَايَةِ حِوَارِهِ مَعَهُ قَالَ لَهُ: يَا أَخَا الإِسْلاَمِ وَهَلْ عَلَى الحُبِّ وَحْدَهُ تُبنَى البُيُوتُ؟!.
أَيُّها المُسلِمُونَ :
الطَّلاَقُ لاَ شَكَّ مُشكِلَةٌ كُبْرَى تُواجِهُ المُجتَمَعَ المُسلِمَ، وَعَلَى الجَمِيعِ دَوْرٌ يَنْبَغِي القِيَامُ بِهِ، وَأَوَّلُ مَا تَقَعُ المَسؤولِيَّةُ عَلَى عَاتِقِ الفَرْدِ سَواءً الزَّوجُ أَو الزَّوجَةُ، فَعَلَيْهِمَا أَنْ يَتَحَمَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرَ، وَيَصْبِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَأْتِي بِهِ الدَّهْرُ مِنْ مَتَاعِبِ الحَيَاةِ وَصُعُوبَاتِها، فَمِنَ الوَارِدِ فِي الحَيَاةِ الزَّوجِيَّةِ حُدُوثُ الخِلاَفَاتِ والمُشَادَّاتِ، وَأَنْ يَخْرُجَ أَحَدُ الزَّوجَيْنِ عَنْ هُدُوئِهِ وحِلْمِهِ، فَعِنْدَئذٍ وَجَبَ عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مُرَاعَاةُ اللَّحْظَةِ التِي يُعَايِشُها الطَّرَفُ الآخَرُ مِنَ الضِّيقِ وَالغَضَبِ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ يَشْكُو إِلَيْهِ ارتِفَاعَ صَوْتِ زَوْجِهِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ عُمَرَ يَنْتَظِرُهُ حتَّى يَخْرُجَ، إِذْ بِهِ يَسْمَعُ زَوْجَ عُمَرَ يَرتِفَعُ صَوتُها مُغْضَبَةً عَلَيْهِ، فَهَمَّ الرَّجُلُ بِالخُروجِ، فَلَحِقَهُ عُمُرُ قَبْلَ خُروجِهِ، وَقَالَ: إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ يَا رَجُلُ، وَلَمَّا تَقْضِ حَاجَتَكَ بَعْدُ؟! فَقَالَ الرَّجُلُ: جِئْتُ شَاكِياً مِن ارتِفَاعِ صَوْتِ زَوْجِي، فَرَأَيْتُ زَوْجَ أَمِيرِ المُؤمِنينَ يَرتَفِعُ صَوتُهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَخِي، إِنَّها زَوْجِي، وَهِيَ طَاهِيَةٌ لِطَعَامِي، غَاسِلَةٌ لِثيَابِي، مُرَبِّيَةٌ لأَولاَدِي، فَإِذَا ارتَفَعَ صَوتُهَا مُغْضَبَةً لأَمْرٍ مَا، أَلاَ أَتَحَمَّلُها؟! وَعَلَى الأَهلِ وَالأَقْرِبَاءِ دَوْرٌ مُهِمٌّ كَذَلِكَ، مِنْ حَيْثُ السَّعْيُ بِالصُّلْحِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، وَتَقْرِيبُ وِجْهَاتِ النَّظَرِ، فَقَدْ تَكُونُ وِجْهَةُ نَظَرِ الطَّرَفَيْنِ قَرِيبَةً إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ، وَلَكِنَّ العِنَادَ وتَشَبُّثَ كُلِّ طَرَفٍ بِرَأْيِهِ يَجْعَلُ الهُوَّةَ بَيْنَ الرَّأْيَيْنِ بَعِيدَةً، وَيَظُنَّانِ أَنْ لاَ مَجَالَ للتَّقَارُبِ، ولاَ مَوضِعَ لِلصُّلْحِ، ولاَ طَرِيقَ إِلاَّ الطَّلاَقُ، وَعِنْدَ تَدَخُّلِ الأَهلِ وَالأَقْرِبَاءِ بِالصُّلْحِ يَتَيَسَّرُ الأَمْرُ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ((وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً)) ، وَقَدْ عَوَّلَ القُرآنُ الكَرِيمُ هُنَا عَلَى نِيَّةِ المُصلِحِيْنِ مِنْ طَرَفَيِ الأَهلِ بِقَولِهِ: ((إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً))، فَنِيَّةُ الإِصلاَحِ والوُصُولِ إِلَى حَلٍّ يَعُودُ بِالطَّرَفَيْنِ إِلَى مَحْضِنِ الأُسْرَةِ، ويُؤَدِّي بِلاَ شَكٍّ إِلَى إِنْهَاءِ النِّزَاعِ، وَالمُجتَمَعُ المُسلِمُ لاَ يَقِفُ مُتَفَرِّجاً عَلَى مَا يَدَورُ مِنْ مُشكِلاَتٍ أسرِيَّةٍ، بَلْ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ دَوْرٍ فِي هَذَا، بِدَايَةً مِنْ جِيرَانِ الزَّوْجَيْنِ ومَنْ حَولَهُمَا مِنْ أَفْرَادِ المُجتَمَعِ، وَذَلِكَ بِالسَّعْيِ بِالصُّلْحِ بَيْنَ الزَّوجَيْنِ المُخَتلِفَيْنِ، وَلَيْسَ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ تَحْرِيضِ أَحَدِ الزَّوجَيْنِ عَلَى الطَّلاَقِ، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا)) -أَي أَفْسَدَ العَلاَقَةَ بَيْنَهُمَا-.
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، وتَعَاوَنُوا عَلَى المَوَدَّةِ وَالوِئَامِ، وابتَعِدُوا عَنْ كُلِّ مَا يُؤَدِّي لِلتَّبَاغُضِ والانْقِسَامِ، والتَمِسُوا المَعَاذِيرَ لِمَنْ أَخْطَأَ، وَغُضُّوا الطَّرْفَ عَنِ الهَفَواتِ وَالزَّلاَّتِ؛ تَهْنَأْ أُسَرُكُمْ وتَسْعَدْ مُجتَمَعَاتُكُمْ.
أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.






الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّها المُسلِمُونَ :
رَأَيْـنَا أَنَّ لِلطَّلاَقِ أَسْبَاباً وَسُبُلاً، عِنْدَمَا نُحَاصِرُها تَنْحَسِرُ، وعِنْدَمَا نَقِي الأُسَرَ مِنْهَا يَنْتَفِي الدَّاءُ والعِلَّةُ بِإِذْنِ اللهِ، فَالطَّلاَقُ شَرْخٌ فِي جِدَارِ الأُسْرَةِ المُسلِمَةِ عَلَينَا أَنْ نَمْـنَعَ حُدُوثَهُ، وإِنَّ فَرْحَةَ الشَّيْطَانِ تَزْدَادُ كُلَّمَا انْتَهِتْ عَلاَقَةُ زَوْجَيْنِ بِالطَّلاَقِ، يَقُولُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- : ((إِنَّ إِبلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحُدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئاً، ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امرَأتِهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيقُولُ: نعْم أَنْتَ، فَيَلْتَزِمُهُ))، وَزِيَادَةُ مُعَدَّلاَتِ الطَّلاَقِ مُؤَشِّرٌ خَطِيرٌ يُنْذِرُ نَذِيراً مُدَوِّياً، لِنَقِفَ مَعَهُ وِقْفَةً مُتَأَنِّيَةً.
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، وَتَعَاوَنُوا فِي الابتِعَادِ عَنْ كُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ تَدْمِيرُ البُيُوتِ وإِيغَارُ الصُّدُورِ وإِفْسَادُ مَا بَيْنَ الأَزْوَاجِ، وتَكَاتَفُوا جَمِيعاً فِي المُسَاهَمَةِ بِقَدْرِ المُستَطَاعِ فِي الحَدِّ مِنَ الطَّلاَقِ، وَالبَحْثِ عَنْ كُلِّ وَسِيلَةِ عِلاَجٍ تَحْـفَظُ لِلأُسْرَةِ كِيَانَها.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )).
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
المشاهدات 995 | التعليقات 0