🌟السفير🌟
تركي بن عبدالله الميمان
قناة الخطب الوجيزة
https://t.me/alkhutab
نسخة للطباعة
الخُطبةُ الأولى
إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ، ونَستَغفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، ونَعَوذُ باللهِ مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا، وسَيّئَاتِ أعمالِنَا؛ مَنْ يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَه، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هَادِيَ لَه، وأَشهَدُ أَن لا إله إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَه؛ وأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعلى آلِهِ وصَحبِهِ، وسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، ومَنْ تَوَكَّلَ عَلَيهِ كَفَاه! فـ﴿اتَّقُوااللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
عِبَادَ الله: إِنَّهُ شَهْرٌ عَظِيمٌ، تُرْفَعُ فيهِ الأعمالُ، إلى رَبِّ العِزَّةِوالجَلَال؛ إِنَّهُ شَهْرُ شَعْبَان! فَعَنْ أُسَامَةَ بن زَيدٍ t قال: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَك تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَان؟) فقال ﷺ: (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ، بَيْنَ رَجَبٍ ورَمَضَان، وهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعمَالُ إلى رَبِّ العَالَمِينَ؛فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وأَنَا صَائِمٌ). قال ابنُ رَجَب: (فِيهِ دَلِيلٌعلى استِحبَابِ عِمَارَةِ أَوقَاتِ غَفْلَةِ النَّاسِ بالطَّاعَة، وأَنَّذَلِكَ مَحبُوبٌ للهِ U).
والصِّيَامُ في شَعْبَان: كَالتَّمْرِينِ على صِيَامِ رَمَضَان؛ قالت عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (مَا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ استَكمَلَ صِيَامَ شَهرٍ قَطُّ إِلَّا رمَضَانَ، ومَا رَأَيتُهُ في شَهرٍ أَكثَرَ مِنهُ صِيَامًا في شَعبَان). قال العُلَماءُ: (صِيَامُ شَعبَان: أَفضَلُ مِن صِيَامِالأَشهُرِ الحُرُمِ؛ لِقُربِهِ مِن رمَضَان، بِمَنزِلَةِ السُّنَنِالرَّوَاتِبِ مَعَ الفَرَائِضِ؛ فَيَلْتَحِقُ بِالفَرَائِضِ في الفَضل).
وشَعْبَانُ كَالمُقَدِّمَةِ لِرَمَضَان: ولِذَا شُرِعَ فِيهِ الصِّيَام، وانْكَبَّ الصَّالِحُونَ على القُرآن؛ لِتَسْتَعِدَّ النُّفُوسُ لِرَمَضَان، وتَرْتَاضَعلى طَاعَةِ الرَّحْمَن! قال بعضُ السَّلَف: (كانَ يُقَالُ: شَهرُشَعبَان؛ شَهرُ القُرَّاء!).
وحَرِيٌّ بِمَنْ جَدَّ في شَعْبَانَ: أَنْ يَجِدَ حَلَاوَةَ رَمَضَان، وثَمَرَةَ الإِيمان!قال البَلْخِي: (شَهرُ رَجَب: شَهرُ البَذرِ لِلزَّرعِ، وشَعْبَانُ:شَهرُ السَّقيِ لِلزَّرعِ، ورَمَضَانُ: شَهرُ حَصَادِ الزَّرع).
ومَنْ دَخَلَ عَلَيهِ شَعْبَانُ، وبَقِيَ عَلَيهِ قَضَاءُ رَمَضَان؛ فَلْيُبَادِرْ إلى قَضَائِهِ قَبْلَ رَمَضَان؛ قالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (كَانَ يكُونُ عَلَيَّ الصَّومُ مِن رَمَضَانَ؛ فَمَا أَستَطِيعُ أَن أَقْضِيَهُ إِلَّا في شَعبَان).
وإذا كان هذا الشَّهرِ: تُعرَضُ فيه الأَعمَالُ على الله؛ فينبغي الاحسانُ في العَمَل، بِمَا يُرْضِي اللهَ U؛ قال ابنُ القَيِّم: (عَمَلُ العَامِ: يُرفَعُ في شَعبَان، وعَمَلُ الأُسبُوعِ: يُرفَعُ يَومَ الِاثنَينِ والخَمِيسِ، وعَمَلُ اليَومِ: يُرفَعُ في آخِرِه، وعَمَلُ اللَّيلِ: يُرفَعُ في آخِرِهِ). قال ابنُ حَجَر: (فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَةٍ؛ بُورِكَ في رِزْقِهِ وعَمَلِه!) .
ومِنْ أَفضَلِ الأَعمَالِ الَّتِي تُرْفَعُ إلى اللهِ ﷻ: تَطْهِيرُ القَلْبِ مِنَالنَّجَاسَاتِ؛ قال I: ﴿يومَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَبِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾. قال ابنُ القَيِّم: (القَلبُ السَّلِيمُ: هُوَ الَّذِي سَلِمَ مِنَ الشِّركِ، والغِلِّ، والحِقْدِ، والحَسَدِ، والشُّحِّ، والكِبْرِ، وحُبِّ الدُّنيَا، والرِّيَاسَة). قال السَّلَف: (أَفضَلُ الأَعمَالِ: سَلَامَةُالصُّدُور).
