الصحبة الصالحة وأثرها في الدنيا والآخرة | د. محمد العريفي

الصحبة الصالحة وأثرها في الدنيا والآخرة

إنّ الحمدَ لله, نَحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُهُ ونعوذُ باللهِ تعالى من شرورِ أنفُسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يَهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَه ومن يُضلِلْ فلا هادِيَ له

وأشهدُ أن لا إلَهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ جلَّ عن الشبيهِ والمَثيلِ والندِّ والنظير، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وخليلُهُ وخيرتُهُ من خلقهِ وأمينُهُ على وحيهِ، أرسلَهُ ربُّه رحمةً للعالمين وحُجَّةً عن العبادِ أجمعين فهدى اللهُ تعالى بهِ من الضلالةِ وبَصَّرَ بهِ من الجَهالَةِ وجمعَ بهِ بعدَ الفُرقَةِ ولَـمَّ بهِ بعدَ الشتاتِ فصلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ وعلى آلهِ الطيبينَ وأصحابهِ الغُرِّ الـمَيامين ما اتَّصلَتْ عينٌ بنظر ووَعَتْ أذُنٌ بخبَر وسلَّمَ تَسليماً كثيراً , أما بعد:

أيُّها الإخوةُ المؤمنون:

فطرَ اللهُ جلَّ وعلا الإنسانَ، وجعَلَهُ يَـميلُ بطبيعَتِهِ وفِطرَتِه إلى أشياء ، فجعلَ الرجلَ يميلُ إلى المرأة، وهي تميلُ إليهِ أيضاً، وجعلَ الإنسانَ يُحِبُّ المالَ حباً جَمّاً طبعاً وفِطرَة، وجعلَ الأبَ يَحنو على ولَدِهِ ويَعطِفُ عليهِ كثيراً بِفطرتِه, وإنَّ مـمَّا فطرَ اللهُ سبحانه وتعالى الناسَ عليهِ أن يكونَ للمرءِ صديقٌ وخِلٌ يُؤنسُه، فإمّا أن يكونَ له صديقٌ وخليلٌ دائم، أو أن يكونَ صديقاً عاماً أو زَميلاً يرافقه في الطريق .

ولقد جعلَ اللهُ تعالى شريعةَ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم مُقَيِّدَةً وضابِطَةً لهذهِ الفِطَرِ التي فطرَهم عليها, فلم يَمنعِ اللهُ تعالى الأبَ من أن يُحِبَّ ولَدَهُ ويحنو عليه ، ولم يَمنعِ الإنسانَ أن يُحِبَّ المال ويسعى لاكتسابه ، ولم يمنعِ العبدَ من أن يكونَ لهُ صديقٌ يؤنسه ؛ لكنَّ ربَّنا جلَّ وعلا جعلَ لكلِّ ذلكَ ضوابِطَ وآداباً وأحكاماً.

 

أيُّها الأحبّةُ الكرام :

سنتكلمُ اليومَ عن فِطرةٍ فَطَرَ اللهُ تعالى الإنسانَ عليها، وجعلَ لها ضوابطَ إذا عَمِلَ بها يَرفَعُهُ اللهُ تعالى عنَدُه درجات، بل ربَّما وصلَ إلى موطنٍ يَغبِطُهُ فيهِ الأنبياءُ والشُّهَداءُ، وربَّما ضَلَّ الإنسانُ بسببِها ونالَ البوارَ والخُسران؛ ألا وهي: اختِيارُ الصديق.

فالمصاحبة والصداقة  مما حثّ الإسلام عليها، ورغّب في السعي إليها، فهي تدعيمٌ للعلاقات الاجتماعية، وتقويةٌ للمَودات، وشدٌّ لأواصرِ الصِّلات.

والصديق من ضرورات الحياة، وطبائع البشر، وما أظنّ أنه يمكن لأحدٍ منا أن يستغني عن صديقٍ في هذه الحياة .

فكيفَ يختارُ الإنسانُ صديقَهُ؟

 وما مُميِّزاتُ الصديقِ الذي يَنبغي أن يحرصَ العبدُ على مُصاحَبتِه؟

 وكيفَ يُردي الصديقُ صديقَهُ؟

وكيف يرفَعُهُ عندَ اللهِ تعالى درجات؟

وكيف أوصى اللهُ تعالى باتِّخاذِ الأصدقاء؟ وكيف تكلمَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام عنهم، وذكرَ الآدابَ معهم؟

يقولُ نبيُّنا صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» رواه أحمد وأبوداود ، أي:المرءُ على دينِ مَن يُصاحِبُ ويَتخِذُهُ خليلاً مُقَرَّباً.

وكأنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام يُنَبِّهُ هنا إلى أنَّ المرءَ إذا صاحبَ السيِّئين، ربَّما جَروهُ إلى ما يَقَعونَ فيهِ من أخطاءَ حتى لو لم يَشعُرْ بذلك؛ ولذلك قالَ رَبُّنا جلَّ وعلا مُوَجِّهاً نبيّنا عليه الصلاة والسلام: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} يعني إن كُنتَ مُريداً لصاحِبٍ أو صديقٍ أو أخٍ فاصبِرْ نَفسَكَ معَ هؤلاءِ حتى يُعينوكَ على طاعةِ اللهِ جلَّ وعلا.

أيُّها المسلمون :

قال نبيُّنا صلى الله عليه وسلم مُوضِّحاً أثرَ الأصدقاء: " مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: - أي الذي يبيعُ العِطرَ- إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً " رواه البخاري ومسلم.

ومعنى:"إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ": أي: إنَّ بائِعَ المسكِ يُعطيكَ من عِطرِهِ إذا جئتَ إليه، بأن يَضَعَهُ على ثِيابِكَ أو طَرَفِ يَدِك، وهكذا هو الصديقُ الصالحُ فإمَّا أن تَتَأثَّرَ أنت بأخلاقِهِ وطِباعِه، فإذا كانَ كثيرَ الذِّكرِ تأثرتَ بهِ فصِرتَ كثيرَ الذِّكرِ مثلَه، وإن كانَ حريصاً على التبكيرِ إلى الصلوات، غَدَوتَ مُنافِساً له، وإن كانَ ذا أخلاقٍ عاليةٍ، وكانت ألفاظُهُ حسنةً وجدتَ أنَّ ألفاظَكَ تَتبَعُ ألفاظَه، وكذا إن كانَ بارّاً بوالِدَيه، أو أميناً في تجارَتِه، أو حريصاً على القيامِ بعملِه ووظيفَتِه، نشيطاً في الاستيقاظِ مُبَكِّراً، تجدُ أنَّكَ تتأثَّرُ بهِ حتى ولو لم تَشعُرْ بذلك.

ومعنى: " وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً " فحامِلُ المسكِ هذا، إن عَدِمْتَ هَدِيَّتَه، ولم تَنَلْ من عِطرِهِ شيئاً، فإنَّكَ سَتَجِدُ منهُ بلا شَكٍّ رائِحَةً زكيّةً تُنعِشُ النَّفْسَ، وكذا الجليسُ الصالحُ فإنك إن لم تتأثرْ بهِ وبأخلاقِه الحميدَةِ، فإنك ستكسَبُ سمعةً طيِّبةً جرّاءَ مُصاحَبِته، فإذا رآكَ الناسُ معهُ قالوا: ما شاءَ الله! فلانٌ يمشي مع هذا الرجلِ الطيِّب، هنيئاً له، وإذا سُئِلَ الناسُ عنكَ؟ قالوا: ما دامَ أنَّ صديقَهُ فلانٌ العاقلُ الصالح، فاعتَبِروهُ من الصالحين، فهو إمَّا مُؤثِّرٌ فيكَ بالخير، أو مُكسِبُك سمعةً طيبة

 

أيُّها الأحبَّةُ في الله :

أما صاحبُ السوء؛ فقال عليه الصلاة والسلام فيه: كَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً" ونافِخُ الكير: هو الحدَّادُ الذي يَنفُخُ على الحديدِ فيتطايَرُ الشرار، فإذا وقفتَ عنده، إما أن يتطايرَ بعضُ الشرارِ على ثوبِك فيُحرِقَه، أو تَشُمَّ منهُ رائحةً خبيثة.

