( الشواذ + المثليون ) مستفادة من خطبة : ش. الهاجري / ش. الشرافي .

منصور بن هادي
1443/05/14 - 2021/12/18 10:26AM

الحمدُ للهِ ذِي الجَلالِ الأكبرِ، عَزَّ في عُلاهِ فَغَلبَ وقهرَ، أَحْصى قَطْرَ المطرِ، وأوراقَ الشَّجرِ، وما في الأرحامِ مِنْ أُنثى وذَكرَ، خَالقِ الخَلقِ على أَحْسنِ الصُّورِ، وَرَازقُهم نَباتاتٍ وَحَيواناتٍ وبَشرٍ، ومميتُهم على صِغَرٍ وشبابٍ وكِبَرٍ، أحمدُه حمداً يوافي نِعمَه ما خَفيَ منها وما ظهرَ، ويكافئُ مزيدَ كرمِه العظيمِ الأوفرِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةَ من أنابَ وأبصرَ، وراقبَ ربَّه واستغفرَ، وأشهدُ أن سيَّدَنا ومولانا محمداً عبدُه ورسولُه، وحبيبُه وخليلُه، الطَّاهرَ المطهَّرَ، المُختارَ من سيِّدِ البَّشرِ صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وذويه، ما أقبلَ ليلٌ وأدبرَ، وأضاءَ صبحٌ وأسفرَ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً وأكثرَ.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) .. أما بعد:

ففي هذا الزَّمانِ الذي انتكستْ فيه بَعضُ الفِطَرِ، وأصْبحَتْ الحَيواناتُ البَهِيّمِةُ خَيراً من كَثيرٍ من البَشرِ، وخَرجتْ علينا مُؤتمراتُ العَالَمِ بقَراراتٍ تُذْهِبُ ما بَقيَ مِن الصَبرِ، بجوازِ نِكاحِ المرأةِ للمرأةِ وزواجِ الذَّكرِ من الذَّكرِ، نَحتاجُ أنْ نَرْجِعَ إلى كِتابِ اللهِ تَعالى لنرى مَكْمَنَ الخَطَرِ، فَلَعَلَّهُ يكونَ لنا ذِكرى ومَوعظةً ومُزدَجَرَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْمِثْلِيُّونَ، الْخَطَرُ الْقَادِمُ وَالدَّاءُ الدَّاهِمُ ،إِنَّ هَذِهِ الْفَاحِشَةَ تَتَقَزَّزُ النُّفُوسُ مِنْ ذِكْرِهَا فَضْلًا عَنْ فِعْلِهَا، إِنَّهَا جَرِيمَةٌ نَكْرَاءُ وَفَاحِشَةٌ شَوْهَاءُ، مُوجِبَةٌ لِلْعُقُوبَةِ وَالْهَلَاكِ، إِنَّهَا أَعْظَمُ الْفَوَاحِشَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَضَرُّهَا عَلَى الدِّينِ وَالْأَخْلَاقِ، إِنَّهَا دَاءٌ عُضَالٌ وَسُمٌّ قَتَّالٌ، غَايَةٌ فِي الْخِسَّةِ والْقُبْحِ وَالْبَشَاعَةِ وَالشَّنَاعَةِ ،إِنَّ هَذِهِ الجَرِيمَةَ أَعْظَمُ سَبَبٍ لِلْأَمْرَاضِ الْمُسْتَعْصِيَةِ وَالْأَوْجَاعِ التِي لَمْ تَكُنْ فِيمَنْ سَبَقَ مِنَ الْمُجْتَمَعَاتِ، كَالإِيدْزِ وَالْهِرْبِسِ.

وَلا يُسْتَغْرَبُ انْتِشَارُ الْفَاحِشَةِ هَذِهِ فِي مُجْتَمَعَاتِ الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ ذَنْبٌ، وَلَكِنَّ الْمُصِيبَةَ الْعُظْمَى أَنْ يَنْتَقِلَ هَذَا الدَّاءُ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَيَنْتَشِرَ فِيهَا، وَهَذَا مَا يُرِيدُهُ الْغَرْبُ، وَلِذَلِكَ يَصِيحُونَ بِكُلِّ مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ أَوْ يَعِيبُهُمْ.

أُيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُمُ الْمِثْلِيُّونَ، إِنَّهُمُ الْجِنْسُ الثَّالِثُ، أو (الْمُتَحَوِّلُونَ جِنْسِيًّا) كَمَا يَحْلُو لَهُمْ أَنْ يُسَمُّوا أَنْفَسُهَمْ، إِنَّهُمْ يَظْهَرُونَ الآنَ بِقُوَّةٍ فِي الْمُجَتمَعِ الغَرْبِيِّ، وَهُمْ قَادِمُونَ لِلدُّخُولِ فِي بِلَادِ المسْلِمِينَ, وَهَدُفُهُمْ الأَوَّلُ الشَّبَابُ المسْلِمُونَ وَالفَتَيَاتُ المسْلِمَاتُ.

فَشِعَارُهُمْ (قَوْسُ قُزَحٍ بِالْأَلْوَانِ الْمُتَنَوِّعَةِ)، صَارَ يُنْشَرُ وَيُرَوَّجُ لَهُ فِي وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ، وَفِي أَلْعَابِ الْأَطْفَالِ، وَفِي الْأَدَوَاتِ التِي تَدْخُلُ الْمَنَازِلَ، بَلْ إِنَّهُ فِي أَكْبَرِ لُعْبَةٍ شَعْبِيَّةٍ يُشَاهِدُهَا النَّاسُ عِنْدَنَا، وَهِيَ كُرَةُ الْقَدَمِ أَدْخَلُوا ذَلِكَ فِيهَا, وَحَمَلَ اللَّاعِبُونَ شِعَارَ الْمِثْلِيِّينَ.

حَتَّى إِنَّهُ فِي أَحَدِ أَقْوَى الدَّوْرِيَّاتِ الْأُورُبِيَّةِ جْعَلُوا جَوْلَتَيْنِ مِنَ الْمُبَارِيَاتِ مُخَصَّصَةً لِدَعْمِ الْمِثْلِيِّينَ مَالِيًّا وَمَعْنَوِيًّا، فَجَعَلُوا شِعَارَهُمْ أَعْلَامَهَمْ تُرَفْرِفُ حَوْلَ الْمَلاعِبِ، وَيَرْتَدِيهِ اللَّاعِبُونَ أَثْنَاءَ المبَارَيَاتِ لِكَيْ يَرَاهُ المتَابِعُونَ لِلْمُبَارَاةِ بِوُضُوحٍ، ثُمَّ الْعَوَائِدُ الْمَالِيَّةُ مِنَ التَّذَاكِرِ وَغَيْرِهَا خُصَّصَتْ لِدْعَمِ الْمِثْلِيِّينَ، وَأَكْثَرُ أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا يُتَابِعُونَ مُبَارَيَاتِ كُرَةِ الْقَدَمِ، وَهَذَا جُزْءٌ مِنَ التَّرْوِيجِ لِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ عَالَمِيًّا.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ هَذَا الْعَمَلَ الْقَبِيحَ لَهُ أَضْرَارٌ دِينِيَّةٌ وَخُلُقِيَّةٌ وَاجْتِمَاعِيَّةٌ وَنَفْسِيَّةٌ وَصِحِيَّةٌ، عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْجَمَاعَاتِ، يَعُودُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ بِالشَّرِّ وَالْوَيْلاتِ وَزَوَالُ الْخَيْرَاتِ وَذَهَابِ الْبَرَكَاتِ مِنَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ، إِنَّهُ مُؤْذِنٌ بِحُلُولُ الْعُقُوبَاتِ، وَسَبَبٌ لِضَيَاعِ الْأَمْنِ وَشُيُوعِ الْفَوْضَى وَتَفَكُّكِ الْأُسَرِ وَتَفَرُّقِ الْبُيُوتِ، إِنَّهُ يُورِثُ لِفَاعِلِهِ الْخَوْفَ الشَّدِيدَ وَالْوَحْشَةَ وَالاضْطِرَابِ، وَالْحُزْنِ الدَّائِمِ وَالْعَذَابِ الْمُسْتَمِرِّ وَالْقَلَقِ الْمُلَازِمِ وَفُقْدَانِ لَذَّةِ الْحَيَاةِ وَالْأَمْنِ وَالطُّمَأْنِينَةِ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيَطَانِ الرَّجِيمِ ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) .

