الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه
أحمد عبدالله صالح
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
{الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه }
إعــــداد وتنظــيم وإلقـــاء :
الاستـــاذ/ احــمــد عبـدالله صــالح
خــطيب مســجد بــلال بن ربــاح
الجــمهــوريه اليـمنيه - محــافظـة إب .
ألـقيت في 1 ابـريل 2016 م
الموافق 23 جمــاد الاخـــر 1437 هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايهــا الأحبــاب الكـــرام :
أجدد الترحيب بكم من هنا من منبر المصطفى صلى الله عليه وسلم ولنعيش مجدداً وفي نصف ساعةٍ تقريباً بصحبة صحابي جليل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ومع رجلٍ عظيم حوى لؤلؤة السياده ، وتملّك زمام القياده ..
بهرَ الناس بشجاعته ، وبزّهم ببيانه ، وفاقهم برأيه وحكمته ..
كان من اعظمِ الناس جَنَاناً ، وأقومهم سلطاناً، وأصدقهم هدىً وإيماناً .
كان من جيل القرآن الذين تربّوا على مأدبته ينهلون بلا ارتواء ، ويعملون بلا انقضاء ، ويمضون على اهتداء ..!
رفعَ الاسلامُ من بطولته ، واعلا من كلمته ، وزاد من فضله وقيمته..
لم يكن ليسعدَ بلا ايمان ، ولا ليعزَ بلا قرآن، فسارع رضي الله عنه وارضاه مع المسارعين وبادر مع المبادرين ، وسابق مع المتسابقين، وجانب طرائق المخالفين.!
وما إن غمرته السعاده ، واحتواه الايمان ، وخالطت العقيده بشاشة قلبه إلاّ وقام ينفضُ غبار الوثنية ، ويجعل النخوة الجاهليه نخوةً اسلاميه :
تُقيمُ الحق ، وتزهقُ الباطل ، وتصلح الخلل والاعوجاج .!
فهو في اول ايام إسلامه داعيةً صداح ، وخطيباً مفوه ، يَصبُ الكلمات صباً ، وينشرها اريجاً ومسكاً ، ويؤلفها ريحاناً وعطراً .
نادى في قومه أن لاعزّ لكم إلاّ بالإسلام ، ولا حياة لكم إلاَ بالإيمان فقال لهم ووجهه مشرقٌ بالإيمان وقلبه غامرٌ بالسعاده :
( يابني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري معكم ؟!
قالوا : سيدنا وافضلنا رأياً وأيمننا نقيبه ..
فقال : فإن كلام رجالكم ونسائكم علىّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله ) ..
لقد شقّت هذه الكلمات دياجير الظلمات وأعادت في المدينه البسمه بعد التعاسه والنكبات .
فما أمسى فيهم رجلٌ ولا أمرأه إلاّ مسلماً ومسلمه سوى رجلٌ واحد ..
فياترى من هذا الهادي المعلم ..؟!
ومن هذا الناصحُ الأمين .؟!
ومن هذا الاسدُ العملاق ؟!
ومن هذا الفيلسوف البارع .؟!
ومن هذا القائد الشجاع .؟!
انّه الصحابيُ الجليل الذي ما اهتز لموته جبل
ولا اهتزت ارض .!
إنّما اهتز لموته عرش الرحمن ..!
انّه الصحابي الملهم ( سعد بن معاذ رضي الله عنه وعن الصحابه اجمعين )
هو ابن النعمان السيد الكبير الشهيد ابو عمرو الأنصاري الاوسي الاشهلي البدري ..
ولد في السنه التاسعه عشره قبل الهجره ..
وأسلم رضي الله عنه وارضاه قبل الهجره وعمره واحداً وثلاثون على يد الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنهما ..
كان رجلاً ابيضاً طوّالاً ، جسيماً ، أعيناً ، حسنَ الوجه ، حسنَ اللحيه .
شهِدَ بدراً وأُحداً ورُميَ يوم الخندق فعاش بعدها شهراً ثم انتفض جرحه فمات على اثره .