ولا يُشْرَعُ تَقَدُّمُ رَمَضَانَ: بَصَومِ يَومٍ أو يَومَينِ، مَا لَم يَكُنْصَوْمًا واجِبًا: مِثْل قَضَاءِ رَمَضَان، أو وَافَقَ صَومًا مُعتَادًا: كَصِيَامِ الاثنَينِ والخَمِيس؛ قال ﷺ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَومِ يَومٍ ولا يَومَينِ، إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَومًا؛ فَلْيَصُمْه).
ويَحرُمُ صَومُ يَومِ الشَّكِ: بِقَصْدِ الاِحْتِيَاطِ لِرَمَضَان. ويَومُ الشَّكِ: هُوَ الَّذِي تَكُونُ لَيلَتُهُ: لَيلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعبَان، وكانَ في السَّماءِ مَا يَمنَعُ رُؤيَةَ الهِلَال؛ فَحِيْنَئِذٍ يَجِبُ إِكْمَال شعبانَ ثَلاثِينَ يَومًا.قال عَمَّارُ بنُ ياسرt: (مَنْ صَامَ اليَومَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ؛ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ ﷺ). قال النَّوَوِي: (فَإِنْ صَامَهُ عَن قَضَاءٍ، أو نَذْرٍ، أو كَفَّارَةٍ: أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَصُومَ فِيهِ تَطَوُّعًا لَهُ سَبَبٌ؛ فَالفَرْضُ أَولَى).
وتَخصِيصُ لَيلَةِ النِّصفِ مِنْ شعبانَ: بِعِبَادَةٍ أو احتِفَالٍ؛ لم يَثْبُتْ فيهِ شَيءٌ عن النَّبِيِّ ﷺ. قال ابنُ العَرَبي: (لَيْسَ في لَيلَةِالنِّصفِ مِنْ شَعبان: حديثٌ يُعَوَّلُ عَلَيه). يقول ابنُ عُثَيْمِين: (لَيلَةُ النِّصفِ مِنْ شَعبان: لا تُخَصُّ بِقِيَامٍ، ولَكِنْ إِنِاعْتَادَ أَنْ يَقُومَ اللَّيل؛ فَلْيَقُمْ لَيلَةَ النِّصفِ: كَغَيرِهَا مِنَاللَّيَالي).
أَقُوْلُ قَولِي هذا، وأَستَغفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاستَغفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ على إِحْسَانِهِ، والشُّكْرُ لَهُ على تَوْفِيْقِهِ وامْتِنَانِه، وأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلَّا الله، وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُه.
عِبَادَ الله: أَكْرِمُوا شَهْرَ شَعبَان؛ فَهُوَ سَفِيرُ رَمَضَان، وفُرصَةٌ لِلتَّروِيضِ على فِعْلِ الطَّاعَات، وتَرْكِ المُنكَرَات؛ اِستِعْدَادًا لِشَهرِ الخَيرَاتِ!
فَيَا مَغْرُوْرًا بِطُولِ الأَمَلِ؛ كُنْ مِنَ المَوتِ على وَجَلٍ؛ فَمَا تَدْرِي مَتَى يَهْجُمُ الأَجَلُ! فـ(كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَوْمًا لا يَسْتَكْمِلُهُ!ومِنْ مُؤَمَّلٍ غدًا لا يُدْرِكُهُ!). ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا واللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
*******
* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسلامَ والمُسلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّركَ والمُشرِكِين، وارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين: أَبِي بَكرٍ، وعُمَرَ، وعُثمانَ، وعَلِيّ؛ وعَنِ الصَّحَابَةِ والتابعِين، ومَنْ تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ إلى يومِ الدِّين.
* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهمُومِينَ، ونَفِّسْ كَرْبَ المَكرُوبِين، واقْضِ الدَّينَ عَنِالمَدِينِين، واشْفِ مَرضَى المسلمين.
* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا ووُلَاةَ أُمُورِنَا، ووَفِّق (وَلِيَّ أَمرِنَا ووَلِيَّ عَهْدِهِ) لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى، وخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلبِرِّ والتَّقوَى.
* اللَّهُمَّ أَنتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أَنتَ، أَنتَ الغَنِيُّ ونَحنُ الفُقَراء؛ أَنزِل عَلَينَا الغَيثَ، ولا تَجعَلْنَا مِنَ القَانِطِين.
* اللَّهُمَّ إِنَّا نَستَغفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا؛ فَأَرسِلِ السَّمَاءَ عَلَينَا مِدرَارًا.
* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
* فَاذكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، واشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿ولَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
قناة الخطب الوجيزة
https://t.me/alkhutab
المرفقات
1738156570_السفير.pdf
1738156573_السفير (نسخة مختصرة).pdf
1738156573_السفير (نسخة للطباعة).pdf
1738156601_السفير (نسخة مختصرة).docx
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق