السنة شرفها وحال الناس معها

مريزيق بن فليح السواط
1433/01/20 - 2011/12/15 19:09PM
إن الحمد الله ...
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
عباد الله :
لقد أرسل الله الرسل مبشرين ومنذرين، ومحذرين ومرغبين، ومعلمين ومرشدين، حتى تقوم الحجة على الناس أجمعين ورسولنا صلى الله عليه وسلم وضح معالم الشريعة، وبين أحكام الملة، وأمرنا بلزوم السنة، في أصول الدين وفروعه .ولم يقبض النبي صلى الله عليه وسلم حتى تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك قال أبو ذر : لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يحرك جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما. وروى مسلم عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم" فالحجة قد قامت والمحجة قد بانت والحدود قد حدت والشريعة قد كملت " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " فالدين قد كمل والنعمة قد تمت والرسول قد بلغ البلاغ المبين، وعلى أمته الإذعان والتسليم " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم بـه لعلكم تتقون " فالسبيل القويم، والصراط المستقيم، إنما يكون بإتباع سنة سيد المرسلين، والهداية والنجاة إنما تكون في اقتفاء أثره، والاهتداء بهدية " قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فان تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين"
السنة شعار المفلحين، وآية الصادقين، وعلامة حب رب العالمين " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " قال ابن عون: ثلاث أحبهن لنفسي ولإخواني : هذه السنة أن يتعلموها ويسألوا عنها ؛ والقرآن آن يتفهموه ويسألوا عنه ؛ ويَدَعوا الناس ألا من خير.
السنة لشرفها، وصى النبي صلى الله عليه وسلم في أخر أيامه بالتمسك بها، والتشبث بعراها ، فعن العربا ض بن سارية قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بوجهه فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب فقال رجل : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا فقال : "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها ،وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة "
السنة تعبد بنقلها المتعلمون وتقرب بحفظها أهل العلم الراسخون وقبل ذلك آمر بالتمسك بها رب العالمين فقال في كتابه المبين " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون "
السنة عرف فضلها الصالحون وشمر لها المخلصون وعمل بها المؤمنون فكانت سبب فلاحهم وفوزهم . " ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون" قال مالك بن أنس:السنة سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق. بل تطبيق السنة والعمل بها سبب لحفظ الإسلام، وبيضة المسلمين، وأن يعبد الله في الأرض " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : والله الذي لا اله ألا هو لولا أن أبا بكر أُستخلف ما عبد الله، والله الذي لا أله ألا هو لولا أن أبا بكر أُستخلف ما عبد الله، والله الذي لا أله ألا هو لولا أن أبا بكر أُستخلف ما عبد الله. _يحلف ثلاث مرات_ فقيل مه يا أبا هريرة. فقال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه جيش أسامة بن زيد في سبعمائة رجل إلى الشام فلما نزل بذي خُشُب قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب واجتمع إليه الصحابة فقالوا :رد هؤلاء. توجه هؤلاء إلى الشام وقد ارتدت العرب حول المدينة .فقال : والذي لا اله ألا هو لو جرت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رددت جيشا وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حللت لواء عقده .فوجه أسامة رضي الله عنه فجعل لا يمر بقبائل يريدون الردة ألا قالوا : لولا أن لهؤلاء قوة ما خرجوا لقتال الروم ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم. فلقوا الروم فهزموهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام .
السنة تاركها متوعد بالعذاب الأليم، مطرود عن حوض الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: " فليحذر اللذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" وروى الشيخان ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"انا فرطكم على الحوض ولُيُرْفَعَن لي رجال ثم ليختلِجُن دوني فاقول أي رب أصحابي ،فيقال : إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك " وفي رواية فأقول: " سحقا لمن بدل بعدي " كل عمل خلاف السنة يبعد عن الله ويتبرأ من صاحبه رسول الله. قال عليه الصلاة والسلام : "فمن رغب عن سنتي فليس مني " قال سفيان الثوري " لا يستقيم قول وعمل ونية ألا بموافقة السنة . عن عمرو بن يحي قال : سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال أخرج إليكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا إليه جميعا، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن أني رأيت في المسجد أنفا أمرا أنكرته ولم أرى والحمد لله ألا خيرا. قال: فما هو؟ فقال: أن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصا، فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة. قال: فماذا قلت لهم؟ قال ما قلت لهم شيئا، انتظار رأيك أو انتظار أمرك قال أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء! ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيئا، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه و سلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده أنكم لعلي ملة هي أهدي من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة؟ قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا ألا خيرا، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثنا "أن قوما يقرؤون القرآن لا يُجاوز تراقيهم" وأيمُ الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم. قال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يُطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج . تركوا السنة يريدون الخير فوقعوا في البدعة.فالسنة هي الجنة الحصينة لمن تدرعها، والشرعة المعنية لمن تشرعها، درعها صاف، وظلها ضاف،وبيانها واف، وبرهانها شاف.
السنة حافظها محفوظ ، وملاحظها ملحوظ ، والمقتدي بها على صراط مستقيم، والمهتدي بمعالمها صائر إلى محل النعيم المقيم " كل أمتي في يد خلون الجنة إلا من آبى" قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال : "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى: "
{ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ".