احبابي الكرام روّاد مسجد بلال بن رباح :
ذلك الرعيلُ المؤمن اخرج لنا سعد بن معاذ الامير القائد ، والبطل المجاهد ...
فتعالوا معي على جناح السرعه لنسمع لشيءٍ من أخباره ، ونجني من أزهاره واعطاره من الدروس والعبر المفيده التى نحتاجها في حياتنا ..
ففي غزوه بدر الگبرى عقد الرسول صلى الله عليه وسلم مجلساً عسكرياً استشارياً لملاقاة المشركين وصدّ عدوانهم خارج المدينه فجمع في هذا المجلس كبار الصحابه وطلب مشورتهم :
فقام ابوبكر الصديق رضي الله عنه فقال وأحسن
ثم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال وأحسن .
ثم قام المقداد بن عمر رضي الله عنه فتكلم وأحسن .
وبعد سماع النبي الكريم لهؤلاء الثلاثه القاده
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" أشيروا علىّ أيَّها الناس "
ففطن قائدُ الأنصار سعد بن معاذ لمايريده رسول الله فقال سعد :
والله لكأنّك تريدنا يارسول الله .؟!
قال : اجل .
فقام عندها سعد بن معاذ وهو يجلجل بكلماته ويقول :
لعلك تخشى ان تكون للأنصار حقاً عليها ان لا تنصرك إلاّ في ديارهم !!
وانّي من هنا اقول عن الأنصار وأُجيب عنهم :
فاظعن حيث شئت يارسول الله ، وصِل حبل من شئت ، واقطع حبل من شئت ، وخذ من أموالنا ماشئت ، واعطنا ما شئت وما أخذت منا يارسول الله كان أحبّ إلينا مما تركت ، وما أمرت فيه من امر فنحن تبعٌ لأمرك ، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ماتخلف منا رجلٌ واحد ، وما نكره ان تلقى بنا عدونا غداً وإنّا لصبرٌ عند الحرب ، صدقٌ عند اللقاء لعل الله ان يريك فينا ماتقر به عينك ."
ما أجملها من كلمات ! وما اروعها من عبارات !
لقد وثّقَ سعد بن معاذ بهذه الكلمات الرنانه البيعه الصادقه، وزاد من تأكيدها ، مقرراً خوض المعركه بالأنفس الباسله التى تجتاح جموع الشرك في اشد الاوقات واحلك الظروف .!
إنّها شعار الإقدام والبساله ، وعنوان التضحيه والجسارة .!
فلسنا على الاعقابِ تُدمى كلومنا
ولكن على أقدامنا تقطر الدما
تأخرتُ استبقي الحياة فلم اجد
لنفسي حياةً مثل ان اتقدما
نفلقُ هاماً من أناسٍ اعزةٍ علينا
وهم كانوا اعقّ واظلما
لقد تهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم على وقع هذه الكلمات وسُرّ لكلام سعد سروراً كبيراً ثم قال:
"سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأنّي الآن انظر الى مصارع القوم ".
اخــــواني واحبـــــابي الكـــــرام :
وفي وقتٍ اخر ، وموقف اخر ، ومشهدٍ اخر ، وغزوةٍ اخرى وفي ساعةٍ نكباء مدلهمه كما قال عنها الله :
( إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا • هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ) الأحزاب (10)( 11 )
انّه يوم الخندق ورسول الله يريد ان يفاوض غطفان على ثمار المدينه مقابل الرجوع بجيشهم
فيستشير الرسول الكريم السعدين :
سعد بن معاذ ، وسعد بن عباده في محاولة فك الحصار عن المدينه بعد ان طوقها الكفره فقال حينها السعدين لرسول الله :
يارسول الله إنّ كان الله امرك بهذا فسمعاً وطاعه وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجه لنا فيه ،
لقد كنا نحن وهولاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان وهم لايطمعون ان يأكلوا منها ثمرة إلا ضيافةً او بيعاً ، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له واعزنا بك نعطيهم أموالنا !!!!
