الخطب المفرغة الخاصة بالشيخ الدكتور / عقيل المقطري

محب آل البيت
1433/02/25 - 2012/01/19 05:26AM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذة الزاوية سننشر الخطب المفرغة الخاصة بالشيخ الدكتور / عقيل المقطري المتوفرة في الشبكة العنكبوتية ليسهل الوصول إليها والأستفادة منها
ونأمل من الإخوة القائمين على هذا الملتقى تثبيت هذا الموضوع ، وشكرا .
المشاهدات 102455 | التعليقات 150

خطبة بعنوان : (وصايا وتوجيهات في الأزمات )


إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) سورة آل عمران آية (102)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1)

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) سورة الأحزاب الآيات (70- 71)

أما بعد :

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد –صلى الله عليه وآله وسلم – وشر الأمور محدثاتها وكل

محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

أيها الإخوة الفضلاء : لا شك أن جميع الشعوب على وجه هذه الأرض تتطلع للتحضر والتقدم والرفاهية في العيش إن هذا مطلب أساس ومطلب مشترك للبشرية كلها وللمسلمين خصوصيتهم فهم يريدون أن ينعموا في ظل شريعة الله –تعالى- في ظل العدل الإلهي الذي من أجله بعث الله-تعالى- الرسل وأنزل الكتب والذي من أجله سن الحدود والشرائع وخلق الجن والإنس والجنة والنار فهذه خصوصية للمسلين فلا يمكن أن ينعموا ولا يمكن أن يترفهوا في هذه الحياة ولا يمكن أن يطمأنوا على أنفسهم ولا على أموالهم ولا على أعراضهم إلا في ظل تحكيم كتاب الله –تعالى- وسنة رسوله-صلى الله عليه وآله وسلم- لن يستطيعوا أن يحوزوا على سيادتهم التي كانوا يتغنون بها ولن يستطيعوا أن يستعيدوا أراضيهم و مقدساتهم وخيراتهم ما لم يحكموا بكتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وآله وسلم- إنها سنة الله –تعالى- التي مضت ولن تجد لسنة الله تبديلاً.إن الله-تعالى- قد جعل هذه السنن والناس يرونها اليوم بأم أعينهم استطاع الأعداء أن يفتتوا هذا الوطن الكبير واستطاعوا كذلك أن يسلبوا خيراتهم وأن يدنسوا مقدساته وأن يجعلوه عالماً جائعاً مضطرباً نتيجة بعد المسلمين عن تحكيم كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وآله وسلم- ولكن سيعود هذا المجد بإذن الله-تعالى- إذا هيأ الله-تعالى- من يسوسها ويقودها بكتاب الله- تعالى-وسنة رسوله-صلى الله عليه وآله وسلم- وستعود كل الأجزاء المغتصبة التي اغتصبت من قبل الأعداء ستعود لحظيرة هذا الوطن الإسلامي الكبير بإذن الله-تعالى- إن آجلاً أو عاجلاً التحضر شيءٌ يتغنى به الناس ولكنه قد يكون أحياناً تنظيراً وقد يكون دجلاً وكذباً وقد يكون واقعاً ففي الدول المتقدمة وإن كانت كافرة بالله-تعالى- لأنها سارت وفق قوانين وضوابط وضعتها لأنفسها واحترمت تلك القوانين وسيادتها وقدسيتها لكنها وصلت إلى درجة معينة من الرفاهية وإنهم ليدرسون دراسة وافية تامة للشريعة الإسلامية ووجدوا فيها المخرج الحقيقي لكل أزمة من الأزمات سواء كانت أزمة أمنية أو سياسية أو أزمة اقتصادية أو أزمة أخلاقية وجدوا ذلك في شريعة الله-تعالى- إلا أنهم متكبرون لا يريدون أن يعترفوا بأن الإسلام هو الشريعة التي تحفظ للناس حياتهم وأمنهم واستقرارهم وهذا هو دأب الكافرين وطريقتهم يوم أسري بالنبي –صلى الله عليه وآله وسلم- فرح الكفار فرحاً ما بعده فرح لماذا؟ لأنه أتى بسابقة لا يقبلها العقل ولا يستسيغها المنطق .فقالوا: أسري بك من مكة إلى بيت المقدس قال: نعم بت فينا وأصبحت فينا قال نعم ففرحوا بهذا فرحاً شديداً وأول من استدعي أبو بكر -رضي الله- عنه- لأنه كان أول المصدقين والمتبعين وله جاه وقبول فقالوا له : أسمعت ما قال صاحبك قال وما قال فقيل له :قال إنه بات فينا وأسري به إلى بيت المقدس التي نمشي إليها ثلاثة أشهر بالجمال وغيرها من الوسائل البدائية ونعود وصاحبك بات فينا وأصبح فينا فقال بقلب المؤمن الواثق بصدق النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- إن قال هذا فقد صدق لأنه ما جرب عليه-صلى الله عليه وآله وسلم- الكذب إطلاقاً لكنهم وهذا هو الشاهد أثناء مخاطبتهم للنبي –صلى الله عليه وآله وسلم- قالوا له: إن كنت صادقاً فصف لنا بيت المقدس هذا هو الشاهد هنا نبينا –صلى الله عليه وآله وسلم- حينما دخل بيت المقدس وصلى بالأنبياء والرسل ثم عاد لم يكن ذاهباً للسياحة والنظر في الآثار ولأخشاب والأبواب والنوافذ والفرش وما شاكل ذلك فاغتم اغتماماً شديداً لأنه لم يركز على هذا فلما اغتم-صلى الله عليه وآله وسلم- كشف الله-تعالى- له المسجد في الحال ثم صار يصف بابه كذا ونوافذه كذا وأخشابه كذا وعمده عددها كذا فعرفوا في أنفسهم أنه صدق ولكنهم مع هذا أصروا على العناد وعلى التكذيب قال وأزيد لكم على هذا أنني مررت على قوافلكم بالمكان الفلاني وقد ضاع عليهم بعير فلان ابن فلان قالوا أرخوا هذا واكتبوا هذا فلما وصلت القافلة سوئلوا قالوا نعم كنا في اليوم الفلاني هناك وند علينا بعير فلان ابن فلان مع هذا لم يؤمنوا هكذا كفار اليوم لا يريدون أن يعترفوا أن هذا الدين هو الدين الحق وبأن هذا النبي الكريم هو النبي الخاتم ذلك لأن هؤلاء عباد شهوات وعباد مصالح ليسوا عبيداً لله-تعالى- لا من قريب ولا من بعيد وإن كانوا في الأصل هم عباد الله-عز وجل- لكن إيغالاً في الإنكار والتصدي لدين الله-عز وجل- هكذا أيها الإخوة هذا الدين جاء يدعو للحضارة لكن نرى في بلاد الإسلام خاصة ما يطلقون عليه بالعالم الثالث ومنه بلدنا نرى بعض المظاهر التي ليست بحضارية لا من قريب ولا من بعيد وإن كنا ندعي أننا بلد متحضر لكن الاعتراف بالحق فضيلة من ذلك على سبيل المثال انتشار حمل السلاح في الشوارع في هذه الأيام هذا مظهر غير حضاري مظهر ممقوت إن البلاد المتحضرة لتمجه حتى على العسكريين أن يحملوا إلا أخف الأسلحة المسدسات فقط أو الهراوات في ما لو حدث أمر يراد من خلال الشرطة أن تفك مشكلة من المشكلات أمّا حمل الأسلحة الخفيفة كالآليات فهذا أمر مستنكر ومظهر مقزز في الحقيقة أمّا الأسلحة المتوسطة والثقيلة أن تنشر في المدن فهذا في غاية من السماجة لأن البلاد ليست في طائلة حرب ولم يغزها عدوٍ لا من قريب ولا من بعيد فهذا أمر ليس من التحضر في شيء إطلاقاً وإنما هو ترويع وتخويف للآمنين إن حمل الأسلحة خاصة من المدنيين أمر ينبئ عن الانفلات الأمني في داخل البلد مما يؤدي إلى القتل وإلى النهب وإلى السلب بدون مبرر في الأيام القليلة الماضية رجل بلطجي معروف عنه القتل والسكر وشرب المخدر وقطع الصلاة يعرف عنه في المدينة أنه كان يعتدي على المطاعم يأكل فيها ثم لا يدفع المال والسلاح بيده إن طالبه بالمال ويمر على بعض المحلات ثم ينهب ما فيها ثم بقوة السلاح لا يحاسب ثم يمر على صاحب عربة فيأخذ منه ألفين ثلاثة آلاف ويأخذ ما عنده وبقهر السلاح لكن الله-تعالى- كان له بالمر صاد لأنه خوف وأقلق الأمن فبينما هو يريد أن يفجر قنبلة صوتية نزعها من مخبأه فانفجرت به وقتلته وقتلت شخصاً آخر جنبه فسمع الناس صراخاً وتكبيراً لله-تعالى- أن انتقم من هذا الإنسان ولعلكم تسمعون إطلاق النار والرصاص في كثير من الحارات من دون إي مبرر إلا من أجل ترويع الناس لقد نما إلى مسامعنا وهذا أمر واقع حقاً ليس فيه مرية أنه وزعت أسلحة بواسطة عقال الحارات إلى مدنيين بحجج غير مقبولة وإذا بهؤلاء يتجولون في الأسواق بهذه الأسلحة ويطلقون الأعيرة النارية خاصة بالليل من أجل ترويع الناس ثم إنزال الضرر فيهم الراجع من السماء من هذه الرصاص والمدينة هذه مدينة غير مستوية فمهما رمى الإنسان في الهواء فلا شك أنها ستذهب إمّا إلى سقف وإمّا إلى باب وإمّا إلى نافذة وقد سمعنا في الأسابيع الماضية عن قتلى وجرحى كثر نتيجة ضرب النار في الهواء كل هذا بسبب هذه العشوائية إن هذا من باب إنزال الضرر بالناس ثم هو تخويف وترويع للآمنين من حمل السلاح فليس منا وليس منا من روّع مسلماً أو كما قال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- وفي هذا إهدار للمال الخاص إن كان هذا خاصاً بك وإهدار للمال العام إن كان وزع من المال العام فكفى إهداراً للمال العام وكفى إضراراً بهذا البلد وعلينا أن نقف وقفة جادة وقفة إمعان وتمعن في هذه القضية لأن فيها إنزال الضرر وترويع للخائفين والآمنين . يقول –عن أبي هريرة قال:قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم((من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه))[1]

وقال-صلى الله عليه وآله وسلم- حينما رأى قوماً يتداولون سيفاً بدون غمد فقال لهم : أما كنت نهيتكم عن هذا من كان يريد أن يري أخاه سيفه فليره في غمده أو كما قال –صلى الله عليه وآله وسلم- ويقول أيضاً –عن أبي هريرة- رضي الله عنه-

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار))[2] ورأى رجلاً يحمل نصلاً –سهاماً- فقال له: أمسك بنصالها لا تخدش مسلماً . أو كما قال-صلى الله عليه وآله وسلم- إن إطلاق النار بالليل والناس نيام فيه إفزاع للآمنين وفيه تخويف للأطفال والنساء هذا أمر مستنكر ومستقبح خاصة إذا كان ذلك من دون مبرر وأكثر إطلاق النار في هذه الليالي في الحارات من غير مبرر. إننا كمسلمين نعلم ما جعل الله للعلماء من مكانة في كتابه الكريم فعن أبي الدرداء- رضي الله عنه- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر))[3]

والله-تعالى- قد استشهد بهم في أعظم موضع(( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) سورة آل عمران آية (18) فذكر أولي العلم بجوار شهادته وبجوار شهادة الملائكة على أعظم مشهود وهو توحيده –سبحانه- وقال-تعالى-((… يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)) سورة المجادلة آية (11)وقال-سبحانه- ((… قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)) سورة الزمر آية (9) وقال-تعالى(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)) سورة النساء آية (59) والمفسرون مجمعون على أن أولي الأمر في هذه الآية هم العلماء والأمراء فالعلماء يجب أن تكون لهم مكانة عظيمة في النفوس وإنه مما يؤسف له في هذه البلد أن مكانه العلماء مهدرة وأنه ليس لهم احترام إلا القليل النادر ليس لهم احترام إلا ربما من عوام الناس وربما غرر بكثير من العوام فلم يحترموا أهل العلم لا من قريب ولا من بعيد بخلاف كثير من البلدان العربية والإسلامية فالعلماء لهم مكانة عظيمة في النفوس إذ أنهم هم المستفتون في الحلال والحرام وهم الذين يوقعون عن الله-عز وجل- في النوازل وهم الذين يرجع إليهم في المهمات وفي الأمور العظام فالعلماء في هذا البلد يتعرضون لهجمة شرسة قاسية من أناس ربما يحنقون من شريعة الله-تعالى- ولا يريدون لشريعة الله-تعالى- أن تحكم وأن تسود في هذا البلد أو في غيره فهم يقدحون في أهل العلم في وسائل الإعلام المتنوعة المقروءة والمسموعة والمرئية وهذا في الحقيقة إن دل على شيء فإنما يدل على حقد في هذه النفوس التي لا تحترم ء العلماء .

أمر آخر : وهو أذية المسلمين إنني أكرر هذه القضية لأن الأذى بأهل هذا البلد قد اشتد وقد وصل إلى حد لا يقبل من قريب ولا من بعيد . يقول –تعالى(( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً)) سورة الأحزاب آية (58) إن هذه الأذية قد تكون حسية وقد تكون معنوية .أما المعنوية فإنها تكون في الشائعات التي تقلق الناس وتخوف الناس وتفزعهم ومن ذلك الكذب الذي نسمعه والذي يروج له بوسائل الإعلام والذي يعرفه العاقل من مبدئه من حال التحدث به أنه كذب لتناقضه الشديد وتضاربه الذي لا يمكن أن يجمع بين هذه الأقوال بحال من الأحوال وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مرض في قلوب هؤلاء الذين يكذبون ويرهبون أبناء هذه الأمة قال-تعالى-(( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)) سورة البقرة آية (10) ولكن الكذب عمره قصير وحبله واهن وصدق الله سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ)) سورة القمر آية (26) ومن الأذى الحسي احتكار السلع والبضائع الضرورية والتي إذا انعدمت أضرت بالناس سواء كان مطعوماً أو مشروباً أو دواء أو مشتقات النفط وغيرها التي ينجر عليها ضرر كبير بهذه الأمة . حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا بشر بن المفضل و إسماعيل بن إبراهيم قالا ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم حدثني إسماعيل بن عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه عن جده قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فوجد الناس يتبايعون فنادى : يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أبصارهم إليه فقال : إن التجار يبعثون فجارا إلا من اتقى وبر وصدق ))[4]. وإنني أود أن أسمع عن سخاء التجار في هذه المدينة كي ترفع المعاناة عن أبناء هذه المحافظة وغيرها وذلك بواسطة المؤسسات الخيرية التي يثقون بها وهذا من باب التنافس في فعل الخير وليس رياء وسمعة .يقول الله-تعالى- (( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )) سورة البقرة آية(271) إن أبناء أبين النازحين إلى محافظتي عدن ولحج نزلت بهم اللأواء والشدة في هذه الأيام فيجب إغاثتهم فبعضهم خرج من المنازل لا يحمل شيئاً خوفاً من ضربات الدبابات والطائرات خوفاً وهلعاً من الرصاص والقتل وهم بحاجة ماسة إلى أن يتبرع لهم وقد كنت طلبت من إخواني في الأسبوع الماضي تبرعاً لهم عبر مؤسسة خيرية وقد أوصلت الاستلام لكن للأسف الشديد لم نحصل على أكثر من أربعة عشر ألف ريال فقط إنني أهيب بأهل الفضل والخير والإحسان أن يتعاونا مع إخوانهم فالمسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه ولا يخذله التقوى هاهنا وأشار إلى قلبه-صلى الله عليه وآله وسلم- أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

الحمد وكفى وصلاة وسلاماً على من اصطفى ……… وبعد:

إن من الأذى الحسي أيها الإخوة الفضلاء قطع الكهرباء عن الناس مع أن المحطات شغّالة بطاقتها الكاملة والأزمة مفتعلة إلى درجة كبيرة وإلا فأين محاسبة الذين ظهروا في وسائل الإعلام من إنهم تسببوا في ضرب بعض الأبراج في محافظة مأرب وأين السلطات الأمنية والأجهزة الأمنية إن كانت في البلد أجهزة أمنية تتابع هؤلاء الناس فيجب القبض على هؤلاء ومحاسبتهم محاسبة عادلة ويجب أن ترفع معاناة الناس في هذه القضية فأنتم في المسجد خلال دقائق مرتين أو ثلاثاً ربما تلحظون انطفاء الكهرباء وإعادته ووسائل الإعلام قد أظهرت مجموعة من الذين تسببوا في هذه القضية ولكن أين محاسبة هؤلاء ؟ فبعض المناطق في هذه المدينة ربما لا تأتي الكهرباء إليها إلا خلال ثلاث إلى خمس ساعات وفي خلال هذه الثلاث إلى الخمس الساعات تنطفئ عدة مرات إيغالاً في المحاسبة والعقوبة من أجل إحراق ما تبقى من الأجهزة حتى يزداد الناس معاناة وأنا أقول من هذا رحمة بالناس إذا كان هناك قلوب رحيمة إذا كانت هناك إنسانية أمسكوا عن هذا أقول وبكل وضوح لا تحرقوا أعصابكم ولا تحرقوا أنفسكم ولا تزهقوا وترهقوا المال العام أطفئوا هذه الكهرباء بالمرة لأن الناس لا يحتاجون إليها لأنها دمرت حياتهم فالشعب قد تعود على أن يستضئ بالشمعة وبالفانوس ويطبخ طعامه بغير ذلك والثلاجات والأجهزة الأخرى ستغلق إلى أن يشاء الله-تعالى- لا داعي لإهدار المال العام بإحراق النفط وما شاكل ذلك في هذه الأجهزة في هذه المحطات فأغلقوها ولا حاجة لنا بها إن لم يكن هنالك ضبط وقدرة على إيصالها إلى الناس بل –يا أيها الإخوة- أقل الأحوال اعدلوا في الظلم فهنالك بعض الحارات لا تنطفئ فيها الكهرباء إلا ساعة أو ساعتين من باب ذر الرماد على العيون وبعض الحارات لا تأتيها الكهرباء إلا ربما ساعة أو ساعتين في اليوم فعلى أقل تقدير علينا أن نعدل حتى في الظلم اعدلوا في الظلم فاظلموا الناس بعدل هذا إن صح وجاز مثل هذا التعبير أما أن يبقى بعض الحارات يستضيئون وبعض الحارات يعذبون فهذا في الحقيقة ظلماً ناقص نحن نريد ظلماً كاملاً بحيث يشمل الظلم بتوزيعه على الناس كلهم لا يوجد هنالك عذر أبداً في أن تعذب بعض الحارات ويروح عن بعض الحارات ولا أريد أن أسمي حارات بعينها فالحليم تكفيه الإشارة ولك أن تتجول في ساعات الليل أو في ساعات النهار لترى بعض الحارات تنعم بهذه النعمة وبعض الحارات لا تراها إلا بصيصاً وكل يوم يحرق عليها جهازاً من هذه الأجهزة . إنني أذكر بقول النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- حينما ذكرت له امرأة وذكر له من كثرة صلاتها وصيامها إلا أنها تؤذى جيرانها كم عدد جيرانها هؤلاء؟ خمسة ستة عشرة اليوم يؤذى الملايين قال هي في النار لا تنفعها صلاتها لا ينفعها صومها لا ينفعها ادعاؤها بأنها مسلمة فكيف بإيذاء الملايين وإنزال الضرر بهم لا شك أن هذا أمر يغضب الله-عز وجل- لكن مع هذا أيها الإخوة علينا بالصبر فلا تيأسوا من روح الله ((… إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)) سورة يوسف آية (87)وقال عفان حدثنا سليم بن حيان حدثنا سعيد بن ميناء قال سمعت أبا هريرة يقول

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد))[5] لا تتطيروا ولا تتشاءموا عليكم أن تتفاءلوا بالخير بإذن الله-تعالى- فالخير آت إن شاء الله-تعالى- كان –صلى الله عليه وآله وسلم- لا يتشاءم ولا يتطير بل كان دائماً يتفاءل ونهى-صلى الله عليه وآله وسلم- أم السائب عن سب الحمى فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال ما لك تزفزفين قالت الحمى لا بارك الله فيها فقال لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد))[6] وقد قيل تفاءلوا بالخير تجدوه.

اللهم من أراد بهذا البلد سوءاً فاشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء

والحمد لله رب العالمين.
[1] -مسلم 4/2020

[2] -البخاري 6/2592

[3] -أبي داود 2/341

[4] -المعجم الكبير 5/44

[5] -البخاري 5/2158

[6] -صحيح الترغيب والترهيب 3/188




رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=1019


خطبة بعنوان : (لماذا يخافون من الإسلام )


إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) سورة آل عمران آية (102)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1)

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) سورة الأحزاب الآيات (70- 71)

أما بعد :

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد –صلى الله عليه وآله وسلم – وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