فقوله:" إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ " هو كنايةٌ عن الضرَرِ الحاصلِ بمرافَقَةِ صديقِ السوء، فقد يكونُ ضرراً سريعاً فيؤثِّرُ فيك مُباشَرَةً، وقد يكونُ بطيئاً فيؤثرُ فيك لكن مع مُرورِ الوَقت، فإذا صاحبتَ إنساناً مُحتالاً، أو عاقّاً لوالِدَيه، أو شارِباً للخَمر، أو مُكثِراً للسفَرِ بقصدِ الوقوعِ في الفواحِش؛ فهذا قد يؤثرُ فيك مُباشرةً فتغدو مثلَه، فإن لم تتأثرْ بهِ ولم تَشتَقْ إلى ما يَفعل، فسيُزَيِّنُ الشيطانُ لك فعلَه ويُجمِّلَه في عَينِك، مرةً بعدَ مرةٍ حتى تَقعَ في شِراكِ فِعلِه، فإنَّه حينئذٍ سـ "يحرقُ ثيابَك".لا مَحالَة.

وقولُه:" وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً " فإنه إن لم يُصِبكَ شررُ نافِخِ الكير، ولم تتأثَّرْ في ذاتِك، فإنَّك ستَشُمُّ منه رائحةً نَتِنَةً، وكذا جليسُ السوءِ إن حماكَ اللهُ من خِصالِهِ السيئةِ ولم تَقَعْ فيما وقعَ فيه، فإنك لن تُعدَمَ عندَها أن تنالَ نصيباً من السُّمعةِ السيئةِ بمرافقتِك له، فعندَها يقال: والله! رأيناهُ خارجاً من بيتِ فلان، أو رأيناهُ راكباً مع فلانٍ في سيارته، أو فلانٌ يتصلُ بهِ كثيراً.

 

أيُّها الأحبَّةُ الكرام:

كان السلفُ الصالحُ رحمهم الله يَحرِصونَ على مُصاحَبَةِ الأخيارِ والصالحينَ أشدَّ الحرصِ، ويَجتنِبونَ أهلَ السوءِ والعطالَةِ ممن قد يُؤَثِّرُ فيهم بألفاظِهِ أو بأفعالِه, قال إمام التابعين الحسنُ البصري رحمه الله تعالى: استَكثِروا من الأصحابِ الصالحينَ في الدنيا، فإنَّهم يَنفَعونَ يومَ القيامة.

قيلَ لَهُ: كيفَ يَنفَعون؟

فقال الحسن البصري: بينما أهلُ الجنةِ في الجنة، إذْ تَذاكَروا أصحابَهم في الدنيا وأحوالَهم، فيقول قائلُهم: ما فعلَ صديقي فلان؟- أنا كانَ عندي صديقٌ في المدرسةِ، أو ربما في الحيِّ الذي أسكنُ فيه، أو في الجامِعَةِ، أو في العملِ معي- لا أراهُ في الجنة، ما فعلَ صديقي فلان؟ فيقالُ: هو في النار، فيقولُ هذا المؤمنُ: يا ربِّ لا تَكتَمِلُ لَذَّتي بالجنةِ إلَّا إذا كانَ معي صديقي فلان، عندَها يأمُرُ اللهُ تعالى فَيُخرَجُ صديقُهُ من النار إلى الجنة - لا لأجلِ عملٍ صالحٍ من قيامِ ليلٍ أو صيامِ نهارٍ أو قراءَةِ قرآنٍ أو صدقَةٍ، وإنما شفعَ له صديقُه فإكراماً لصديقهِ الذي في الجنةِ أُخرِجَ هذا إليه- فيقولُ أهلُ النارِ: عَجَباً! مَن شَفَعَ لَه؟أأبوهُ شهيدٌ؟ فيقالُ: لا، أأخوهُ شهيدٌ؟ فيقال: لا، أشفعت له الملائكةُ أو الأنبياء؟ فيقال: لا، وإنما شفعَ لهُ صديقُهُ فلان! عندَها يقولُ أهلُ النارِ: {فَمَا لَنَا مِن شَافِعِين* وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيم * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين } يا َليَتنا نَرجِعُ إلى الدنيا لنُعيدَ النظرَ في أصحابِنا.

أيُّها المؤمنون:

ذكرَ الله جل وعلا حالَ من اتَّخَذَ صاحباً سيئاً، يَدُلُّه على طُرُقِ الغِوايةِ والمعاصي، ويدعوهُ إلى المشاركةِ فيها، يقول الله جل وعلا: { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ } يوم القيامة { يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً } يا ليتَني مَشَيتُ على الطريقِ الذي دَلَّنا عليه الرسول، لكن عجباً! ما الذي مَنَعَكَ أن تتخِذَ معَ الرسولِ سبيلا؟ ألم يَكُنِ السبيلُ واضِحاً أمامَك؟ ألم تكن الـحُجَّةُ بَيِّنَةً ظاهِرَةً فما الذي منعك؟ {يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا}.لقد كنت أجالسه وأسامره،فلا أكاد أنفك عن رؤيته، وربما تركت أولادي الساعات الطوال لأجلس معه { يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً }.

فلمَّا اتَّخَذْتَهُ خليلاً، ماذا أثَّرَ فيك؟ وماذا أثَّرَ في حياتِك؟ { لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً } فصاحبُ السوءِ هو الذي لا يُشَجِّعُكَ على الصلاة، ولا يُشجعك على بِرِّ الوالدين، وإن رأى منكَ سوءً زادك  وشَجَّعَكَ عليه، وإن رأى منك خيراً رَدَّكَ عنه، وربما خَذَّلَك عنه، فلا تَسمعُ منه إلا الكلامَ السيِّءَ والأخبارَ القبيحة، لكنَّ الإنسانَ الحسنَ هو الذي يَجُرُّكَ إلى الخيرِ ويَدُلُّكَ عليه.

وإنَّنا حينَ نتحدَّثُ عن اختيارِ الصاحبِ الصالح، فلا يَعني أنَّ الأمرَ مُتعلِّقٌ بنا معشرَ الآباءِ والأمهات فقط، بل يجبُ علينا أن نختارَ أصدِقاءَ أبنائِنا، وألّا نَدَعَهم لعواطِفِهم دونَ توجيهٍ مِنّا، فكم من صديقٍ أردى صديقَه؟ ولو ذهبتَ اليومَ إلى السجونِ ورأيتَ من ابتُلِيَ بالمخدراتِ أو القتلِ أو السرِقَة؛ لوجدتَ أنَّ أكثرَهم ما دخلَ في هذا البلاءِ إلّا بسببِ أصدقائِه، فهم الذين جَرّوه إلى ذلك.

وقد رأينا واللهِ عجائِبَ في مثلِ هذا، فيَنشأُ الشابُّ صالحاً، ثم يَتعَرَّفُ على رُفقَةٍ سيئةٍ فيَجُرونهُ إلى مفاسد ومهالك بطولِ جلوسِهِ مَعَهم وغفلَةِ والِدَيه,

ولذلكَ ينبغي علينا أن نحرِصَ على صحبتِنا ومن نُجالسهم، هل يرفعوننا أم يَخفِضونَنا؟وأن نحرص على صحبةِ من نعولُ من الزوجاتِ والأولاد، سواءً أكانت الصُّحبةُ المباشرة ممن يجالسونَهم، أو الصحبةُ غيرِ المباشرة من الأصدقاءِ الذينَ يُراسِلونَهم عبرَ تويتر والفيسبوك وغيرِها من وسائلِ التواصلِ الاجتماعي، فلهم اليوم من التأثيرِ عبرَ كتاباتِهم وصورِهم ومقاطِعِهم الشيءِ الكثير، فينبغي أن تحرِصَ على التدقيقِ في ذلك بالأسلوبِ الحسنِ المناسب، وأن ندعوَ اللهَ تعالى لهم بأن يَحفَظَهم من صُحبةِ السوء، لعلَّ اللهَ تعالى أن يَستجيبَ لنا، فَيُقِرٌّ بذلك أعيُنَنا.

أسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن يجعلَنا ممن يَصحبونَ الأخيار، وأن يحفظَنا وذرياتِنا من صحبةِ الأشرار، وأن يجمعَنا بمن نُحِبُّ في جناته.

أقولُ ما تَسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ الجليلَ العظيمَ لي ولكم من كلِّ ذَنْبٍ، فاستغفِروهُ وتوبوا إليه، إنهُ هو الغفورُ الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانهِ والشكرُ له على توفيقهِ وامتنانهِ وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له تعظيماً لشأنه وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ الداعي إلى رضوانهِ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آلهِ وإخوانهِ وخِلَّانهِ ومن سارَ على نَهجِهِ واقتَفى أثَرَهُ واستَنَّ بسُنتهِ إلى يومِ الدين , أما بعد:

أيُّها الأحبَّةُ في الله :

الزموا صحبة الأخيار ومودة المتقين الأبرار الذين تزيدكم صحبتهم استقامة وصلاحاً ،فإن صحبة هؤلاء تورث الخير في الدنيا والآخرة، ولها ثمرات طيبة، وآثار مباركة؛ ولذا أمر الله سبحانه نبيه بها، فقال جل ذكره: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)

وعليكم بإخوان المودة والصفاء من المؤمنين ,فهم خير مكاسب الدنيا، زينةٌ في الرخاء، وعدّةٌ في الشدة والبلاء ، ومعونة على خير المعاش والمعاد، إن جالستهم نفعوك، وإن شاورتهم نصحوك، وإن غبت عنهم حفظوك , ولذلك قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لا تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ. رَواهُ ابْنُ حِبّان.

 

اللهمَّ إنا نسألُكَ من الخيرِ كُلِّهِ عاجلهِ وآجلهِ ما علِمنا منهُ وما لم نَعلَم ونعوذُ بكَ رَبَّنا من الشرِّ كلِّهِ عاجلهِ وآجلهِ ما علِمنا منه وما لم نعلم اللهمَّ اغفِرْ لنا ولإخوانِنا الذينَ سَبَقونا بالإيمانِ ولا تَجعَلْ في قلوبِنا غِلًّا للذينَ آمنوا رَبَّنا إنَّك رؤوفٌ رحيم

 اللهمَّ إنا نسألُك أن تُصلِحَ أحوالَ المسلمينَ في كلِّ مكان اللهم أصلِحْ أحوالَ المسلمينَ في كلِّ مكان .

اللهمَّ وفِقنا لفعلِ الخيراتِ وتركِ المنكراتِ وحُبِّ المساكين ، اللهمَّ اغفِرْ لنا ولآبائِنا وأمهاتِنا اللهمَّ من كانَ منهم حياً فمتِّعْهُ بالصحةِ على طاعتِك واخْتِمْ لنا ولَه بخير ومن كان منهم مَيِّتاً فَوَسِّعْ له في قَبْرِهِ وضاعِفْ له حسناتِه وتَجاوزْ عن سيئاتِه واجمعْنا بهِ في جنَّتِك يا رَبَّ العالمين اللهمَّ أصْلِحْ أحوالَ المسلمين في كُلِّ مكان

اللهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الـمَهْمومين، ونَفِّسْ كَرْبَ الـمَكْروبين واقْضِ الدَّينَ عنِ الـمَدينين ، واشْفِ مَرْضَى الـمـُسلِمين .

اللهمّ لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته ، ولا همّاً إلا فرّجْته ، ولا دَيناً إلا قضيته ، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته ، ولا عقيماً إلا ذرية صالحةً رزقته، ولا ولداً عاقّاً إلا هديته وأصلحته يا ربَّ العالمين .

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.

 اللهمَّ صَلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما صليتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ وبارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حميدٌ مَجيد سبحانَ ربِّكَ ربِّ العِزَّةِ عمَّا يَصفونَ وسلامٌ على المرسلينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمين. 

المرفقات

الصالحة-وأثرها-في-الدنيا-والاخرة-1

الصالحة-وأثرها-في-الدنيا-والاخرة-1

الصالحة-وأثرها-في-الدنيا-والاخرة-1-2

الصالحة-وأثرها-في-الدنيا-والاخرة-1-2

المشاهدات 27041 | التعليقات 0