والله لا نعطيهم إلا السيف فصوّب الرسول صلى الله عليه وسلم رأيهما وقال :
" إنّما هو شيء اصنعـــــه لكم لمّا رأيت العرب قد رمتكم عن قوسٍ واحده "
لقد طغت قوة الايمان على الحسابات العسكريه والخطط الاستراتيجية التى اذا بولغ بها فيها زعزعت العقيده وأورثت فزعاً واضطراباً وجُبناً وانكساراً ..!
فهذه الكلمات العظام شعّت باليقين الراسخ الذي هدهدَ غطرسة الشرك ، وفلّ جموع الباطل ، واحيا مادة النصر، ورفرف بيارق العز والسعاده :
( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج (40)
احبــــابـي وإخــــواني الكـــرام :
وفي ساعةٍ اخرى شديده تدنو فيها سهام الموت ويتسع البلاء بسعد بن معاذ رضي الله عنه
فأصيب في يوم الخندق بسهمٍ صدّ من تقدمه
وأوقف جهاده وإصراره ، لكنه رضي الله عنه وارضاه لم يفقد الأمل ولم يتذرع بالوجع بل يصنع الطموح في وقت الجراح ويُولّد العزيمه أثناء الكروب والشدائد ..!
ففي مسند احمد بسندٍ حسن قال سعد بن معاذ عندما أصابه السهم يوم الخندق ...
واسمعوا لهذه الكلمات الذهبيه التى نطقت بها لسان الصدق والزهد والشجاعه والورع :
" اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها !!
مازالت نفسه تتوق لقتال المشركين .!
مازالت نفسه تتعطش للجهاد في سبيل الله .!
مازالت نفسه تتمنى الذود عن دينها وعقيدتها .!
" اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها، فإنَّه لا قوم أحبّ إليّ من ان اجاهدهم فيك من قومٍ آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه .!
ثم قال : اللهم ان كنت وضعت الحرب بيننا فاجعلها لي شهاده ولا تُمتني حتى تُقرّ عيني من بني قريظه "
يا لها من كلمات ! ويا لها من امنياتٍ !
يا لها من عباراتٍ سطرها التأريخ بحروفٍ من ذهب لتكون عبرةً للأجيال تلو الأجيال الى قيام الساعه .
من يجود بمثل هذه الكلمات في موطن البلاء والسقم ..!
من يعالج في نفسه حبّ الدعة والارتياح ..!
من تشتاق نفسه لميادين الرهب والخوف .!
انه لقلب المؤمن الذي أشرق بالقرآن وامتلأ بالإيمان .
انه قلبُ سعد بن معاذ الذي لم يُقِمْ للدنيا وزناً
ولم يرفعْ لها رأساً ، ولم يهبها عقلاً او بالاً .!
لقد صانه الله من ان يكون من عبيد الدنيا ، ومن ان يكون ممن يلهثون وراء فتاتها ، ويخدعون بمفاتنها وبضلها المزيف وسرابها الخادع .!
فبات رضي الله عنه وارضاه طالباً للاخره وساعياً للشهاده وراغباً فيما عند الله :
( فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) الشورى (36)
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا , وأستغفر الله لي ولكم ويا فوز المستغفرين ويانجاة التائبين ...
الْخُــطْبَةُ الثَّــانِيَةُ :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحبـــاب الكـــرام :
وفي يومٍ من الايام الحزينه التى مرت على المسلمين يموت الاسدُ في عرينه من اثر السهم الذي أصيب به يوم الخندق .!
مات الاسدُ سعد بن معاذ بعدما حكم في بني قريظه بحكم الله تعالى .!
مات سعد بن معاذ ومات جسده في عام الخندق سنه خمسه من الهجره وعمره يناهز السابعه والثلاثون عاماً..
يقول عنه عبدالرحمن عن جابر عن ابيه :
لمّا انتهوا الى قبر سعد بن معاذ نزل فيه اربعه :
( الحارث بن أوس ، وأسيد بن حظير ، وابو نائله ، وسلمه بن سلامه ).
