الطلاق أسبابٌ وعلاج

خطبة جمعة عن الطلاق وأسبابه            كتبها : خالد بن خضران العتيبي  الجمش- الدوادمي

---------------------------------------------------------------------------------------------

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عبادَ الله إن شريعة الإسلام حريصة على تكوين الأسرة ولذلك جاءت النصوص الكثيرة التي ترغب في الزواج وتكثير النسل لما في ذلك من المصالح العظيمة على الزوج والزوجة والأولاد والمجتمع وإن مما يهدم الأسرة ويفككها الطلاق ولذلك يفرح به الشيطان ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ "  

وإذا نظرنا عباد إلى كثرة الطلاق أدركنا أهمية الموضوع فنسبة الطلاق كثيرة جداً وهذا له أسبابه فمن الأسباب :

أولاً : التهاون في مسألة الطلاق وهذا له صور كثيرة فمن ذلك الطلاق على أمورٍ تافهة فيقع الخطأ من المرأة فيطلقها وينسى ما لها من فضائل كثيرة وربما كان بينهم أولاد والنبي صلى الله صلى عليه وسلم يقول «لَا يَفْرَكْ [أي لا يبغض ] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» والمرأة بطبيعتها وعاطفتها ربما يقع منها الخطأ ولكن لا يستدعي الطلاق فينبغي إعطاء الأمور حجمها والتغافل  وفي البخاري ومسلم يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وكسرها طلاقها وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ»

ومن صور التهاون في الطلاق الطلاق بالثلاث ففي سنن النسائي:  أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقام غضباناً، ثم قال: «أيلعبُ بكتاب الله، وأنا بين أظهرِكم» 

ومن صور التهاون بالطلاق الحلف بالطلاق يقول مثلاً ( علي الطلاق تتعشى عندي ) وهذا تعليق للطلاق وأكثر العلماء على وقوع الطلاق إذا لم يتعشَ عنده فلا تساهل في ذلك .

ومن أسباب الطلاق الغضب فالشيطان يتمكن من الإنسان في لحظة الغضب ولذلك أنصح كل شخص إذا حصل بينه وبين زوجته غضب أن لا يستمر بل يغادر البيت وإذا كان الشجار بينهم عن طريق الهاتف يغلق الهاتف حتى يسكن الغضب عنده ولذلك كل القرارات غالباً التي تكون في حال الغضب تكون غير صحيحة ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( لا يقضي القاضي وهو غضبان ) .

ومن أسباب الطلاق تهاون الزوجين بالحقوق التي على كل واحد منهما للآخر فالزوج له حقوق على زوجته ومنها عدم الخروج من البيت إلا بإذنه ولا يجوز له منعها من شيء لا بد منه أو شيء واجبٍ عليها كزيارة والديها وهناك حقوق على الزوج لزوجته ومن ذلك وجوب النفقة عليها وهناك حقوقٌ مشتركة بين الزوجين ومن ذلك التعاون على تقوى الله سبحانه كالقيام للصلاة في الوقت وحث المرأة على الحجاب الشرعي والابتعاد عن كل ما يخدش العفاف وكذلك التناصح في استخدام التقنية استخداماً صحيحاً فكثير اليوم من المشاكل الأسرية هي بسبب دخول أحد الزوجين في مواقع مشبوهة تؤثر على الحياة الزوجية والرجل والمرأة إذا كان الواحد منهما سيسلك طريقاً يخدش العفاف فإنه سيزهد في الآخر وستقع النفرة بينهما بخلاف المرأة العفيفة والرجل العفيف فإن الله سيجعل بينهم من المودة والسكن والرحمة ما لم يمكن تصويره فيحرص الزوج أن يؤدي الحقوق التي عليه وكذلك الزوجة وكذلك يؤدون الحقوق المشتركة بينهم كتربية الأولاد .

ومن أسباب الطلاق عدم اختيار الزوجة المناسبة وكذلك الولي لم يختار لبنته الزوج المناسب فهذا زواج لا يستعجل الإنسان بل يشاور ويسأل ويستخير الله سبحانه وتعالى ولا يثق أبداً الولي في تزكية والدي الزوج لابنهم فالأم والآب تغلبهم العاطفة وربما أخفوا شيئاً وقالوا لعله بعد الزواج يتغير ويتحسن !!

ويحرص من يقدم على الزواج أن يطبق السنة وهي النظر للمخطوبة وهي كذلك تراه وفي سنن الترمذي من حديث المغيرة بن شعبة  عن أنس بن مالك، أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اذهب فانظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» أي يوفق ويؤلف بينكما .

أسأل الله سبحانه أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

من أسباب الطلاق عبادَ الله تأثر بعض النساء ببعض الدعوات الغربية التي ينادي لها بعض الحركات النسوية وبعضها تسمي نفسها حركة تحرير المرأة !!

فمما يدعون إليه أن المرأة ليست بحاجة للزوج بل إن الزوج سبب في تقييدها عن حريتها وقد زادت نسبة الطلاق بسبب هذه الدعوات فتأتي المرأة وتطلب الطلاق من زوجها بسبب ذلك وربما رفعت عليه قضية خلع وهذا كله حرام ففي الحديث الصحيح قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ»

فعلينا عباد الله أن نحذر مثل هذه الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق خاصة إذا كان بين الزوج وزوجته أولاد .

وعلى كل من الزوجين أن يقوي علاقته بالآخر ويلحون على الله بأن يؤلف بينهما وأن يصلح الحياة الزوجية ولذلك ذكر الله سبحانه تعالى من دعاء عباد الرحمن في سورة الفرقان أنهم كانوا يدعون بصلاح الزوجة والأولاد قال تعالى (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان : 74 )

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أولادنا وزوجاتنا وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .

 

 

 

 

 

المرفقات

1727351865_من أسباب الطلاق خطبة جمعة.docx

المشاهدات 242 | التعليقات 0