فلربما ضاق صدر المؤمن لما يراه ويسمعه من الهجمة الشرسة على الإسلام ليس من قبل أعدائه اليهود والنصارى ولكن ما يحدث أحياناً ممن هم من أبناء جلدتنا ويتكلون بألسنتنا هذا هو الأمر المؤلم المحزن وهذا الأمر ليس وليد اليوم هذه العداوة لهذا الدين ليس وليد اليوم ولكنه منذ أمر الله –تعالى – الأنبياء بتبليغ دينه ظهرت وبرزت هذه العداوة للإسلام ودين الله تعالى – هو الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله تعالى- لأهل الأرض والسماء ((… إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ …)) سورة آل عمران آية (19). هذا هو دين آدم ودين نوح ودين إبراهيم وإسماعيل وجميع الأنبياء جاءوا بدين الإسلام ولما أمر الله تعالى- نبينا –صلى الله علي وآله وسلم- بتبليغ هذا الدين واختاره الله تعالى- بعد أن كانت النبوة تدور في اليهود والنصارى لما لم يقوموا بما أمرهم الله –تعالى- به ولما وقفوا في وجه الأنبياء ولما كذبوا على الله تعالى- وحرفوا كتبه انتزع الله –تعالى- منهم النبوة انتزاعاً وجعلها في هذا النبي الخاتم نبينا محمد –صلى الله عليه وآله وسلم- ومن هنا كاد اليهود والنصارى لهذا النبي الكريم –صلى الله عليه وآله وسلم- كونه جاء ليصحح المسار كونه جاء ليوضح ما فعله اليهود والنصارى بأنبيائهم ما حرفوه في كتبهم ما افتروا على الله –عز وجل – من الأكاذيب ما حرموا فيه من الحلال وما أحلوا فيه من الحرام وما فعلوه بهذا الدين الذي ارتضاه الله تعالى- لجميع خلقه – إن هذا الدين يكاد له ويتهم بتهم شتى وليس من العدل أيها الإخوة – وليس من الإنصاف أنه إذا أخطأ شخص في طائفة ما أن تتهم هذه الطائفة كلها بما فعله ذلك الفرد فليس من العدل أنه إذا أخطأت طائفة أو جماعة تنتسب للإسلام أو شخص ينتسب للإسلام إذا أخطأ خطأ أن يتهم الدين كله بتلك الأخطاء التي وقع فيها هذا الفرد أو تلك الطائفة هذا ليس من العدل وليس من الإنصاف وتأباه النفوس السوية أن يحمل الإسلام جريرة مل ارتكبه شخص أو طائفة من الطوائف نتيجة لانحراف في الفكر أو انحراف في السلوك أو في الفهم أن يتهم الإسلام بتلك التهم التي تكال اليوم ضد الإسلام من هذه التهم التي تروج في الداخل فضلاً عن الخارج وأكثرها بالطبع صدرت من قبل أعداء الله تعالى – من اليهود والنصارى من أجل أن يكاد لهذا الدين وخاصة ما يسمى اليوم بالإسلام السياسي وكأنه لا يوجد في الإسلام شيء اسمه سياسة فالسياسة في الإسلام جزء من هذا الدين . يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم كلما هلك نبي خلفه نبي آخر . وأنا أتعجب من انطلاء مثل هذه العبارة التي كان منشؤها ومنطلقها من الكنائس ومن القسس والرهبان حيث قالوا دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر . أتعجب ربما أحياناً من حكام يقولون أنهم مسلمون ومع هذا يتكلمون بمثل هذا الكلام ويخوضون في الدين وفي السياسة معاً وياليتهم طبقوا هذه المقولة ولكنهم يتكلمون بكل شيء وإذا تكلم العالم في السياسة قالوا هذا ليس من شأنك ولربما شجع على هذا أناس حصروا أنفسهم على المساجد فقط وتركوا السياسة لغيرهم وهذا أمر في غاية من الفداحة وفي غاية من الخطر على الإسلام وعلى المسلمين فالإسلام ليس محصوراً على المساجد ولكنه يجب أن يسود في جميع مناحي الحياة في جانب التعليم وفي جانب الاقتصاد والسياسة والإعلام وفي كل باب من أبواب الحياة يجب أن يكون الإسلام هو السائد وهو الحاكم فالإسلام إنما جاء من أجل أن يسود حياة المسلمين كلها في جميع الجوانب لكن نتيجة لأفكار خاطئة حصر بعض الناس أنفسهم في زوايا المسجد وتركوا الأمور الأخرى لغيرهم وإذا انشغل غيرهم بتلك المجالات رموهم عن قوس واحدة واتهموهم بالتهم التي ربما يعلم بعضهم أنه كان من الواجب عليهم أن يسدوا هذه الأبواب التي لم تشغل وهذه القضايا التي يجب أن يحكم فيها الإسلام ولا أظن أن أحداً لم يتمعر وجه حينما يرى الإعلام وفساد الإعلام وأكاذيب الإعلام وأضاليل الإعلام وفساد الأخلاق في الإعلام وما شاكل ذلك . لا أظن أن أحداً لا يتمعر وجه ولا ينفطر كبده حينما يرى الربا سائد في بلاد المسلمين من خلال المصارف الربوية لا أظن أن أحداً لا يتمعر وجه حينما يرى التعليم كيف أفسد في بلاد المسلمين لا أظن أن أحداً ينكر مثل هذه القضايا إطلاقاً الإسلام أيها الإخوة يتهم بأنه ضد الآخر بمعنى أنه لا يقبل الآخر وهذه فرية عظيمة على هذا الدين الإسلام بالعكس هو الذي علم الآخرين كيف يتعاملون مع الآخر الإسلام فتح الصدور وفتح الأبواب للتعامل مع الآخر للتعامل مع اليهود للتعامل مع النصارى فضلاً عن الأفكار التي ربما تنشأ في داخل المسلمين إنه يتعامل معها تعامل في غاية الرحابة الإسلام إذا كان شرع من جملة ما شرع أنه لا إكراه في الدين فانظروا كيف كان يتحاور مع عباد الأوثان والأصنام وكيف كان يتحاور مع اليهود والنصارى وكيف تعايش الإسلام والمسلمون مع اليهود والنصارى وكيف كان يتعامل المسلمون في حال الانتصار على اليهود والنصارى انظروا كيف يتعامل مع أسرى الحرب انظروا كيف حرم قتل الشيوخ والأطفال وحرم قتل النساء إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم- مرت به جنازة فقام لها فقيل له إنها جنازة يهودي فقال – صلى الله عليه وآله وسلم- أليست نفساً وأمر هذه الأمة أن تفعل ما كان يفعل –صلى الله عليه وآله وسلم- هكذا الإسلام يقبل ويتعامل مع الآخر لأنه لا إكراه في الدين ولأنه لا يتصور أيها الإخوة أن الإسلام يدخل إلى كل فلب إنسان هذا أمر غير متصور إطلاقاًً لكن هنالك بعض الأفكار المنحرفة التي يريد أن تدخل الإسلام إلى كل قلب سواء كان بالقهر أو بغيره وهذا أمر لا يمكن أن يتحقق إطلاقاً وبالتالي لابد من التعايش في ظل ما يطلق عليه بمصالح مشتركة مع الحفاظ على الثوابت التي لا يمكن للمسلم أن يتنازل عنها بحال من الأحوال فالإسلام له خصوصيات وله ثوابت وله أساس لا يجوز أن تتزعزع بحال من الأحوال فالإسلام وفي طريقه لتغيير هذا الواقع لا يمكن أن يتطرف إطلاقاً فإما أن يكون قابعاً في المساجد فحسب وإما أن يترك السياسة ويترك دفع الباطل ويترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أنه ينتقل إلى الطرف الآخر مباشرة وهو طرف القتل وإراقة الدماء هذان في طرفان لكن هنالك طرف آخر وهو الإصلاح التدريجي في إصلاح النفوس وفي إصلاح الأوضاع هذا أمر يجب على المسلمين أن يسلكوا هذا الباب وأن ينخرطوا فيه والله تعالى- غالب على أمره السيادة في النهاية لهذا الدين ولهذا الإسلام وإن تصور الحاقدون لهذا الإسلام بأنهم يمكنهم أن يطفئوا نور الله قلا يمكن أن يطفئوا نور الله ولا يمكن أيضاً أن يجتث هذا الدين من جذوره أو من أسسه وسيبقى العلماء والمخلصون والدعاة والمتوسطون يعملون في جميع المجالات وفي جميع الأصعدة وسوف ينتصر هذا الدين بإذن الله تعالى- إن عاجلاً وإن آجلاً إنه موعود الله تعالى – وموعود رسوله صلى الله صلى الله عليه وآله وسلم- هذا الإسلام أيها الإخوة ليس مبتور النسب وإنما هو متسلل النسب من لدن آدم –عليه السلام إلى مروراً بنوح وبموسى وعيسى وإبراهيم إلى أن وصل إلى نبينا –محمد صلى الله عليه وآله وسلم _ هذا الدين دين يتسم بالعدالة والسماحة دين يتسم بالرفق والرحمة دين يتسم بالربانية دين يتسم بالتكامل والشمول في جوانب الدنيا والدين دين يتسم بالتمييز والمفاصلة يتسم بالتوازن والاعتدال إن الدين عند الله الإسلام . أيها الإخوة لماذا يحل للأمريكان ولليهود أن يدخلوا إلى بلاد المسلمون عبر وسائل شتى يدعون إلى نصرانيتهم ويفرضون على المسلمين مذاهبهم لماذا يحل لهم ولا يحل للمسلم أن يدعو في بلده؟ أو أن يجوب الآفاق في بلاد العرب للدعوة إلى دين الله عز وجل – بالحكمة والموعظة الحسنة لماذا يحل لهؤلاء أن يتجسسوا علينا ؟ لماذا يحل لهم أن ينتهكوا سيادة بلاد المسلمين ولا يجوز للمسلمين أن يفعلوا أقل مما يفعل هؤلاء هذه مدارسهم وهذه معاهدهم في كل مكان وقي كل شارع في بلاد المسلمين يعملون على تنصير المسلمين وعلى هدم السلوكيات والأخلاقيات في بلاد المسلمين ونجد أن المسلمين ربما في بعض البلدان لا يجوز لهم أن يدعو إلى الله في بلدانهم ومع أبناء جلدتهم من المسلمين ولذلك كان من جملة ما جعل الشوارع تثور وتهب هذا التكميم للأفواه وهذا الضغط على المسلمين مثل ما كان يحصل على سبيل المثال في تونس على وجه الخصوص لكن أعداؤنا يحق لهم أن يفعلوا ما يريدون أما المسلم فلا يحل له أن يدعوا إلى الله تعالى- بحجة أن هذا إرهاب وأن هذا تطرف وأن هذا تزمت وبالمقابل تجد العلمانيين والمتفسخين يدعون إلى الانحلال ويدعون إلى فساد الأخلاق ويدعون إلى كل رذيلة بكل صفاقة وجه وبكل حرية ولا تجد من يكبح جماحهم أو يمنعهم عن مثل هذه القبائح إن الله تعالى- أيها الإخوة الكرام لو شاء لآمن الناس كلهم قال تعالى(( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)) سورة يونس آية (99)لكنه –سبحانه أراد أن يظهر الحق على بأهله وأراد أن يظهر الباطل بأهله فالإسلام لا يكره أحداً أ، يدخل في الدين أبداً لكن لا يحل أيضاً منع العالم والداعية والمسلم أن يدعو الناس إلى هذا الدين بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة إن المسلم في يده نور يهتدي به في ظلمات الطريق ويهدي به أيضاً من يريد أن يمشي وراءه فلا يحل للطرف الآخر أن يأتي ويكسر هذا النور بحال من الأحوال إن هذا الدين كما ذكرت آنفاً إنه أحسن من يتعامل مع الآخر أحسن من يتحاور مع الآخر وهو الذي وضع أسس الحوار وهو الذي وضع أسس التعامل مع الطرف الآخر يهودياً كان أو نصرانياً أو غير ذلك هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى- يأتي إلى ملك التتار قاطلوشاه ويريد منه أن يفك أسارى المسلمين فيقول له ذلك الملك أنا أفك أسرى المسلمين لكن أسارى أهل الذمة الذين كانوا معكم فيقول شيخ الإسلام –رحمة الله تعالى- أهل ذمتنا قبل أهل ملتنا يعني يجب عليك أن تفك أسارى اليهود والنصارى الذين هم في ذمتنا قبل أسارى المسلمين فالدولة في الإسلام عندها أهل ذمة تتعامل معهم بعدل وبإنصاف وتحميهم وتسعى من أجل حقوقهم خاصة البلدان التي لا يزال فيها ربما أحياناً يهود ونصارى كيف سيتعايش المسلمون مع هؤلاء النصارى يجب أن تكون هنالك قواعد مشتركة للتعايش في بينهم وبالتالي الإسلام يقبل هذه الأطراف جميعاً ويجب أن يفرق المسلمون بين أمرين وبين فقهين فقه الممكن وفقه التمكين أما فقه الممكن فكيف تتعامل مع الواقع بجدية وبإجابيه . وأما فقه التمكين فهذا فقه آخر يأتي حينما يكون الحكم للمسلمين ربما يكون هنالك إرجاء وسكوت وتريث في كثير من القضايا في حال عدم التمكين وهذا فقهه يندر أن يفقه هذا رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم حينما كان في مكة كان يرى الكفار يعبدون الأصنام ما هدمها هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – يتكلم في عرضه ويقيم الحد على المسلمين ممن خاض في عرضه ولم يقم الحد على المنافقين لأن هؤلاء سيشوشون على الإسلام ولأن هؤلاء سيتكلمون في الإسلام وسيتكلم أعداء الإسلام وسيقولون إن محمداً يجلد أصحابه إن محمداً يقتل أصحابه هذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم- كان يريد أن يبني البيت الحرام على قواعد إبراهيم –عليه السلام – لكنه لم يفعل هذا عن عائشة رضي الله عنها قالت سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو ؟ قال: (نعم ) . قلت فما لهم لم يدخلوه في البيت ؟ قال ( إن قومك قصرت بهم النفقة ) . قلت فما شأن بابه مرتفعا ؟ قال ( فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض))[1]

لكنه لم يفعل ذلك صلى الله عليه وآله وسلم- إذاً هناك قضايا يجوز أن يرجئها الإنسان يجوز أن يسكت عليها الإنسان هذا عمر رضي الله عنه – في عام الرمادة لم يقم الحد على من سرق طعاماً لأن الحفاظ على النفس مقدم على الحفاظ على الأموال وإن كانت هذه الأموال أخذت ونهبت لكن الحفاظ على النفس المؤمنة حية أولى من المال في أيدي الأغنياء أو في أيدي الموسرين . أسأل الله –تعالى – أن يفقهنا في الدين وأن يجعلنا هداه مهتدين غير ضالين ولا مضلين . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب .

الخطبة الثانية :

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفا وبعد :

يتهم الإسلام بأنه دين دموي بمعنى أنه يسعى لإراقة الدماء لقطع أيدي الناس ولقطع رقاب الناس وما شاكل ذلك وهذه ربما أحياناً تسمعها من أبناء جلدتنا وممن يتكلم بألسنتنا إن الإسلام أيها الإخوة حرص كل الحرص على الدماء وخاصة دماء المسلمين . قال –تعالى- ((… وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً…)) سورة البقرة آية (32) وقال تعالى- (( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً…)) سورة البقرة آية (32) فقتل نفس بغير حق كأنما يتجاوز هذا الإنسان فيقتل الناس جميعاً . –حدثنا علي حدثنا إسحق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما))[2]دماء المسلمين محرمة في ما بينهم حدثنا مسدد قال حدثنا بشر قال حدثنا ابن عون عن ابن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه – أو بزمامه – قال أي يوم هذا . فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال ( أليس يوم النحر ) . قلنا بلى قال ( فأي شهر هذا ) . فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال ( أليس بذي الحجة ) . قلنا بلى قال ( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه))[3] وأول ما يقضى به يوم القيامة الدماء . مما يتهم به الإسلام قضية تغيير المنكر وأن الإسلاميين خاصة ما يطلقون عليه الإسلام السياسي أنه إذا تمكن أنه اليوم الثاني سيكون في الشوارع بيده العصي والكرابيج والأصوات ويضرب الناس ويجلد الناس ويقطع أيدي الناس ويقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف لا يترك رجلاً يمشي مع امرأة في الشارع إلا حققوا معه من أين هذه المرأة ومن هذه المرأة ومن يشهد لك أنها زوجتك أو أختك هذه كلها دعايات من أجل أن ينفر الناس ليس من الإسلاميين ولكن من الإسلام لأن هذه هي طريقة أعداء الإسلام أنهم لا يتهمون الإسلام مباشرة إلا من بلغ غاية في الحقد على هذا الدين وإلا فطريقهم التشكيك والطعن في حملة هذا الدين ليتوصل بعد ذلك الناس للطعن في دين الله عز وجل _ هذه مزاعم يزعمونها فإذا ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انبروا بأقلامهم وخرجوا بوسائل إعلامهم في مشارق الأرض ومغاربها للقول بأن هؤلاء غداً سيضربونكم وسيجلدونكم وسيقطعون أيديكم وأرجلكم وسوف يمنعونكم من الخروج إلى الشوارع وسيمنعون المرأة من الخروج ومن العمل إلى آخر ذلك .

