الذوق العام

يحيى جبران جباري
1441/04/15 - 2019/12/12 20:08PM

الحمد لله الخالق ،  انشق القمر بأمره  وكان للبحر فالق ، أحمده سبحانه واشكره ، هو الكريم الرازق ، و أستعينه وأستهديه و أستعفره ، يعين من حل ومن يفارق ، ويهدي من شاء من المزالق ، ويغفر لمن تاب إليه وندم وإن كان فاسق ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، رب المغارب والمشارق ، وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله وخير الخلائق ، صل الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على نهجه ولهديه لم يفارق .

ثم أما بعد :  فأوصيكم ايها المسلمون ونفسي المقصرة بتقوى الله عز وجل ، وتطبيق ذلك قولا وعمل ، فبالتقوى ، تحيا القلوب ، وتهجر الذنوب ، وتنسى العيوب ، وتفرج الهموم وتنفس الكروب ، وتتوق النفوس للتوب ، وتتعلق بعلام الغيوب ، فاتقوا الله عباد  الله ، فكل جليد لابد له أن يذوب  (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون  18(الحشر)

أيها المسلمون : ليس عليكم بجديد ، وربما لم آتيكم بوعظ فريد ، فكلكم يعلم ، بأن دينكم الإسلامي ، دين متجدد ،  وشرع يصلح لكل زمان ومكان ولكل جيل ، مضى أو واعد ، فهو اتم شرع وأكمل دين ، جمع الله فيه فضائل وآداب وأخلاق الغابرين ، ووضعها في كتابه الكريم ، وأوحى بها لخاتم المرسلين عليه صلوات وسلام رب العالمين ، فعلمها لأمته ليقتدوا بها ويكونوا لها مطبقين (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] فهذا الدين كامل ، احكاما ،  وعبادات ، ومعاملات ، وأخلاقا ، وبغيتي من موعظة اليوم :  الأخلاق ، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صل الله عليه و سلم ( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق )رواه أحمد . وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : لما بلغ أبا ذر مبعث النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء ، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله ، ثم رجع إلى أبي ذر ، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ) رواه البخاري.  وحياة المسلم كلها أخلاق ، قوله وفعله ، ووصفه ، وشكله ، ولباسه ، وتعامله ، حتى طعامه وشرابه ، وهو ممدوح على ذلك ومقرب ، قال صل الله عليه وسلم : ( خياركم أحاسنكم أخلاقا ) رواه الترمذي . وقال: ( إن من أحبكم إلىَّ أحسنكم أخلاقاً ) رواه البخاري .

أيها الأحبة : لعلي الآن أدخل بابا استأذنت ، أسماعكم وعقولكم وقلوبكم ، بما سبق ، لفتحه ، والدخول للقول:  بأن مما سرني ومثلي كثير ، ما أمر به ولاة الأمر حفظهم الله ، في هذه الدولة المباركة حماها الله ، لإصدار لائحة تسمى بالذوق العام ، وفرض غرامات على من يخالفها ، حفاظا على الأخلاق والنظام ، والمقام ليس مقام سرد لها ، ولا لعددها ، ولا قيمة الغرم عليها ، إنما المقام ، مقام تذكير بأخلاق هذه الأمة ، وأن أهلها ، هم خير أمة أخرجت للناس ، دينا وخلقا ، ومقام تنبيه ، لمن ساءت أخلاقه ، قولا ، وفعلا ، ولباسا ، وشكلا ، وتعاملا ، وتصرفا ، فهل بلغ بنا ايها الجيل الحال ، لأن نغرم على فقد أخلاقنا المال ، أترك الإجابة للشباب ، ولمن ستسمعني من الشابات ، في فسيح وقت ومجال ، وسأدع لهم الفرصة ، لينشئ كل واحد منهم لائحة ذوق تخصه ، وجه المقارنة على كل ما سيسجل فيها  ، هذا حلال وهذا حرام ؟ مثلا ، هل التعرض للنساء والرجال ،  وإعطاء من ليس من المحارم رقم هاتف حلال ، أم حرام؟ ، هل التكشف ولبس الضيق والفاحش والقصير من الجنسين حلال ، أم حرام؟ ، هل التلفظ بألفاظ نابية خادشه للدين والحياء ، حلال أم حرام؟ ، هل الدخول لبيوت الله جل وعلا ، وللأماكن العامة بلباس لا يليق ، حلال أم حرام ؟ ، هل رفع الصوت بالموسيقى ، والدوران في الشوارع ، وأذية المارة ، حلال أم حرام؟ ،  هل رمي المخلفات وعدم حفظ النظافة في الشوارع والحدائق العامة ، والأماكن التي يرتادها الناس ، حلال أم حرام ؟، هل التشبه بالكفار في قصات الشعر ، ووضع الأساور وغيرها في الأيدي والأعناق للرجال ، حلال أم حرام ؟ ، وغير ذلك مما كل شخص أعلم به مني ، ويقوله أو يفعله ، وليجعل المقياس ، أهو حلال أم حرام ؟، وسيخرج بلائحة ، ينجو بها من الغرم بالمال ، ويفوز برضى ربه ، ذي العزة والجلال . اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)  (النساء) بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وبهدي سيد المرسلين ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم .....

الحمد لله بيده أسباب الهدى والنجاة ، أحمده سبحانه وأشكره أبتغي عفوه ورضاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، عليه من ربي أعظم سلام وأزكى صلاة ، وبعد يامن عرف الحق ، اتق الله ، فمن اتق الله ، عاش راضيا في الدنيا ، وفاز في الأخرى برحمة الله ، (ومن يتق الله يجعل له مخرجا  2(الطلاق)  عباد الله : إن الأمم ، إنما تعلو وتسموا ببقاء الأخلاق ، وتتهاوى وتصل الى مرحلة الفناء والذهاب ،  بفقد الأخلاق ، إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ؛؛؛ فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا ،، وأنتم يا أهل الإسلام ، يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، أهل الأخلاق ، فكتاب ربكم كله أخلاق ، تتفق وكل الأذواق ، ونبيكم سنته ، كلها أخلاق ، لو أنها تطعم ، لكان لها أعظم مذاق ، فيا ايها الجيل ، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، دعوا عنكم تقليد من حرفوا التوراة والإنجيل ، حسن بني شعرك ، ولا تجعله إثما تسير به على رأسك ، جمل ثيابك ولا تكشف عورتك ، فتفقد ملائكة أرسلها ربك لتحفظك ، لا تتصرف تصرفا غبيا تظنه أنت وأقرانك تسلية ، فتؤذي به غيرك ، إشغل وقتك بما ينفعك ، ولا تقصد أماكن تجدبها من يفتنك ، فيوقعك في شركه ، ويعبث بك ، حتى يضيعك ،  وذوات التاء مشمولات بالكسر في كاف الضمير ، الذي به خاطبتك ، فلئن كنت عندي عينا ، فهي حاجبك ،   هذه موعظة ،  أرسلتها لك ، من واقع لائحة نظمت ، لتحذرك من الوقوع في الاخطاء ومنها تمنعك ، وأنت بني ، وانت بنيتي ، أولى بالاستبراء لدين ربكم بأنفسكم  ،  فالإنسان على نفسه بصيرة ، وكل نفس بما كسبت رهينة.

ثم سلاما وصلاة ديمة ؛؛؛ على الذي قد سكن المدينة ؛؛؛

وأنزل الله عليه دينه ؛؛؛ فقادنا للبر بالسفينة ؛؛؛

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد ......

المشاهدات 819 | التعليقات 0