السبع المثاني

الدكتور صالح الضلعان
1437/05/05 - 2016/02/14 11:46AM
الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُرِّ الميامين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.أَمَّا بَعْدُ
اتقوا الله تعالى وراقِبوه، وأطيعُوا أمرَه ولا تعصُوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
عِبادَ الله،
روى مسلم والنسائي عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ ،( نَقِيضًا ) صَوْتًا كَصَوْتِ الْبَاب إِذَا فُتِحَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ ، فَقَالَ : هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ ، فَسَلَّمَ وَقَالَ : أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ ؛ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ( قوله (حَرْفًا مِنْهُمَا ) أَيْ مِمَّا فِيهِ مِنْ الدُّعَاء إِلَّا أُعْطِيته أَيْ أُعْطِيت مُقْتَضَاهُ وَالْمَرْجُوّ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصّ بِهِ بَلْ يَعُمّهُ وَأُمَّته صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وروى مالكٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ لَحِقَهُ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى يَدِهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ : " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَعْلَمَ سُورَةً مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الْقُرْآنِ مِثْلَهَا " قَالَ أُبَيٌّ فَجَعَلْتُ أُبْطِئُ فِي الْمَشْيِ رَجَاءَ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ السُّورَةَ الَّتِي وَعَدْتَنِي قَالَ: " كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ؟ " قَالَ فَقَرَأْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هِيَ هَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ "
نقرأها ونحفظها ..ونكررها..ونتعلمها ونتقنها ...ويجب ُ ان نستشعرها ونتأملها ونتدبرها..
سورة الفاتحة ..نور وشفاء.. سورة الفاتحة أعظم سورة في القران الكريم..هذا الكتاب الكريم العظيم أعظم سورة فيه هي سورة الفاتحة .. عن أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ قَالَ له : (لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ : أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ) .
قال الحافظ بن حجر في شرحه لهذا الحديث: " وَفِي هَذَا تَصْرِيح بِأَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاك سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي ) هِيَ الْفَاتِحَة..وقيل في تسميتها السبع المثاني لِأَنَّهَا تُثَنَّى كُلّ رَكْعَة أَيْ تُعَاد ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا يُثْنَى بِهَا عَلَى اللَّه تَعَالَى ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّة لَمْ تَنْزِل عَلَى مَنْ قَبْلهَا".
روى البخاري ومسلم ، واللفظ لمسلم ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَأَتَتْنَا امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ لُدِغَ فَهَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ فَأَعْطَوْهُ غَنَمًا وَسَقَوْنَا لَبَنًا فَقُلْنَا أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً فَقَالَ مَا رَقَيْتُهُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ لَا تُحَرِّكُوهَا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : " مَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ "قال النووي : = فِيهِ التَّصْرِيح بِأَنَّهَا رُقْيَة ، فَيُسْتَحَبّ أَنْ يُقْرَأ بِهَا عَلَى اللَّدِيغ وَالْمَرِيض وَسَائِر أَصْحَاب الْأَسْقَام وَالْعَاهَات يامن تقرأ سورة الفاتحة تأمل هذا الحديث ..وقف عند كل عبرة من عبراته..وتأمل هذا الأجر والفضل لكل آية من ايات هذه السورة الكريمة
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ
( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ
{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ
{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ
{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }
قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ
أيها المصلي تأمل وأنت تتلو ايها المصلي الكريم وانت تتلو قوله تعالى( الحمد لله رب العالمين )أعمل العقل وقلّب النظر
تأمل، تفكر،تدبر كم بهذا الوجود مما نراه من صنوف بفضله شاهدات
دلّ على انفراده سبحانه بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار..فأعلن فقرك لربك في كل مرة تقرأ فيها هذه السورة لتذوق السعادة الأبدية
. مالك يوم الدين كأن سورة الفاتحة تصرخ في ضمائرنا يوميا مرات تذكروا يوم الدين ، وذكٍّروا الظالم بيوم الدين>>.
يقرأ المصلي في كل ركعة: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، ما يوم الدين هذا الذي خصّه الله تعالى بالملك، وهو سبحانه المالك كلَّ شيء؟ إن سورة الفاتحة تثير معنى يوم الدين وتذكِّر به، إنه اليوم الذي لا بد أن يشهده كل إنسان. آية مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ توقظه ليأخذ أُهبة السفر الذي لا بد لكل حي أن يسافر إلى ذلك الموقف، ويشهد ذلك اليوم. يومَ الوعد والوعيد، والجنةِ والنار، يومَ يُبْصِرُ الناسَ وقد خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوة الحق، وقد نزلت ملائكة السماوات فأحاطت بهم، وقد جاء الجليل سبحانه، ونُصب كرسيّه لفصل القضاء، وأشرقت الأرض بنوره، ووُضع الكتاب، وجِيء بالنبيين والشهداء، ونُصِب الميزان، وأخذت الصحف تتطاير، واجتمعت الخصوم، وتعلّق كل غريم بغريمه، ولاح الحوض وأكوابه عن كَثَب، وكثُر العِطاش، وقلَّ الوارد، ونُصب الجسر على متن جهنم للعبور، والنار يحطم بعضها بعضًا تحته، والمتساقطون فيه أضعاف الناجين.
