الصوت الذي لا نريد _ سارة مطر

احمد ابوبكر
1434/12/24 - 2013/10/29 10:58AM
في منتصف شهر نوفمبر من عام 2011م، كنت في مدينة دبي لحضور فعاليات معرض الكتاب والمقام في الشارقة، أخبرتني إحدى الزميلات بعد أن انتهينا من المعرض أن نلتقي إحدى أهم الناشطات في حقوق الإنسان، في ذلك الوقت، كنت أسمع كثيراً عن منظمة حقوق الإنسان، ويستهويني جداً مسماها، لكني لم ألتق بحياتي كلها، شخصا يعمل تحت مظلتها، أو له اهتمامات متعلقة بهذه المنظمة. الصورة التي تخيلتها للناشطة، كانت بعيدة كل البعد حالما التقينا السيدة المتألقة، والتي بدت في غاية الأناقة وقد كانت ترتدي تنورة فوق الركبة، ويبدو أنها تهتم كثيراً بمظهرها. جلسنا في مقهى بسيط وكانت الناشطة متحدثة بارعة ولبقة وخفيفة الظل، حتى الآن عقلي لم يكن يستوعب جيداً، الصورة التي رسمتها للناشطين في هذا المجال، وبين هذه السيدة الظريفة. تحدثت بكل صراحة عن انغلاق المجتمع السعودي، وعن ضرورة البحث عن حلول سريعة لكي تنجو المرأة مما يحدث لها، نتيجة للسيطرة التي تُحكم عليها من قبل الأسرة والعشيرة والقبيلة والدولة أيضاً. بدت صادقة جداً وصوتها مليء بالأسى وهي تتكلم عن حقوق المرأة المطلقة والأرملة، تعاطفت مع القصص الكثيرة التي أدرجتها في أحاديثها، وشكرت الله في سري أنني لم أعش مثل هذه المصائب المُرعبة حيث وجدت أن الناشطة كانت متأثرة مما يحدث للنساء اللاتي تولت الدفاع عنهن. وبعد حديث طال لساعة، جاءت صديقتها لتسلم علينا، وتشاركنا الجلسة النسائية الحقوقية النشيطة، الصديقة بدت أقرب لهولاء الملقبين بـ«عبدة الشيطان»، وفجأة تحول الحديث سريعاً عن أهم البارات الموجودة في دبي، وبعض القصص اللاتي صادفتها الصديقتين أثناء سهرهما في أشهر بار في أحد الفنادق. للحظة توقف عقلي عن فهم ما يدور حولي، لم أستوعب الحديث الدائر بين الصديقات الثلاث، ولم أفهم ماذا يعني طرح مثل هذه الأحاديث! أعرف ما سيدور في رؤوسكم، لكل إنسان مساحة من الحرية الشخصية، أتفق معكم جداً، لكل إنسان حق أن يفعل ما يشاء دون قيود أو أحكام، إذا ما كان يعتقد أن ذلك يناسبه، لكن عني أنا شخصياً، كنت أظن نظراً لمعتقداتي البالية والقديمة أن النشطاء والمهتمين بالقضايا الإنسانية يمتلكون مبادئ حكيمة، أقرب لأن تكون مثالية، وإلا لما اهتمت الولايات المتحدة بأن يكون سجل رئيسها المقدم على الترشح خالياً من المغامرات العاطفية على سبيل المثال. كيف يمكن لي أن أثق بسيدة ترتدي فستاناً قصيراً، وتمز سيجارتها أمام المارة في المقهى المقابل للشارع، وتتحدث عن «الواين» الأبيض والأحمر، وتدافع عن حقوقي، كيف ستكون صورة مشرفة تدافع عن حقوقي الضائعة، إذا ما كانت تعتقد أن صوتها سيجلبها لي. أدون المقالة يوم الجمعة، أيّ قبل الحملة التي تقودها بعض النسوة في المملكة، من أجل الضغط على الحكومة وحملها على السماح للمرأة بالقيادة وذلك يوم السبت 26 أكتوبر، وقلبي يمتلئ حسرة، أريد لوطني الأمن والأمان بالتأكيد، ولكني لا أريد أن تكون هناك نساء مثل هذه الناشطة، هن من يقدن مثل هذه الحملات والتحدث بأصواتنا، نحن نريد نساء حقيقيات جداً من هذا الوطن الطيب، من يتكلمن بأصواتنا، لا نساء لأصواتهن رائحة الخمر!
المشاهدات 896 | التعليقات 0