هذه كلها أكاذيب وأراجيف لكن هذه الأمة معلوم أن الله لم يمتدحها إلا لأنها آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )). والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له ضوابط منها : ألا يؤدي هذا المنكر إلى منكر أكبر منه وإلا صار محرماً . فتبين لنا من خلال الكلام الماضي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم- لم يفعل كثيراً من القضايا لأن فعلها قد يؤدي إلى منكر أعظم فامتنع عن إقامة الحد على المنافقين حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه وامتنع عن إعادة بناء الكعبة حتى لا يرتد الناس عن دين الله عز وجل – فأبقاها كما هي صلى الله عليه وآله وسلم- من جملة التهم قضية الحدود في الإسلام وهذا الكلام يسمع غالباً من العلمانيين من الماركسيين يسمع منهم وهكذا أيضاً من اليهود ومن النصارى يسمع منهم مثل هذا الكلام أن الإسلام إذا حكم سيقطع الرقاب وسيقطع الأيدي والأرجل من خلاف إلى آخره . وهذا الكلام مسموع وليس وليد اليوم بل كلما حقق المسلمون انتصارات وانجازات انبروا لمثل هذا كي ينفروا الناس عن دين الله عز وجل – إن الإسلام أيها الإخوة لا يتجسس على أحد فكل إنسان له خصوصيته والإسلام لا يقيم الحد إلا على من وصل إليه أو أوصل إليه هذا الإنسان كونه عمل منكراً شاع بين الناس أو أعلنه وجهر به بين الناس بل إن الإسلام يحرص أشد الحرص على ستر الناس وحث على أنه من رأى إنساناً يرتكب معصية أن يأمره بأن يتوب وأن يستر نفسه وألا يعود لمثل هذا العمل لا أن يجره بيده إلى الحاكم أو المحكمة أو إلى قسم الشرطة ويقول هذا فعل بل حتى الحاكم يرجع من وصل إليه كونه فعل معصية يحاول أن يرجعه وأن يثنيه من أن يفضح نفسه وحدثنا محمد بن العلاء الهمذاني حدثنا يحيى بن يعلى ( وهو ابن الحارث المحاربي ) عن غيلان ( وهو ابن جامع المحاربي ) عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال

: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله طهرني فقال ( ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه ) قال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال يا رسول الله طهرني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه ) قال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال يا رسول الله طهرني فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فيم أطهرك ؟ ) فقال من الزنى فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أبه جنون ؟ ) فأخبر أنه ليس بمجنون فقال ( أشرب خمرا ؟ ) فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أزنيت ؟ ) فقال نعم فأمر به فرجم فكان الناس فيه فرقتين قائل يقول لقد هلك لقد أحاطت به خطيئته وقائل يقول ما توبة أفضل من توبة ماعز أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده ثم قال اقتلني بالحجارة قال فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال ( استغفروا لماعز بن مالك ) قال فقالوا غفر الله لماعز بن مالك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم))[4]

لكن هنا قضية وهي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنكر عليهم كونهم لم يتركوه فقال –صلى الله عليه وآله وسلم – هلا تركتموه ؟ يعني حينما أراد أن يهرب قال هلا تركوه يعني ليتهم تركوه ولم يجهزوا عليه . ذلك لأن الإسلام يحب الستر المرأة التي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – قالت يا رسول الله إني زنيت وها أنا حامل قال صلى الله عليه وآله وسلم – اذهبي حتى تضعيه كان بإمكانها ألا تعود جاءت به بعدما وضعت اذهبي حتى ترضعيه جاءت به اذهبي حتى تفطميه سنتين كاملتين وقبل سنة فكان بإمكانها ألا تعود ولكنها جاءت وجادت بنفسها فأقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم- عليها الحد . الحاصل أن الإسلام يرغب في الستر من ستر مسلماً ستره الله تعالى- رجل من الصحابة يجد آخر مخموراً وأراد أن يأخذه إلى الحاكم فقال لا إني سأستره وسأنصحه عسى الله –تعالى- أن يسترني . هذه على كل حال فرية المقصود منها تنفير الناس عن الإسلام .

أخيراً أيها الإخوة _ مما يتهم به الإسلام أنه ظلم المرأة وجعلها حبيسة بين أربع جدران وجعلها سجينة مع زوجها حتى يتوفاها الله عز وجل _ لكن هذه فرية ليست حديثة وليست جديدة ويريدون بهذا أن يلزموا المسلمين باتفاقيه السيداو التابعة للأمم المتحدة هذه الاتفاقية التي فيها عشرات المخالفات لدين الإسلام يريدون أن يسووا المرأة بالرجل وهيهات هيهات لا يمكن أن سووا بين الرجل والمرأة لا في الخلقة ولا بالطبيعة ولا في الأحاسيس ولا بالمشاعر ولا بشيء من هذا لكن هؤلاء أصحاب قلوب مريضة أصحاب شهوات يريدون أن ينتهكوا حرمات الناس . يريدون أن يعبثوا بهذه المرأة فإذا نضب جمالها وقضوا غرضهم منها رموا بها في الزبالة ولم يلتفتوا إليها إطلاقاً لكن الإسلام كرم هذه المرأة كرمها أماً وبنتاً وأختاً وزوجة ليتهم قرءوا التاريخ كيف تعامل اليهود مع المرأة كيف يتعامل الهندوس مع المرأة كيف يتعامل المرأة كيف يتعامل الغرب اليوم مع المرأة إن المرأة اليوم في العالم الغربي قد ضجرت من تلك الحياة التي كانت تنادي بها بالمساواه بين الرجل والمرأة ثم هاهي اليوم تتمنى أن تعود إلى بيتها إلى أولادها بل كثير منهن حرمت نفسها من نعمة الولد بحجة الحرية ويا ليتها استفادت شيئاً لم تستفد مالاً ولم تستفد راحة ولم تستفد هدوء بال ولم تستفد حتى مساواة مع الرجل فلا زالت المرأة في بلاد الغرب تعاني من التمييز واستخدمت سلعة للبيع والشراء وللدعايات وما شاكل ذلك . أيها الإخوة إن على المرأة إذا كانت تؤمن بالله وتحب الله تعالى أن تصرخ في وجه هؤلاء وتنادي وتقول : سمعنا وأطعنا لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم – (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)) سورة الأحزاب آية (36)

والحمد لله رب العالمين .

[1] -البخاري 2/573

[2] -البخاري 6/2517

[3] -البخاري 1/37

[4] -مسلم 3/1323





رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=1016


خطبة بعنوان : (قانون الالتفاف والانفضاض )


إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) سورة آل عمران آية (102)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1)

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) سورة الأحزاب الآيات (70- 71)

أما بعد :

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد –صلى الله عليه وآله وسلم – وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .



يقول الله تعالى – في محكم كتابه (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) سورة آل عمران آية (159)هذه الآية أيها الإخوة فيها قانون إلهي قل من يتدبره وقل من يعتبر به إنه قانون يسمى بالالتفاف والانفضاض هذا القانون موجود على ظهر هذه الأرض وسائد ومسيطر في هذه الأرض على مستوى البشرية وعلى مستوى الحيوان بل وعلى مستوى الطبيعة فحيثما وجدت الرحمة ووجدت الليونة ووجدت الحكمة ووجد العدل فهنا يكون الالتفاف وحيثما وجدت الغلظة ووجدت القسوة والجفوة وانعدمت الحكمة وبرز الاستئثار يكون الانفضاض . الرحمة مطلوبة ومحبوبة واللين يرغب الإنسان فيه والحكمة ضالة الإنسان والعدل هو ما ينشده هذا الإنسان القسوة والجفوة والغلظة تنفر منها الطباع حتى طباع الحيوانات تنفر من هذه السلوكيات ومن هذه الأخلاقيات ولهذا كان اصطفاء الله تعالى – لأنبيائه بأن طبع فيهم هذه الصفات وجبلهم عليها .قال –سبحانه وتعالى- (( فبما رحمة من الله لنت لهم ..)) أي بسبب رحمة من الله وبسبب ما زرع الله في قلبك من الرحمة واللين والرفق والمحبة والمودة والحكمة والعدل لنت لهم لأنك تقابل من هو جافي الطباع وتقال منهم من هو سيء الخلق ألا نتذكر إلى أولئك الذين كانوا يأتون رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم – وكانوا يجذبونه جذباً شديدا ً ويقولون له أعطنا من مال الله ليس من مالك ولا مال أبيك وهكذا كانوا يضطرونه إلى أضيق الطرق يؤذونه في عرضه وفي نفسه ومع هذا كان في غاية الليونة لهم فبما رحمة من الله لنت لهم برحمة الله لنت لهؤلاء الأعراب القساة الجفاة الذين اتصفوا بالغلظة والقسوة والليونة هي رقة القلب وحسن الطباع وحسن التعامل مع من يجفوا معك ما أحسنه من خلق حينما يواجه الإنسان هذه القسوة وهذه الجفوة وسوء الخلق يواجهها باللين فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً أي قاسياً جافياً غليظ القلب قاسي لا يتأثر بمن حوله ينظر إلى الجياع وإلى المعوزين وينظر إلى المدمرين وينظر إلى حاجة الناس وينظر إلى الجرحى ينظر إلى المرضى ينظر إلى الدماء ينظر إلى الأشلاء فلا يتأثر قلبه

ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك )) هنا يأتي طرف القانون الآخر وهو الانفضاض عن كل من كان متصفاً بالغلظة والقسوة والجفوة أياً كان حاكماً أو محكوماً صغيراً أو كبيراً غنياً أو فقيراً حيواناً أو إنساناً حتى الطبيعة الأنفس تنفر من الطبيعة الجافية تنفر من الأماكن الحارة الأماكن التي فيها جفاف الأماكن التي فيها زلازل التي فيها براكين تنفر الطباع منها لأنها جافية فتنفر الطباع منها ألا ترى أن كثيراً من الحيوانات تنفر من الحيوان الجلف من الحيوان القاسي من الحيوان الباطش من الحيوان الكاسر تنفر منه فلا تخالطه وتنبذه فكيف بإنسان فيه قلب وفيه مثل هذه الصفات يحب الرحمة ويحب الود ويحب الحكمة ويحب العدل ونشد الحرية وغير ذلك . إن هذا الأمر أي قانون الالتفاف والانفضاض في الإنسان يتجلى أكثر من غيره وإن كان قاسماً مشتركاً ولهذا فإن الله تعالى- امتن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وامتن على الأنبياء جميعاً وامتن على الحكماء الذين سجل التأريخ صفحات من نور بأنهم كانوا هكذا كانوا أصحاب قلوب رحيمة (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم )) أي اعف عن قسوتهم إن بدرت منهم وهذا نتيجة للرحمة فإن النفوس البشرية لا تستوي في طباعها فعليك أن تتعامل مع الناس بالرحمة وتتعامل معهم على أن هذه طباع منهم يمكن للواحد منهم أن يعتذر ويمكن للواحد منهم أن يندم على مثل هذا الطبع الذي بدر منه وربما أتى ليعتذر بعد ذلك نتيجة سوء خلفه معك ولعله يكون سبباً في هدايته واستقامته وسبباً في أن تكون من أحب الناس إليه . هذا عمر بن العاص – رضي الله عنه – كان يقول : ما كان وجه أبغض إلىّ من وجه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- ولكنه بعد أن أسلم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – فقال يا رسول الله ما كان دين على ظهر الأرض أبغض إلى من دينك وإنه الآن أحب الأديان إلىّ بسبب ماذا ؟ حسن التعامل رقته رحمته وما كان وجه أقبح إلىّ من وجهك ولوجهك الآن أحب إلىّ من كل الوجوه حتى أنه ما كان يحد النظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم – قال عمرو بن العاص –رضي الله عنه- والله لو قلتم لي صف لنا وجه رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم – ما استطعت من كثرة استحيائي منه أن أحد النظر في وجه ولكني كنت كثيراً ما أطرق وجهي على الأرض (( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم )) استغفر لهم لسوء أخلاقهم عسى الله أن يغفر لهم والدعاء هنا من الرحمة أي ادعوا لهم اطلب لهم المغفرة على سوء خلقهم وسوء معاملتهم معك أيها القائد أيها الحكيم أيها العظيم . كيف يتعاملون معك بهذه القسوة وبهذه الجفوة وبهذه الغلظة ؟ لكن من رحمتك التي طبع الله في قلبك استغفر لهم ادعوا لهم هذه هي صفات القائد الحكيم الفذ الذي لا يمكن أن يولد في البشرية مثلها إطلاقاً ما استطاع أحد حتى من أنبياء الله تعالى – عليهم الصلاة والسلام – وهذا من رحمة الله تعالى- بنبينا – صلى الله عليه آله وسلم – أن يقيم دولة وأقامها رسولنا – صلى الله عليه وآله وسلم – في هذه المدة البسيطة خلا ثلاثة وعشرين عاما ً أقام صلى الله عليه وآله وسلم – دولة الإسلام التي امتدت بعد ذلك إلى مشارق الأرض ومغاربها (( فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر )). خذ آراءهم تلمس حاجاتهم ماذا يريدون مما يشتكون شاورهم في سياسة الدنيا شاورهم في الحروب شاورهم في اتخاذ القرار وهذه الصفة كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – ما كان بحاجة إليها بحال من الأحوال كما قال كثير من المفسرين ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – بحاجة إلى التشاور فالله تعالى – هو الذي يوجهه وهو الذي يرشده إلى الصواب ولكن أراد الله –تعالى- أن يتعلم الناس منه هذه الصفة وليست الشورى صفة في القائد أو الحاكم فحسب بل تمتد حتى إلى الأسر فالدكتاتورية وأحادية القرار في البيت أمر مرفوض لابد من التشاور ولابد من أخذ الرأي فربما كان الرأي الحكيم الرشيد أحياناً عند المرأة وليس صحيحاً أن رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم _ قال : ((شاوروهن وخالفوهن))[1] فهذا أمر باطل بل إنه صلى الله عليه وآله وسلم – شاور إحدى زوجاته في غزوة الحديبية حينما دخل مغضباً حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا قال : فو الله ما قام منهم رجل حتى قاله ثلاث مرات فلما لم يقم منهم حد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس قالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك ؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم بكلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فقام فخرج فلم يكلم احدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما))[2] قالت : تريد أن يطيعوك قال : نعن قالت : أخرج فاحلق رأسك وانحر هديك وسوف يتابعونك فأخذ برئيها وخرج فحلق رأسه ونحر هديه فإذا بالناس يتوافدون وإذا بالناس يكادون يقتتلون مسارعة تأسياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – والشورى كما يقول ابن عطية أمر لازم وأمر حتم وأي حاكم لا يشاور أهل الديانة وأهل الحكمة والكياسة وأهل التجربة والخبرة فإنه يعزل لماذا ؟ لأنه صار دكتاتوراً صار يتخذ الفرارات التي ربما تكون خاطئة ويعود ضررها على الأمة برمتها فإن هذا لا ينبأ عن عقل هذا الحاكم ولا عن فطنته ولا عن محبته ولا عن رحمته بأمته وشعبه . يقول : عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنه – إني لأجد صفة رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم – في التوراة إنه ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح . (( فإذا عزمت )) أي بعد اتخاذ الشورى وبعد إنضاج القرار فإذا عزمت على أمر فتوكل على الله ولا يقصد به التواكل وإنما المقصود به التوكل على الله تعالى- في إمضاء هذا الأمر مع إعمال الأسباب فإن الأمور لا تجري بغير أسبابها ولا يجوز للإنسان أن يتكل على هذه الأسباب بل إن الأسباب يجب أن تكون صحيحة وموصلة للقصد فمن أراد المال سعى في الأرض واتخذ الأسباب التي توصله للرزق الحلال ((… فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)) سورة الملك آية (15)فبدأ في السبب المشي في الأرض والضرب في الأرض لتأكل من رزق الله تعالى- خذ الأسباب (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )). إذا أردتم قمع العدو وأردتم النصر من الله تعالى- فاتخذوا السبب أما أن تطلب النصر وأنت قاعد تطلب النصر وسلاح عدوك فتاك وأن تمسك بالسيف عنده الدبابات والطائرات والبارجات والصواريخ وأنت عندك الجمال والحمير والخيول هل هذا من اتخاذ الأسباب ؟ هذا أمر مرفوض فإذا عزمت فتوكل على الله متخذاً للأسباب في كل أمر من الأمور حتى أن البهائم تعرف هذه السنة البهائم والطيور والأسماك والوحوش لتعرف هذه السنة أنه لابد من اتخاذ الأسباب . يقول –صلى الله عليه وآله وسلم – (( لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا))[3].

