الرجوع الى المدارس
عبدالله منوخ العازمي
لحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم (الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآنَ*خَلَقَ الْأِنْسَانَ*عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) [الرحمن:1-4] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والعفو والإحسان وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي بعثه الله بالهدى ودين الحق ليمحو الباطل بالحجة والبرهان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما. أما بعد:
أيها الناس: فإننا في هذه الأيام نلج أبواب عام دراسي جديد توافق مع العام الهجري الجديد نسأل الله تعالى أن يجعله علينا وعلى المسلمين عام خير وبركة، و علم ومعرفة ، يعز فيه الاسلام واهله .
أيها الناس عباد الله : مع بداية هذا العام الدراسي الجديد هناك بعض النصائح نوجهها الى ثلاثة اصناف من مكونات مجتمعنا الكريم وهم العلم و المتعلم وولي امر المتعلم ، والبداية مع المعلم
فإن من أهم ما يتعلق بالمعلمين أن يكون مدركين للعلوم التي يلقونها إلى الطلبة إدراكاً جيداً مستقراً في نفوسهم قبل أن يقفوا أمام الطلبة حتى لا يقع المعلم في حيرة عند سؤال التلاميذ له ومناقشتهم إياه؛ فإن من أعظم مقومات الشخصية لدى الطلبة أن يكون المعلم قويًّا في علمه وملاحظته.
وإذا كان على المعلم أن يدرك العلم الذي سيلقيه أمام الطلبة - فإن عليه ايضاً أن يحرص على حسن إلقائه إليهم؛ بأن يسلك أسهل الطرق في إيضاح المعاني، وضرب الأمثال، ومناقشة الطلبة فيما ألقاه عليهم سابقا؛ ليكونوا على صلة بالماضي ويعلموا أن هناك متابعة من المعلم.. أما أن يأتي يقرأ عليهم الشيء قراءة لا يدري من فهم ومن لم يفهم ولا يناقش فيما مضى - فإن هذه الطريقة طريقة عقيمة جداً لا تثمر ثمرة ولا تنتج نتيجة طيبة.
وإذا كان على المعلم أن يجتهد في الأمور العلمية تحصيلاً وعرضاً - فعليه أن يجتهد في الأمور العملية التعبدية ..
عليه أن يكون حسن النية والتوجيه؛ فينوي بتعليمه الإحسان إلى تلاميذه وإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، وليجعل نفسه لهم بمنزلة الأب الشفيق الرفيق؛ ليكون لتعليمه أثر بالغ في نفوسهم.
وعلى المعلم أن يظهر أمام طلبته بالمظهر اللائق من الأخلاق الفاضلة والآداب العالية التي أساسها التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ليكون قدوة لتلاميذه في العلم والعمل؛ فإن التلميذ ربما يتلقى من معلمه من الأخلاق والآداب أكثر مما يتلقى منه العلم من حيث التأثر؛ لأن أخلاق المعلم وآدابه صورة مشهودة معبرة عما في نفسه ظاهرة في سلوكه، فتنعكس هذه الصورة تماماً على إرادة التلاميذ واتجاههم.
وهنا تنبيه للمعلم !! الا وهو سوؤال المعلم الطلاب أين سافرتم في العطلة ؟
ففيهم من لم يغادر بيته لفقره!
أو لمرضه ! أو لمشاكل داخل أسرته
ايه المعلم ايه المربي سلهم كم آية حفضت ؟
كم كتاب قرأت؟ ومهارة أكتسبة؟
إن على المعلم أن يتقِ الله تعالى في نفسه وفي من ولّاه الله عليهم من التلاميذ، وأن يحرص غاية الحرص على أن يظهر أمامهم بالآداب والأخلاق حتى يكون قدوة حسنة صالحة ، فقد جاء في الحديث (ومن سنة في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".
أيها المؤمنون :يقول الله عز وجل: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم)
ايها التلاميذ المتعلمون :
لا أظن أنكم تحتاجون إلى من يذكّركم بآداب طلب العلم والتزام الأخلاق الفاضلة.
لا تحسبنَّ العلمَ ينفعُ وحدَه ما لَم يُتَوَّجْ رَبُّهُ بِخَلاقِ
فيتعلمُ الطالبُ أدبَ الجلوسِ وأدبَ الاستماع وأدبَ السؤالِ والإنصاتِ وأدبَ الاعتذارِ والاستدراك. يقول الإمام الشافعي رحمه الله: "كنت أصفح الورقة بين يدي شيخي مالك صَفْحًا رقيقًا لئلا يسمع وَقْعَها"، ويقول الربيع: "والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعيُ ينظرُ إليَّ؛ هيبةً له".
