الشباب طاقات و إمكانيات

الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
1432/03/27 - 2011/03/02 15:17PM
[font="] * [/font][font="]الشباب طاقات و إمكانيات[/font]
[font="] [/font]
[font="]أيّها الشباب ما قلته في الخطبة الأولى لا يجعلني أنكر أنّ الشاب في تلك المرحلة له طبيعة خاصة، لكن تلك الطبيعة يمكن توظيفها إيجابيّا.. و أكبر دليل على ذلك تلك الشخصيات الشابة المتميّزة التي كان لها دورا فعّالا و إيجابيا بحقّ الأمّة.. لذلك أناشدكم الله تعالى إخواننا و أخواتنا المربّين: انشئوا شبابنا على المنهج الإسلامي.. عظّموا أمر الله تعالى في نفوسهم.. رسّخوا في قلوبهم محبّته تبارك و تعالى و العمل لمرضاته، و إتباع سُنّة حبيبه صلى الله عليه و سلم.. قَوُّوا في أعماقهم الإحساس بالانتماء إلى دين الله.. علّموهم سِيَر شباب السلف الصّالح رحمهم الله.. حبّبوا إليهم مجالس الخير و حذّروهم من مجالس الشرّ، و مجالسة أصحاب السّوء.. اغرسوا في شبابنا الإحساس بقيمة يوم القيامة و أهوالها، و لا تنسوا قول النبيّ عليه الصلاة و السلام : " ألا كُلُّكم راعٍ و كلّكم مسؤول عن رعيّته ".[/font]
[font="] [/font]
[font="]طبعا مسؤولية تربية هذا الجيل التربية التي تؤهّله لكي يكون شاب نشأ في طاعة الله، أمر يطول و له أصول و تفصيل، و ما يهمّنا في هذه الخطبة هو أن نلفت الأنظار إلى ذاك الشاب الذي يستحقّ أن يظلّه الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه.. نريد أن نوضّح أهمّية الشباب حقّا في حياة الشعوب و الأمم، حتّى أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه و سلّم فقال: " أوصيكم بالشباب خيرا فإنّهم أرقّ أفئدة، قلوبهم طيّبة ليّنة، يتقبّل الخير، و تنفعل به، و تعمل له، لقد بعثني الله بالحنيفيّة السمحة ( الإسلام ) فحالفني الشباب و خالفني الشيوخ ".. خالفه الكبار في قريش أمثال: أبو جهل، أبو لهب، عتبة، الوليد ابن المغيرة، و غيرهم ممّن قاتلوه و حاربوه صلّى الله عليه و سلم.. أمّا من حالفوه و تحمّسوا لدعوته الشريفة صلى الله عليه و سلم و حملوا الإسلام في قلوبهم و همومه على أكتافهم، هم الشباب.. الشباب هم أنصار الحبيب عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليمات.. [/font][font="]قال الإمام مالك رحمه الله: " لن يصلح آخر هذه الأمة إلا[/font] [font="]بما صلح به أولها[/font][font="] ".. و لا[/font] [font="]يمكن جمع المسلمين إلا على ما كان عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ[/font] [font="]وَسَلَّمَ وصحابته من عقيدة وأحكام ومعاملات وسلوك وهدي، وإنما تفرق المسلمون بعد[/font] [font="]ذلك، بسبب انحرافهم عن الهدي النبوي و إحداث بدع في العقيدة و العبادات و التشريع و من قولٍ على الله بغير علمٍ..[/font]