لأنها عملت بالسبب إذاً لابد من اتخاذ السبب وأن التواكل منافي للأمر بالشورى لو كان الأمر ليس مأموراً باتخاذ الأسباب فلا معنى للشورى حينئذ . أيها الإخوة الكرام الشورى لها فوائد : منها تقدير المستشارين أصحاب الرأي أصحاب الخبرة الذين عركتهم الحياة ولا يمكن أن يكون مستشاراً إلا من كان أيضاً ديناً . إذاً تقدير الناس وتقدير المستشارين فلا يصلح أن يكون كل واحد مستشاراً في كل شيء فلكل تخصص مستشاروه فلا يمكن أن تستشير في جانب الحروب اقتصادياً أو تاجراً ولا يمكن أن تستشير في قضايا الدين وفي قضايا الأحكام إعلامياً وهلم جر فلكل رجاله . من فوائد الشورى أيضاًً: إنضاج وبحث الفكرة والرأي السديد بعد تقليب الأمور فلعل الصواب يكون مأخوذاً من مجموع رأيين أو ثلاثة وإذا أخذت بجزئية واحدة لا يمكن أن تصل إلى الصواب ومن فوائد الشورى : اتحاد الناس على مسعى واحد فلا يكون هذا في واد وذاك في واد آخر وهناك حزب ثالث . ومن فوائد الشورى : اختيار الرأي الأصوب والأقرب إلى الدقة ومن صفات المستشارين إن كان في الأحكام أن يكون عالما ً ديناً خائفاً يعلم أن الله تعالى يراقبه ومن صفاتهم أيضاً أن يكون عاقلاً مجرباً محباً للمستشير والمستشار مؤتمن فإذا كان مبغضاً فلعله يرشده بما فيه هلاكه . إن الرحمة -أيها الإخوة صفة سامية- وعظيمه ولذلك اتصف الله تعالى – بها قال سبحانه – ((… وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) سورة يونس آية (107)هذه من صفات الله تعالى- ووصف بها رسوله صلى الله عليه وآله وسلم – فقال : ( ( …بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) سورة التوبة آية (128))) الغلظة والقسوة والجفوة صفات مذمومة يقول –صلى الله عليه وآله وسلم – ( أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا الإيمان يمان والحكمة يمانية والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة والوقار في أهل الغنم )) [4]هؤلاء الناس اكتسبوا هذه الأخلاق من هذه الخلطة اكتسبوها من البهائم ألا ترى أن الغنم بسكينتها ورقتها كيف تسير وإلى الإبل والبقر كيف تسير بهيجان وبتبختر وعندها من الغلظة ما عندها لذلك اكتسب هؤلاء الناس هذه الأخلاق ممن حولهم حتى ربما من الطبيعة التي يعيشون فيها فصفات أهل الجبال فيها من الغلظة والقسوة والجفوة بينما صفات أهل السواحل فيها من البساطة والرقة والسكينة والليونة وهلم جر ولذلك الرحمة والرقة هذه صفات محمودة ممدوحة والجفوة والقسوة والغلظة صفا ت مذمومة هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – القائد الأعظم –صلى الله عليه وآله وسلم – يزور ابن ابنته وروحه تقعقع تكاد تخرج منه فيأخذه إلى حضنه فتدمع عينه صلى الله عليه وآله وسلم – أرأيتم رئيساً أو ملكاً أو مسئولاً يرى أبناء بلده في جوع وفي مرض دماءهم تراق أرأيتم أناس من هؤلاء مقدساتهم تدنس وثرواتهم تنهب أرأيتم تمعراً في وجوههم أرأيتم دمعة تقطر من عيونهم أرأيتم صراخاً من أجل أبناء جلدتهم هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وهو القائد الأعظم الرحيم الذي هو المثل الأعلى لنا جميعاً الذي كان إذا جاع الناس كان أول الجائعين وإذا شبع الناس كان آخر من يشبع وما شبع صلى الله عليه وآله وسلم – يخرج وعلى بطنه الحجر والحجرين من الجوع فيلقى أصحابه وهم كذلك تدمع عينه ويقولون يا رسول الله أما كنت تنهانا عن البكاء على الميت فيقول – صلى الله عليه وآله وسلم-((… هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)).[5]

إنما نهى صلى الله عليه وآله وسلم – عن الجزع وعن الفزع وعن التسخط على أقدار الله تعالى

هذا رسول الله صلى الله علي وآله وسلم – القائد الأعظم يجد مساحة من وقته وجهده ليلعب مع الأطفال وليداعب الأطفال يقول لذاك يا أبا عمير ما فعل النغير ؟ يمسك بأيدي الإماء والصبايا يمزح معهم يسلم عليهم يأتي ابنه ليركب على ظهره وهو ساجد يصلي- صلى الله عليه وآله وسلم– يقطع المسافة من أجل أن يزور ابن ابنته – صلى الله عليه وآله وسلم – يقبل الصغار ويلاطفهم حتى يأتي صاحب القلب الجافي ذلك الأعراب ويقول : تقبلون أبناءكم والله إن لي عشرة ما قبلت أحداً منهم فيقول صلى الله عليه وآله وسلم – ((… إنه من لا يرحم لا يرحم))[6]

هذا هو القائد الرحيم الأسوة والقدوة –صلى الله عليه وآله وسلم –الذي خرّج أجيالاً من القادة الذين كان يؤرقهم أمر أمتهم . هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه – يؤرقه ويخاف أن تعثر بغلة في العراق يخشى أن يسأله الله تعالى- لماذا لم تعبد لها الطريق ؟بغلة وليس إنسان ليس شعباً وكان في عام الرمادة آخر من يطعم وأقل الناس طعاماً هو وأسرته –رضي الله تعالى –عنه- وهكذا قل في جميع الصحابة . ذاك عمر بن عبد العزيز –رضي الله عنه- الذي نحل جسمه مع أن بيت مال المسلمين كان مليئاً بالمال فلم يجدوا فقيراً يوزعون عليه صدقاتهم وزكواتهم ومع هذا كان أنحل الناس وكان إذا دخل عليه إنسان يتحدث معه بأمور الدنيا أطفأ الشمعة فيقال لماذا ؟فيقال : إنها من بيت مال المسلمين ليست من مال عمر فيحدثه بالنفس التي تخاف الله –سبحانه وتعالى- إن الرحمة مخلوق من مخلوقات الله تعالى-خلق الله تعالى – مائة رحمة فأنزل للأرض رحمة فبها يتراحم الناس وبها ترفع الدابة حافرها عن ولدها وادخر عنده –سبحانه وتعالى- تسع وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة سبحان الله ما أكرم الله تعالى- وما أحلم الله وما أرحم الله يوم تأتي هذه الرحمات التي ادخرها ليرحم عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء . أسأل الله تعالى- أن يجعلنا من عباده الرحماء وأسأله تعالى أن يرحمنا رحمة من عنده يغننا بها عن رحمة من سواه أقول قولي واستغفر الله



الخطبة الثانية :

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفا وبعد :

أيها الإخوة هذه الآبة المباركة التي أوضح الله تعالى - فيها هذه الصفة العظيمة من صفات القائد الحكيم صلى الله عليه وآله وسلم –الذي هو قدوة للمسلمين أجمعين –صلى الله عليه وآله وسلم –صفة اللين وصفة الرحمة وهي من صفات الواجب توفرها في كل حاكم أو مسئول أن يكون رحيماً وأي حاكم يجانب الرحمة فسوف ينفض الناس من حوله وسوف يلفظونه ويبغضونه يقول صلى الله عليه وآله وسلم – ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ) قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال ( لا ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم من ولا تكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة )).[7] ولقد دعا صلى الله عليه وآله وسلم- على من يرفق بهذه الأمة ودعا على من لا يرفق بهذه الأمة ( اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به))[8]

ها نحن نرى في الواقع هذا كيف أن بعضهم لما شق على رعيته شق الله تعالى عليه بسبب أنه لم يرحم يما من الدهر أولئك الناس الذين هم في رقيته وهم في ذمته وسيسأله الله عنهم يوم القيامة لقد كان صلى الله عليه وآله وسلم عنده من صفات الشرف والعلو فهو نبي وهو من خير الأنساب صلى الله عليه وآله وسلم –ومع هذا كان في غاية التواضع لقد كان يخصف نعله بيده ويرقع ثوبه ويلاعب أهله ويتلطف مع أهله ومع المستضعفين أين هذه الصفات من حكام اليوم دعا صلى الله عليه وآله وسلم على من لم يجعل في قلبه الرحمة فقال –صلى الله عليه وآله وسلم – ((خاب عبد وخسر لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر)).[9] خاب وخسر في الدنيا والآخرة

إن انعدام الرقة والرحمة من القلب ينبأ عن الكبر وعن الأشر والبطر يقول صلى الله عليه وآله وسلم – (( ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل ينازع الله إزاره و رجل ينازع الله رداءه فإن رداءه الكبرياء و إزاره العز و رجل في شك من أمر الله و القنوط من رحمة الله ))[10] رواه الطبراني بإسناد صحيح وانظروا إلى ذلك الأمير الذي أمره رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم على أناس فتغاضب معهم لأمر مافقال: (( أليس أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني ؟ قالوا بلى قال فاجمعوا لي حطبا فجمعوا فقال أوقدوا نارا فأوقدوها فقال ادخلوها فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضا ويقولون فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة الطاعة في المعروف))[11].

أمثال هؤلاء يصلحون أن يكونوا رؤساء يصلحون أن يكونوا مسئولين يجرعون شعوبهم الغصص ويجرعون شعوبهم العلقم وهو في غاية الترفه وحسن المعاش يصلح هؤلاء أليسوا هؤلاء ممن يجب عليهم أن يقتدوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- أمثال هؤلاء لا يصلحون أن يكونوا مسئولين بحال من الأحوال إن الرفق محبوب عند الله ومآله دائماً إلى الخير(( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ))[12] .يقول صلى الله عليه وآله وسلم – (( من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة))[13] .دجاجة ليس إنساناً هاهم الناس اليوم يذبحون بالعشرات يومياً في ليبيا ما لا يقل عن ثلاثين ألف قتيل وخمسين ألف جريح كل هذا لم ؟ من أجل أن يبقى على الحكم مئات من الناس في مصر ومئات من الناس في تونس وآلاف في اليوم في سوريا وهكذا أيضاً في اليمن مئات من الناس قتلوا لماذا ؟دماؤهم رخيصة . من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله تعالى –يوم القيامة . المؤمن في قلبه الرحمة حتى حينما يمسك السكين ليذبح الشاة إنه ليحدها إنه ليخفيها إنه ليريح ذبيحته ويذبحها بأمر من الله نهى صلى الله عليه وآله وسلم – نهى صلى الله عليه وآله وسلم – عن اتخاذ ذات الروح غرضاً أن تطرح طيراً أو دجاجة وتتخذه غرضاً ترميه كل هذا رحمة القتل اليوم –سبحان الله – من علامات القيامة كثرة الهرج كما أخبر – صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج قالوا وما الهرج ؟ يا رسول الله قال القتل القتل))[14]. جاءت حمرة يعني حمامة ترف فوق رأس رسول الله صلى عليه وآله وسلم –فعن عن عبدالرحمن بن عبدالله عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها))[15] . رحمة بها يا أيها الناس يا أيها الناس من فزع الأمهات بأبنائهن قتلا ًمن فزع الآباء بأبنائهم قتلاً من فزع الأبناء بآبائهم قتلا ًمن فزع الأمهات بأزواجهن قتلاً من فزع النساء بأزواجهن قتلاً ليس حمامة ولا دجاجة ما هذا قسوة وغلظة في التعامل هذه البلدان التي فيها احتقانات يعاني فيها الناس ولكن مع هذا صابرون محتسبون الأجر عند الله عز وجل – بعض الدول وإن كان فيها الظلم والجور إلا أنها بنت مؤسسات والخدمات لا تنقطع منهم طاغية تونس بالرغم من أنه أفسد وعاث في الأرض فساداً إلا أنه بنا دولته لم تنقطع الخدمات طاغية مصر كذلك بنا شيئاً من المؤسسات الجيش مؤسسة وطنية انحازت إلى طلب الشعب مؤسسات كلها تعمل ليلاً ونهاراً لم تنقطع الخدمات عنهم انظر إلى ما يحدث إلى ليبيا اليوم مدن بحالها لا ماء ولا كهرباء لا دواء لماذا؟لأنها عانت من الظلم عقوداً تريد أن تنعقد من هذا الظلم أين مال ليبيا تفجر بها الأوضاع في الشرق وفي الغرب ويوزع على رؤساء أفريقيا من أجل أن يعطوه لقب ملك ملوك أفريقيا وأما الشعب فجائع الشعب مريض الشعب جائع ولذلك يحث مثل ذلك التنكيل . أيها الإخوة ما أحسن الرفق وما أبغض الخشونة والعنف إن الرفق من أفضل نعم الله عز وجل – من يحرم الرفق يحرم الخير كله كما قال : صلى الله عليه وآله وسلم –. ويقول : صلى الله عليه وآله وسلم –(( يا عائشة إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خيري الدنيا والآخرة ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خيري الدنيا والآخرة))[16]
ونختم أيها الناس بهذا الدعاء الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم –كما حديث أنس – رضي الله عنه –حين قال: لمعاذ: ((.. يا معاذ مالي لم أرك ؟ قال : يا رسول الله ليهودي علي أوقية من تبر فخرجت اليك فحبسني عنك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معاذ ألا أعلمك دعاء تدعو به فلو كان عليك من الدين مثل جبل صبر أداه الله عنك – وصبر جبل باليمن – فادع به يا معاذ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتعطي من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك))[17] اللهم اجعلنا من عبادك الرحماء يا رب العالمين . والحمد لله رب العالمين