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عَلَيْنَا جَمِيعًا فِي مُجْتَمِعِنَا المسْلِمِ الطَّاهِرِ أَنْ نَحْذَرَ وَنُحَذِّرَ مِنَ هَذَا الخُلُقِ السَّاقِطِ وَهَذَا البَلَاءِ الدَّاهِمْ، الذَي صَارَ كَثِيرٌ مِنَ الغَرْبِيينَ يُرَوِّجُ لَهُ وَيُدَافِعُ عَنْ أَهْلِه.

إِنَّ عَلَيْنَا فِي المسَاجِدِ وَالمدَارِسِ وَالكُلِّيَاتِ وَالبُيُوتِ [كُلٌّ فِي مَجَالِه] أَنْ نَتَنَادَى بِالتَّحْذِيرِ مِنْهُ وَبَيَانِ خَطَرِهِ وَخَطَرِ أَهْلِهِ، نَسْأَلُ اللهَ السَّلامَةَ وَالعَافِيَةَ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخِزْي وَالْعَارِ، وَنَلْجَأُ إِلَى اللهِ مِنَ الْهَلَاكِ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ.

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ جَعلَ فِيّمَا قَصَّ على عِبادِه عِبرةً لأولي الألبابِ، وحَرَّمَ عَليهم أَسْبابَ الذُّنوبِ والعقابِ، أَبَانَ السَّبيلَ، وأَقَامَ الدَّليلَ، لِيهَلَكَ منْ هَلكَ عن بيِّنةٍ ويَحْيّا منْ حَييَ عن بيِّنةٍ، وإنَّ اللهَ لَسَريعُ الحِسَابِ، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ خلقَ الخلقَ وهو ربٌّ الأربابِ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه إلى يومِ الدِّينِ والمآبِ، أمَّا بعد:

فَفِي الوَقتِ الذي يَبْتَدئُ جَمِيعُ الرُّسلِ في سُورةِ الأعرافِ دَعْوةَ أَقْوامِهمْ بِقَولِهم: ( يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، يَذكرُ لَنَا تَعالى بِدَايةَ دَعْوةِ لُوطٍ لِقَومِه بِقَولِه: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ)، فَلا إلهَ إلا اللهُ .. مَا هذهِ الجَريِمَةُ العَظِيّمَةُ التي ابْتَدأَ بها لُوطٌ دَعوتَه وتَحْذيرَه؟، كأَنّها تُساوي الشِّركَ في منْزِلَتِه الخَطيرةِ، بَلْ حَتّى الزِّنا لَم يَأتِ فيهِ مِثْلُ هَذا، فَقَد قَالَ اللهُ تَعالى فيه: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)، فَهُو فَاحِشَةٌ منْ الفَواحِشِ، وأَمّا في جَريِمَةِ قَوُمِ لُوطٍ فَعْبَّرَ عَنّها بِلَفظِ (الْفَاحِشَةَ) بِالأَلفِ واللَّامِ لِيَفيدَ أَنّها جَمَعَتْ جَمِيّعَ أَنّواعِ الفُحِشِ والدَّناءَةِ والقُبحِ والشَّناعةِ، فَالكلامُ عَنْ نَبيِّ اللهِ لُوطٍ عَلَيّه السَّلامُ وَقَوُمِه، هَوُ الحَديثُ عَنْ مَعْركةٍ مُسْتَمِرةٍ بَيّنَ طَهَارةِ الحَقِّ ورِجْسِ القَبِيّحَاتِ، وعَنْ الصِّراعِ الدَّائمِ بينَ المُصْلِحينَ وأَصْحَابِ الهَوى والشَّهَواتِ.

