الصِّيَامُ-زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ

محمد البدر
1446/10/05 - 2025/04/03 09:02AM

خُطْبَةٌ عَنْ:الصِّيَامُ-زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ-محمد أحمد الذماري-جامع الشيخ صالح بن عبدالله العمودي رحمه الله-جدة التاريخية
 

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾.وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«صَعِدَ النَّبِيُّﷺالْمِنْبَرَ،فَقَالَ:آمِينَ آمِينَ آمِينَ،قَالَ:

أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ،فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ،فَمَاتَ،فَدَخَلَ النَّارَ،فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ،قُلْ آمِينَ،فَقُلْتُ:آمِينَ،قَالَ:يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ،فَمَاتَ،فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ،فَأُدْخِلَ النَّارَ،فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ،قُلْ آمِينَ،فَقُلْتُ:آمِينَ،قَالَ:وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ،فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ،فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ،قُلْ آمِينَ،فَقُلْتُ:آمِينَ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فالمستفيد حقاً مَنْ شَهْرَ رَمَضَانَ هو مَنْ كان حاله بعد رَمَضَانَ خير له مَنْ حاله قبله،وَمَنْ علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها،فاجعلوا مَنْ رَمَضَانَ مفتاح خير سائر العام،وحافظوا عَلَى الصلوات فِي أوقاتها جماعة فِي المساجد واحرصوا عَلَى بر الوالدين،وصلة الأرحام،والإحسان إلى الجيران،و السعي فِي أصلاح ذات البين،فكونوا نبعاً متدفقاً بالخير سائر العام.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾. وَقَالَﷺ:«تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَﷺ:«صَوْمُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.اعلموا أن عمل المؤمن لا ينقضي إلا بالموت،و لا يزال الصِّيَامُ مشروعًا فِي سائر العام، وَنذكركم بصِيَامِ السِّتَّةِ مِنْ شَوَّال فما زال فِي شهر شَوَّال متسع وبقية،فَلا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمُ الأَجْرَ ،وَلا يُشْتَرَطُ فِي صِيَامِهَا التَّتَابُعُ وَالأَفْضُلُ الْبَدَارَ مَادَامَتِ النَّفْسُ مُتَعَوِّدَةً عَلَى الصِّيَامِ،يَقُولُ الشَّيْخِ ابْنِ بَاز-رَحِمَهُ اللهُ: كُلِّ شَوَّال محل صوم،وَالأَفْضُلُ الْبَدَارَ،الأَفْضُلُ الْبَدَارَ بها قبل العوائق،سواء متتابعة، أو مفرقة، وإن صامها فِي آخر الشهر، أو فِي وسطه؛ فلا بأس،الأمر واسع،النبيﷺقَالَ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»رَوَاهُ مُسْلِم.ولم يحدد أوله،ولا وسطه،ولا آخره-عليه الصلاة والسلام-لكن الْبَدَارَ أفضل؛ لقول الله تَعَالَى عن موسى:﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ولقوله سبحانه:﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾وقوله-جل وعلا:﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾.إلخ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾.وَقَالَﷺ:«لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ:المَسْجِدِ الحَرَامِ،وَمَسْجِدِ الرَّسُولِﷺوَمَسْجِدِ الأَقْصَى»متفقٌ عَلَيْهِ.فَيسنُّ زِيَارَةِ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ وقصد الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ والسَّفر إليْه للصَّلاة فيه؛والزيارة مشروعة طوال العام وَفِي أي وقت،وهي محرمة حرمها النَّبِيُّﷺكما حُرمت مَكَّةَ فيحْرُم قطع شجرها،ويحرم الصَّيد،وحرمها ما بين الحرَّتَين الشرقيَّة والغربيَّة وبين جبلي عَيْرٍوَثَوْر قَالَﷺ:«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا لاَ يُقْطَعُ عِضَاهُهَا وَلاَ يُصَادُ صَيْدُهَا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:«الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ»متفقٌ عَلَيْهِ.

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:وَمِنْ فَضائلُ زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ أن الصلاة فيه بِأَلْفِ صَلاَةٍ قَالَﷺ:«صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»متفقٌ عَلَيْهِ.وَمِنْ الفَضائلُ:الصلاة في الروضة قَالَﷺ:«مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي»متفقٌ عَلَيْهِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾.وَقَالَﷺ:«مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَىَّ إِلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَىَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فيستحب للدَّاخل إلى الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ  زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّﷺوَقَبْرِ صاحبيْه،فيقف تِجاه القبْر بِأَدَبٍ وَاِحْتِرَاْمٍ وعدم رفع الصوت فيسلِّم عَلَى النَّبِيُّﷺ وَيَقُولُ:السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،ثمَّ يسلِّم عَلَى صَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ،السَّلَامُ عَلَيْك يَا عُمَرُ ويَنْصَرِفَ.

عِبَادَ اللَّهِ:وَيسنُّ لمَن زار الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ زيارة مَسْجِدَ قُبَاءٍ والصَّلاة فيه؛فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاقَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِﷺيَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:« مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ،فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً،كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاحْفَظْ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ

الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ،واصرِفْ عَنه بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ 

يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1743660124_الصِّيَامُ-زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ.pdf

المشاهدات 231 | التعليقات 0