[1] -السلسلة الضعيفة 1/625

[2] – إرواء الغليل 1/58

[3] – الترمذي 4/573

[4] -البخاري 4/1594

[5] -البخاري 1/431

[6] – الترمذي 4/318

[7] – مسلم 3/1481

[8] -مسلم3/1458

[9] -السلسلة الصحيحة 1/818

[10] -الجامع الصغير وزيادته 1/537

[11] -البخاري 4/1577

[12] -مسلم 4/2004

[13] -السلسلة الصحيحة 1/65

[14] -مسلم 4/2213

[15] -السلسلة الصحيحة 1/878

[16] – كنز العمال 3/104

[17] -المعجم الكبير 20/154

رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=1011


خطبة بعنوان : الباطنية تاريخ تدمير وهدم

دخلت في الإسلام جماعات همها العمل على اجتثات المسلمين من جذروهم العقدية عن طريق التلاعب بالدين، والتلبيس على المسلمين، وتعد الشيعة بجميع أقسامها الباطنية أوالإسماعيلية أو المكارمة أو البهرة أو الإثني عشرية إحدى أبرز تلك الجماعات التي أُيدت بيد الحقد اليهودي المجوسي لهدم الإسلام من الداخل

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

دخلت في الإسلام جماعات همها العمل على اجتثات المسلمين من جذروهم العقدية عن طريق التلاعب بالدين، والتلبيس على المسلمين، وتعد الشيعة بجميع أقسامها الباطنية أوالإسماعيلية أو المكارمة أو البهرة أو الإثني عشرية إحدى أبرز تلك الجماعات التي أُيدت بيد الحقد اليهودي المجوسي لهدم الإسلام من الداخل

أيها الإخوة الكرام : إن الإسلام يعيش في غربة بين الأمم ويعيش في غربة بين أهله فنجد أن أعداء الله تعالى من يهود ونصارى وعباد أوثان ومن نحى نحوهم يكيدون لهذا الإسلام كيداً ليلاً ونهاراً ونجد كذلك أن الإسلام بين أهله يعيش في غربة حيث كثرت الطوائف التي تدعي أنها على الحق المبين وأنها على الحق المطلق وكثر التنازع حتى كاد الحق أن يختفي وحتى كاد كثير من أبناء هذه الأمة أن يفتتن نتيجة أن الحق ضاع بين الإفراط والتفريط ابتدعت هذه الأمة- إلا من رحم الله تعالى- عن الوسطية التي كان ينهجها سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة المهديين كمالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد فالإسلام يعيش بين عربتين غربة بين الملل وغربة بين أهله فلا تكاد تجد الأمة تتفق على أمر ما إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى- وهذه في الحقيقة تؤدي إلى أن أعداء الله تعالى –يزيدون من كيدهم نتيجة جهل أبناء الإسلام بما يكيد هؤلاء الأعداء لهذا الدين فشغلوا أنفسهم بأنفسهم وتركوا أعداءهم الحقيقيين الذين يريدون أن يجتثوا الإسلام من جذوره وأن يجتثوا الدين من أصله وقواعده ونحن إذا نظرنا إلى العلماء العاملين المحققين المجتهدين نجد أنهم يحاولون التركيز على وجوب الاهتمام بالأصول وعلى وجوب ترك الخلافات الجانبية والهامشية والفرعية وعلى وجوب الوقوف في التيارات العلمانية والإلحادية الكافرة فمن أولئك ذلك الشيخ الجليل والعالم النحرير الذي انبرى من زمن قديم للدفاع عن هذا الدين ولتنقية الإسلام مما علق به ألا وهو الشيخ ناصر الدين الألباني حفظ الله – فإنه كان من جملة أقواله ووصاياه لهذه الأمة أنه قال : إنه يجب على الطوائف العاملة في الساحة أن تترك الخلافات الهامشية الجانبية الفرعية وأن تتجه بجهود موحدة لدرء التغريب والعلمانية وعلى هذا الدرب كان كذلك الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عليه – والشيخ ابن عثيمين آجر الله الجميع . فنجد أن العلماء المبرزين في هذا الوقت يركزون على أهمية المحافظة على أصل هذا الدين والوقوف في وجه التغريب والعلمنة وفي وجه التيارات الكافرة الملحدة التي تتحدث باسم الدين والإسلام وهي يريد أن تجتثه من أصوله ويركزون أيضاً على أن الخلافات الجانبية الهامشية الفرعية يسعنا فيها ما وسع الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وأتباعهم رحمة الله على الجميع . إخوة الإسلام إن طوائف عدة دخلت في الإسلام وهي لا تريد إلا أن تكيد له لا تريد إلا أن تلبس على الناس دينهم لا تريد إلا أن تطمس معالم هذا الدين هذه الطوائف ليست جديدة ولكن أصولها قديمة وقد تكلم عليها العلماء رحمهم الله تعالى- وهذا الكلام أسرده ليعلم إخواني في الله أن الكلام في هذه الطوائف ليس بدعاً من القول وليس كلاما رجماً بالغيب بل إن العلماء بل إن العلماء قد سطروا وكتبوا في هذه الطوائف وهذه الفرق حتى إن الذين كتبوا في الملل والنحل لم يدخلوا هذه الطائفة في الطوائف الإسلامية وهذا يرد مزاعم الذين يقولون إن هذه الطائفة أعني البهرة أو المكارمة أو القرامطة أو الاسماعلية سمها ما شئت أنها من الطوائف الإسلامية التي لها معتقداتها إنما مثلها مثل أي من المذاهب الأربعة هذا كلام باطل لم يبن على أي أسس ولا على أي أدلة فهذه الطوائف وإن ذكرها الذين كتبوا في الملل والنحل والطوائف فإنما ذكروها من باب التحذير والتنبيه ونبهوا أن هذه الطوائف كافرة ملحدة ذكروها وسطروا تاريخها ليحذر الناس منها ولنعلم جميعاً أن الطوائف الباطنية أنها ليست من الثنتين والسبعين فرقة عن معاوية رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفرق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة))[1] هذه الطوائف الباطنية ومنها القرامطة والبهرة والاسماعيلية أو المكارمة سمهم ما شئت أنها ليست من هذه الطوائف فالثنتين وسبعين فرقة هي من الطوائف الإسلامية لم يكفرها أحد من أهل العلم وإنما كانت مستحقة لدخول النار إن شاء الله وإن شاء عفا عمن شاء سبحانه وتعالى –لمخالفتها لشيء من ألأصول التي درج عليها أهل السنة والجماعة أما هذه الطوائف فإنها طوائف نجسة زرعها اليهود وزرعوها عباد الأصنام والأوثان ليكيدوا لهذا الدين ولم يعرف التاريخ أخبث وأخطر وألعن من هذه الطائفة النكده النجسة التي كان لها في يوم من الأيام تاريخ أسود وكانت لها صولة وجولة تأسست لها دولة في البحرين ودولة في اليمن بل لقد كادت أن تطبق على العالم الإسلامي كله في حال ضعف وفي حال تعاون وتخطيط من اليهود ومن المجوس والروافض الخباث الذين يحقدون على دين الإسلام ويحقدون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – ويحقدون على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم –فلأن كانت قد قامت لهم دول وقد كادوا أن يطبقوا على العالم الإسلامي كله في زمن ما إلا أن الله تعالى – قيض لهم من يستأصل شأفتهم ومن يشرد بهم كل مشرد ويقتلهم تقتيلاً وذلك جزاءً وفاقاً من الله تعالى – جزاءً للفساد والإفساد الذي عاثوه على ظهر هذه الأرض هذه الطائفة أعني القرامطة أو البهرة وإن كانوا يزعمون أنهم في هذا الوقت قلة- فوا لله أيها الإخوة الكرام- لتعلموا أن ظاهرهم غير باطنهم وأن ما ينطقون بهم غير ما يعتقدونه فإن قالوا أنهم في اليمن لا يتجاوزون اثني عشر ألفاً ولا يتجاوزون في العالم مليوناً فهذا الكلام لا تصدقه ولا تكذبه فإن من عقيدتهم التقية ولئن كانوا في هذا الزمان ضعافاً ولا يقوون على إظهار معتقدهم فلأن عادت لهم الأيام فلسوف يفعلون ما فعل آباؤهم وأجداهم الأقدمون مثل أبي سعيد الجنابي ومثل ولده أبي طاهر ومثل علي بن الفضل فو الله إنهم ليستقون من مشرب واحد ملئ بالحقد والكراهية على الإسلام وأهله .