[font="] و من هنا كان لزامًا علينا أن نراجع أنفسنا بين الفينة[/font] [font="]و الأخرى، و نزن حركاتنا و سكناتنا بميزان الكتاب و السُّنَّة، و لكن ما أبعدنا اليوم عن[/font] [font="]سُنَّة نبينا صلى الله عليه و سلم و ما أعظم الفرق بيننا و[/font][font="] [/font][font="]بين الأوائل الذين قال فيهم[/font] [font="]بن مسعود: " إن أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا[/font] [font="]و أعمقها علمًا وأقلها تكلفًا[/font][font="] "..[/font]
[font="] [/font]
[font="]الإسلام عُرىً، من ترك عروة رضي بهدم حجر من صرح إسلامه، و مِنْ هنـا[/font] [font="]أُصيبَ المسلمون في دينهم، و هم لا يشعرون أن سُنَّة مع سُنَّة تُكَوِّنُ الدِّينَ، و مُسْتَحَبٌّ مع مُستحبٍّ يكمل الإيمان، و اقتراف مَكْرُوهٍ مع مكروه صدع في الإسلام[/font] [font="]و ثلمه في الإيمان..[/font]
[font="] [/font]
[font="] * الشباب و الفراغ و المـال..[/font]
[font="] [/font]
[font="] الشباب[/font] [font="]و[/font] [font="]الفراغ[/font] [font="]و المال[/font] [font="]ثالوث خطير، [/font] [font="]إذا[/font] [font="]اجتمعت[/font] [font="]معا سوف[/font] [font="]تؤدي بالتأكيد إلى الانحراف و المفاسد،[/font] [font="]خاصة إذا لم يوظف هذا التلوث إلى ما يعود بالنّفع و الإفادة.. و الجمعيات الشبابية[/font] [font="]أدركت خطورة هذا الأمر، و استشعرت أثاره مبكرا،[/font] [font="]فتحركت من منطلق الوقاية خير من العلاج.. [/font]
[font="]فدورها الأساسي واضح في المجتمع أكثر من غيرها، و هو العمل و الاجتهاد بما تملكه من قدرات بشرية و ماديّة للحفاظ على الأبناء، و توفير فرص العمل لهم، و تأهيلهم لتحمّل المسؤوليّة، و تمكينهم من الأرضية الصلبة التي تحميهم من الفراغ الإيديولوجي القاتل طوال السنّة الدراسية، و من التسكع في الشوارع خلال الإجازات الموسمية و خصوصا الإجازة الصيفية.. و يعتبر تشريكهم في العمل[/font] [font="]الاجتماعي التطوعي من أهم الوسائل المستخدمة لتفعيل دورهم في النهوض بمكانة المجتمع[/font] [font="]في عصرنا الحالي..[/font]
[font="] و يكتسب العمل الاجتماعي أهمية متزايدة يوماً بعد يوم، فهناك قاعدة[/font] [font="]مسلم بها مفادها أنّ الحكومات سواء في البلدان المتقدمة أو النامية، لم تعد قادرة[/font] [font="]على سد احتياجات أفرادها و مجتمعاتها، فبالإضافة إلى تعقّد الظروف الحياتية، ازدادت الاحتياجات[/font] [font="]الاجتماعية و التربوية و الصحيّة، و أصبحت في تطوّر مستمر، و لذلك كان لا بد من وجود جهة أخرى موازية للجهات[/font] [font="]الحكومية تقوم بملء المجال العام و تكمّل الدور الذي تقوم به الجهات الحكومية في[/font] [font="]تلبية احتياجات المجتمع، و يطلق على هذه الجهة: " المجتمع المدني "، و هذا ما سعى إلى إرسائه رئيس البلاد زين العابدين بن على منذ اعتلائه سدّة الحكم في 7 نوفمبر 1987 .. [/font]
[font="]و في أحيان كثيرة[/font] [font="]يعتبر دور المنظمات الوطنية في تونس دوراً سباقاً في معالجة بعض القضايا الاجتماعية[/font] [font="]و الاقتصادية و الثقافية و ليس تكميلياً، و أصبح هذا الدّور يضع خططاً و برامج تنموية تحتذي بها[/font] [font="]الحكومات.. لقد شهد العمل الاجتماعي عدّة تغيّرات و تطورات في مفهومه و وسائله[/font] [font="]و ذلك بفعل التغيرات التي تحدث في الاحتياجات الاجتماعية، فبعد أن كان الاختيار الجوهري هو تقديم الرعاية و الخدمة للمجتمع و فئاته، أصبح الاختيار الآن تغيير[/font] [font="]و تنمية المجتمع على جميع الواجهات، و بالطبع يتوقف نجاح تحقيق الاختيار على صدق و جديّة العمل[/font] [font="]الاجتماعي و على رغبة المجتمع ذاته في إحداث التغيير و المشاركة في نوعية التنمية..[/font]
[font="] و لتحقيق هذه الأهداف التي كانت مطمحا لأجيالٍ متعاقبة، فإنّ هذا العمل[/font] [font="]الاجتماعي يجب أن يصبح أحد الركائز الأساسية لتحقيق التقدّم الاجتماعي و التنمية، و معياراً لقياس مستوى الرقيّ الاجتماعي للأفراد و الجماعات.. و يجب أن يعتمد هذا العمل على[/font] [font="]عدّة عوامل لنجاحه، و من أهمّها الشباب.. فكلما كان الشباب متحمساً للقضايا[/font] [font="]الاجتماعية و مدركاً لأبعاد العمل الاجتماعي كلما أتى العمل الاجتماعي بنتائج[/font] [font="]إيجابية و حقيقية في إطار ما يهدف إليه وليّ الأمر، و ما تطمح إليه أهمّ شريحة في مجتمعنا أ لا وهي الشباب الذي يبقى بلا منازع الضّامن الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنيّة المنشودة.. [/font]
[font="]كما أنّ العمل الاجتماعي يمثل فضاءً رحباً ليمارس الشاب ولاءه و انتماءه لمجتمعه، كما يمثل العمل الاجتماعي و الثقافي مجالاً مهماً[/font] [font="]لصقل مهارات الشباب و بناء قدراتهم.. و انطلاقاً من العلاقة التي تربط بين العمل[/font] [font="]الاجتماعي الثقافي و كذا الرياضي و الشباب، خاصة في المجتمعات الفتية كمجتمعنا التونسي، فحماس الشباب و انتمائهم لمجتمعهم[/font] [font="]كفيلان بدعم و مساندة العمل الاجتماعي و الرقي بمستواه و مضمونه، فضلاً عن أن[/font] [font="]العمل الاجتماعي سيفرز الخبرات و القدرات و المهارات الشبابيّة، و التي سيكونون بأمسّ[/font] [font="]الحاجة لها خاصة في مرحلة تكوينهم و مرحلة ممارستهم لحياتهم العملية.. و رغم ما[/font] [font="]يتسم به العمل الاجتماعي من أهمية بالغة في تنمية المجتمعات و تنمية قدرات[/font] [font="]الأفراد، إلاّ أننا نجد نسبة ضئيلة جداً من الأفراد الذين يمارسون العمل[/font] [font="]الاجتماعي، فهناك عزوف من قبل الأفراد، و خاصة الشباب منهم، عن المشاركة[/font] [font="]في العمل الاجتماعي بالرغم من أنّ الشباب يتمتع بمستوى عالي من الثقافة و الفكر[/font] [font="]و الانتماء و بالرغم من وجود القوانين و المؤسسات و البرامج و الجوائز التي تشجع[/font] [font="]الشباب على المشاركة بشكل فاعل في تنمية مجتمعنا.. و هذا ما يثير التساؤل عن[/font] [font="]الأسباب المؤدية إلى عزوف الشباب عن المشاركة في العمل الاجتماعي التطوعي و الذي[/font] [font="]يعرف بأنه مساهمة الأفراد في أعمال الرعاية و التنمية الاجتماعية سواء بالرأي أو[/font] [font="]بالعمل أو بالتمويل أو بغير ذلك من الأشكال.. و من خصائص العمل الاجتماعي أن يقوم[/font] [font="]على تعاون الأفراد مع بعضهم البعض في سبيل تلبية احتياجات مجتمعهم، و هذا يقود[/font] [font="]إلى نقطة جوهرية مفادها أن العمل الاجتماعي يأتي بناء على فهمٍ لاحتياجات[/font] [font="]المجتمع.. [/font]
[font="]و تجدر الإشارة إلى أن مساهمة الأفراد في العمل الاجتماعي تأتي بوصفهم[/font] [font="]إمّا موظفين أو متطوعين من التلاميذ أو الطلبة أو من العاطلين ذوي الشهائد العليا الذين يجدون في العمل التطوّعي الاجتماعي و الثقافي و غيره، الملاذ و البديل المناسب للتسكّع و التردّد على المقاهي و الفضاءات المهمّشة.. و ما يهمّنا هنا الوصف الثاني.. و التطوع هو الجهد الذي[/font] [font="]يقوم به الفرد باختياره لتقديم خدمة للمجتمع دون توقع لأجر مادي مقابل هذا[/font] [font="]الجهد.. و بالرغم من " مجانية " العمل الاجتماعي التطوعي، إلاّ أنه يوجد نظام[/font] [font="]امتيازات و حوافز و جوائز يتمتع بها العاملون في هذا القطاع و بشكل عام يمكن أن[/font] [font="]نصف المتطوع بأنّه إنسان يؤمن بقضية معينة، واقعي و متعايش مع ظروف مجتمعه، له[/font] [font="]القدرة على الاندماج و التفاعل مع أفراد مجتمعه، و مستعد لتقديم يد المساعدة[/font] [font="]لرعاية و تنمية مجتمعه.. [/font]
[font="]و يمكن الجزم بأنّ هذا العمل الاجتماعي و التطوعي[/font] [font="]للشباب له أهمّية بالغة قد يغفل عنها الكثير، من ذلك: [/font]
[font="]* [/font][font="]تعزيز انتماء[/font] [font="]و مشاركة الشباب في مجتمعهم.. [/font]
[font="]* [/font][font="]تنمية قدرات الشباب و مهاراتهم الشخصية و العلمية[/font] [font="]و العملية.. يتيح للشباب التعرف على الثغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع.. [/font]
[font="]*[/font][font="] يمكّن الشباب من التعبير عن آرائهم و أفكارهم في القضايا العامّة التي تهمّ المجتمع..[/font] [font="][/font]
[font="]* [/font][font="]يوفّر لهم فرصة تأدية الخدمات بأنفسهم و حلّ المشاكل بجهدهم الشخصي.. [/font]
[font="]* [/font][font="]و يوفّر لهم كذلك فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي تحتاجها البلاد، و المشاركة في[/font] [font="]اتخاذ القرارات..[/font]

[font="][/font]
[font="]فتح الله لنا أقفال القلوب، و يسّر لنا الوصول إلى كلّ مطلوب..[/font]

[font="][/font]

[font="][/font]
[font="] لم يعد لنا مزيد و غدا إن شاء الله هناك جديد[/font]

[font="][/font]
[font="] الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب
[/font]
المشاهدات 2117 | التعليقات 0