ورسول الله واقف ينظر فلمّا وُضعَ سعد في قبره تغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم وسبح ثلاثاً فسبح المسلمون لتسبيحه حتى ارتج البقيع، ثم كبر ثلاثاً وكبر المسلمون لتكبيره .!
فَسُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:
تضايق على صاحبكم القبر وضُمّ ضمه لو نجا منها احد لنجا منها سعد بن معاذ ثم فرّج الله عنه"
أدركته رحمه الله وعنايته .!
انه القبر يا مسلمون الذي سيحتظن ويضم بضمته الجميع المسلم والكافر البر والفاجر الابيض والأسود الذكر والانثي الحر والعبد الغني والفقير والصعلوك والأمير .!
فإما ان تكون ضمةُ رحمةٍ وحنانٍ وشفقةٍ ورأفه كضمة الأم لوليدها ..!
او ضمة عذاب وويل وهلاك وخسران تختلف لصحابها أضلاعه .
القبر روضـةٌ من الجنـــان
او حفــرة من حفـرِ النـيــران
ان يكُ خــيراً فالذي من بعده
افضــل عند ربنـا لعـبده
وان يكُ شــراً فالذي من بعده اشــد
ويلٌ لعـبدٍ عن سبيـل الله صـد
ركوبك النعش ينسيك مـا
كنت تركــبُ من بغــلٍ ومن فــرسِ
يـوم القيامه لا مــالٌ ولا ولــدٌ
وضمةُ القـبر تنسي ليلة العــرسِ
نعم احبــابي الكـــرام :
ضمّ القبر سعداً وهو احد الصحابةِ الأجلاء الذين أبلوا بلاءً حسناً ، ونصر الله ورسوله ، وقدم روحة في سبيل دينه وعقيدته ..
ضمّ القبر سعداً وهو الصحابي الوحيد الذي اهتز لموته عرش الرحمن ، وفُتّحت له ابواب السماء كما قال ذلك رسولنا الكريم في حديثه :
( هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش وفُتّحت له ابواب السماء وشهد جنازته سبعون الفاً من الملائكه لم ينزلوا الى الارض قبل ذلك )..
فأيُّ كرامة هذه ..!
وايُّ فضل هذا الذي ناله سعدبن معاذ بأن تُفتّحُ له ابواب السماء ، ويشهد جنازته سبعون ألفاً من الملائكة ، ويتحرك ويهتز لموته عرش الرحمن والعرش خلقٌ مسخر اذا شاء ان يهتز اهتز بمشيئة الله وفي هذا شعوراً بحب سعد واستبشاراً به وسروراً بقدومه .
يقول ابي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه :
" اهتز العرش لموت سعد بن معاذ من فرح الرب عزوجل ".
وقال ابن عمر رضي الله عنه :
" اهتز العرش لحبِ لقاء الله لسعداً ومن احب الله واشتاق اليه أحبّ الله لقاءه ".
فبالله عليكم احبتي ماالذي فعله سعد لينال هذا الوسام ويحوز هذا الشرف !!
نعم /
ماذا قدم سعد ؟ وماذا فعل لينال هذه الدرجه الرفيعه والمنزله العاليه ؟
ما عبادته ؟ ما صيامه ؟ ما قيامه ؟ ما جهاده ؟
لينال كرامةَ ان يهتز له عرش الرحمن وتنزل حشود من الملائكه لتشييعه .!
وفي كم من العمر أمضاه في خدمه دين الله والجهاد والدعوه في سبيل الله ؟؟!!
في عمر قصير لا يتجاوز الست سنين..
فلقد اسلم وعمره احدى وثلاثون ومات وعمره سبعاً وثلاثون .
بمعني ست سنوات فقط قضاها في طاعه الله وطاعه رسوله ، وخدمة دينه ومجاهده أعداءه.
ست سنوات كانت كفيله لئن يهتز العرش فرحاً به واستعدادا لاستقباله .
بيد انه رضي الله عنه وارضاه كما قيل عنه
وقف اربعه مواقف لم يقفها إلاّ سعد :
الموقف الاول :
في الدعوة الى الله حين دعا قومه الى دين الله وقال لهم بلسان الشجاع :
( إنّ كلام نساءكم ورجالكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله فما أمسى فيهم رجلٌ او امرأه إلاّ مسلم ومسلمه )..