إنهم يحاولون المجئ إلى بعض البلدان ما بين الحين والآخر خصوصاً في البلدان التي تسمح بالعقائد المتناقضة بزعم الحرية وبزعم الرأي والرأي الآخر وبزعم حرية العقيدة وبزعم وحدة المجتمع وبزعم الديمقراطية يتغلغلون في مثل هذه البلدان التي ترفع مثل هذه الشعارات لأنهم يستطيعون أن ينشرون دعوتهم بطريقة أو بأخرى وخاصة إذا كانت البلدان فيها فقر وجهل فيتصيدون ضعفاء العقول بالترغيب أو الترهيب بالمال أو بغيره فإنهم يصطادون جمعاً من الوجهاء وبانزلاق أولئك ينزلق جمع كثير من الناس وإذا صارت لهم دعاة في أي بلد يدعون إلى نحلتهم وإلى ملتهم يوجب أن يتكاثروا شيئاً فشيئاً وإنهم لا يعرفون شيئاً اسمه حلال أو حرام بل إن مذهبهم شيوعي اشتراكي غير أنه يتمسح بالإسلام وسيأتي طرف من هذا إن شاء الله عز وجل- هذه الطائفة أول ما تأسست تمسحت بآل البيت وبحبهم في التشيع لآل البيت وانتسبت إلى رجل يقال إسماعيل بن جعفر ولذلك سميت الاسماعلية لكنهم بعد ذلك انقسموا إلى طوائف وطرائق قدداً غير أن القاسم المشترك هو الحقد على الدين وعلى كل مسلم فلقد أسسوا حركتهم لطمس هذا الدين ومحوه عن ظهر هذه الأرض ولكنهم مهما حاولوا وكانت لهم قوة وصولة فإنهم سترتد مخططاتهم عليهم وسوف تتكسر جباههم ورءوسهم أمام صخرة الإسلام القوية كما تحطم أولئك الأقدمون سيتحطم هؤلاء بمشيئة الله عز وجل - وإذا تنبه أبناء هذه الأمة لخطر هذه الفرقة ومن نحى نحوها فإن الأمة إن شاء الله تعالى- لا تزال بخير . وسموا بالقرامطة نسبة إلى حمدان قرمط وكان تأسيس هذه النحلة النكده كان من أوائل من أسسها عبيد الله بن ميمون القداح المجوسي ويقال أنه كان يهودياً فأسلم تخفياً وهو يريد هدم هذا الدين ومحو معالمه . قلنا أن من أصولهم التقية وهي أن يظهر خلاف ما يبطن فإذا جاء إلى بلد سني ادعى معتقده وهذا يدل على أنهم على اطلاع واسع وعلى أنهم يفرغون أنفسهم لقراءة المذاهب والعقائد حتى إذا جاءوا إلى بلد ما أظهروا ما هم عليه تماماً كما يفعل الروافض فهولاء إذا جاءوا إلى بلد سني قالوا نحن منكم وإليكم تماماً كما قال زعيمهم وكبيرهم في الكفر والإلحاد قال نحن مسلمون نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لكن هذه الشهادة هي من أفواههم فقط ما معناها عندهم معناها غير ما نعتقده ليس معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق في هذا الوجود إلا الله معناها عندهم لا إمام إلا إمام العصر وذلك أنهم يدعون الإلوهية في إمامهم لهذا يسجدون له ويدعونه رغباً ورهباً وينفقون من أجله الأموال ويخرون له سجداً ويطلبون منه المغفرة والعفو عن الزلل فمن مذهبهم التقية يقولون أنهم يصومون كما نصوم وأن كتانهم القرآن وأنهم يزكون وأنهم يفعلون الخير وأنهم يريدون توحيد الأمة وللأسف الشديد أن أناس سذج حاولوا عمداً وقصداً بغير جهل أن يلمعوا هذه الطائفة وهي أول بادرة عرفها اليمنيون بعد سقوط دولة علي بن الفضل الملحد الكافر وادعوا أنهم على الإسلام ولماذا التشدد والتنطع والإسلام ليس حكراً على طائفة ما فهذه طائفة من جملة الطوائف الإسلامية لكنهم يهرفون بما لا يعرفون يتكلمون عما لا يعرفونه فلا يعرفون حقيقة هؤلاء لم يعرفوا مذهب هؤلاء ولا تاريخ هؤلاء الأسود هذه بعض أصولهم التي درجوا عليها ومن أصولهم أيضاً القول بالظاهر والباطن فإن كل كلام وكل آية وكل حديث يفهمونه على غير ما نفهمه نحن تماماً على غير ما فهمه الصحابة والتابعون والأئمة يقولون لكل آية وحديث وقول ظاهر وباطن حتى قال أحد أئمتهم في الظلال : لكل آية وقول ظاهر قال له : في ظاهر قال له سبعة ظواهر قال سبعة ظواهر قال سبعين ظاهراً قال سبعين ظاهراً قال سبعمائة باطن فإذا كنت تفهم أنت أن الصلاة هي العبادة ذات الركوع والسجود تبتدئ بالتكبير وتنتهي بالتسليم قال هذا فهم سطحي ساذج أنت لا تعرف حقيقة هذا الدين ولا تعرف معنى الآيات ولا معنى الأحاديث ولا شيء من هذا وإذا قلت له أن الصيام عبارة عن الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس قال أنت ساذج ليس هذا هو المعنى إذاً ما معناه قالوا : أن تمسك عن الأسرار التي تلقى إليك إذا ألقيت إليك سراً خلاص إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً خلاص ما تتكلم ولهذا يقولون أن الجنابة هو الذي يفشي السر والاغتسال من الجنابة قالوا التوبة يتوب منكشف الأسرار . ومن أًول مذهبهم أن لكل آية وحديث وقول من أقوال أئمتهم ظاهر يفهمه الناس السذج وسبعمائة باطن لا يفهم إلا من غاص في المعاني حتى أن بعض الطوائف الأخرى تنشر مثل هذا الكلام فتقول : هذا فهم العوام وهذا فهم الخواص وهذا فهم خواص الخواص ومن هنا ضاع الإسلام واستغلت المحرمات نتيجة مثل هذه الأصول الباطلة . من تأويلهم للقرآن أذكر شيئاً يسيراً وإلا فإنهم كما قلت يجعلون لكل آية سبعمائة باطن قد تفهم أنت فهماً هو يفهمه غيرك المهم أنه يتوهك في بحر لجي كله ظلمات بعضها فوق بعض إذا دخلت فيه غرقت في الكفر والإلحاد اسمع قالوا : كل آية في القرآن جاء فيها الجبت والطاغوت إبليس هاروت ماروت وداً سواع يغوث ويعوق ونسراً قال هذه عبارة عن أمثلة للناس السذج السطحيين وأئمتهم وعلمائهم يعني من لدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – إلى يومنا هذا إلى أن يشاء الله تعالى كل المسلمين هؤلاء هم إبليس وهم هاروت وماروت هم ود ويعوق ونسراً وهم ضلال الكفار . من سلم ؟ لم يسلم إلا أرباب هذه الطائفة . قالوا قول الله تعالى ((… إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ…)) سورة العنكبوت آية ( 45) قالوا الفحشاء معروف والمنكر معروف والبغي معروف قالوا لا ليس هذا الفهم إذاً ما معنى الفحشاء ؟ قالوا : ينهى عن محبة أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – والمنكر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- والبغي عثمان رضي الله عنه – يعني أن الله تعالى ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي أي ينهاكم أن تتولوهم وأن تحبوهم بل عليكم بلعنهم وتكفيرهم وسبهم ليلاً ونهاراً . من هؤلاء ؟ هؤلاء الذين يظهرون بالثياب البيض وبالطواقي المذهبة وباللحى الطويلة ويظهرون بالزهد والتقشف والورع والذين يشقون الطرق والذين يدفعون الأموال بسخاء الذين يقولون : عشرة في المائة من دخل الفرد إضافة إلى الزكاة الشرعية كما يدعون كذباً وزوراً تدفع للفقراء والمساكين من أبناء الطائفة ومن المحتاجين من أبناء هذه الأمة من هم ؟ الذين يتصيدونهم فهكذا يفسرون كلام الله عز وجل – (( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)) سورة الحشر آية (16) أيش معنى هذه ؟ واضحة ما تحتاج إيضاح يعني شيطان يأتي إنسان فيوسوس له بالكفر أعبد الصنم اسجد له افعل كذا وكذا فإذا كفر قال إني برئ منك ما لي دخل ما أمسكت لك عصا ولا دبابة ولا رشاش ولا فتحت السجون ولا المعتقلات ولا مشانق ولا شيء من هذا وسوست لك فأطعت هذا هو معنى الآية . لكن أيش معناها عند هؤلاء الملا حدة ؟ الشيطان هو أبو بكر والإنسان عمر قالوا : لأنه أمر عمر بطاعة علي والرضوخ له والشهادة له بالإمامة وإتباعه فقال له أبو بكر : لا تصدق اكفر قالوا : فلما رفض عمر أن يتولى علي قال له أبو بكر أنا مالي دخل منك . (( الشمس والقمر بحسبان )) قالوا الحسن والحسين . كل آية فيها آدم وإبليس قالوا آدم هو إبليس وإبليس هو أبو بكر رضي الله عنه – هكذا يفهمون قرآننا. هؤلاء مسلمون يصح أن يقال أنهم طائفة إسلامية يصح أن يستقبلوا في بلد مسلم يصح أن يسمح له بالدعوة في بلد مسلم يصح أن يسمح لهم بتدنيس بلد مسلم ؟ كلا والله لا يصح أن يطئوا بلداً إسلامياً فضلاً عن بلد الإيمان والحكمة ولا يصح أيضاً أن يطئوا أي بلد من البلدان فإذا قلنا أنهم لا يصح أن يطئوا سوريا العراق البحرين الكويت فمن باب أولى هذا البلد المبارك الذي قال عنه صلى الله عليه وآله وسلم : أنه بلد الإيمان والحكمة وشهد لأهله بالفقه والإيمان والحكمة . أما الزكاة عند المسلمين هي إخراج جزء من المال بمقدار معين إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول هذا المعروف عندنا وكذلك في زكاة الأنعام والحبوب والثمار. لكن هؤلاء الملا حدة الزكاة عندهم ليس كما يفهمه المسلمون وإن كانوا يصرحون في الجرائد والمجلات فهذا كما قلت آنفاً أنه من باب التقية فقط . الزكاة عندهم معناها : بث العلوم لأهل مذهبهم ودينهم يتزكون بها ث علوم الباطن بث العلوم الكفرية في أفراد طوائفهم وتعليم هذه العلوم لمن أراد أن يدخل هذه الطائفة الملحدة قالوا هذه هي الزكاة . أما الأموال لا تؤتوها هؤلاء السفهاء ولهؤلاء الكفار والملا حدة صحيح يتعاونون في بينهم وينفقون أموالاً طائلة بل يجعلون من الفقير غنياً وربما أعطوا للشخص مالاً يجعله تاجراً كبيراً ثرياً . الحج عندنا هي عبادة افترضها الله تعالى مرة في العمر لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً وهو عبارة عن إحرام وطواف حول البيت والسعي بين الصفا والمروة والبقاء في منى والصعود إلى عرفة والرجوع بعد ذلك إلى مزدلفة ثم إلى منى ثم طواف الإفاضة . لكن هؤلاء الكفار يجعلون الكعبة المشرفة زادها الله تشريفاً يجعلونها رمزاً لإمامهم النظر إليها هو استشعار بوجود الإمام وعظمته أما أنها عبادة لله عز وجل – لا يعتقدون بهذا أبداً . قالوا الحج هو السفر الراحل بك إلى ولي الله تعالى . من هذا هو ولي الله ؟ إمامهم إلهاهم الذي هو هذا محمد الكفر هذا هو عندهم هو الله هو الذي يسجدون له ويرضخون له أما أنهم يصلون مع المسلمين كما يصلون فو الله ما قد رأينا بهرياً من الذين موجودون عندنا ما قد رأينا واحداً منهم يدخل مسجداً إطلاقاً . الإحرام هو أن الإنسان إلى الميقات فيتجرد عن المخيط ثم يلبس رداءً وإزاراً ثم يهل بالعمرة أو الحج هذا عندنا هو الإحرام ثم يترتب على ذلك . لكن الإحرام عندهم ما هو ؟ هو الدخول في دعوتهم فقد دخل في الحرم من دخل في كفرهم دخل في الحرم عندهم

التعري يعني خلع الثياب المخيط ما معناها عندهم ؟ خلع ولاية الأضداد لا تحب هؤلاء الناس عاديهم إن تمكنت فاقتلهم اسلب أموالهم استبح ذرا ريهم اسب نساءهم هذا معنى خلع ثياب المخيط عندهم . الكعبة هي رمز للإمام. الأشهر الحرم هي الأشهر المعلومات قالوا هي أشهر الحج وهي سبعين يوماً شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة بالتجاوز يعني سبعين يوماً لكن مل المقصود منها أنها أشهر الحج هي التي يجوز أن يحرم الإنسان فيها بالحج أو بالعمرة إلى الحج لا ليس هذا هو المعنى عندهم فما معنى الأشهر المعلومات عندهم ؟ قالوا : هي خدمة الإمام سبعين يوماً . أخذ الثوبين الرداء والإزار معناه عندهم إقرارك بالإمام والنقيب . طيب المحرمات عندهم : هي عبارة عن ذوي السر يعني الذين عندهم أسرار هذه الطائفة وهم الذين يلقون التعليمات الكفرية الإلحادية للناس هذه هي المحرمات عندهم . ليس عندهم من المحرمات الزنا والربا وقطع الطريق والرشوة والظلم والحكم بغير ما أنزل الله تعالى – وما شابه ذلك قالوا هذا الأمر يفهمه الناس السذج السطحيون لكن من غاص في معاني الإلحاد وفي كفرهم فمعنى المحرمات هم ذوي الأسرار . وأما البعث أي القيامة عندهم فمعناه الاهتداء إلى مذهبهم يعني الشخص إذا كفر وارتد إلى مذهبهم قالوا : بعثه الله قامت عليه القيامة وبعث من جديد فإنه كان من جملة الأموات الذين هم يسيرون على ظهر الأرض أحياء ولهذا فقد استباحوا المحرمات منذ زمن قديم التي حرمها الله عز وجل بناءً على هذا المذهب الردى. الخمر عندهم ليست حراماً والزنا كذلك والربا وقتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق وهلم جر . ولهذا فإن أبا طاهر ابن أبي سعيد الجنابي هذا الذي ولي البحرين وأقام دولة لحق بالحجيج الذين قدموا إلى بيت الله تعالى بجيشه وعسكره في يوم التروية وعمل فيهم قتلاً استباح الأموال والدماء وسبى النساء والذراري ومال على بيوت مكة وهدمها من أساسها وأخذ أموالها وقتل من قتل وهدم البيت وأخذ الباب وأخذ الحجر الأسود حتى أنه أمر رجلاً أن يصعد إلى بيت ويقلع الميزاب لكنه سقط فمات ثم أنه بعد أن قتل الحجيج في بيت الله الحرام دفنهم في بئر زمزم حتى امتلأت ودفن من بقى داخل البيت حتى أعلن كفره وإلحاده فقال : أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق ويفنيهم أنا .

