الشمــــــــائل المحمـــــــــدية

أحمد علي أحمد
1434/03/05 - 2013/01/17 19:41PM
جمعت لكم هذه الخطبة من مجموعة خطب أسأل الله أن ينفع بها...

الحمدلله العليم القدير، اللطيف الخبير، أحمده سبحانه على فضله الكثير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله السراج المنير، اللهم صل وسلم وبارك عليه, وعلى آله وصحبه...... أما بعد:




تزود للذي لا بد منــــــــــــــــــــــه *** فإن الموت ميقات العباد

أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغيــــــر زاد؟





عباد الله: الحديث يحلو ويطيب عن الرجال العظماء، فكيف إذا كان الكلام عن أعظم الناس قدرا, وأوسعهم فضلا, وأرفعهم ذكرا, وأشرفهم نسبا, وأعلاهم مكانا, قد ملأ حبه القلوب، وتشتاق لرؤيته النفوس، سيد ولد آدم وفخرهم في الدنيا والآخرة, محمد r .

صلى عليك الله يا علم الهدى *** واستبشرت بقدومك الأيامُ
هتفت لك الأرواح من أشواقها *** وازينت بحديثك الأقــــــــــــلامُ


كيف لا يحلو الحديثُ عمن منَحَه ربُّه من الشمائل أحسنَها وأبهاها، ومِنَ الفضائل أسماها وأرضَاهَا، ومِن محاسنِ الأخلاق أعلاهَا وأزكاها؟ ما أطيب اللحظات وهي تُقضى مع خير المرسلين! وما أحلى الأوقات وهي تمضي مع إمام المتقين r!

وممـا زادني شرفًـا وفخــــــــــــــــــــــــرًا *** وكدتُ بأخمصي أَطأُ الثريَّا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** وأن صيَّرت أحمد لي نبيِّــا


إنه الحديث عمن اصطفاه الله من بين الرجال, فجعلَه خيرَ البرية، وسيدَ البشرية، فما وطئ الثرى أكرم منه, فهو مِنَّة الله على المؤمنين ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) .

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب اصطفاه الله من بني هاشم واصطفى بني هاشم من قريش وهم من سلالة نبي الله إبراهيم u, هو خير أهل الأرض نسبا على الإطلاق, زكى الله لسانه فقال تعالى ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى - مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى - وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) وزكى الله خلقه فقال تعالى ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) وزكى الله فؤاده وقلبه فقال تعالى ( فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى - مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) إن سألت عن خِلقته وهيئته وصفته؟ فإنك تسأل عن القمر ليلة تمامه .
إن فاتكم أن تروه بالعيون فمــــــــــــا *** يفوتكم وصفُه هاذي شمائلــــــــــــه
مكمَّل الذاتِ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ *** وفي صفاتٍ فلا تحصى فضائله


أحبه الصحابة حبا يفوق النفس والولد, فآووه ونصروه, وفدوه بأرواحهم وأموالهم, ومن حبهم له نقلوا لنا حديثه وشمائله, فذكروا لنا لونه وصفته, ذكروا لنا كلامه وتواضعه, نقلوا لنا رحمته بالصغير وتوقيره للكبير, ذكروا تواضعه وخشوعه وتعظيمه لله, فأطرق لي سمعك أيها لحبيب, حتى تتعرف على صفة نبيك الكريم r :

هو أجمل الناس وأبهاهم منظرًا، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر, أبيضا مشربًا بحمرة، ربعة من الناس ليس بالطويل ولا بالقصير، عظيم الهامة (أي تام الرأس) واسع الجبين، مقوس الحواجب في غير اقتران، طويل الأنف مع صغر أرنبته، له نور يعلوه، كث اللحية، واسع الفم, مهذب الأسنان، ليس بالنحيف ولا بالسمين، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين .

لين الملمس كأن يده حريره, في جبهته عرق يدره الغضب، إذا غضب في ذات الله يمتلئ هذا العرق دماً، الشيب في شعره ندرة وقليل، وأكثر شيبه في عنفقته أسفلَ شفته السفلى، وجميع شيبه لا يكاد يتجاوز عشرين شعرة, ما بين كتفيه من الخلف إلى جهة الشِمال شعيرات سود اجتمعن بعضهن إلى بعض ناتئات عن الجسد قليلاً، كأنهن بيضة حمامة عرفت بخاتم النبوة، دقيق المسربة فمن نحره إلى أسفل سرته شعر على هيئة خيط ممتد، ليس في صدره ولا بطنه شعر غيره، ضخم الكراديس أي: عظام المفاصل، إذا مشى يتكفأ تكفؤاً، كأنما ينحدر من مكان عال، إذا أشار أشار بيده كلها، وإذا ناداه أحد التفت ببدنه الشريف كله, يقول البراء t:لم أر شيئا قط أحسن منه, ويقول t: كان رسول الله r أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا, ويقول أنس t: ما مسست بيدي ديباجا ولا حريرا ولا شيئا ألين من كف رسول الله r ولا شممت رائحة أطيب من ريح رسول الله r, وفيه يقول حسان t ما دحا :

وأجمل منك لم تر قط عيني *** ومثلك لم تلد النســــــــــــــــــــــــــاء
خلقت مبرأ من كل عيـــــــــــــــــــب*** كأنك قد خلقت كما تشـاء


نشأ يتيم الأبويين فاقدا تربيتهما وحنانهما ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى ) متقلبا بين أحضان متوالية, تحفه عناية الله وحفظه, حفظه ربه في صغره, وصانه في شبابه, فما استلم صنما ولا مس وثنا, تزوج قبل البعثة بامرأة نبيلة شريفة لبيبة هي أعظم النساء شرفا وقدرا وأوفرهن كمالا وعقلا, خديجة t آمنت به وصدقته ونصرته وآزرته قَالت له " أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ " .

بعثه الله تعالى والأرض مملوءة بعبادة الأوثان, وسفك الدماء وقطيعة الأرحام, فدعا إلى عبادة الله وحده صابرا على ما يلقاه من تكذيب وإعراض وجفاء, رفع الله ذكره وأعلى شأنه, أول من ينشق عنه القبر وأول الناس يشفع يوم القيامة, وأكثر الأنبياء تبعا وأول من يقرع باب الجنة وأول من يعبر الصراط كان عبدا شكورا يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه, جعلت قرة عينه في الصلاة .

أشد الناس تواضعا وأحسنهم بشرا, يجالس الفقراء ويؤاكل المساكين, وتذهب به الجارية إلى أقصى سكك المدينة فيذهب معها ويقضي حاجتها، يخصف نعله ويخدم أهله ونفسه, لقي من الحياة مشاقَّها، آذاه قومُه بالقولِ والفعل، اتَّهموه بالجنون، ورمَوه بالسِّحر، ووصفوه بالكذب، وقال الكافرون: هذا ساحِر كذّاب, وفي الغارِ كربٌ وهمّ، خوف وحزن ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وفي أحُد كُسِرت رَباعيّته وشُجّ في وجهه وسالَ دمُه، ووضَعوا السّمَّ في طعامه وسَحَروه في أهله, توالَت عليه المصائبُ والمحَن، وربُّه يقول له ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ ) .

لم يضرِب أحدًا بيده، تقول عائشة t " ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما " لا يعيبُ على الخدَم ولا يوبِّخُهم، قال أنس t " خدمتُ رسولَ الله r تسعَ سنين فمَا عابَ عليَّ شيئًا قط " رواه مسلم, يوقِّر الكبارَ ويتواضَع للصغار، إن مرَّ على صبيانٍ سلَّم عليهم، ورأى أبا عُميرٍ t وكان صبيًّا فقال مداعِبًا له " أبَا عمير، ما فعل النّغير؟ " يقول أنس t " ما رأيتُ أحدًا كان أرحمَ بالعيال من رسول الله " رواه مسلم .

أرسله ربه رحمة للعالمين, من بعثته إلى مماته يدعوا إلى عبادة ربه, ما من خير إلا دل الأمة عليه ولا من شر إلا حذرها منه, فيا أحباب رسول الله، تلك وقفاتٌ ومقتطفات من جوانب السنة العطرة والسيرة المباركة، ذلكم هو جانب الشمائل النبوية والسجايا المحمدية والآداب المصطفوية, فالزموا طريقه واستمسكوا بهديه وسنته واحذروا مخالفته تفوزوا بالدنيا والآخرة .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...


الحمد لله على إحسانه.... أما بعد :

فاتقوا الله عباد الله، وتأسوا بنبيكم، تأمَّلوا خصاله العظيمة وشمائله الكريمة واعلموا أن له حقوقا كثيرة يجب القيام بها والمحافظة عليها وهي: طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع,ومن حقه عينا كثرة الصلاة والسلام عليه قال " من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة " ويومكم هذا هو يوم الجمعة فقد صح عنه r " أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة، وليلة الجمعة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً " وفي رواية " أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإنه ليس أحد يصلي علي يوم الجمعة إلا عرض علي صلاته " .

من بلغ العلا لجلالــــــه *** سطع الدجى لجماله
حسُنت جميع خصاله *** صلوا عليه وآلــــــــــــــــــــــــه


يا ربِّ صلِّ على النبيِّ المصطفى *** ما غرّدَت في الأيكِ ساجِعَة الرُّبى
صلّوا على من تدخلون بِهديِـــــــــــــــه*** دارَ السلامـة تبلغون الْمطلَبَـــــــــــــــــــــــــا
يـا أيّها الراجون خيـرَ شفاعــــــــــــــــــــــــــةٍ*** من أحمدٍ صلّوا عليه وسلِّمــــــــــــــــوا


اللّهمّ فاجز عنّا نبيّنا محمّدًا r خيرَ الجزاء وأوفاه، وأكمله وأسناه، وأتمَّه وأبهاه، وصلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً، ولحقِّه أداءً، ولفضلِه كِفاء، ولعظمته لِقاء، اللهم صلي وسلم وباك على نبينا محمد وارزقنا محبته وطاعته واتباعه, واحشرنا يوم القيامة في زمرته, واسقنا يوم القيامة من يده شربة لا نظمأ بعدها أبدا .

اللهم أعز الإسلام ...
المشاهدات 4162 | التعليقات 1

جهد مبارك ... وعمل موفق ... أسأل الله لك التوفيق والسداد