الحمد الله على إحسانه .........
عباد الله : لقد كانت هذه الأمة مرحومة في أول عهدها، جمعها الله على الهدى، وحماها من اتباع الهوى، ولم يكن جيل صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم يعرفون غير محبته وطاعته وتوقيره، واتباع النور الذي أنزل معه، يتعلمونه ويعملون به ويدعون إليه في كل شؤونهم دقيقها و جليلها ، صغيرها وكبيرها، وكلما ابتعد الناس عن زمن الوحي ضعفت السنة في قلوبهم ونقص الإيمان في أفئدتهم، فخير القرن قرنه صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ولئن كان الصحابة رضي الله عنهم قد أنكروا محدثات ظهرت في وقتهم، وبكوا على سنن ماتت في حياتهم، فما بالك بمن جاء بعدهم. عن أم الدر داء رضي الله عنها قالت : دخل علي أبو الدر داء مغضبا فقلت مالك؟ قال: والله ما أعرف فيهم شيئا من آمر محمد صلى الله عليه وسلم ألا أنهم يصلون جميعا – يعني صلاة الجماعة – هذه هي التي بقيت والباقي تغير. حساسية مفرطة عندهم لترك السنة. سهيل بن مالك يقول عن أبيه : لا أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس ألا النداء بالصلاة. وأنس يقول : ما أعرف منكم ما كنت أعهده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قولكم : لا اله ألا الله. قلنا:بلى يا أبا حمزة قال : قد صليتم حتى تغرب الشمس أفكانت تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وميمون بن مهران يقول: لو أن رجلا أنشر فيكم من السلف ما عرف غير هذه القبلة. فالصحابة رضي الله عنهم تألموا لحال الناس لما رؤوا إعراضهم عن السنن في زمن ما زال الدين فيه غضا، وأنفاسه ممزوجة بالهدي الأول.بل أنكروا ترك السنن والتفريط فيها فابن عمر رضي الله عنهما يقول للحجاج: تأخرت. يريد أن يقيمه على السنة في الخروج إلى الصلاة لان الحجاج كان أمير الحج.وعمارة بن رؤيبة رضي الله عنه لما رأى بشر بن مروان على المنبر رافعآ يديه قال : قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومايزيد ان يقول بيديه هكذا "وآشار بسبابته.وأبو سعيد أنكر على مروان بن الحكم لما كان يقدم الخطبة على الصلاة في العيد. وعائشة رضي الله عنها تقول والله لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء- يعني من التبرج والخروج بالزينة- لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل.بل أشتد نكير الصحابة على من يرد السنة فهذا ابن عمر رضي الله عنهما أنكر على ولده بلال وكان أحب أبنائه إليه لما سمع حديث "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله..."وبلا ل لما رآى حال النساء وما حصل لهن، قال: والله لمنعهن. فقال: عبد الله ابن عمر أحدثك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله.." وتقول والله لمنعهن فسبه سبا ما سمع مثله، ولم يكلمه حتى مات، لأنه رد السنة. عاتقة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية كانت امرأة جميلة تزوجها عبد الله بن أبي بكر ثم تزوجها عمر وكانت تكثر في الخروج إلى المسجد النبوي وكان عمر يكره ذلك خشية عليها لأنها ذات جمال، فقيل لها: أن عمر يكره خروجك. فقالت : ما أنا بتاركة الذهاب للمسجد ألا أن يمنعني وكره عمر أن