الصيام وكمال الاستسلام

عناصر الخطبة
1- حقيقة الإسلام الاستسلام لله. 2- الصيام درس عملي على الاستسلام. 3- لماذا نستسلم لأمر الله. 4- استسلام الصحابة للشرع.
 

الحمدُ لله الحكيمِ العليم، وَسِع كل شيء رحمةً وعلمًا، ومَلَك كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكمًا، تبارك الله ربُّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد، فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

إخوةَ الإسلام:

(سَمْعًا لِرَبِّي وَطَاعَةً).. هذا عنوانُ حياةِ المؤمن، عندما يأتيه أمرُ الله ورسولِه ﷺ.

قالها الصحابيُّ مَعقِلُ بنُ يَسار رضي الله عنه، عندما زَوَّجَ أُخْتَهُ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ مَا كَانَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتِ العِدَّةُ، فَهَوِيَهَا وَهَوِيَتْهُ، ثُمَّ خَطَبَهَا مَعَ الخُطَّابِ، فَقَالَ لَهُ: يَا لُكَعُ! أَكْرَمْتُكَ بِهَا وَزَوَّجْتُكَهَا فَطَلَّقْتَهَا، وَاللَّهِ لاَ تَرْجِعُ إِلَيْكَ أَبَدًا آخِرَ مَا عَلَيْكَ، قَالَ معقل: فَعَلِمَ اللَّهُ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا، وَحَاجَتَهَا إِلَى بَعْلِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. فَلَمَّا سَمِعَهَا مَعْقِلٌ قَالَ: سَمْعًا لِرَبِّي وَطَاعَةً، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: أُزَوِّجُكَ وَأُكْرِمُكَ. رواه الترمذي([1]).

عِباد الله:

إنَّ حقيقةَ الإسلامِ الاستسلامُ التامُّ والخضوعُ الكاملُ لله رب العالمين، ولقد أسلمَ الكونُ كلُّه له، طوعًا وكَرها.

قال الله تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ ‌وَلَهُ ‌أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: 83].

الإسلامُ لله هو استسلامٌ لأوامره ولشَرعِه، ولقضائه وقدَرِه، إنه إسلامُ القلب والوجه والجوارح.

قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ ‌يُسْلِمْ ‌وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: 22].

سألَ معاوية بنُ حَيْدَةَ رضي الله عنه رسولَ الله ﷺ، قائلا: «مَا الْإِسْلَامُ ؟ فقَالَ ﷺ: «أَنْ يُسْلِمَ قَلْبُكَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ تُوَجِّهَ وَجْهَكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتُصَلِّيَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ». رواه أحمد([2]).

لقد أمر اللهُ عبادَه بالإسلام له دونَ من سواه، فقال سبحانه: ﴿فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ ‌أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ [الحج: 34].

وجعلَ سبحانه قَبولَ أمرهِ والاستسلامَ لشَرْعِه علامةً على الإيمان وأساسًا لتحقيقه، فقال سبحانه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ ‌وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].

وبتحقيقِ الإسلام أثنى الله على خليلِه إبراهيمَ عليه السلام، فقال: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ ‌أَسْلَمْتُ ‌لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 130-131].

لقد أمرَ اللهُ خليلَه إبراهيمَ عليه السلام بتوحيدِه والانقياد لشَرْعِه، فانقادَ واستسلمَ لله في كلِّ أوامره، دون انتقاء، ودون معارضة، ودون شك، ودون تباطُؤ، ودون تردُّد، لذا استحقَّ أن يكون أمّة للناس، إمامَ هدى وتسليم، قال تعالى: ﴿‌وَإِذِ ‌ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ [البقرة: 124] 

عباد الله:

لقد مضى بِنا شهرُ رمضانَ مع عبودية الصيام، في درس عَمَلي وبُرهانٍ واقعي على استسلامِ العبد لله سبحانه.

