الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم

كامل الضبع زيدان
1436/08/19 - 2015/06/06 14:05PM
خطبة الجمعة بجامع الأخوين سحيم وناصر ابني الشيخ حمد بن عبد الله بن جاسم آل ثاني رحمهما الله تعالى.
الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم
آخر كلمات أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى كيف لا وقد كان يقول وجعلت قرة عيني في الصلاة ولطالما قال لبلال رضي الله عنه أرحنا بها يا بلال وكان كلما حزبه أمر أو همه هم فزع إلى الصلاة مستعينا بها على ما يعانيه من تبعات الرسالة وأعبائها ولقد قال له رب العالمين جل جلاله ولأمته {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.
وهي الصلة بين العبد وربه يقف فيها العبد بين يدي الله عزو جل في غاية الأنس بالله والشوق إلى لقاء الله عزو جل في أمن وأمان وطمأنينة وراحة بال ويهرب إليها من هموم الدنيا وأحزانها ومشاغلها مستعينا بربه عزو جل على هذه الهموم والأحزان فلا كاشف لهمه وغمه إلا الله الواحد القادر المقتدر جل جلاله ربنا العظيم. لذلك أمرنا ربنا العظيم بأن نأمر أهلنا بالصلاة ولا نكل ولا نمل في ذلك وأن نستنقذهم بها من النار قال الله عزو جل {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى} فالأرزاق يقسمها الله عزو جل هو الذي يعطي وهو الذي يمنع لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع فمن أراد الرزق الواسع فعليه بطاعة الله عز وجل وامتثال أوامره ومن أعظم هذه الأوامر بل أعظمها على الإطلاق بعد الشهادتين إقامة الصلاة كما أمرنا الله عزو جل ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان} رواه البخاري ومسلم إذا فهي الركن الثاني من أركان هذا الدين العظيم وهي خير الأعمال على الإطلاق قال الحبيب صلى الله عليه وسلم {استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة} وهي عمود الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين وكان من آخر كلام أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه (لاحظ في الإسلام لمن ضيع الصلاة).
إذا فهي أم العبادات وأساس الطاعات ونهر الحسنات الجاري على العباد والماحية للخطايا والسيئات قال الله عزو جل {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} وقال صلى الله عليه وسلم {أرأيتم لو أن نهرا باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء قالوا لا يبقى من درنه شيء قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا} رواه البخاري ومسلم وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر}.
وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله. وهي باب عظيم من أبواب الجنة قال الحبيب صلى الله عليه وسلم {من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح} رواه البخاري ومسلم. والآيات والأحاديث في فضل الصلاة كثيرة جدا ولكن ومع ذلك نرى كثيرا من المسلمين إلا من رحم الله يفرطون في أمر الصلاة ويا ويل من ضيع وفرط في الصلاة فقد أعلمنا ربنا جل جلاله ما أعده للساهين عن صلاتهم فقال جل جلاله {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} قال العلماء الذين يؤخرونها عن أوقاتها ولا يؤدونها في الأوقات التي حددها وبينها رب العالمين وأرسل جبريل عليه السلام وعلمها للنبي صلى الله عليه وسلم وقال جل جلاله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}.واسمع إلى قول سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو يقول (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله عزو جل شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها ـ صلاة الجماعة في المسجدـ إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين ـ لا يستطيع المشي على قدميه ـ حتى يقام في الصف) رواه مسلم هذا كان حالهم رضي الله عنهم ولكن حال الناس اليوم والصلاة والمساجد خير بقاع الأرض بيوت الله تشتكي إلى الله جفاء كثير من المسلمين وبخاصة صلاة الفجر والتي من تركها أو كانت عليه ثقيلة فهو على خطر عظيم لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا لو لم يستطيعوا السير على أقدامهم يأتوهما حبوا على ركبهم وأيديهم لينالوا الثواب العظيم مما أعده الله عزو جل لعباده إن هم استجابوا ولبوا نداء الله في هذه الأوقات التي يشق على العباد القيام فيها إلا من رحم الله من عباده الصادقين الذين آثروا ما عند الله على راحتهم وفزعوا وكبروا الله عزو جل وحق على الله فرضه على نفسه بنفسه رحمة بهم أن يكرمهم غاية الكرم وهو أكرم الأكرمين.
أحبتي في الله عزو جل الدنيا تزول بما فيها ومن فيها ولا يبقى للعبد إلا ما قدمه لنفسه مما أمره الله عزو جل به من أوامر وخير هذه الأعمال الصلاة علينا أن نهتم بها غاية الاهتمام ولا نقصر ولا نفرط فيها وأن نسعى إلى بيوت الله عزو جل لأداء فرائض الله عزو جل حيث ينادى بهن ونحن المحتاجون لذلك لننجي أنفسنا من عذاب الله عزو جل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله عزو جل غني عنا وعن العالمين لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين ولكن العباد هم أفقر ما يكونون إلى الله الغني الحميد وإذا علمنا أن الأموات يتمنى الواحد منهم لو أخرج من قبره وعاد إلى الدنيا ليقول سبحان الله فقط ثم يموت كما أخبر الصادق المصدوق فما بالنا وعندنا المتسع من الوقت وعندنا الفرصة والكثير منا يضيع الأوقات فيما لا يرضي الله عزو جل ويضيع فرائض الله وهو ولا شك سيندم يوم لا ينفع الندم ويا لها من حسرات أسأل الله لي ولكم السلامة والعافية والنجاة من عذاب الله في الدنيا والآخرة اللهم آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان
المشاهدات 3347 | التعليقات 0