السلامة لا يعدلها شيء

محمد البدر
1437/06/08 - 2016/03/17 20:11PM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد: عباد الله : قال تعالى : ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَة ويَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) ﴾
فإن من نعم الله علينا التي لاتعد ولا تحصى نعمة تسخير الخيل والبغال والحمير والإبل لتحملنا من بلد إلى بلد وتحمل المتاع والأثقال وما شابهها فقد أراحت الأبدان وحملت الأثقال واختصرت الأزمان وقاربت البلدان وصار فيها للناس جمال وزينة ومتعة.
وفي قوله تعالى ﴿ ويَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ تنبيه على ما خلقه الله وسخره ويسره من وسائل النقل البرية والبحرية والجوية مما لم يكن معلوما للناس عند نزول الوحي وقد يستجد في المستقبل مالا نعلمه اليوم ولا يخطر لنا على بال.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى سُرُوجٍ، كَأَشْبَاهِ الرِّحَالِ ، يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ ... » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أي مراكبهم التي يقفون بها جوار المساجد تشبه مراكب وثيرة لينة وطيئة .
وقد يكون في هذا الحديث الشريف إشارة إلى السيارات التي لم تعرف الا في هذه الأزمنة الأخيرة.
عباد الله :الحياة في ظل النظام واحترام قوانينه والالتزام بها تكون جميلة ومحمودة ،أما في ظل الفوضى وغياب النظام تكون تعيسة ومذمومة .
فلنعمل جنباً الى جنب مع رجال المرور في نشر الوعي و الثقافة المرورية بين أفراد المجتمع للحد من حوادث الطرق حتى تعيش الأسر والمجتمعات في أمن وسلامة واطمئنان .
فما أجمل أن نسمع الأخبار السعيدة التي تريح النفس وما اطيب اللحظات التي نعيشها مع زينة الحياة الدنيا من المال والبنون ونحافظ عليها من الضياع والدمار .
أليس من المزعج للنفس أن نسمع أخبار عن حادث سير تسبب في وفاة أو إصابات وأضرار في الممتلكات أو إضراره بعائلات أو اسر، لا شك أنها بقضاء الله وقدره ثم بسبب الإهمال والجهل من سائقي المركبات أو عدم المبالاة واللامسؤولية .
ولقد أمرنا الله بحفظ النفس ؛ والحذر من إتلافها والإضرار بها ، فقال تعالى :﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ وقال:﴿وَلاَ تلقواْ بِأَيديكم إلى التهلكة ﴾ .
عباد الله :إن أنظمة المرور ما وضعت الا للسلامة والأمن والتزامها واجب ديني لانها من طاعة ولي الامر في غير معصية الله, ومعنى ذلك أن التزامها بنية طاعة ولي الأمر طاعة لله ولرسوله وعمل تؤجر وتثاب عليه كما أن مخالفتها ومجاوزتها معصية لولي الأمر وفي الحديث الصحيح (وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي). كما أن التزامها مصلحة تعود عليك وعلى غيرك بالسلامة في نفسك وبدنك ومالك وعلى الناس في أنفسهم وأبدانهم وأموالهم ، فلنعود أنفسنا ولنربيها على مراعاة الانظمة والتزامها طلباً للأجر من الله وطلباً للمصلحة قبل أن نراقب كميرات المراقبة أو رجال المرور..
عباد الله :إن من أكثر المخالفات الشائعة والخطرة السماح لصغار السن بالقيادة فقيادتهم تقوم على التهور والسرعة وقطع الاشارات والقيام بحركات خطيرة وعدم المبالاة بشيء فقد يهلك نفسه أو غيره . عباد الله :القيادة فن وذوق وأخلاق ، ومن هذه الأخلاق في القيادة الإلتزام بقواعد المرور لأنها ما وضعت إلا للسلامة وخدمة الجميع ، كما تتجلى هذه الأخلاق في مراعاة الآخرين ومشاعرِهم بل وإكرامهم، فإدخال الفزع على الغير وترويعهم ليس من أخلاق الإسلام؛ كما يحصل عند قطع الإشارات ، أو السرعة الزائدة ، أو القيادة بلا مبالاة ، وكذلك مخالفةُ إرشادات الوقوف الصحيح ، والمزاحمةُ عند المداخل والمخارج ، فلا تكونوا ممن لا يفكر في الآخرين ومصالحهم ؛ وإنما يفكر فقط في نفسه ومصلحته ، ومن مظاهر سوء الأخلاق أيضاً عند ورود أيّ خطأ من طرف آخر يحدث من البعض التلفظ بالسِبابِ والشتائمِ واللعن والبصق و الاعتداء باليد وغيرها ما الله به عليم .فاتقوا الله وتخلقوا بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم:«كَانَ خَلْقُهُ الْقُرْآنَ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
أقول قولي هذا ....

الخطبة الثانية :
عباد الله :السلامة المرورية لا تقتصر على السيارات فقط بل إن بعض الأشخاص ينتقلون عادة من مكان لآخر إما سيراً على الأقدام ، أو باستخدام الدراجات،وبعض ذوي الاحتياجات الخاصة يقودون عربات كهربائية ولهذه الوسائل مخاطر مختلفة ، يجب أن يعرفها الجميع وبخاصة الأطفال …
فالحوادث التي تقع للمشاة وغيرهم تعود إلى عدم الاهتمام بالتعليمات التي يجب اتباعها لسلامتهم ،وعدم الانتباه للإشارات والإرشادات المرورية . . .
عباد الله :ومن المظاهر المؤرقة فيما يتعلق بمخالفة أنظمة السير ظاهرة التفحيط، وخطورتها على المارة والمتجمهرين ولو فكر الممارسون لها ما ينهال عليهم من دعوات صادقة من سكان البيوت وعابري السبيل لكان في ذلك خير رادع لهم ولعل ما نشاهده من صور الموت الشنيع الذي يقع لكثير من المفحطين وجماهيرهم ربما كان نتيجة دعوات وافقت ساعة إجابة ،فالبيوت فيها المرضى والعجزة والاطفال والمحتاجون الى النوم والراحة والهدوء وهولاء كانما يضربون الرؤوس بالفؤوس..
فاتقوا الله يا معشر الشباب ودعوا عنكم هذه الظاهرة القبيحة ،وليتق الله من يعينهم على هذا المنكر من أولياء أمورهم ومن الجمهور المشجع والداعمين لهم والراعي لنشر هذا المنكر . ألا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 2749 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا