الدعاء في رمضان
طلال شنيف الصبحي
1438/09/13 - 2017/06/08 22:04PM
رمضان والدعاء 14 / 9 / 1438 هـ
الحمد لله الرحيم الرحمن، الكريم المنان؛ خص أمتنا بشهر الصيام، وشرع لنا فيه البر والإحسان، وفتح لنا أبواب الجنان، وغلق أبواب النيران، نحمده على واسع فضله وعطائه، ونشكره على عظيم امتنانه؛وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جاد بفضله على المؤمنين، وخص بكامل بره المحسنين، وأجزل المثوبة للصائمين، وتفضل على القائمين؛ فمن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ دل أمته على مواسم الخيرات، وحثهم على المسابقة في الطاعات، وأخبرهم أن من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وأن من قامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)
عباد الله: للناس حاجات هم لها طالبون، ومطالب إليها يطمحون، وأمنيات يتطلعون إليها، ورغبات يسعدون بتحقيقها، مريض يرجو الشفاء، ومبتلى يطلب العافية، وفقير يأمل الغنى، ومضيق عليه يتلمس السعة. وثمة مهموم ناءت به المشكلات، ومدين أثقلت كاهله الحقوق، ومطلوب أقض مضجعه الدائنون، وترى هؤلاء يفزعون إلى من يظنون فيه خيرا، ويلقون بحاجاتهم إلى من يأملون عنده قضاء. وكثيرا ما يغفلون في هذا عن باب واسع من أبواب الفرج، باب أوسع ما يكون في رمضان، باب ما طرقه محتاج إلا قضيت حاجته، ولا ولجه مضطر إلا نفست كربته، ذكره الكريم في ثنايا آيات الصيام في سورة البقرة، ودعا إليه الرحيم عباده، ورغبهم فيه يقول الحق -تبارك وتعالى-: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) قال الإمام ابن كثير -رحمه الله-: وفي ذكره -تعالى- هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر.
عباد الله: إن الدعاء عبادة عظيمة، وقربة جليلة، لا يدعها إلا عاجز، ولا يغفل عنها إلا محروم، صح عنه أنه قال: "الدعاء هو العبادة". وفي الحديث القدسي يقول الله -تبارك وتعالى-: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني". وقال : "إن الله -تعالى- حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين". وإذا لم يكن رمضان هو شهر الدعاء وفرصة الابتهال والنداء، ففي أي شهر يكون ذلك؟ وإذا لم يستغل العبد موسم الرحمة ليرفع إلى مولاه حاجاته ورغباته، فمتى يكون ذلك؟ وإذا كان الله حييا كريما، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا، فكيف بمن شفتاه من الصوم ذابلتان، وبطنه خال طاعة لربه، وقدماه مصفوفتان قائما وراكعا وساجدا؟ كيف به إذا رفع كفيه وناجى ربه على تلك الحال؟. ففروا عباد الله- إلى الله في هذا الشهر الكريم، فبين أيديكم الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل رب العالمين إلى السماء الدنيا نزولا يليق بذاته -سبحانه-، وينادي خلقه: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من داع فأجيبه؟. وفي هذا يقول :"إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك في كل ليلة". وبين أيديكم السجود في الصلوات المكتوبة، وفي قيام الليل، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، يقول : "وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم". وبين الأذان والإقامة وقت للدعاء المستجاب، يقول : "إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء". ويقول : "إن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة فادعوا". رواه أحمد. وفي آخر ساعة من يوم الجمعة وقت إجابة، قال : "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله فيها شيئا إلا آتاه الله، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر". ألا فأكثروا من الدعاء في شهر البركات، وارفعوا إلى الله جميع الحاجات، وألحوا بالمسألة في شهر النفحات؛ فإن من أكثر طرق الباب فتح له، ورب العالمين يحب من عبده أن يلح عليه في الدعاء، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
عباد الله: يقول عليه الصلاة والسلام: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها"، قالوا: إذا نكثر. قال: "الله أكثر". ألا فادعوا الله موقنين، والجؤوا إلى الرحيم مستسلمين، وارغبوا إلى الكريم مخلصين، ادعوا دعاء المضطرين، وألحوا إلحاح المحتاجين، واحذروا العجلة واستبطاء الإجابة، وكونوا على يقين بقرب الفرج وحصول اليسر، فقد قال : "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي". ويقول : "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه". فيا مريضا عبث به الداء والألم، يا فقيرا استبدت به الديون، يا مهموما يا مغموما، يا محتاجا يا مضطرا، أين أنتم عن الدعاء؟ أين أنتم عن التضرع؟ أين أنتم عن قرع أبواب السماء في هذا الشهر المبارك؟.(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله، قليلا ما تذكرون) هذا وصلوا وسلموا
