الضوء الأخضر الأمريكي لنظام ميانمار // خالد مصطفى
احمد ابوبكر
لم يعد سرا أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت توفر الحماية لنظام ميانمار القمعي الذي يرتكب جرائم إبادة جماعية تجاه مسلمي ميانمار وهي جرائم لم تعد تحتاج إلى مزيد من الأدلة لإثباتها فقد انتشرت عبر وسائل الإعلام الأجنبية قبل العربية ووثقتها العديد من المنظمات الدولية المعروفة ومنها منظمة " هيومن رايتس ووتش" الحقوقية التي أكدت في تقرير أخير لها أن قوات الأمن في ميانمار قامت بارتكاب جرائم اغتصاب واسعة النطاق، كجزء من حملة تطهير عرقي ضد مسلمي الروهينغيا بإقليم أراكان ..
جاء ذلك في تقرير مكون من 37 صفحة، صدر عن المنظمة الحقوقية تحت عنوان "جسدي كله تحت سياط الألم: العنف الجنسي ضد نساء وفتيات الروهنغيا في ميانمار"...
ووثقت المنظمة في تقريرها، جرائم عنف جنسي واغتصاب جماعي، واستعمال القسوة والإهانة من قبل أفراد الجيش وقوات الأمن في ميانمار بحق نساء وفتيات الروهينغيا...
وضم التقرير شهادات حية من سيدات وفتيات شهدن قتل أطفالهن الصغار، وأزواجهن، وأولياء أمورهن قبل أن يتمكنّ من الهرب إلى الجارة بنغلاديش...وقالت سكاي ويلر، باحثة حقوق المرأة في مجال حقوق الإنسان بـ"رايتس ووتش": "كان الاغتصاب سمة بارزة ومدمرة في حملة التطهير العرقي التي قام بها الجيش ضد الروهينغيا، وخلفت عددا لا يحصى من النساء والفتيات اللواتي تعرضن للضرر الوحشي والصدمات النفسية"...
وأوضحت في مقدمة التقرير أنه "منذ 25 أغسطس 2017، وجيش ميانمار يواصل أعمال القتل، والاغتصاب، والاعتقالات التعسفية والحرق الجماعي للمنازل في المئات من القرى في ولاية راخين الشمالية(أراكان).. "...
وحذّرت ويلر من أنه "إذا لم تعمل هيئات الأمم المتحدة، والدول الاعضاء سويا للضغط على ميانمار لإنهاء الفظائع وضمان محاسبة المتورطين، فان الهجمات العسكرية المستقبلية على أبناء الروهينغيا تبدو حتمية"...الولايات المتحدة من جهتها تجاهلت جميع الحقائق المتعلقة بجرائم نظام ميانمار وتجلى هذا في زيارة وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، إلى ميانمار في 15 نوفمبر الجاري، ولقائه مع زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي، والجنرال مين أونج هلاينج قائد العمليات العسكرية في أراكان، وإعلانه أنّ بلاده ليست متحمسة لفرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على ميانمار...تيلرسون، وفي تصريحات أدلى بها خلال تواجده في ميانمار، استخفّ بالمجازر المروعة التي تحدث في أراكان من قتل للاطفال واعتداء للنساء وجرائم ضدّ الإنسانية، قائلاً إنها أُرتكبت من قِبل "بعض" الجنود، وعدد من البوذيين المتطرفين...
وأضاف تيلرسون أنه في حال تمّ التأكد من صحة المشاهد والصور الملتقطة في إقليم أراكان، عبر تقارير موثوقة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستدعو حكومة ميانمار إلى محاسبة الضالعين في تلك الجرائم...كما حاول تيلرسون تقليل أهمية ما يجري في اقليم أراكان من مجازر، من خلال الحديث عن بقية الاشتباكات والعمليات العسكرية التي تجري في مناطق أخرى بميانمار، مضيفاً أنّ بلاده ستعلن عن موقفها ممّا يحصل في أراكان، بعد زيارته إلى ميانمار، وستحدد ما إذا كانت الأحداث ترقى إلى مستوى التطهير العرقي أم لا...
وادعت الولايات المتحدة أنّ هجمات منظمة "جيش تحرير أراكان الروهينغا" هي سبب ما يجري في أراكان، ما يثبت أنّ واشنطن لا تنظر إلى الجرائم التي تُرتكب في اقليم أراكان على أنها ممنهجة...
لقد ظن البعض أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي لميانمار ستؤدي إلى الضغط على النظام القمعي من أجل وقف انتهاكاته إلا أنها أظهرت تحيزا واضحا وتجاهلا فجا للحقائق والوثائق وليس من المستبعد أن تمنح نتائج هذه الزيارة نظام ميانمار الضوء الأخضر للاستمرار في جرائمه تجاه مسلمي الروهينغيا.