يمنعها للحديث السابق، وبعد عمر تزوجت الزبير وكان رجلا غيورا وكانت تخرج للمسجد كعادتها فكانت اذا تهيئة للصلاة قال لها :والله إنك لتخرجين وأنا لكاره. فتقول: أمنعني فأجلس فكان يكره أن يمنعها للحديث فاحتال لها فجلس لها على الطريق وهي ذاهبة للمسجد فلما مرت ضربها على جنبها وهرب، فقالت: مالك وفزعت ورجعت إلى بيتها- ظنته رجل سوء يتربص بها- فلما جاء وقت صلاة الظهر لم تخرج فقال لها الزبير: مالك لا تخرجين؟ فقالت: يرحمك الله، يا أبا عبد الله كنا نخرج إذا الناس ناس ما بهم من بأس أما الآن فلا. عبد الله بن المغفل لما رأى ولده يحذف بالحصى قال له : أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الحذف وقال: انه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو" فلما حذف مره أخرى هجره ولم يكلمه.
عباد الله:
لما بعد الزمان، وطال بالناس العهد، وضعف الأيمان، و كثر الخبث والنفاق، وقل الورع، تجرأ كثير من الناس على القول والكلام، فقال كل بهواه، وتكلم بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الزمان، زمان الفتن التي يرقق بعضها بعضا، رأينا العجائب والعظائم، رأينا أمورا لا يسع أحد السكوت عنها بحال . فمن ذلك السخرية والاستهزاء بالسنة النبوية، ومعارضتها بالعقول والأراء، والرغبات والعادات، كالسخرية والاستهزاء باللحية ورفع الرجل ثوبه فوق الكعبين، وحجاب المراءة، والسواك،غيرذلك. فتسمع من يصف تلك الأعمال بأوصاف ردئية، أو يتهكم بمن التزم بها. فلم يجد هؤلاء ما يملؤون به فراغهم ألا الضحك والاستهزاء بمن عمل بالسنة وحافظ عليها، فيجعلونه محل لسخريتهم هازلين لاعبين، متناسين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم"
قال قطب الدين اليونيني : بلغنا أن رجلا يدعى أبا سلامة من ناحية بصري – كان فيه مجون واستهتار فذكر عنده السواك وما فيه من الفضيلة فقال : والله لا أستاك إلا في المخرج يعني دبره فآخذ سواكا فوضعه في مخرجه ثم أخرجه فمكث بعده تسعة أشهر وهو يشكو من ألم في البطن والمخرج ،ثم وضع ولدا على صفة الجرذان له أربعة قوائم ورأسه كراس السمكة، وله دبر كدبر الأرنب. ولما وضعه صاح ذالك الحيوان ثلاث صيحات، فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأسه فمات وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين ومات في الثالث وكان يقول : هذا الحيوان قتلني وقطع أمعائي.
فاحرصوا على السنة تعلموها واعملوا بها، استضيئوا بنورها في حوالك الشبهات، وتزينوا بها عند انتشار الشهوات، فهي زينة العمل الصالح وبهاؤه، وسنائه وجماله. المتمسكون بها أكمل الناس عملا،وأقربهم صوابا "تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي"
ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على نبي الرحمة والهدى......
المشاهدات 3309 | التعليقات 3

جزاك الله خيرا


أخي شبيب شكرا لمرورك وجزاك الله خيرا


هذه الخطبة مناسبة لبيان شرف السنة وأهمية التذكير بفضلها وحال السلف تمسكا بها ودفاعا عنها وردا على من ينتقصها أو يردها خصوصا ونحن نسمع ونرى انفلاتا من أدعياء جهلة!! فوجب على الخطباء أن يذكروا بها ويدعوا لتعظيمها والتمسك بها،،،