الدقائق الأخيرة من رمضان
سامي بن محمد العمر
حديث الدقائق الأخيرة من رمضان
أما بعد:
فإليك أخي الكريم
إليك حديث الدقائق الأخيرة...
فعندما تلوح علامات النهاية وترفرف راياتها؛ تكون الدقائق الأخيرة من كل سباق مليئةً بالشوق والتأهب.. وتفيض بالقلق والترقب.
ففي الدقائق الأخيرة تتغير أحوال وتتبدل أوضاع
في الدقائق الأخيرة... ينقلب الكافر المأفون مؤمنا مسلما... والساحر الملعون مطيعا مستسلما.
أفلا يمكن في ليلة باقية أن يؤوبَ الذاهب، ويرجعَ الغائب، ويُقبَل التائب؟؟
أسمعت بالأصيرم... إنه عمرو بن ثابت رضي الله عنه .. أصيرم بني عبد الأشهل ...كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد وخرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بدا له الإسلام فأسلم، ثم أخذ سيفه حتى أتى القوم، فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فبينما رجال من عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به،
فقالوا له: ما جاء بك يا عمرو؟ أحَدَباً على قومك أم رغبة في الإسلام؟
فقال: بل رغبة في الإسلام، ثم لم يلبث أن مات في أيديهم. فذُكر لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: «إنّه لمن أهل الجنّة» . وفي الصحيح أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال : «عمل قليلا وأجر كثيرا».
أرأيت كيف تكون نتيجة العمل لله في الدقائق الأخيرة؟
وسحرة فرعون... في أول النهار سحرة كفرة... فصاروا في آخره شهداءَ بررة.
لقد صال الحق صولته في ضمائرهم، وأضاء نوره في قلوبهم ... وربما كانت تلك دقائقهم الأخيرة في الحياة فقالوا لفرعون..
{فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا * إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى * إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا * ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلا}.
يا عبد الله:
لو علم الله في قلبك الخير؛ لفعل بك ما وعد به الأسرى يوم بدر ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم).
ولو اعترفت له بذنبك وانطرحت بين يديه لدخلت في قوله ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم، خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم).
يا عبد الله:
إن الخيل إذا شارفت على نهاية المضمار بذلت قصارى جُهدها لتفوز بالسباق... فلا يكن الخيل أفطن منك.
فكم في الليلة القادمة عند الله من باب مفتوح، ونوال يغدو ويروح؟
ولعل السجدة التي سيرحمك بها ... هناك.
ولعل الدمعة التي تطفئ لهيب الذنوب ... هناك.
ولعل التوبة الصادقة التي تُلحقك بالركب ... هناك.
فلا تزهد في قليل من الخير أن تأتيه، ولا في قليل من الشر أن تجتنبه ... فإنك لا تعلم الحسنةَ التي تُرحم بها، ولا السيئةَ التي تُعذب عليها.
وتذكر يا عبد الله:
أن العبرة دوما بكمال النهايات لا بنقص البدايات.
وعلى من لم يحسن استقبال الشهر أن يحسن وداعه.
بارك الله لي ولكم ...
الخطبة الثانية:
أما بعد :
فأما أنتم يا أصحاب السبق والفضائل والجد والاجتهاد،
يا من شرفهم ربهم بطاعته، وأكرمهم بخدمته، وقربهم من فضله، وقواهم في عبادته...
فقد قارب الشهر أن ينتهي في العد، واقترب وقت القطف والحصد، وآن أوان الشكر والحمد.
(ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)
وإن من تمام الشكر لله: عقد العزم على مواصلة الأعمال الصالحة بعد شهر الصيام، فرب الشهور واحد وهو مطلع عليكم وشاهد.
ومن تمام الشكر: تبجيل الله وتعظيمه، وإجلاله وتكبيره، بالصدع - فور ثبوت انقضاء الشهر وحتى صلاة العيد - بالتكبير في البيوت والمساجد والشوارع والأسواق.
ومن تمام الشكر: إخراج زكاة الفطر صاعا من طعام عن الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين، طهرة لصوم العبد مما لوثه من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين.
ومن تمام الشكر: أداء صلاة العيد طاعة لله وإظهارا لشعائر دينه واستجابة لأمر رسوله صلى الله عليه وسلم الذي أمر بها الرجال والنساء، وذوات الخدور حتى الحيض منهن يحضرن دعوة المسلمين ويعتزلن المصلى.
اللهم تقبل منا ...
المرفقات
1743110908_الدقائق الأخيرة من رمضان.docx
1743110908_الدقائق الأخيرة من رمضان.pdf