الصلاةُ خير موضوع

HAMZAH HAMZAH
1442/02/29 - 2020/10/16 12:35PM

خطبة : { الصلاةُ خير موضوع...}.
جامع الفهد بمحايل- د . حمزة آل فتحي

الحمدُ لله أنزلَ الآيات ، وفرضَ الصلوات، وأيقظَ البصائر النيرات ...
نحمدهُ على نعمه، ونشكرُه على مزيد فضلهِ ومننه..
أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ ، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبه أجمعين...
أما بعد :
أيها الناس :
هل يتحاملُ أحدُنا لأجلِ الصلاة، ويتعب من أجلها ، ...؟!
ويدرك أنها عملٌ صالح .. يفوق المالَ والطعام والشراب...؟!
نعم ... هي كذلك في حس أناسٍ آمنوا بربهم، واستعدوا للدار الآخرة ، ولم تزل قلوبُهم لها واعيةً، وآذانُهم عندها صاغية...!
قال الإمامُ حاتم الأصم رحمه الله : "فاتَتني الصلاةُ في الجماعة، فعزَّاني أبو إسحاق البخاري وحدَه، ولو مات لي ولد لعزَّاني أكثر من عشرة آلاف؛ لأنَّ مصيبة الدِّين أهون عند النَّاس من مصيبة الدنيا ".

صلاتُكم يا مسلمون : موضوعكم وسر وجودكم، ومصدرُ سعادتكم...
إنها من أعظمِ الأركان، ومن أجلّ الطاعات، وهي خير موضوع، وأزكى مشروع ، وضعه الله في الشرائع، وكتبه على عباده .
وجعله محلَّ اختبارهم وصلاحهم، فقد جاء في الحديث الصحيح، عند الطبراني وأحمد عن أبي ذَر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { الصلاةُ خيرُ موضوع، فمن شاءَ استقلّ، ومن شاء استثكر } .
فهي خيرُ عبادةٍ وُضعت واستقرت، جعلها الله بهيّة في شرعتها، وطيّبة في هيئتها، ومباركة في آثارها وأجورها، ومن وعى ذاك استكثرَ منها وتزايد، وحسّنها ، واعتنى بها، لأنها رأسُ مال العبد، ومنبعُ سعادته، وبوابة راحته الطيبة.
( وأقيموا الصلاةَ وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) سورة البقرة. وكان صلى الله عليه وسلم يردد( أرحنا بها يا بلال ).

فلن يجدَ المرءُ ملاذا ، ولا أنساً ، ولا راحةً مثل الصلاة ، وهو يستجمعُ حبَّها وفرضيتها وخشوعها وجمالها، وإن العبدَ ليعجبُ ممن اغتر بدنياه، وحمله شيطانُه على تركها أو التقصير فيها، وقد كانوا يعدون المسابقة في حفظها وأدائها في جماعة، وليس مجرد إبراء الذمة كما يفعل ذوو التقصير ، يقول ميمون بن مِهران رحمه الله، وقد أتى المسجدَ، فقيل له: إنَّ الناس قد انصرفوا، فقال: ( إنَّا لله وإنا إليه راجعون؛ لَفضل هذه الصلاة أحبُّ إليَّ من ولاية العراق ).

وقال محمد بن واسع: ( ما أشتهي من الدنيا إلَّا ثلاثة :
أخًا إن تعوَّجتُ قوَّمني، وقوتًا من الرِّزق، عفوًا من غير تَبِعة، وصلاة في جماعة يُرفع عنِّي سهوها، ويُكتب لي فضلها ).

والعبادُ مأمورون للعناية بالصلاة والمسارعة فيها، وتحسينها والاستكثار منها، كما قال هنا{ ومن شاء استكثر } . وفِي حديث آخر : { فأعني على نفسك بكثرة السجود } .
والمرادُ الصلاة، والسجود أبهى صورِها وأقرب أوصافها إلى المولى تعالى { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء } وهذا مكسبٌ عظيم من ورائها، صحةُ دعائها وقربه من الإجابة، وما أحوج المسلم إلى تحقق مسائله، وحيازة نواله، فضلا من الله ورحمة .{ وقال ربكم ادعوني استحب لكم }.

وفِي الصلاة : اجتماعُ الأمة الواحدة وتعارفهم، واتحادُ جسومهم وصفوفهم، المورث لوحدة الصف والقلب والعمل، وتباعدهم عن الخلاف والشحناء والقيام بمصالح بعضهم.
فهم يتلاقَون خمسَ مرات ، حبًا وتعارفا ،،وسلامًا واطمئنانا ، وهذا لا يكاد يُعرف في عبادة أخرى، ويتعاظمُ ذلك الفضلُ حينما يكون مثواهم ، ومرجعُهم إلى المساجد بيوت الله، المشعة بالنور والهداية والسعادة...!

فأيُّ فضلٍ تجمعه تلك الصلوات المباركات ( في بيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه ، يُسبح له فيها بالغدو والآصال، رجالٌ لا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيع عن ذكر الله ) سورة النور .
فأيُّ خيبةٍ وتعاسة تلتف بمن ضيّعها أو عاداها، وقد اشتهر قولُ الفاروق عمر رضي الله عنه ( لا حظَّ في الإسلام لمن تركَ الصلاة ).

فاللهمّ أعنَّا أدائها، وارزقنا خشوعَها وفلاحها، إنك واسعُ الفضل والمنة..!
أقول قولي هذا وأستغفر اللهَ لي ولكم.....
.......
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبا مباركاً فيه......
أما بعد
فيا أيها الإخوةُ الفضلاء :
فَضُلت الصلاةُ في دينكم، وفُضِّلت على شعائركم وأموالكم وأشغالكم، فقوموا بها خيرَ قيام، وأدوها أحسنَ تأدية....!
ومن المؤسفِ في هذه الأزمنة:
التساهلُ في أجلّ فريضة، وأطيب طاعة، أو أداؤها بلا خشوع، أو صلاتُها في البيوت بلا عذر، أو جمعُها وتأخيرها عن أوقاتها ، أو عدمُ دراية احكامها ، أو صلاتُها صلاةَ العوام ، أو فعلها كالعادات ، وليس قرباتٍ طيبات...!
قال عز وحل :( حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ).
ومن أخطائنا: تقديمُ الدنيا عليها، وقضاءُ المصالح دونها، وجعلها في آخِرِ الاهتمامات...!
وفعلُها بقلبٍ غافل، ولسان فاتر، ونفسٍ غيرِ مطمئنة ...!
وهذه من بلايانا هذه الأيام...!
وأما حينَ المأدبات وعدِّ الدريهمات، فتلحظُ منا النباهةَ والاستيقاظ، وذلك الحزم والانضباط....
والله المستعان ....!
صلوا الصلاةَ وكلُّها إحسانُ.... ينتابك الخيراتُ والايمانُ
واعمل لها كلَّ الجميل ففوحُها... زهرٌ يضوعُ وذلك الريحانُ
وفي آخر وصاياه عليه الصلاة والسلام:{ الصلاةَ، الصلاةَ ، وما ملكت أيمانكم}.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...

المشاهدات 621 | التعليقات 0