قَالَ لَهُم: (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ)، إِنّها وَاللهِ انْتِكَاسُ الفِطَرِ، إِنْها مَانِعَةُ الخَيرِ والمَطَرِ، إنها طَريقُ الفَسَادِ والغِوايةِ والإجْرامِ، بسَبَبِها انّتَشَرتْ الأَمْراضُ والأَسْقَامُ، يَقُولُ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: (لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا)، والعَجِيّبُ .. أَنْ أصْحَابَ هَذِهِ الفَاحِشةِ في كلِّ زَمَانٍ وَحِينٍ، يُرغِمُونَ الآخَرينَ للاعْتَرافِ بحُقُوقِهم بالقُوَّةِ أو باللِّينِ، ويُسَمّوَنَ أنْفُسَهَم خِدَاعَاً وتَزْيّيفَاً بالمِثّلِيّينَ، وإنْ لَم تَعْترَفْ بفِعْلِهم فَإنَّكَ عَدوٌّ للحُريَّةِ مُبينٌ، تَدْعُو إلى الكَراهِيةِ وَيَنْبَغي أنْ تَكونَ منْ المَنّبُوذِينَ، (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)، فَإِمَا أَنْ تَرْضَى بفَاحِشَتِهم الذَّمِيّمَةِ، أو تَخْرَجَ مَطْرُودَاً منْ مَسْرحِ الجَريّمَةِ.

فَلمَّا كَثُرَ الفَسَادُ وَعَمَّ، وانتشرَ المنكرُ وطمَّ، استَعانَ لوطٌ بربِّهِ: (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)،فلمَّا دَعا عليهِم، جاءَتهُ الملائكةُ: (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)، فماذا حدثَ في الصُّبحِ؟ العذابُ الأولُ: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ)، صَوتٌ قَاصفٌ يُقطِّعُ الأفئدةَ في الصُّدورِ.

العذابُ الثَّاني: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا)، قالَ أهلُ التَّفسيرِ: أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا أَصْبَحَ نَشَرَ جَنَاحَهُ، فَانْتَسَفَ بِهِ أَرْضَهُمْ ( اقْتلَعَها من أصْلِها ) بِمَا فِيهَا مِنْ قُصُورٍ وَدَوَابٍّ وَحِجَارَةٍ وَشَجَرٍ، وَجَمِيعِ مَا فِيهَا، ثُمَّ صَعِدَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا نُبَاحَ كِلَابِهِمْ، وَأَصْوَاتَ دُيُوكِهِمْ، ثُمَّ قَلَبَهَا، فَأَرْسَلَهَا إِلَى الْأَرْضِ مَنْكُوسَةً، وَدَمْدَمَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا.

العذابُ الثَّالُثُ: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ)، حجارةٌ من طينٍ مٌتتابعةٌ، لا تُصيبُ أحداً إلا أَهلَكتْه، (مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ) مكتوبٌ عليها أسماءُهم .. فهل رأيتُم عذابَ أمَّةٍ كعذابِ قومِ لوطٍ؟.. فهذا بيانٌ شافٍ لحقوقِ الشَّواذِ الكَونيةِ والشَّرعيةِ .. فالحذرَ، الحذرَ، فَقَدْ قَرَّبَ اللَّهُ تَعَالى مَسَافَةَ الْعَذَابِ بَيْنَ أُمَّةِ لُوطٍ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِمْ فِي الْعَمَلِ، فَقَالَ مُخَوِّفًا لَهُمْ حتى لا يَقَعوا في الْوَعِيدِ: (وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ).

هذا وصلُّوا وسلِّموا على خاتم رسل الله محمد بن عبد الله؛ فقد أُمِرتم بذلك في كتاب الله. حيث قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة - أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الآل والصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك ياخير من تجاوز وعفا.

اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.

المرفقات

1639823175_حقوق الشواذ.doc

المشاهدات 675 | التعليقات 0