الدروس الفيحاء من قصة المرأة السوداء للشيخ معيض آل زرعة

 الدروس الفيحاء من قصة المرأة السوداء

 

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين المتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد، أفضل خلقه وأقرب الناس إلى ربه قوله حكمة وفعله رحمه ، تركنا على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على منهاجه وأقتفى أثره وأستن بسنته إلى يوم الدين ..

 

أيها المسلمون: 

أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله تعالى في السر والعلن في الغيب والشهادة فإن تقوى الله هي الزاد ليوم الرحيل وهي الشفاء لكل عليل وهي النور لكل ظلام وهي الحياة لمن طال مكوثه في بيئة الذنوب والشقاء .

 

في هذا اليوم المبارك نقف وإياكم في سيرة امرأة سوداء  وأمةٍ غريبة لكنها عظيمة، تعيش في حيّ من أحياء العرب وليست بعربية ، غير معروفه وليس لها قبيلة ولا تملك بيت تسكنه ولا مال ولا جاه ، تلك هي المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد أي تكنسه وتنظفه وهي ( أم علقمة رضي الله عنها وأرضاها ) ، كانت تسكن في حي من أحياء العرب ولكنها يوم من الأيام أتهمت بسرقة وشاح لفتاة تجهز للزواج والعرس، ولكن الذي حصل أن حدأةٍ نزلت من السماء فاخذت ذلكم الوشاح تظنه لحماً ، فوقعت التهمة على تلك المرأة السوداء ، فقامت هذه المرأة وتضرعت إلى من يكشف الضر ويجيب دعوة المضطر ، فاستجاب الله لها ونزلت تلكم الحدأة بأمر الله ووضعت ذلكم الوشاح بينهم وأظهر الله الحق ، فعزمت تلكم المراة على مغادرة الحي والذهاب إلى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكانت تردد هذا البيت وتقول :

ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا                        ألا إنه من بلاد الكفر أنجاني

كانت هذه المرأة تقم المسجد إذا خرج الناس من صلاة العشاء ، وكانت تتردد على بيت عائشة يومياً فكان بيت الرسول صلى الله عليه وسلم مأوى نفسي لها لأنها لا تملك سوى عشاش صغير بجوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم من الأيام فوجد قبراً جديداً فسأل من صاحب هذا القبر فقالوا الصحابة : المرأة

 

السوداء توفيت ودفناها ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ولماذا لم تعلموني )؟ فقالوا الصحابة ماتت بعد الظهر والشمس شديدة فأشفقنا عليك يا رسول الله ،وقيل انها ماتت في الليل ودفنوها في الليل ، ففقدها صلى الله عليه وسلم فأخبروه الصحابة بها فقال ( أفلا آذنتموني ) فغضب صلى الله عليه وسلم وقال ( أما علمتم أن من صليت عليه وجبت له شفاعتي ) ثم ذهب صلى الله عليه وسلم إلى قبرها وصلى عليها وقال ( يا أم علقمة أي الأعمال وجدتي خيراً) ثم أنصت وقال لمن حوله ( هل تسمعون ) قالوا : لا فقال صلى الله عليه وسلم ( والذب بعثني بالحق نبياً إنها تقول خير ما وجدت تعمير بيوت الله ) ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة موجهاً ومرشداً ومربياً قال ( إن هذه القبور مليئة ظلمة على أصحابها وإن الله ينوّرها بصلاتي عليهم ) .

أيّها المؤمنون: 

هكذا عاشت هذه المرأة وهكذا وظّفت طاقتها وإمكانيتها لخدمة هذا الدين العظيم وهكذا فقدها أفضل البشرية وقائد الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم . يا ترى من هي الدروس المستفادة من هذه السيرة الجميلة لهذه المرأة السوداء ؟ لا شك أن فيها دروس وعبر وعظات نقف معها بإذن الله تعالى في الخطبة الثانية .  

أقول من تسمعون واستغفر الله لي ولكم  .........

 

الخطبة الثانية: 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد

من الدروس والعبر في سيرة هذه المرأة ما يلي :

1.     العمل الصالح يرتقي بصاحبه :مع أن المرأة عادية والعمل عادي والمرأة ليست ذات شهادات عليا إلا أن الرسول فقدها .

2.     لا تحتقر من المعروف شيء فربما يكون سبباً في الرفعة في الدنيا والآخرة .

 3.     ( ففقدها ) يٌقال بأنه فقدها الرسول صلى الله عليه وسلم في عدم نظافة المسجد وقيل أنه فقدها في عدم مجيئها إلى بين عائشة رضي الله عنها وبعض أهل الإسلام يرحل ولا يفقده أحد  وينسى مع تراب قبره .

4.     فضل القائمين على بيوت الله وأن لهم أجر عظيم وهذه فرصة للأسر أن ينظموا زيارة لمسجد الحي لتنظيفه وترتيبه ولو لمرة واحدة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عٌرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاه يخرجها الرجل من المسجد ).القذاه هي الشيء الصغير جدا .

5.     إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعظّم أصحابه بحسب أعمالهم الصالحة ومسارعتهم للخيرات والطاعات .

6.     جواز تولي المرأة تنظيف المسجد وليس ذلك مقصوراً على الرجال ، سواءً باشرت المرأة ذلك بنفسها أو وكّلت من يقوم به مقابل مبلغ مالي .

7.     أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب والدليل أنه قال (دلوني على قبرها) .

8.     مشروعية الصلاة على الميت وهو في القبر لمن تعذر عليه الصلاة قبل الدفن.

9.     حسن رعاية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته بالتفقد والسؤال والاهتمام.

10.   هذا فضل تنظيف المساجد فماذا نقول لمن طيب وبخر المساجد فكيف بمن عمّرها بالصلاة والطاعة والعلم .

11.   التخصصية مطلب فقد تخصصت هذه المرأة لتنظيف المسجد وفعلا كان عملها ذات قيمة ولذلك فقدها الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا لها .

12.   إن الله أخفى أولياءه في عباده وأخفى رضاه في طاعته .

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه فقال ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ..... الاية )

 

الدعاء

المرفقات

الفيحاء-من-قصة-المرأة-السوداء

الفيحاء-من-قصة-المرأة-السوداء

المشاهدات 3267 | التعليقات 0