ويقول بعض العلماء: "من لم يتحمل ذُلَّ التعلمِ ساعةً بقي في ذُلّ الجهل أبدًا".
وينبغي أن يبدأ الطالب دراسته بكل همة ونشاط ومتابعة. قال يحيى بن أبي كثير: "لا يُسْتَطاعُ العلمُ براحة الجسم" رواه مسلم، ويقول أحد العلماء: "من لم تكن له بداية مُحْرِقة لم تكن له نهاية مُشْرِقة".
أيها المتعلمون: ابذلوا غاية الجهد في تحصيل العلم من أول العام حتى تدركوا المعلومات إدراكاً حقيقياً ثابتاً في قلوبكم راسخاً في نفوسكم؛ لأنكم إذا اجتهدتم من أول العام أخذتم العلوم شيئاً فشيئاً، فسهلت عليكم، ورسخت في نفوسكم، وسيطرتم عليها سيطرة تامة، وإن أنتم أهملتم وتهاونتم في أول العام واستبعدتم آخره - انطوى عنكم الزمن، وتراكمت عليكم الدروس، فأصبحتم عاجزين عن تصورها فضلاً عن تحقيقها، فندمتم حين لا تنفع الندامة، وبئتم بالفشل والملامة.
ثم أيها التلميذ والطالب ما نوع الزملاء والأصدقاء الذين تختارهم وتصطفيهم لرفقتك وصحبتك في المدرسة وفي الشارع وفي الحي؟ هل هم من النوع المرضي في دينه الذي يعينك على الخير ويدلك عليه، أم هم من النوع المسخوط في دينه الذي يدعوك إلى الرذائل ويسوّغ لك فعل الباطل؟! تذكّر أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((المرء على دين خليله))، ويقول عليه الصلاة والسلام : ((لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي)). وقال جماعة من السلف: "اصحب من يُنْهِضُك حالُه، ويدلّك على الله مَقَالُه".
إذا ما صحبتَ القوم فاصحبْ خِيارَهم ولا تصحبِ الأرْدَى فتَرْدَى مع الرَّدِي
وليكن قدوتنا في كل ما نفعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم . بسم الله الرحمن الرحيم
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} بارك الله لي ولكم في الكتابة والسنة ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة ،
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله معزِّ من أطاعه واتّقاه، ومذلِّ من خالف أمرَه وعَصاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له ولا إلهَ سواه، وأشهد أنّ نبيّنا وسيّدنا محمّدًا عبده ورسوله اصطفاه ربّه واجتباه، اللهمّ صلِّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولِك محمّد، وعلى آله وأصحابِه ومن اتّبع هداه
اما بعد .
عباد الله : وإذا كان على المدرسة ـ معلميها وادارتها ـ واجبات فإن على أولياء الطلبة من الآباء وغيرهم واجبات يلزمهم القيام بها.. عليهم أن يتفقدوا أولادهم وأن يراقبوا سيرهم ونهجهم العلمي والفكري والعملي، وأن لا يتركوهم هملاً لا يبحثون معهم، ولا يسألونهم عن طريقتهم وأصحابهم وعن المشاكل التي تواجههم حتى يتمكن من حلها بسرعة قبل فوات الاوان .
إن إهمال الأولاد ظلم وضياع ومعصية لما أمر الله به في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم :6].
فاتقوا الله -عباد الله-، وليقم كل منكم بما أوجب الله عليه من حقوق الله وحقوق لعباد الله؛ لتفوزوا بالمطلوب كما قال ربكم جل وعلا :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب :70-71]..
واعلموا عباد الله انه قد جاء في الحديث الذي اخرجه الترمذي بإسناد لا باس به ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالما أو متعلما) اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ، وارزقنا العلوم النافعة ، انك ولي ذلك والقادر عليه ،
الا و صلوا -رحمكم الله- على خير البرية وأفضل البشرية، فقد أمركم الله في كتابه، فقال عز وجل من قائل عليم: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبيك محمد، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، وعن سائر الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملاً يا رب العالمين...
اللهم أعز الإسلام و المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.
اللهم انصر دينك وكتابك، وسنة نبيك اللهم فرج هم المهمومين ، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، وارحم موتانا وموتى المسلمين واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت؛ أنت الغني ونحن الفقراء، اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا كرباً إلا نفَّسته، ولا عاصيا إلا رددته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة فيها لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واكفهم شرارهم، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)