الصحابة في عيون الفن .. بين الحقيقة والخيال

الحمدُ للهِ نَحْمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ، ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ، ومن تبعَهُمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.

أما بعدُ

أيُّها المسلمونَ .. أوصيكُمْ ونفسيَ المقصرةَ بتقوى اللهِ، فهي وصيةُ اللهِ للأولينَ والآخرينَ ]وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ[.

عبادَ اللهِ .. حديثُنا اليومَ عن قضيةٍ انتشرتْ في زمانِنا، وهي تمثيلُ شخصياتِ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم في المسلسلاتِ والأفلامِ والمسرحياتِ، وما يترتبُ على ذلكَ من مفاسدَ عظيمةٍ يجبُ على المسلمينَ التنبهُ لها.

إنَّ الصحابةَ -رضيَ اللهُ عنهم- هم خيرُ الناسِ بعدَ الأنبياءِ، اختارَهُمُ اللهُ لصحبةِ نبيِّهِ، ومدحَهُمْ في كتابِهِ الكريمِ فقالَ ]مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ[ كما أخبرَ النبيُّ ﷺ عن فضلِهِمْ فقالَ "خيرُ الناسِ قرني، ثم الذينَ يلونَهُمْ، ثم الذينَ يلونَهُمْ"

إنَّهُمْ نقلوا إلينا القرآنَ والسنةَ، وجاهدوا في سبيلِ اللهِ، وضحَّوا بأموالِهِمْ وأنفسِهِمْ من أجلِ نشرِ هذا الدينِ، فكيفَ يُتصوَّرُ أنْ يتمَّ تمثيلُهُمْ بأشخاصٍ قدْ لا يتحلَّونَ بالورعِ أو لا يعرفونَ مقامَهُمْ!!

مخاطرُ تمثيلِ شخصياتِ الصحابةِ، فيهِ: امتهانُ مقامِ الصحابةِ وامتهانُ سيرتِهِمْ: فالتمثيلُ قدْ يؤدي إلى تشويهِ صورتِهِمْ، إما عن قصدٍ أو عن جهلٍ، حيثُ إنَّ الممثلَ قدْ يجسدُ الصحابيَّ بطريقةٍ لا تليقُ بعظمتِهِ.

في التمثيلِ: احتماليةُ تحريفِ الحقائقِ: لا يخفى أنَّ كثيرًا من الأعمالِ الدراميةِ تعتمدُ على التخيُّلِ والدراما والإثارةِ، مما قدْ يؤدي إلى إدخالِ أمورٍ غيرِ صحيحةٍ عن الصحابةِ في أذهانِ الناسِ.

من مخاطِرِ التمثيلِ: ربطُ الصحابةِ بأشخاصٍ معينينَ: عندما يُمَثَّلُ الصحابيُّ بشخصٍ معينٍ، فإنَّ الناسَ يربطونَهُ بصورتِهِ وصوتِهِ وطريقةِ تمثيلِهِ، وقدْ يكونُ هذا الممثلُ قدْ قامَ بأدوارٍ غيرِ أخلاقيةٍ في أعمالٍ أخرى، مما يسببُ انطباعًا خاطئًا عن الصحابيِّ.

في التمثيلِ: فتحُ بابِ الاستهزاءِ والسخريةِ: وهذا أمرٌ خطيرٌ، فقدْ يكونُ الصحابيُّ في مشهدٍ تمثيليٍّ مضحكٍ أو مبالغٍ فيهِ، مما يجعلُ البعضَ يستهزئُ بهِ أو لا يأخذُ سيرتَهُ بجديةٍ.

لِذا أفتى كثيرٌ من العلماءِ المعتبرينَ بتحريمِ تمثيلِ الصحابةِ -رضيَ اللهُ عنهم-، وخصوصًا العشرةَ المبشرينَ بالجنةِ، وأمهاتِ المؤمنينَ، والخلفاءَ الراشدينَ. وعللوا ذلكَ بالمفاسدِ التي ذكرناها.

