السياحة القومية ضرورة شرعية
احمد ابوبكر
1434/06/29 - 2013/05/09 03:22AM
د.عمران الكبيسي
تعيش العاصمة البحرينية المنامة بصفتها عاصمة السياحة العربية للعام 2013م حراكا سياحيا نشطا، فمنذ أسابيع وهي تحتضن فعاليات رصينة متلاحقة تشارك فيها وفود عن منظمات سياحية عربية وعالمية ووكالات سفر، وقد جمعتنا ببعض منهم أمسية ممتعة في بيت السفير التونسي ودار الحديث حول تنشيط السياحة العربية، وما تثيره بعض جهات الإعلام المغرضة من أن ارتقاء النخب الإسلامية في تونس وليبيا ومصر واليمن سدة الحكم يعرض السياحة العربية لانتكاسة وخسارة فادحة بفعل تشدد الجماعات الإسلامية ووسم السياحة بالمحرمة، مما استدعانا للتدخل: وإن الإسلام لا يحرم السياحة، ولا تتنافى السياحة ونشاطها وتطلعاتها مع جوهر الدين واتجاهاته الاقتصادية، بل على العكس الإسلام موجه ومنشط للسياحة النظيفة، بخاصة في رحاب العالم العربي والإسلامي للتعرف على المعالم وتقوية وشائج الترابط، يقول تعالى: *يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ* الحجرات13، وراهنت على ازدهارها حالما تستقر الأوضاع والأيام شواهد.
وبدا لي أن الكثير من المعنيين بشأن السياحة في وطننا يجهلون ما في الدين من سند للسياحة، وأنها جزء من ثقافتنا الدينية، وقد بين الله لعباده المؤمنين، أهمية السفر والتجوال في الأرض والنزهة فيها وتفريج الكرب والهم عن النفس والأهل فضلا عن فوائد السياحة الأخرى بما يقربها من أن تكون ضربا من ضروب الجهاد أو على الأقل ضرورة شرعية، ولنا فيما أمرنا الله مندوحة: *أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ* يوسف109، وقوله تعالى: *قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ* الأنعام11، وقال: *أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا* الحج46، وقال:*قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ* العنكبوت20، وتكرر المعنى واللفظ في آيات أخر كثيرة يُراد بها النظر في الآثار ونهاية من ملك قبلنا، عبرة وموعظة لمن فكر ونظر حيث المساكن الداثرة، وتقلب الدنيا بأهلها، فأصبحوا أخبارا وآثارا، ومن التفكر بعجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، من الجبال، والوهاد، والأودية والصحارى والكثبان والصخور والآكام والأشجار والأزهار، ونبات مختلف ألوانه، وما بث الله من الدواب والوحوش والحشرات والطيور، وسير البحار الممتدة بتلاطم الأمواج، وما فيها من الحيوات لا تحصى، فمن سار في الأرض سائحاً لهذه المقاصد يرى العجب العجاب، ويرجع متأثراً مستفيداً بكنوز العبر والفكر، ومواعظ الله وقدرته، وعجيب خلائقه. بخاصة إذا وفرت عرى الدين للناس الأمن والاطمئنان على حياتهم وأموالهم وأهليهم وأعراضهم، فزيارة الأوطان والإخوان الأحباب من أفضل القربات إلى الله وجاء في الحديث الشريف: “أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ قَالَ: لا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عز وجل. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ" ويقول الإمام الشافعي شعرا:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائــد
تفــريـج هـــمًّ، واكتسـاب معيشــة، وعلـم، وآداب، وصحبـة، مـاجــد
وبنظرة إلى خزائن أدبنا العربي النفيسة نجد أن أدب الرحلات ووصف البلدان استأثر بعناية وحفاوة في تراثنا، واشتهر فيه ابن بطوطة، وأن العالم العربي الشريف الإدريسي أول من رسم خريطة للعالم وأسس علم الجغرافيا، وكتب في التاريخ والأدب والشعر، والنبات والفلسفة، والطب، والنجوم، ولد في سبته بالمغرب وطاف بلاد الحجاز ومصر والقسطنطينية. ووصل سواحل فرنسا وإنجلترا. وجال آسيا الصغرى. وعاش فترة في صقلية ضيفا على ملكها روجر قبل العودة إلى بلدته سبته حيث توفي، فأي ثقافة سياحية تضاهي ثقافتنا العربية، وما أحوجنا اليوم إلى التعرف على معالم وطننا العربي والإسلامي والتواصل بين شعوبنا لتقوية تماسك اللحمة وتبادل المنفعة والخبرات، في وقت تمزقت فيه العرى وفرقت بيننا الحدود السياسية.
ويدعو الإسلام لجعل الدول العربية والإسلامية بمثابة دولة واحدة تذوب فيها الحدود والعوائق، ويشجع التجارة الحرة البينية وتنقل الأموال والسفر وتبادل المنافع، ويأمرنا بتعلم اللغات والتواصل مع الأمم الأخرى ولولا ذلك ما انتشر الدين وسادت العربية واتسعت رقعتها. ويبقى التواصل مع الأقطار العربية والإسلامية وشعوبها بمثابة الفريضة الشرعية لها الأفضلية والأولوية على زيارة الدول الأجنبية، وكل ما يدعو إليه الإسلام هي السياحة بمفهومها النظيف الأبيض الرداء، وليست ثقافة التعري والتلوث التي تجلب الوباء والبلاء، ونأمل ألا تلتبس على شبابنا الدعاوى المغرضة، فنفقد قيمنا الأصيلة لصالح دعاوى التغريب والتهويد الدخيلة، ولنا عودة بإذن الله.