قبلَ رمضان كان مباحًا للمسلمِ التمتُّعُ بالطيبات من الرزق الحلال، يأكلُ ويشرب، بل ويأتي أهلَه فيؤجَر على ذلك، ثم ما إن يُرى هلالُ رمضانَ حتى يُصبح الصومُ فرضًا على كل مسلم، يتركُ طعامه وشرابه وشَهْوتَه، التي كانت حلالًا بالأمس صارت اليومَ حرامًا، يمتنعُ عن كلِّ ذلك من الفجرِ إلى المغرب، ثم معَ أذان المغرب يُصبحُ الحرامُ الممنوعُ حلالًا طيِّبًا، ويظلُّ الأمر هكذا حتى إذا جاءَ العيد حَرُم على العبد الصيامُ يوم العيد، بل يتقرَّبُ إلى الله تعالى بطعامه وشرابه، ويفرح بفضل الله عليه، وهذا درسٌ عظيم من دروس الاستسلام لله تعالى.

إنّه إعلانٌ للدنيا كلِّها أن للكون ربًّا واحدًا، سيِّدًا واحدًا، آمرًا واحدًا، هو وحدَه الذي يأمر وينهى، هو وحدَه الذي يُحِلُّ ويحرم، هو وحدَه من له الخضوع والانقياد.

لكنَّ السؤالَ المهمَّ الآنَ: لماذا نستسلم لله وحده لا شريك له؟

إننا نستسلمُ له لأنه رب العالمين، الذي له وحدَه الربوبية على خلقه، هو وحدَه الملِك لا شريكَ له، الذي خَلق ورزقَ ودبَّر أمرَ جميعِ خلقِه، ليسَ لأحدٍ سواهُ مثقالُ ذرة من ذلك.

قال الله: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ‌أَلَا ‌لَهُ ‌الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54]. 

فكما لا يخلُقُ غيرُه لا يأمرُ سواه سبحانه.

نستسلمُ له وحدَه لأنه المتفرِّدُ بالإكرام والإنعام، بالنعمِ التي لا تُعَدُّ ولا تحصى، أتمَّها على خلقه لعلهم يسلمون له، قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ‌لَعَلَّكُمْ ‌تُسْلِمُونَ﴾.

نستسلمُ له وحدَه لأنه الله، ذو الكمال والجلال والجمال، في أسمائه وصفاته وأفعاله، فأمْرُه ونهيُه وحُكمُه وقضاؤه، كلُّ ذلك صادرٌ عن علم تام، وحكمةٍ بالغة، ورحمة واسعة.

﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، هكذا ختم اللهُ الآيةَ التي فيها تشريع الجهاد، وهو يعلم مشقَّته على النفوس، فقال: ﴿كُتِبَ ‌عَلَيْكُمُ ‌الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].

فإن أيقنَ العبدُ بسَعة علم الله، الذي لا يَعزُب عن عِلمه مثقالُ ذرة، سَلَّم له سبحانه واستسلم.

إن أحدَنا قد يذهب إلى طبيبٍ فيُلزمه بدواء ما بقَدْرٍ معيَّن في وقت معيَّن، فلا يملك الإنسانُ خِيارًا معَ قول طبيبه، ثقةً به وبعلمه، على الرَّغْمِ مِن أنه بشر، بنى علمَه على التجارِب، وقد يُصيب وقد يخطئ، وقد ينسى وقد يجهل، ومعَ ذلك نرضى بقوله ونُسلِّم، فأين استسلامُ العبد لأمر ربّه ومولاه، الذي يعلم كلَّ شيء على حقيقته، إذ هو الخالق القائل: ﴿‌أَلَا ‌يَعْلَمُ ‌مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14].

نستسلمُ له لأنه الحقُّ العدل، الذي لا يقول إلا الحق، ولا يأمرُ إلا بالعدل والإحسان.

لأنه القُدُّوسُ السَّلامُ الذي تقدَّس وتنزَّه وسَلِم من كلِّ نقص وعيب، فلا تجد في أمره وشرعه وقضائه باطلًا ولا جهلًا، ولا ظلمًا ولا جَوْرًا، ولا هوًى ولا ظنًّا.

نستسلمُ له لأن في الاستجابةِ لشرعه الحياةَ الطيبة، وفي الإعراض عنها الضَنْكَ في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ‌إِذَا ‌دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: 24].

وقال سبحانه: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ‌ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 123-124].

عبادَ الله:

إن المؤمنَ الذي استسلمَ لله فصامَ لأجله، وامتنعَ عن رَغَباته الطَّيِّبةِ امتثالًا لأمر الله، حَرِيٌّ به أن يستسلم لله في كل شيء، في بيعه وشرائه، في حُكمه وقضائه، في زواجه وطلاقه، في بيته وعمله.

