السعادة في ستة !
عبدالرزاق بن محمد العنزي
الخطبة الأولى:(28/4/1443هـ) السعادة في ستة !
أيها الناس: يقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله : بعد التأمل والاستقراء .. وجدت أن الأذكار التي ُيوصى بالإكثار منها كما في الكتاب والسنه هي ستة أذكار ..
تعتبر هي رأس الحربة وسلاحك الفتاك في معركتك الطويلة مع الهموم والأحزان والأوجاع والأمراض
الذكر الأول : الصلاة على رسول الله ، فالإكثار من الصلاة عليه فيها غفران الزلات، وتكفير السيئات وإجابة الدعوات، وقضاء الحاجات وتفريج الكربات، وحلول الخيرات والبركات، ورضا رب الأرض والسماوات، وهي نور لصاحبها في قبره، منجية من الشرور والآفات، وفيها القيام ببعض حقه وتنمية محبته في القلب التي هي من أشرف القربات، وهي من أسباب الهداية إلى الصراط المستقيم، وهي دعاء وسؤال للرب الرحيم، ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ رواى الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ» هذا فيمن صلى عليه صلاة واحدة فكيف بمن كان يومه كله صلاة عليه ؟!
الذكر الثاني : كثرة الاستغفار: فكُن عبد الله من: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾
قال الحسن البصري رحمه الله: «أكثِروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة».
الذكر الثالث : يا ذا الجلال والإكرام والإكثار من هذا الذكر يكاد يكون من السنن المهجورة مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا به قال رسول الله : " ألّظوا بـ يا ذا الجلال والإكرام " وألّظوا معناها .. أكثروا .. والزموا ..
وقال السعديُّ رحمه الله: ﴿ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾؛ أي: ذو العظَمةِ والكبرياءِ، وذو الرَّحمةِ والجُودِ والإحسانِ العامِّ والخاصِّ، المَكْرُمةِ لأوليائِهِ وأصفيائِهِ الذين يُجلُّونه ويُعظمونه ويحبُّونه».
وقال الخطابي رحمه الله: وقد يُحتَملُ أَنْ يكونَ المعنى: أَنَّهُ يُكْرِمُ أَهْلَ ولايتِهِ، وَيرْفَعُ درجاتِهم بالتوفيقِ لطاعتِهِ فِي الدُّنيا، ويُجلُّهم بأَنْ يتقبَّلَ أعمالَهم ويرفعَ فِي الجِنَانِ درجاتِهم.
الذكر الرابع: لا حول ولا قوة إلا بالله ،وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتواصون فيما بينهم بالإكثار من الحوقلة، فقد روى عامر بن سعد رضي الله عنه قال: لقيت أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فقال: ألا آمرك بما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قَالَ النَّوَوِيّ: هِيَ كَلِمَة اِسْتِسْلام وَتَفْوِيض، وَأَنَّ الْعَبْد لا يَمْلِك مِنْ أَمْره شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُ حِيلَة فِي دَفْع شَرٍّ، وَلا قُوَّة فِي جَلْب خَيْر إِلاَّ بِإِرَادَةِ اللَّه تَعَالَى؛ اهـ.
قال سفيان الثوري: دخلت على جعفر بن محمد وهو في مسجده، فقال: ما جاء بك يا سفيان؟ قال: قلت: طلب العلم، قال: فقال يا سفيان: "إذا ظَهَرَتْ عليك نعمة فاتَّق الله، وإذا أبطأ عنك الرزق فاستغفر الله، وإذا دهَمك أمرٌ من الأمور، فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال يا سفيان: ثلاثًا وأيما ثلاث"؛ رواه البيهقي في شعب الإيمان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فلفظ الحول يتناول كل تحول من حال إلى حال، والقوة هي القدرة على ذلك التحول؛ فدلَّت هذه الكلمة العظيمة على أنه ليس للعالم العلوي والسفلي حركة وتحول من حال إلى حال ولا قدرة على ذلك إلا بالله.
بارك الله لي ولكم ،،،
الخطبة الثانية:
الذكر الخامس : هو دعاء نبي الله يونس( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) هذا الذكر قاهر الأحزان وجالب الأفراح.
عَنْ سَعْد بن أبي وقاص، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ )رواه الترمذي ، والإمام أحمد في "المسند"، وحسنه محققو المسند، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" والظاهر من لفظ الحديث أن الاقتصار على ملازمة هذا الدعاء بخشوع وخضوع قلب، بنيةِ أن يستجيبَ الله لحاجته، يكفيه عن ذكر اسم هذه الحاجة؛ فقد سماه دعاء، ولم يرشد الداعي إلى ذكر حاجته.
قال الأمير الصنعاني رحمه الله تعالى:" فإن قيل: هذا ذكر لا دعاء! قلنا: هو ذكر يفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء " .
الذكر السادس ) سبحان الله ، الحمد لله ، لا إله إلا الله ،الله أكبر
قال العلامة الصنعاني رحمه الله: "والأحاديث في فضل هذه الكلمات مجموعةً ومتفرقةً بحرٌ لا تُنزفه الدلاء، ولا يُنقصه الإملاء"، وقال - من قبله - شيخ الإسلام رحمه الله : "والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرة صحيحة" فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها أحب إليه مما طلعت عليه الشمس، وأنها أحب وأفضل وأطيب الكلام إلى الله، وهن اللاتي تتساقط بهن ذنوب العبد، وهن المنجيات والمقدمات والباقيات الصالحات، وهن الثقيلات في الميزان، وهن يعدِلْن الإنفاق والجهاد والقيام، وهن وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن كبِرَت سِنُّه ورقَّ عظمُه وهنّ وهنّ ولن ينقضي الحديث عنهنّ وعن فضلهنّ، فلا تفوت على نفسك هذه الكنوز العظيمة والثمار الجليلة واعلم أنه على قدر إكثارك من ذكر الله ...تنال محبة الله وعلى قدر إلحاحك في الدعاء .. تستنزل الإجابة ..