تعيش العاصمة البحرينية المنامة بصفتها عاصمة السياحة العربية للعام 2013م حراكا سياحيا نشطا، فمنذ أسابيع وهي تحتضن فعاليات رصينة متلاحقة تشارك فيها وفود عن منظمات سياحية عربية وعالمية ووكالات سفر، وقد جمعتنا ببعض منهم أمسية ممتعة في بيت السفير التونسي ودار الحديث حول تنشيط السياحة العربية، وما تثيره بعض جهات الإعلام المغرضة من أن ارتقاء النخب الإسلامية في تونس وليبيا ومصر واليمن سدة الحكم يعرض السياحة العربية لانتكاسة وخسارة فادحة بفعل تشدد الجماعات الإسلامية ووسم السياحة بالمحرمة، مما استدعانا للتدخل: وإن الإسلام لا يحرم السياحة، ولا تتنافى السياحة ونشاطها وتطلعاتها مع جوهر الدين واتجاهاته الاقتصادية، بل على العكس الإسلام موجه ومنشط للسياحة النظيفة، بخاصة في رحاب العالم العربي والإسلامي للتعرف على المعالم وتقوية وشائج الترابط، يقول تعالى: *يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ* الحجرات13، وراهنت على ازدهارها حالما تستقر الأوضاع والأيام شواهد.
وبدا لي أن الكثير من المعنيين بشأن السياحة في وطننا يجهلون ما في الدين من سند للسياحة، وأنها جزء من ثقافتنا الدينية، وقد بين الله لعباده المؤمنين، أهمية السفر والتجوال في الأرض والنزهة فيها وتفريج الكرب والهم عن النفس والأهل فضلا عن فوائد السياحة الأخرى بما يقربها من أن تكون ضربا من ضروب الجهاد أو على الأقل ضرورة شرعية، ولنا فيما أمرنا الله مندوحة: *أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ* يوسف109، وقوله تعالى: *قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ* الأنعام11، وقال: *أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا* الحج46، وقال:*قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ* العنكبوت20، وتكرر المعنى واللفظ في آيات أخر كثيرة يُراد بها النظر في الآثار ونهاية من ملك قبلنا، عبرة وموعظة لمن فكر ونظر حيث المساكن الداثرة، وتقلب الدنيا بأهلها، فأصبحوا أخبارا وآثارا، ومن التفكر بعجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، من الجبال، والوهاد، والأودية والصحارى والكثبان والصخور والآكام والأشجار والأزهار، ونبات مختلف ألوانه، وما بث الله من الدواب والوحوش والحشرات والطيور، وسير البحار الممتدة بتلاطم الأمواج، وما فيها من الحيوات لا تحصى، فمن سار في الأرض سائحاً لهذه المقاصد يرى العجب العجاب، ويرجع متأثراً مستفيداً بكنوز العبر والفكر، ومواعظ الله وقدرته، وعجيب خلائقه. بخاصة إذا وفرت عرى الدين للناس الأمن والاطمئنان على حياتهم وأموالهم وأهليهم وأعراضهم، فزيارة الأوطان والإخوان الأحباب من أفضل القربات إلى الله وجاء في الحديث الشريف: “أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ قَالَ: لا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عز وجل. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ" ويقول الإمام الشافعي شعرا:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائــد
تفــريـج هـــمًّ، واكتسـاب معيشــة، وعلـم، وآداب، وصحبـة، مـاجــد
وبنظرة إلى خزائن أدبنا العربي النفيسة نجد أن أدب الرحلات ووصف البلدان استأثر بعناية وحفاوة في تراثنا، واشتهر فيه ابن بطوطة، وأن العالم العربي الشريف الإدريسي أول من رسم خريطة للعالم وأسس علم الجغرافيا، وكتب في التاريخ والأدب والشعر، والنبات والفلسفة، والطب، والنجوم، ولد في سبته بالمغرب وطاف بلاد الحجاز ومصر والقسطنطينية. ووصل سواحل فرنسا وإنجلترا. وجال آسيا الصغرى. وعاش فترة في صقلية ضيفا على ملكها روجر قبل العودة إلى بلدته سبته حيث توفي، فأي ثقافة سياحية تضاهي ثقافتنا العربية، وما أحوجنا اليوم إلى التعرف على معالم وطننا العربي والإسلامي والتواصل بين شعوبنا لتقوية تماسك اللحمة وتبادل المنفعة والخبرات، في وقت تمزقت فيه العرى وفرقت بيننا الحدود السياسية.
ويدعو الإسلام لجعل الدول العربية والإسلامية بمثابة دولة واحدة تذوب فيها الحدود والعوائق، ويشجع التجارة الحرة البينية وتنقل الأموال والسفر وتبادل المنافع، ويأمرنا بتعلم اللغات والتواصل مع الأمم الأخرى ولولا ذلك ما انتشر الدين وسادت العربية واتسعت رقعتها. ويبقى التواصل مع الأقطار العربية والإسلامية وشعوبها بمثابة الفريضة الشرعية لها الأفضلية والأولوية على زيارة الدول الأجنبية، وكل ما يدعو إليه الإسلام هي السياحة بمفهومها النظيف الأبيض الرداء، وليست ثقافة التعري والتلوث التي تجلب الوباء والبلاء، ونأمل ألا تلتبس على شبابنا الدعاوى المغرضة، فنفقد قيمنا الأصيلة لصالح دعاوى التغريب والتهويد الدخيلة، ولنا عودة بإذن الله.