الموقف الثاني :
موقفه في الجهاد في سبيل الله فلقد شهد بدراً وأُحداً والخندق ونافح وكافح في سبيل نصر الدين وحماية العقيده .
الموقف الثالث :
موقفه في الذبّ عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم ومن أهمها في حادثة الإفك وهو يسمع رسول الله يخطب ويقول :
( من يعذرني في رجلٍ آذاني في بيتي )
فقال سعد بن معاذ : انا أعذرك ان كان من الأوس ضربتُ عنقه )
الموقف الرابع :
موقفه في البراءه من الموالي والأولياء من دون الله وذلك حينما حكم في بني قريظه بحكم الله ورسوله
فاستحق رضي الله عنه وارضاه بهذه المواقف وهذه الحياه القصيره في ست سنوات فقط
ان يهتز له عرش الرحمن وان يشيعه سبعون الفاً من الملائكه .
ست سنوات فقط كانت كفيله لئن يكون هذا الهمام من اهل السبق والفضل ومن الذين انعم الله عليهم.
فأين انت يا من عُمّرت عمراً طويلاً وليس في هذا العمر كثير صلاة ولا قيام ولا دعوه ولا صدقه ولا علم او تعليم ولا نصيحة او توجيه ولا ذكر او تسبيح ولا اخلاق او معاملةٍ حسنه..
انّما عمراً قد نعيشه فنخرّب فيه اكثر مما نعمّر ..!
ونفسد اكثر مما نصلح ..!
عمراً يحتويه الظلم والأجرام والحرام والقطيعه ..
عمراً فيه اكل حقوق الناس واستحلال دماءهم .!
هذا هو الدرس الذي يجب ان نقتطفه من سيرة الصحابي سعد بن معاذ رضي الله عنه وهو
ان العمر في متناولك انت فقط اخي الكريم
وبمقدورك ان تخدم به دينك واسلامك وعقيدتك
وتنفع فيه اهلك واولادك واسرتك ومجتمعك ووطنك
ولذلكم احبابي الكرام :
مات سعد بن معاذ سيد الأنصار لكن لم تمت أخباره البهيه ولا آثاره المرضيّه ..!
مات سعد مفارقاً الدنيا ، تاركاً مباديء رواها واخلاق أحياها ، ومُثلاً اسسّها وبناها..
مات سعد وأبقى لنا تراث البطوله الصادقه والتضحيه الجباره التى تعيش لتسموَ بالإسلام وتُعزَ لتعلي اهله كالاطواد والاعلام ..
مات سعد وخلّف لنا عقيدة الايمان بالله التى لاتخشى النكبات ، وتتحدى الرزايا والابتلاءات..
مات سعد بعد ان علّمنا دروس في الصبر والعزيمه والإحتمال ، وشرح لنا الحزم في المواقف وشدة البأس في النزال ، والفدائيه إذا حانت الساعه ، ومنهاج السلامه لطلاب السلامه ، وطريق الاخره لمرتجي الثواب العظيم والمقام الكريم..
فطبت حياً وطبت ميتاً ، وسلامٌ عليك يوم أسلمت ويوم جاهدت ويوم متّ ويوم تبعثُ حياً ورضي الله عنك ورضي الله عن الصحابه اجمعين والى الملتقى غداً في دارٍ تجمع سلامة الاديان والابدان الى جوار الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ اولئك رفيقاً ..
( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) الأحزاب (23)
عباد الله :
أمركم ربُّكم جلَّ وعلا بأمر بدأ فيه نفسه وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلّث به عباده من جنّه وإنسه فقال تعالى قولاً كريمًا:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا وحبيبنا وقدوتنا محمَّد بن عبدالله، وارضَ اللَّهم عن خلفائه الرَّاشدين ذوي المقام العليّ، أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصَّحابة والتَّابعين...
ان الله يأمر بالعدلِ والإحسان وآيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ... وأقم الصلاه ...