الشَّــفَـاعَةُ

د صالح بن مقبل العصيمي
1438/02/14 - 2016/11/14 13:47PM
خُطْبَةُ الشَّفَاعَةُ – للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي
الجمعة 18/2/1438هــ
الْـخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ، حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ مَشْهَدٍ عَظِيمٍ، مِنْ مَشَاهِدِ يَوْمِ التَّغَابُنِ، يَوْمِ الطَّامَّةِ، يَوْمِ الْفَزَعِ الأَكْبَـرِ، ذَلِكَ الْيَومِ الَّذِي يَعْتَذِرُ فِيهِ الأَنبيَاءُ والرُّسُلُ عَنِ الشَّفَاعَةِ للنَّاسِ؛ لِـهَوْلِ الْمَوْقِفِ وَعِظَمِهِ؛ فَيَنْبَـرِي لَـهَا نَـبِـيُّـنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَلَيْسَ فِيهِمْ مِنْ رَسُولِ نَالَـهَا
حَتَّـى يَقُولُ الْمُصْطَفَى أَنَا لَـهَا
فَيَشْفَعُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِبَادِ الشَّفَاعَةَ الْكُبْـرَى، وَالَّتِـي وَرَدَ نَصُّهَا فِي الصَّحِيحَيْـنِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَحْمٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَشَ مِنْهَا نَهْشَةً، ثُمَّ قَالَ: " أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذِبَاتٍ - فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الحَدِيثِ - نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى فَيَأْتُونَ، مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا، لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ، كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ - أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى)، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيهِمَا. اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَالْطُفْ بِنَا.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِـجَمِيعِ الْمُسْلِمِـيـنَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الْـخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ، فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ نَـجِدُ الأَنْبِيَاءَ والرُّسُلَ عَلَيهِمُ السَّلَامُ يَعْتَذِرُونَ عَنِ الشَّفَاعَةِ بسبَبِ ذَنْبٍ وَاحِدْ اِرْتَكَبُوهُ، بَلْ بَعْضُهُمْ اِعْتَذَرَ لَيْسَ بِسَبَبِ ذَنْبٍ جَنَاهُ، وَإِنَّـمَا هَوْلُ الْمَوْقِفِ، وَغَضَبُ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا؛ فآدَمُ عَليهِ السَّلَامُ اِعْتَذَرَ عَنِ الشَّفَاعَةِ بِسَبَبِ مَعْصِيَةٍ وَحِيدَةٍ اِرْتَكَبَهَا طُوَالَ حَيَاتِهِ، وَهِيَ أَكْلُهُ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَتَابَ مِنْهَا وَاِسْتَغْفَرَ اللهَ؛ فَغَفَرَهَا اللهُ لَهُ، وَنُوحٌ عَلَيهِ السَّلامُ اِعْتَذَرَ بِأَنَّهُ قَدْ دَعَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ قَبْلُ، وَأَنَّ غَضَبَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَـحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْـنَ دَعْوَةٍ أُخْرَى، وَإِبْرَاهِيمُ عَلَيهِ السَّلَامُ اِعْتَذَرَ عَنِ الشَّفَاعَةِ بِثَلَاثِ كِذْبَاتٍ اِرْتَكَبَهَا طُوَالَ حَيَاتِهِ، وَكَلُّهَا فِي ذَاتِ اللهِ، وذَلِكَ حِينَمَا قَالَ: إِنِّي سَقِيمٌ؛ حَتَّى لَا يَـحْضُرَ مَعَ قَوْمِهِ عِيدَهُمُ الشِّرْكِيِّ، وَحِينَمَا قَالَ لَـهُمْ بَعْدَ تَـحْطِيمِهِ للأَصْنَامِ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيـرُهُمْ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُعِيدَهُمْ إِلَى رُشْدِهِمْ، وَالثَّالِثَةُ حِينَمَا قَالَ لِلْمَلِكِ الطَّاغِيَةِ حِيـنَمَا سَأَلَهُ عَنْ صِلَةِ الْـقَرَابَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ سَارَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: إِنَّـهَا أُخْتُهُ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْجُوَ مِنَ الْقَتْلِ مَعَ أَنَّـهَا فِي الْـحَقِيقَةِ أُخْتٌ لَهُ فِي اللهِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْكِذْبَاِت الَّتِـي رَوَاهَا فِي ذَاتِ اللهِ، وَمَعَ ذَلِكَ خَشِيَ مِنْ آثَارِهَا. وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اِعْتَذَرَ عَنِ الشَّفَاعَةِ لِلْخَـلْقِ بِسَبَبِ ذَنْبٍ وَحِيدٍ اِرْتَكَبَهُ وَهُوَ قَتْلُهُ لِلْفِرْعُونِيِّ قَبْلَ أَنْ يُبَلَّغَ بِالرِّسَالَةِ، وَاِسْتَغْفَرَ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ، وَغَفَرَهُ اللهُ لَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ يَـخْشَى مِنْ آثَارِهِ؛ لِـهَوْلِ الْمَوْقِفِ، وَلِعِظَمِ غَضَبِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَحَالَ هَذَا بَيْنَهُ وَبَيْـنَ الشَّفَاعَةِ لِلْخَلْقِ. وَاِنْبَـرَى للشَّفَاعَةِ بَعْدَ اِعْتِذَارِهِمْ جَـمِيعًا عَنْهَا نَبِـيُّ الْـهُدَى، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي وَصَفَهُ اللهُ بِقَوْلِهِ: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ هَذَا الْمَوْقِفَ الْعَظِيمَ الْمَهِيبَ آتٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، قَالَ تَعَالَى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا * كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا)
وَرَحِمَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ بنَ أَدْهَمَ الْقَائِلَ:
كَأَنِّي بِنَفْسِـي فِي الْقِيَامَةِ وَاقِفٌ *** وَقَدْ فَاضَ دَمْعِي وَالْمَفَاصِلُ تُرْعَدُ
وَقَدْ نُصِبَ الْمِيزَانُ لِلْفَصْلِ وَالْقَضَا *** وَقَدْ قَامَ خَيْـرُ الْعَالَمِـيـنَ مُـحَمَّدُ
إِلَى اللهِ يَرْجُو لُطْفَهُ تَـحْتَ عَرْشِهِ *** بِكُلِّ دُعَاءٍ صَـالِحٍ وَهُوَ سَاجِدُ
لِيَشْفَعَ عِنْدَ اللهِ فِي أَهْـِل مَوْقِفٍ *** تَوَالَتْ عَلَى الْعَاصِيـنَ فِيهِ الشَّدَائِدُ
اللَّهُمَّ أَنِلْنَا شَفَاعَةَ نَبِيِّنَا مُـحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات

الشفاعة.docx

الشفاعة.docx

الشَّفَاعَةُ.docx

الشَّفَاعَةُ.docx

المشاهدات 1968 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا