الصلاةُ وأثَرُها عَلى عَقِيدَةِ المُسْلِمِ وسُلُوكِهِ

Not Rated
سعود المغيص
1446/10/12 - 2025/04/10 18:22PM

إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

أَمَّا بَعْدَ فيا عبادَ اللهِ :

اتَّقُوا اللهَ تعالى، واعْلَمُوا أَنَّ الصلاةُ لَها تَأْثِيرًا عَجِيبًا عَلى عَقِيدَةِ العَبْدِ وسُلُوكِهِ وأَخْلاقِهِ، مَتَى ما أَقامَها كَما أَمَرَهُ اللهُ.

أَمَّا أَثَرُها عَلى العَقيدَةِ: فَإِنَّ أَوَّلَ ما يَبْدَأُ بِهِ العَبْدُ في صَلاتِهِ حِينَ يَسْمَعُ النِّداءَ بِها، التَّكْبِيرِ، لِيَعْلَمَ الْمُسْلِمُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يَصْغُرَ وَقْتَ الصلاةِ والوُقُوفِ بَيْنَ يَدَي اللهِ، فَلا يَبْقَى في قَلْبِ العَبْدِ إلا ما يَتَعَلَّقُ بِهذِه العِبادةِ، لأنَّ ما يَتَعلَّقُ باللهِ وطاعتِه أكبرُ وأَهَمُّ وأعظمُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ.

وَمِنْ أَثَرِ الصلاةِ عَلى العَقيدَةِ: أَنَّ أَداءَها مَعَ الجَماعَةِ في الْمَسْجِدِ، سَبَبٌ لِلثَّباتِ عَلى الإسلامِ حَتَّى الْمَماتِ، قال ابنُ مَسْعُودٍ رضي اللهُ عَنْه: ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحافِظْ عَلى هذِهِ الصَّلَواتِ حَيْثُ يُنادَى بِهِنَّ )، أَيْ في الْمَساجِدِ.

فَمَنْ أرادَ الثَّباتَ عَلى الإسلامِ حَتَّى الْمَمَاتِ، فَيَمُوتَ مُسْلِمًا، ويُبْعَثَ مُسْلِمًا، فَلُيُحافِظْ عَلى الصلاةِ مَعَ الجَماعَةِ في المَساجِدِ.

وَمِن آثارِ الصلاةِ عَلى العَبْدِ : أَنَّها تَنْهَى عَن الوُقُوعِ في المَعاصِي والْمُنْكَراتِ، وَتَرْفَعُ مِنْ مُسْتَوَى أخْلاقِهِ، إذا أَقامَها العَبْدُ كَما أَمَرَهُ الله. قال تعالى: ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ). ونُلاحِظُ في الآيَةِ أَنَّ اللهَ أَمَرَ بِإِقامَتِها، لا بِمُجَرَّدِ الأَداءِ الظاهِرِ، ولا يَكُونُ ذلك إلا بِالإخْلاصِ، وَحُضُورِ القَلْبِ، ومُوافَقَةِ هَدْيِ النبيِّ صلى اللهُ عَليه وسلم في تَطْبِيقِها.

ومِنْ آثارِ الصلاةِ عَلى العَبْدِ : أَنَّها تُعِينُ عَلى ضَبْطِ النَّفْسِ، وَتَرْوِيضِها وَتَهْذِيبِها، والتَوَسُّطِ والاعْتِدالِ، وعَدَمِ الانْفِعالِ والتَضَجُّرِ، والبُخْلِ وشُحِّ النَّفْسِ، قال تعالى: ( إِنَّ الإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا * إلَّا المُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دائِمُون ).

ومِنْ آثارِ الصلاةِ: أَنَّها سَبَبٌّ لِصَلاحِ أَمْرِ المُسْلِمِ مَعَ أُسْرَتِهِ، وسَلامَتِها مِن التَشَتُّتِ والضَّياعِ وانْفِصالِ الزَّوجَيْنِ بِالطَّلاقِ وَغَيْرِهِ. فإنَّ اللهَ تَعالى، لَمَّا ذَكَرَ الطَّلاقَ وَأَحْكامَهُ وبَعْضَ أَحْكامِ النِّكاحِ والخُلْعِ في سُورَةِ البَقَرَةِ، ذَكَرَ بَعْدَها المُحافَظَةَ عَلى الصلاةِ، فَقالَ: ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ )، لِمَا فِيها مِن الإِعانَةِ لِلْعَبْدِ وتَحَمُّلِ الْمَشاقِ، والصَّبْرِ عَلى المَتاعِبِ التي تَعْرِضُ لَهُ، والحِرْصِ عَلى إيجادِ الحُلُولِ التي يَتَفادَى الزَّوْجانِ مِن خِلالِها ما قَدْ يَعْرِضُ لَهُما مِنْ مَشاكِلٍ. بَلْ هِيَ مِنْ أَعْظَمِ ما يُعِينُ عَلى تَحَمُّلِ الْمَشاقِّ وصُعُوباتِ الحَياةِ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ).

باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

 

الخطبة الثانية :

الْحَمْدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً .

أَمَّا بَعْدَ فيا عبادَ اللهِ :

ومِنْ آثارِ الصلاةِ : أَنَّها تُعِينُ الْمُؤْمِنَ عَلى تَنْظِيمِ وَقْتِهِ، واحْتِرامِ مَواعِيدِه، وإِدارَةِ عَمَلِهِ في اليَوْمِ واللَّيلةِ.

فَيَا مَنْ يُرِيدُ إصْلاحَ نَفْسِهِ وحالِهِ، فَلْيُحافِظْ عَلى هذِه الصلاةِ كَمَا أَمَرَ اللهُ، في الْمَسْجِدِ.

وَيَا مَنْ يُرِيدُ طَرِيقًا يَخْتَصِرُ عَلَيْهِ الجُهْدَ في تَرْبِيَةِ أَوْلادِه وأَهْلَ بَيْتِهِ، ويُغْنِيهِ عَنْ كَثِيرِ مِن الحُلُولِ، فَلْيأْمُرْهُمْ بِالْمُحافَظَةِ عَلى الصلاةِ، ولْيَجْتَهِدْ مَعَهُمْ في ذلكَ، وسَوْفَ يَرَى فِيهِمْ بِإِذْنِ اللهِ ما تَقَرُّ بِهِ عَيْنُه.

رَبَّنَا اجْعَلْنا مُقِيمِي الصَّلاةِ ومِنْ ذُرِّيَّتِنا، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءَنا.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنا لِلمُحافَظَةِ عَلى الصلاةِ، وَتَعْظِيمِ قَدْرِها.

اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكِ وشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبادَتِكَ.

اللهمّ وفقْنا لهداك، واجعلْ عملَنا في رضاك، وثبّتْنا على دينِك وطاعتِك حتى نلقاك .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين،

اللهم من أراد بلادنا والمسلمين بسوءٍ فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا له يا سميع الدعاء،

اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة لهم يا أرحم الراحمين،

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .

المشاهدات 720 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا وتقبل منا ومنكم