(( الزاوية التاريخية ))

عبدالملك بن محمد الجاسر
1430/05/01 - 2009/04/26 11:19AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فقد أمرنا الله عز وجل في كتابه بالنظر والتفكر والسير في الأرض لأخذ العبرة والعظة ، وذكر بأنه لا ينتفع من ذلك إلا أولوا الألباب ، فقال تعالى في سورة العنكبوت :
( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدء الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير ) ...

وعليه : فإننا نؤمن ومن خلال استقراء السنن الكونية بأن التاريخ يعيد نفسه وأحداثه بطريقة متشابهة ، وأن حدث البارحة هو حدث اليوم وإن تغير أصحابه بعامل القدر !! كما قيل :
أسلمني قومي ولم يعضبوا لسوأة حلت بهم فادحة
كل خليل كنت خاللته لا ترك الله له واضحة
كلهم أروغ من ثعلب ما أشبه الليلة بالبارحة

والزاوية التاريخية : إنما هي وقوف على أحداث ، وتفسير لها ، واستخلاص لعبر منها ، والوقوف مع رجالها ، وأخذ الحكمة من أفواه قائليها وأبطالها ...

فأول فروع هذه الزاوية :
هي الأحداث التاريخية : وهي عبارة عن وقائع حصلت لسيد هذه الأمة –صلى الله عليه وسلم – أو لأمته من بعده ، أو لأمم سابقة كانت قبل هذه الأمة ...
نسوق الحدث لتحصل الاستفادة منه ، سواء كان هذا الحدث سياسيا أو علميا أو اجتماعيا أو فكريا أو أخلاقيا ...

وثاني الفروع : تفسير التاريخ :
وهو عبارة عن قواعد وأسس يفهم التاريخ في ضوئها وتحلل أحداثه وفق مفاهيمها مع الاستشهاد عليها بالأحداث الدالة عليها ، وذلك بالنظر إلى السنن الإلهية والنواميس الكونية ومقومات الحضارات الأخرى ، والنظر في المعطيات الراهنة ثم استشراف ذلك بالنظر والاجتهاد وفق النظر الشرعي المنبعث من الكتاب والسنة ...

ثالث الفروع : الدروس التاريخية :
وهي عبارة عن : مواقف وأحداث يقف عندها ذووا الألباب للنظر في مجرياتها وأخذ العبرة والعظة من أحداثها ، إيجابية كانت أو سلبية ...
إذ كثيرا ما تمر الأحداث متشابهة متقاربة لاسيما إذا توفرت نفس الأسباب والعلل والمعطيات ... فمع الوقوف على دروس تلك الأحداث تحصل الاستفادة والعظة...
( وتلك الأيام نداولها بين الناس وما يعقلها إلا العالمون )

رابع الفروع : شخصيات تاريخية :
وهو عبارة عن وقوف على تراجم أشخاص كان لهم أثر ظاهر في تاريخ الأمة من الناحية العلمية أو الأخلاقية أو الجهادية أو الوزارية أو نحو ذلك ...
فنقوم بإبراز تلك الشخصيات وإظهارها لاسيما إن كان التاريخ قد غمرها ، وجفا الناس حقها ، ليحصل الاقتداء ، والسير على ما سار عليه القدماء ...

خامس الفروع : الاقتباسات والنقول :
وهي عبارة عن مقولات وقواعد ذات أثر بلاغي رائع ، وحِكم ظاهرة لكتّاب ومؤرخي التاريخ أو غيرهم .
نستخرجها من بطون الكتب ليحصل للخطيب الاستفادة منها في توصيل ما يريده إلى المصلين مما يجعل له الأثر الجيد على المادة العلمية الملقاة ..

هذا ونسأل الله عز وجل أن يلهمنا الصواب ، وأن يوفقنا لخدمة العباد ، وأن يرزقنا صلاح النية ، وأن يجعل عملنا خالص لرب البرية ...
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...
المشاهدات 2712 | التعليقات 1

اشكرك يا شيخ عبدالملك على هذه المقدمة الرائعة والجميلة ،والتي هي بداية لانطلاقة في ملبس جديد ورونق متميز اسمه (الزاوية التاريخية ) اتمنى لك ولفريق عملك التوفيق والسداد اخوك عبدالله الخديري