عبادَ اللهِ .. علينا أنْ نُظْهِرَ حُبَّنا للصحابةِ باتباعِ سنتِهِمْ، ونشرِ سيرتِهِمْ بطريقةٍ صحيحةٍ، والاقتداءِ بهمْ في عبادتِهِمْ وزهدِهِمْ وجهادِهِمْ، وليسَ بتجسيدِهِمْ على الشاشاتِ بطرقٍ لا تليقُ بمقامِهِمْ.

نسألُ اللهَ أنْ يحشرَنا معَهُمْ في جناتِ النعيمِ، وأنْ يرزقَنا حبَّهُمْ واتباعَ هَدْيِهِمْ، وأنْ يرزقَنا الإخلاصَ في القولِ والعملِ.

أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكمْ فاستغفروهُ، إنهُ هو الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الحمدُ للهِ على إحسانِهِ، والشكرُ لهُ على توفيقِهِ وامتنانِهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ تعظيمًا لشأنِهِ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، الداعي إلى رضوانِهِ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ،

أيُّها المسلمونَ: إنَّ احترامَ الصحابةِ -رضيَ اللهُ عنهم- هو جزءٌ من احترامِ هذا الدينِ، لأنَّهُمْ حملتُهُ إلينا، وجاهدوا في سبيلِ نشرِهِ، فكلُّ من يسيءُ إليهِمْ أو يقللُ من شأنِهِمْ، فهو في الحقيقةِ يطعنُ في الإسلامِ نفسِهِ.

ولهذا قالَ الإمامُ مالكٌ -رحمهُ اللهُ-: إنَّ هؤلاءِ القومَ أرادوا القدحَ في النبيِّ ﷺ، فلمْ يمكنْهُمْ ذلكَ، فقدحوا في أصحابِهِ حتى يُقالَ: رجلُ سوءٍ كانَ لهُ أصحابُ سوءٍ.

عبادَ اللهِ .. يجبُ علينا أنْ نحذرَ من الوسائلِ التي تؤدي إلى التقليلِ من شأنِ الصحابةِ، سواءٌ كانَ ذلكَ بتمثيلِهِمْ في المسلسلاتِ والأفلامِ، أو بنشرِ الأكاذيبِ عنهمْ، أو بتركِ دراسةِ سيرتِهِمْ العطرةِ التي هي مليئةٌ بالمواقفِ المشرفةِ والتضحياتِ العظيمةِ.

الواجبُ علينا تجاهَ الصحابةِ: الاقتداءُ بهمْ، فحياتُهُمْ كانتْ تطبيقًا عمليًا للقرآنِ والسنةِ، وهم خيرُ من يفهمُ الدينَ بعدَ رسولِ اللهِ ﷺ.

علينا نشرُ سيرتِهِمْ الصحيحةِ، بأنْ نقرأَ سيرتَهُمْ من المصادرِ الموثوقةِ ونعلِّمَهَا لأبنائِنا، حتى يعرفوا قيمتَهُمْ الحقيقيةَ.

واجب علينا الدفاعُ عنهمْ، فيجبُ أنْ نردَّ على كلِّ من يحاولُ الإساءةَ إليهِمْ أو تشويهَ تاريخِهِمْ، فهم خيرُ الناسِ بعدَ الأنبياءِ.

كما يجب علينا محبتُهُمْ والترضي عنهمْ: وهذا جزءٌ من عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ، قالَ تعالى ]وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ[.

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَنا من المتمسكينَ بسنتِهِ، المتبعينَ لهديِهِ، المحبينَ لأصحابِهِ

 

المرفقات

1741270617_الصحابة في عيون الفن .. بين الحقيقة والخيال.pdf

1741270626_الصحابة في عيون الفن .. بين الحقيقة والخيال.docx

المشاهدات 292 | التعليقات 0