كل هذه المعاني تكون شاهدة في قلب المصلي حين يقرأ قول الله تعالى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، فتنكسر حدة التعلق بالدنيا والانجذابِ إليها، ليطير إلى الآخرة وكأنه يسمع هاتفًا يقول:
فحيَّ على جنات عدنٍ فإنَّها منازلك الأولى وفيها المخيّم
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعـود إلَى أوطاننا ونسلم
وأنت في هذا الجو وقلبك هَلِع فَزِع لا تملكِ إلا أن تتوسل إلى ربك بالدعاء أن يهديك سواء السبيل، ويعينَك ويوفقَك، ويشرحَ صدرك لعبادته وحده، لتنجو من أهوال ذلك اليوم العظيم وخزاياه، ولتفوز بجنته ورضاه. وكل هذه المعاني وأكثر صيغت بأوجز عبارة وأبلغ بيان في الآية التي تلي الآية السابقة وهي قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، وفرقٌ بين لفظ: وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ولفظ: (نستعينك)، فلفظ: (نستعينك) قد نستيعن معك بغيرك، وأما لفظ: وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فلا نطلب العون إلا منك وحدك؛ لأن الأمر كلَّه بيدك وحدك، لا يملك أحد منه معك مثقال ذرة، وفيها إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يُتوكّل إلا على من يستحق العبادة لأن غيره ليس بيده الأمر، فلا تتوكل عليه أيها المسلم. والربط بين العبادة والتوكل صُرِّح به في آيات أخرى؛ في قوله سبحانه: فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [هود: 123]، وقوله: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ [التوبة: 129]، وقوله: قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا [الملك: 29] وغيرها. قال ابن تيمية رحمه الله: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ تدفع الرياء، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ تدفع الكبر".
( إياك نعبد وإياك نستعين ). أيها المصلي وأنت تردد ( إياك نعبد وإياك نستعين )
هل تشعر بأنك تطلب العون حقاً ممن بيده ملكوت السماوات والأرض ؟هل تشعر بأنك صاحب توحيد وشجاعة ؟وأنك قوي القلب عزيز النفس ؟!هل تشعر بأنك قوي بالله ؟!
اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، وأغنى خلقك بك
اللهم أعنا وأغننا عمن أغنيته عنا
اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
( الخطبة الثانية )
الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرّحيم، مالكِ يوم الدين، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريك له الملِكُ الحقُّ المبين، وأشهَد أنَّ سيّدنا محمَّدا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الأحكام الفقهية للفاتحة ايها الكرام الحدبث الذي ذكرناه وهو ماثبت في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ.. فقراءة سورة الفاتحة واجبة في كل ركعة من ركعات الصلاة على المصلي
ومن فاتته قراءة الفاتحة في الصلاة، وذلك كمن دخل الصلاة أثناء ركوع الإمام أو رفعه من الركوع، أو أثناء سجوده فلا تجب عليه قراءة الفاتحة؛ لتحمل الإمام عنه..ومن الأحكام كذلك جواز استفتاحها والجهر بالبسملة او دون ذلك فكلا القولين صحيح من أسر او من جهرقال الشيخ بن باز رحمة الله: ، ما ينبغي فيها النزاع، ينبغي أن يكون الأمر فيها خفيفاً، وهذا هو قول ابن عثيمين وابن باز رحمهم الله
ختمت ايها الكرام سورة الفاتحة بدعاء فلنتأمله ولنتدبره.. اهدنا الصراط المستقيم
إذا كثرت الأقاويل ، واشتد الخلاف وتنازلت الملل والفرق والأحزاب وانتشرت الخرافات
إذا اشتدت المحن وكثرت الفتن ونزلت الهموم والغموم وتتبع الناس الأبراج والنجوم
إذا ضاقت الأنفاس واشتد القنوط واليأس وحلّ الضر والبأس وسيطر الشك والوسواس
ليس لك إلا أن تردد ( اهدنا الصراط المستقيم )
فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه
قال ابن تيميه رحمه الله (لهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ، وهو محتاج إلى الهداىه في كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب..ثم قال رحمه الله من هُدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل كتبه ..هُدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه
وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم
كل يدعي وصلاً، ويرجو اتصالاً، ولكن تبقى تلك مزاعم لابد لها من دلائل وبراهين يقدمها العبد ليبرهن على صدق طلبه للهداية.
والسؤال الكبير هل صدق في دعائه ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، من أضاع أمر ربه وتهاون في صلاته، وضيع أهله ومن يعول؟
هل استشعر ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ، من لم يزل جسده ينمو وينمو على الحرام والسحت، وهو يسابق إلى كل دار رباً، يؤم دوراً ترفع شعاراتها حرباً لله ولرسوله؟
هل غاص في معاني ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ من جاهر بالمعصية أياً كانت صغيرة أم كبيرة وتبجح بها في داره أو سيارته، في حديثه ومظهره؟
أين ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّالّينَ [الفاتحة:6، 7]. ممن يكن لليهود والنصارى وأذنابهم أسمى آيات الحب والإعجاب والولاء؟
عباد الله إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى.
اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نَفَّسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا عيباً إلا سترته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها بيسر منك وعافية، يا أرحم الراحمين!
اللهم من أرادنا وأراد بلادنا وديننا وأمننا وولاة أمرنا ورجال أمننا بسوء فأشغِله بنفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام
على المرسلين، والحمد لله رب العالمين
المشاهدات 2219 | التعليقات 1

الحمد لله أننا بدأنا نرى خطبك الجميلة شيخ صالح.

بارك الله فيك وفي قلمك وإلى الأمام.