الضحوك القتال

1437/05/14 - 2016/02/23 07:35AM
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة (الضحوك القتال) 10/5/1437هـ
الجامع القديم بمحافظة البدائع//سليمان السلامة
الحمدلله الغالب أمره، و أشهد أن لا إله إلا الله المتحقق وعده وأشهد أن محمدا رسوله وعبده ،صلى الله و سلم عليه و على آله و صحبه .
أما بعد
فاتقوا الله عباد الله فتقوى الله هي العز و الشرف .
أيها المسلمون : سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم و تفاصيل حياته نقلت إلينا نقلا دقيقا ، تلكم السيرة العطرة التي تزين الدهر بها، و أضاءت العقول و القلوب، و لم يمر و لن يمر على تاريخ البشرية مثلها، جوانب سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كلها مشرقة ، و لعلنا نفتح نافذة على جانب منها و إشراقة من إشراقاتها ، لنسمع شيئا يسيرا منها، إنه الجانب العسكري أو المنهج العسكري النبوي ،فلئن كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة فهو نبي الملحمة( نبي الملحمة الذي بعث بجهاد أعداء الله ).
جاء في وصفه في بعض الكتب المتقدمة ( الضحوك القتال ) و المراد أنه لا يمنعه ضحكه و حسن خلقه من إقامة حد الله و حق الله .
عباد الله : سيرة نبينا ليست تاريخا يسرد و يقرأ و لا احتفالات بمولده إنما يجب أن تكون سيرة تحتذى و واقعا يحقق (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيرا ))
إخوة الإيمان : اهتم سلفنا الصالح بتعليم أولادهم مغازي النبي صلى الله عليه وسلم و يتواصون بتعلمها و تدارسها , يقول زين العابدين علي بن الحسين بن علي : (( كنا نعلم مغازي النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه كما نعلم السورة من القرآن ))
و عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال : ( كان أبي يعلمنا المغازي و يعدها علينا و سراياه و يقول : يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها )
فيا مؤمنون : من منا من الآباء و الأولياء كان في منهجه و تربيته لأولاده أن يعلمهم مغازي النبي صلى الله عليه وسلم ؟
عباد الله : نتعلم مغازي نبينا لنشحن النفوس بالقوة و العزة، لتعلم الأجيال أنه لا بد من الإعداد و القوة التي تحمي الإسلام وبلاد الإسلام ، لتعلم الأجيال أنه لا يمكن أن تنعم دولة بالأمن و الأمان ما لم تكن لها قوة تحميها من الأعداء ، في زمن لا يعرف إلا لغة القوة و التحالفات العسكرية . نتعلم مغازي نبينا لنعرف أسباب النصر وأسباب الهزيمة ،نتعلم مغازي نبينا لنرى عظمة الجهود التي بذلت نصرة للدين ونشرا للإسلام وإعلاء لكلمة الله، نتعلم مغازي نبينا لنتعلم كيف نتغلب على الصعوبات والتحديات،نتعلم مغازي نبيناحتى نتيقن أن طريق الحق وطريق العزة لابد فيه من آلام ومعاناة ، معاناة تصقل النفوس وتمحص الصفوف ، نتعلم مغازي نبينا لتعلم أجيالنا أن الأمة لم يكتب عليها الذل ولا التبعية بل أمتنا أمة الشجاعة وأمة لاترضى بالضيم ولاالذل، نتعلم مغازي نبينا لنعرف العالم بأخلاق الإسلام في ساحات الوغى ومواجهة الأعداء.

معشر المؤمنين : المعارك التي قادها نبينا نبي الملحمة محمد صلى الله عليه وسلم ثمان و عشرون غزوة نشب القتال في تسع منها فقط و هي( بدر و أحد و الخندق و بني قريظة و بني المصطلق و خيبر و فتح مكة و حين و الطائف ) بينما فر الأعداء في تسع عشرة غزوة منها بدون قتال .
وكان لكل غزوة منهج و تكتيك عسكري نبوي فمن ذلك تخويف و ردع من أراد الاعتداء على أموال وديار المسلمين بالحشود العسكرية و التعبئة الشعبية كما وقع في غزوة بدر الأولى و كما وقع في غزوة تبوك حيث لم يحصل قتال بل ترهيب للأعداء ،حيث أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوة المسلمين للروم حيث كان عدد جيش المسلمين ثلاثين ألف رجل و عشرة آلاف من الخيل .
و من المنهج النبوي العسكري : أن تعلق قلوب الجيوش بالله ،فمهما كانت الاستعدادات فقد تأتي المفاجآت ،فلا بد من التعلق بالله تعالى، و شاهد ذلك ما وقع في غزوة بدر الكبرى .
و من المنهج النبوي العسكري : مباغتة من يتربص سوءا بالمسلمين قبل أن يتم له مراده ،و قطع الطريق على العدو و حسم أمره بحزم و عزم، كما وقع ذلك في غزوة خيبر حينما فاجأ النبي صلى الله عليه وسلم و الصحابة اليهود و هم في طريقهم إلى أعمالهم فقاتلهم و انتصر عليهم.
و من المنهج النبوي العسكري : أن أهل الغدر و الخيانة لا ينبغي التسامح معهم مهما تصنعوا من حسن الطوية و مهما لمعوا ، و ذلك كما وقع في غزوة بني النضير من اليهود .
عباد الله : يطول المقام في الحديث عن المنهج النبوي العسكري في غزواته لكن هي إشارات لبعض الغزوات ،و في البقية منها الكثير من العبرة و العظات .
اللهم انصر دينك و كتابك و سنة نبيك عبادك الصالحين .

2
الحمد لله ...... أما بعد
فيا مسلمون ها أنتم تسمعون وتشاهدون تحركات دول العالم عسكريا ،و أصبح الحديث عن القوة ،و إن المسلمين أولى و أحق من يسعي لتملك القوة و الإعداد لها ،ألم يأمرنا ربنا بقوله : (( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة )) و أمة لا قوة لها لا قيمة لها .
عباد الله : إن أشد ما يضعف القوة الركون إلى وسائل الترفيه و عيش حياة المترفين، الترف يؤدي للاسترخاء و الغفلة عن خطورة العدو و عدم المبالاة في رده و دفعه .
يا قوم : إن غفلنا و استكنا و ركنا للدنيا فعدونا يتربص بنا دوائر السوء للانقضاض علينا تأملوا رعاكم الله قول الله : (( ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة )) ألا فلنحذر من الغفلة و ليسع كل واحد منا في ألا يؤتى الإسلام من قبله، لنكن سببا في الاجتماع و الألفة ، و سببا في صلاح و إصلاح المجتمع ،و سباقين للأخذ في كل سبب من أسباب القوة .
اللهم اجعلنا من أ نصار دينك ........
المشاهدات 1418 | التعليقات 0