الذكر المأثور عند كل أمر مهول وحادث سرور
عبدالرزاق بن محمد العنزي
الخطبة الأولى:(6/12/1442هـ)
أيها الناس:هذه وقفة يسيرة وومضة خاطفة،نسلط فيها الضوء على كلمة عظيمة مباركة،إنها جُملةٌ عظيمةٌ حافِظةٌ،إذا سمِعها الشيطان تصاغَرَ وتحاقَرَ وخنَسَ،هي صوتُ المعركة، يُطلِقُه المُجاهِدون في سبيل الله في ساح الوغَى،فيشعرُون بعزَّة الله وقوَّته وكبريائِه ومعيَّته،فيستمِدُّون منه القوةَ والثباتَ والإخلاصَ والعزَّة.
إنه الذِكرُ الجليل، والعبادةُ العظيمةُ، التي دعا الله عبادَه إليها ورغَّبَهم فيها،فقال عزَّ شأنُه:﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾وقال تعالى:﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ فالله سبحانه هو: "الكبيرُ الذي لا أكبرَ منه، الملكُ الذي كلُّ شيءٍ خاضِعٌ له.
"الله أكبر"إعلانٌ عن عظمَة الله،وإذعانٌ لكبريائِه في القلوب. الله أكبر من كل شيءٍ ذاتًا وقُدرةً وقدرًا،وعزَّةً ومنعَةً وجلالاً، هذه المعاني العِظام تُعطِي المؤمنَ الثقةَ بالله وحُسن الظنِّ به، فلا تقِفُ في حياته العقَبَات،ولا يخافُ من مُستقبَل،ولا يتحسَّر على ما فات.
فالله أكبر وأجلُّ وأرحَمُ من أن يترُك عبدَه المُتعلِّق به واللائِذَ بجنابِه، وكلما قوِيَ علمُ العبد ومعرفتُه بأن الله أكبر زادَت عنده الخشية والرَّهبة والتعظيم والمحبَّة وحُسن العبادة ولذَّة الطاعة، وعندها تُقبِلُ النفوسُ على طاعتِه، وتتوجَّهُ، وتحبُّه وتتوكَّلُ عليه.
فهو العليُّ الكبير، لا مُعقِّب لحُكمه، يُعزُّ من يشاء، ويُذلُّ من يشاء، ويصطفِي من يشاء، عنَت له الوجوه، وذلَّت له الجِباه، وخضعَت له الرِّقاب، وتصاغَرَ عند كبريائِه كلُّ كبير.
الله أكبر كلمةٌ صنعَت في تاريخ المُسلمين العجائِب، وبثَّت في أهلها من القوة ما استعلَوا فيه على كل كبيرٍ سِوى الله - عزَّ شأنُه، وجلَّ جلالُه -، تنطلِقُ من أفواه المُجاهدين وقلوبهم قويةً مُدويَّة، تتضاءَلُ أمامَها كبرياءُ كل مُتكبِّر، وعظمةُ كل مُتعاظِم، تعلُو على كل مظاهر الفساد والطُّغيان.
بتكبير الله وتعظيمِه تُحلُّ الكُروب، وتزولُ الخُطوب، وتُرفعُ الهُموم، وتنقشِعُ الغُموم. بتكبير الله وتعظيمِه يصفُو العيش، ويُشفَى الداء. يقولُ عُمر بن الخطاب رضي الله عنه: "قولُ العبد: الله أكبر خيرٌ من الدنيا وما فيها".
وصدق الله القائل: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ﴾. وهو مشروعٌ في المواطِن الكِبار، والمواضِع العِظام، في الزمان والمكان والحال.
والتكبير شعار عشر ذي الحجة لقوله صلى الله عليه وسلم : "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن:من التهليل،والتكبير،والتحميد"رواه أحمد وصححه أحمد شاكر.
وقال الإمام البخاري رحمه الله:"وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبِّران ويُكبِّر الناس بتكبيرهما".
وقال ابن حجرٍ - رحمه الله - عن التكبير: "ذكرٌ مأثورٌ عند كل أمرٍ مهُول، وعند كل حادِثِ سُرورٍ، شُكرًا لله تعالى، وتبرئةً له من كل ما نَسَبَ إليه أعداؤُه".
بارك الله لي ولكم،،،
الخطبة الثانية:
عباد الله: الله أكبر شعار كلِّ مسلم، وإلى الله الأكبر يَلجأ كلُّ مهموم، وباستشعار عظَمةِ الله الأكبر يَصغُر كلُّ مُتكبِّر، وتَرتفع معنوياتُ كلِّ مُنهار، وباللجوء إلى الربِّ العظيم الأكبر تَهون كلُّ مُصيبة، ويُغلب - بإذن الله - كلُّ ظالِم ومُتغطرِس مُتعاظِم.
فلتَلهج ألسنتُنا بذكْر الله، في البيوت والطرقات، والأسواق والمساجد والساحات لا سيَّما تكبيره في زمن هُجِرتْ فيه هذه السُّنةُ العظيمة.
فهنيئاً لمن أحياها،وفهم معناها،وعمل بمقتضاها، مدى الأزمان، وفي جميع الأحوال.
ثم صلوا وسلموا،،،