أيُعقل أن يستسلمَ مسلمٌ لأمر الله بالصوم، ثم يأتيَه الأمر من الله أو من رسوله ﷺ، ويردَّه، أو يتوقَّفَ فيه؟ أو يقولَ: لا أمتثلُ حتى أقتنع، أو حتى أدركَ الحكمةَ والغاية؟ ولربما ردَّ حكمَ الله زاعمًا أنه يخالف المصلحة، أو يعارض الواقع المعاصر.

كل أولئك لم يستسلموا لله كما يحبُّ ويرضى.

إنه لا أحدَ أقومَ هديًا، وأقومَ سبيلًا، من عبد أسلم واستسلم لأمر الله، الذي تمت كلماتُه صدقًا وعدلًا وحقًّا ورحمةً وإحسانًا.

قال الله تعالى:﴿‌وَمَنْ ‌أَحْسَنُ ‌دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: 125].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

point.png    point.png    point.png

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

إخوةَ الإسلام:

إن الاستسلامَ لله عُنوانُ حياة المؤمن، في كلِّ شُؤون حياته، دونَ انتقاء أو ضِيق.

قال الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا ‌فِي ‌السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: 208] أي في الإسلام وشرائعه كلِّها.

لقد كان النبيُّ ﷺ يستفتح صلاةَ الليل قائلا: «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ». رواه البخاري ومسلم([3]).

ويختم يومَه على فراشه قائلا: «اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ..» رواه البخاري ومسلم([4]).

ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم غايةً في التسليم والاستسلام لأمر الله تعالى.

ها هم تنزل عليهمُ الآياتُ بتحريم الخمر وفيها بيانُ الحكمة، قال الله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ ‌مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: 91].

لما نزلت الآياتُ قالوا: «انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا». رواه الترمذي([5]).

ولما نزلت آياتُ الحجاب بادرت المؤمناتُ إليه، دون جدال أو تردُّد.

فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31] شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا». رواه البخاري([6]).

لقد كان أحدُهم يسمع وصيَّةَ النبي ﷺ فيلزمها ولا يُفرِّط فيها.

ها هو جابر بن سُلَيْم يقول للنبي ﷺ: اعْهَدْ إِلَيَّ، فقَالَ: «لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا» قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا شَاةً». رواه أبو داود([7]).

هكذا أسلَموا فرضي اللهُ عنهم، وهكذا أخْبَتوا وانقادوا فحلَّت عليهم رحمة ربّهم ومغفرته، وهكذا ملَّكوا أنفسهم لربِّهم فملَّكهم اللهُ الدنيا ونصرَهم على عدوِّهم، ثم جعلهم ملوكًا في الجِنان، يتنعَّمون في رَوْحٍ وريحان.

اللهم من أحييته منّا فأحيِه على الإسلام، ومن توفيَّته منا فتوفَّه على الإيمان.

اللهم اجعلنا لك مسلمين، لك ذاكرين، لك شاكرين، لك مُخبتين، إليك أوّاهين منيبين.

اللهم انصُر عِبادَك المجاهِدين في سَبيلِك، ودَمِّر اليهودَ القتَلةَ الـمُجرِمين، ونجِّ برحماتك عبادَك المستضعَفين.

اللهمَّ وفِّق وليَّ أمرنا لِما تُحبُّ وترضى، وخُذ بناصيتهِ للبِرِّ والتَّقوى، ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخِرةِ حَسَنةً وقِنا عذَابَ النَّار.

عِبَادَ الله: اذكرُوا اللهَ ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوهُ بُكرةً وأصيلًا، وآخرُ دَعوانا أَنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.



([1])  جامع الترمذي (2981)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1820).
([2])  مسند أحمد (20022)، وحسنه الألباني في تحقيق كتاب الإيمان لابن تيمية (ص99).
([3])  صحيح البخاري (1120)، وصحيح مسلم (769).
([4])  صحيح البخاري (6311)، وصحيح مسلم (2710).
([5])  جامع الترمذي (3049)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (3255).
([6])  صحيح البخاري (4758).
([7])  سنن أبي داود (4680)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1109).

المرفقات

1712231499_الصيام وكمال الاستسلام A5.docx

1712231499_الصيام وكمال الاستسلام.pdf

1712231503_الصيام وكمال الاستسلام.docx

1712231525_الصيام وكمال الاستسلام A5 (1).pdf

المشاهدات 399 | التعليقات 0