الحمد لله الرحيم الرحمن، الكريم المنان؛ خص أمتنا بشهر الصيام، وشرع لنا فيه البر والإحسان، وفتح لنا أبواب الجنان، وغلق أبواب النيران، نحمده على واسع فضله وعطائه، ونشكره على عظيم امتنانه؛وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جاد بفضله على المؤمنين، وخص بكامل بره المحسنين، وأجزل المثوبة للصائمين، وتفضل على القائمين؛ فمن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ دل أمته على مواسم الخيرات، وحثهم على المسابقة في الطاعات، وأخبرهم أن من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وأن من قامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)
عباد الله: للناس حاجات هم لها طالبون، ومطالب إليها يطمحون، وأمنيات يتطلعون إليها، ورغبات يسعدون بتحقيقها، مريض يرجو الشفاء، ومبتلى يطلب العافية، وفقير يأمل الغنى، ومضيق عليه يتلمس السعة. وثمة مهموم ناءت به المشكلات، ومدين أثقلت كاهله الحقوق، ومطلوب أقض مضجعه الدائنون، وترى هؤلاء يفزعون إلى من يظنون فيه خيرا، ويلقون بحاجاتهم إلى من يأملون عنده قضاء. وكثيرا ما يغفلون في هذا عن باب واسع من أبواب الفرج، باب أوسع ما يكون في رمضان، باب ما طرقه محتاج إلا قضيت حاجته، ولا ولجه مضطر إلا نفست كربته، ذكره الكريم في ثنايا آيات الصيام في سورة البقرة، ودعا إليه الرحيم عباده، ورغبهم فيه يقول الحق -تبارك وتعالى-: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) قال الإمام ابن كثير -رحمه الله-: وفي ذكره -تعالى- هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر.
عباد الله: إن الدعاء عبادة عظيمة، وقربة جليلة، لا يدعها إلا عاجز، ولا يغفل عنها إلا محروم، صح عنه أنه قال: "الدعاء هو العبادة". وفي الحديث القدسي يقول الله -تبارك وتعالى-: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني". وقال : "إن الله -تعالى- حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين". وإذا لم يكن رمضان هو شهر الدعاء وفرصة الابتهال والنداء، ففي أي شهر يكون ذلك؟ وإذا لم يستغل العبد موسم الرحمة ليرفع إلى مولاه حاجاته ورغباته، فمتى يكون ذلك؟ وإذا كان الله حييا كريما، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا، فكيف بمن شفتاه من الصوم ذابلتان، وبطنه خال طاعة لربه، وقدماه مصفوفتان قائما وراكعا وساجدا؟ كيف به إذا رفع كفيه وناجى ربه على تلك الحال؟. ففروا عباد الله- إلى الله في هذا الشهر الكريم، فبين أيديكم الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل رب العالمين إلى السماء الدنيا نزولا يليق بذاته -سبحانه-، وينادي خلقه: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من داع فأجيبه؟. وفي هذا يقول :"إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك في كل ليلة". وبين أيديكم السجود في الصلوات المكتوبة، وفي قيام الليل، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، يقول : "وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم". وبين الأذان والإقامة وقت للدعاء المستجاب، يقول : "إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء". ويقول : "إن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة فادعوا". رواه أحمد. وفي آخر ساعة من يوم الجمعة وقت إجابة، قال : "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله فيها شيئا إلا آتاه الله، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر". ألا فأكثروا من الدعاء في شهر البركات، وارفعوا إلى الله جميع الحاجات، وألحوا بالمسألة في شهر النفحات؛ فإن من أكثر طرق الباب فتح له، ورب العالمين يحب من عبده أن يلح عليه في الدعاء، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
عباد الله: يقول عليه الصلاة والسلام: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها"، قالوا: إذا نكثر. قال: "الله أكثر". ألا فادعوا الله موقنين، والجؤوا إلى الرحيم مستسلمين، وارغبوا إلى الكريم مخلصين، ادعوا دعاء المضطرين، وألحوا إلحاح المحتاجين، واحذروا العجلة واستبطاء الإجابة، وكونوا على يقين بقرب الفرج وحصول اليسر، فقد قال : "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي". ويقول : "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه". فيا مريضا عبث به الداء والألم، يا فقيرا استبدت به الديون، يا مهموما يا مغموما، يا محتاجا يا مضطرا، أين أنتم عن الدعاء؟ أين أنتم عن التضرع؟ أين أنتم عن قرع أبواب السماء في هذا الشهر المبارك؟.(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله، قليلا ما تذكرون) هذا وصلوا وسلموا
المرفقات
الدعاء في رمضان 1438.docx
الدعاء في رمضان 1438.docx