خلع الحجر الأسود وأخذه إلى بلده وظل هنالك أكثر من عشرين عاماً والناس يترجونه أن يعيد الحجر أبداً حتى كتب له رجل على شاكلته من أفريقيا لقد جعلت للناس علينا مدخلاً يصموننا بالكفر والزندقة والإلحاد فو الله لو لم ترد الحجر لسرت إليك بجيش فأعاده إلى مكانه . علي بن الفضل كان شيعياً حج ثم حن كفره وضلاله إلى قبر الحسين فوصل بعد مدة وسجد وأكل من التراب وتمسح وتمرغ وبكى بكاءً مراً وكان سادن القبر القداح الذي ذكرناه آنفاً ففرح به فرحاً شديداً قال : هذا يصلح لأن يكون لنا يداً في بلده من أين أنت ؟ قال: أنا من اليمن . من الذي أقدمك ؟ قال : كيت وكيت قال له : إنه سيكون لك شأن ويكون لك صوله وجولة قال : كيف هذا ؟ قال : أدلك بعد حين فظل منتظراً لهذا الرجل وقد غاب عنه وكان متلهفاً مشتاقاً ليذكر له الخبر فجاءه وبين له الأمر ثم قال له : آن أوان ظهور المهدي فأنا أجعلك أنت ورجل آخر أجعلك داعياً إلى المهدي في بلدك . وصل إلى الجند وفعل ما فعل وذهب إلى المعافر قريب التربة وفعل ما فعل وذهب إلى يافع وأبين ولحج وفعل ما فعل سفك وقتل وسلب الأموال وانتهك الأعراض ثم ذهب إلى مذيخرة بالعدين وفعل ما فعل وذهب إلى صنعاء واستباحها أياماً وإلى شبام وحراز وإلى الحديدة وزبيد وأخذوا من زبيد نحواً من اثني عشر ألف عذراء يفعلوا بهن هو وجيشه الفواحش فإذا وصلوا إلى قرية وهم يريدون مقاتلة أهلها واستباحة نسائها وأموالهم قال : إنكم مجاهدون في سبيل الله وإنكم قادمون على جيش قوي وإن هذه النساء تفتنكم فعليكم بقتلها الساعة وصلوا إلى منطقة تسمى الملاحيط فقتلهن جميعاً في ساعة واحدة فسميت بعد ذلك المشاحيط لأن كل فتاة شحطت بدمها هؤلاء الناس مجرمون ملحدون ليس لهم مثيل في التاريخ إلا ماركس ولينين الذين سحقوا المسلمين سحقاً وكل من قاومهم ليس لهم مثال إلا الاشتراكيون الذين سحلوا العلماء في الصومال وفي عدن وفي غيرها من البلدان . علي بن الفضل هذا ادعى في يوم من الأيام أنه نبي الله بل تطاول به الأمر فقال: أنا رب العالمين وكان إذا كتب كتاباً إلى أي عامل وإلى أي شيخ قبيلة يقول : من خالق السماء وباريها وخالق الأرض وداحيها ومرسل الجبال وناصبها علي بن الفضل إلى عبده فلان بن فلان اقرءوا التاريخ هكذا سطر علماؤنا في التاريخ أن هؤلاء يقولون مثل هذه المقالات ولهذا قام يوماً ما شاعره وخطيبه على منبر الجند بعد أن استتب له الأمر وكانت له دولة وجولة وصولة وهو جالس تحت المنبر فقال ذلك الملحد الزنديق :

خذ الدف يا هذه واضرب وغن هزا ريك ثم اطرب

تولى نبي بني هاشم وهذا نبي بني يعرب .

لكل نبي مضى شرعة وهذه شريعة هذا النبي

فحط الصيام وحط الصلاة وحط الزكاة ولم يتعب

ولا تطلب السعي عند الصفا ولا زوره القبر في يثرب

ولا تمنع نفسك المعرسين من الأقربين كذا الأجنبي

فكيف حللت لهذا الغريب وصرت محرمة للأب

أليس الغراس لمن ربه وسقاه في الزمن المجدب .

يقول إنك حلال في شرعة علي بن الفضل والقرامطة البهرة فليس هناك حرام الأم حلال والأخت حلال والبنت حلال والعمة حلال فليس هنالك من النساء من هو محرم أبداً إلى أن قال :

وما الخمر إلا كماء السماء حلالاً فقدست من مذهب .

لا نكاد نجد شبيهاً لهذه الطائفة غير الشيوعيين ومن نحى نحوهم من أصحاب العقائد الملحدة . والحقيقة أن غياب مثل هذا التاريخ في أبناء هذه الأمة هو الذي جعل البهرة والإسماعيلية والمكارمة ينطلي أمرهم على أبناء هذه الأمة هؤلاء مسلمون يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويذهبون الحج كل هذا تقية . من معتقداتهم أنهم يعتقدون أنه ليس هنالك شيء اسمه نبوة ليس آدم نبياً ولا نوح ولا لوط ولا موسى ولا إبراهيم ولا محمد صلى الله عليه وآله وسلم – وهذه تكفي بتكفيرهم طيب أيش النبوة عندهم قالوا النبوة هي نبوغ في الفكر والعقل الشخص إذا نبغ وصار عنده عقل كبير وتفكير وتدبير خلاص صار نبي ولذلك ادعى علي بن الفضل أنه نبي بل أنه رب العالمين . من معتقداتهم أن القرآن ليس كلام الله هذا هو كلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم – وهذا أيضاً يكفي في تكفيرهم من معتقداتهم أن الناس ما خلقهم الله وإنما تخلقهم سبع كواكب وهذا أيضاً يكفي في تكفيرهم ومن معتقداتهم ومن الأمور التي تكفرهم ما يسمونه بليلة الإفاضة . الإفاضة عند المسلمين يوم أن ينزل الناس من عرفة لكن عندهم حينما يجمعون أصحاب الطائفة ويذهبون إلى بيوت وإلى فنادق . يدخل مثلاً في الغرفة ست رجال وست نساء وطفئوا السراج وكل واحد يمسك واحدة هذه ليلة الإفاضة عندهم ولقد حصل في عهد أحد الأئمة أن امرأة أتت إليه وصرخت وقصت عقاقة شعرها وقالت : إن ابني وقع علي البارحة فعرف المراد فجهز جيشاً وقاتل هذه الفئة الكافرة وشرد بهم أيما تشريد وهو الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان . من معتقداتهم أيضاً أن الكعبة ليست بيت الله وإنما هي رمز للإمام ولذلك استباحوها وكذلك أنهم يكفرون الأمة كلها من لدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وهلم جر.

أخيراً أيها الإخوة نذكر خلاصة البحث في حكم الشرع في هذه الطائفة .

استبان لنا الآن أن هذه الطائفة ملحدة كافرة مارقة من دين الإسلام ليست من طوائف الإسلام لذلك فحكم الشرع فيهم كما يلي : أولاً : أن حدهم القتل لأنهم إما أن يكونوا كفاراً أصليين وإما أن يكونوا مسلمين مرتدين ومن بدل دينه فاقتلوه وهذا يرجع إلى القضاة والحكام ولا يجوز للشباب الغيور على دين الله تعالى أن يفتأت كي لا يحدث فوضى وكي لا تؤدي الأمور إلى ما لا تحمد عقباه لكن يكفي أن نعتقد أنهم كفار يجب قتلهم وهؤلاء في ذمة الحكام . ثانياً : أنهم لا يرثون ولا يورثون فإذا تاب أحد أبنائهم ومات فلا يرثون منه وإذا تاب هذا الولد وعاد إلى الإسلام ومات أبوه لا يرث منه ويحرم مناكحتهم لا يجوز أن يزوجوا ولا أن يتزوج منهم بعض الناس سذج يبحث عن الدنيا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ربما زوج بهرياً لأنه تاجر كبير وهو يحاولون على كل حال مخالطة أبناء هذه الأمة ولعلكم تعرفون أن لهم سوق في عدن يسمى سوق البهرة وموجودون في حرز ويوجد منهم أفراد في تعز وموجودون في عراس قرية قبيل يريم على جهة اليمين وأنت ذاهب إلى صنعاء يوجدون أيضاً في العدين وفي نقم وفي الحديدة وهكذا . يحرم موالاتهم ومناصرتهم وحبهم والفرح بظهورهم بل من والاهم أو فرح بظهورهم وفشو مذهبهم فهو منهم (( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )).

لا يجوز بل يحرم دفنهم في مقابر المسلمين فهولاء كفار ولا يغسلون ولا يكفنون ولا يصلى عليهم في مساجد المسلمين . ويحرم كذلك أكل ذبائحهم وحكم أولادهم كحكمهم تماماً . أخيراً أذكر ببعض المراجع لمن أراد أن يقرا عن مثل هذه الطوائف : 1- القرامطة لصاحبه طه الولي . 2- وكشف أسرار الباطنية والقرامطة لصاحبه محمد بن مالك الحمادي وهذا الرجل تكلم فيهم عن قرب وكثب لأنه دخل فيهم وعرف معتقدهم تماماً . 3- تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة لصاحبه محمد بن عبد الله 4- الملل والنحل للشهرستاني . 5- فضائح الباطنية للغزالي . 6- الفرق بين الفرق للبغدادي . 7- الموسوعة الميسرة للندوة العالمية . 8- بيان مذهب الباطنية لمحمد بن حسن الديلمي وهو كتاب مختصر من عقائد آل محمد . 9- أخبار القرامطة لزهير زكار . 10- مشكاة الأنوار للإمام أحمد بن حمزة العلوي .

والحمد لله رب العالمين .
[1] – صحيح الترغيب والترهيب 1/12


رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=1193



خطبة بعنوان : عوامل الثبات على الدين

القلب هو سيد المواقف بلا منازع فبقدر ما يملؤه العبد بالإيمان كان انعكاس الأثر على الجوارح، ومن أعظم ما يثبت الإيمان كتاب الله تعالى الذي من تدبره وجد حلاوة الإيمان، ومر بذهنه على الشبهات وردودها الربانية فتنتزع فتيلها من القلب والعقل، إضافة إلى اليقين التام بموعود الله بالنصر …


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

فإن ثبات المسلم على دينه في وقت الفتن من أهم المهمات الملقى على عاتق العبد وذلك لأن الثبات مهم على دين الله عز وجل – والثبات على دين الله تعالى يؤتي أكله ولو بعد حين فمثله كمثل تلك الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بأذن ربها وقد ألمح القرآن العظيم إلى هذه القضية في آيات كثيرة وركز على الاهتمام بمبدأ الثبات على دين الله حتى لا تزل أقدام بعد ثبوتها والثبات عمل من أعمال القلوب التي متى استقر هذا القلب وثبت على الإيمان وثبت على دين الله عز وجل – فلا تضره الفتن مهما تعاظمت ومهما تكاثرت بل كلما نزلت فتنة تجلت لهذا القلب بوجهها الكالح فعرفها وتنحى عنها وازداد ثباتاً على دين الله تعالى –إن الجوارح وإن كان يتصل بعضها ببعض ويعين بعضها بعضاً إلا أن القلب هو سيد هذه الجوارح كلها بل هو سيد هذا الجسد كله . عن ابن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ))[1] . فإن الاتصال وثيق بين هذه الجوارح لكن القلب هو سيد المواقف في الفتن فهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم – (( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من مراه))[2] إذاً فالقلب هو سيد المواقف كلها وهو الذي يميز ويزن هذه الفتن التي تعرض عليه فإما أن يتقبلها وذلك قلب قد أشرب بالهوى وقلب قد اعتلاه ألران وقلب قد أصابه المرض فهو يتشرب بهذه الفتن وأما الآخر فهو يمجها ولا يقبلها فهو قلب صافٍ نظيف قلب فيه الإيمان مفعم فيه التوكل على الله فيه إجالة النظر في كلام الله تعالى – وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم – إن هذه القلوب هي محل نظر الله سبحانه وتعالى – عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ))[3] والقلب السليم يورث أعمالاً سليمة وأعمالاً صالحة لذلك كان العمل أيضاً محل نظر الله تعالى لأنه مرتبط بالقلب فالعمل الصالح يورثه ذلك القلب السليم والعمل السيئ الفاسد يورثه ذلك القلب المريض الذي أشرب بالهوى وأشري بالفتن ولذلك فإن الاعتناء بهذه القلوب حتى تثبت على المبدأ وتثبت على دين الله عز وجل – من الأهمية بمكان ولذلك فإن القلب الذي أشرب بالهوى وصار دينه وديدنه وإلهه ومعبودة هواه يطمسه الله تعالى – قال تعالى(( أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ )) سورة الجاثية آية (23) فالقلب المنحرف يطبع الله عليه لأنه صير الهوى إلهاً يعبد من دون الله تعالى – ولذلك فالله تعالى بالمقابل يختم على قلبه فيصير لا يفرق بين حق وباطل يصير هذا القلب يتشرب ويشرأب عنقه للفتن من حيث أتت يتقبلها ويمشي وراءها ويسعى إليها سعياً إن القلوب كما قال صلى الله عليه وآله وسلم – (( إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء . ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك))[4] إن الإيمان ليخلق في القلب كما قال صلى الله عليه ,آله وسلم – ((عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب الخلق فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم))[5] إذا لم يتعاهده الإنسان بالتسقية والتقوية فإنه يضعف شيئاً فشيئاً من خلال الممارسات ومن خلال المجالسات حتى ينحرف بعض الناس عن دين الله حتى يرتد بعض الناس عن دين الله ويرجع يتهجم على دينه وعلى سلوكياته وعلى ثوابته لأن قلبه انتكس نتيجة أنه لم يعتن بهذا القلب ولهذا فإن السنن تجري وفق سنن الله تعالى – لابد من عمل الأسباب التي تعينك على ثبات قلبك فإن أنت أتيت هذه الأمور التي ستعينك على ثبات قلبك فإنك ستثبت على دين الله عز وجل – وإن أنت تركتها وتنحيت عنها فيوشك أن يضمحل إيمانك وتقل أعمالك ولا تشعر بلذة وتقلق نفسك نتيجة إرغامها على طاعة الله عز وجل – تقلق هذه النفس لأنها تميل إلى الدعة وإلى الراحة وتميل إلى تلبية رغباتها وملذاتها وشهواتها فلابد إذاً من العمل بالوسائل التي تعينك على أن تثبت على دين الله عز وجل – وهذه العوامل كثيرة جداً لكنني أقتصر على بعضها : 1- الإدماج على قراءة القرآن الكريم وتدبره وقراءة تفسيره وذلك مما يعين المرء على الثبات . كيف لا ؟ والقرآن الكريم ينزل على قلبك بلسماً وبرداً وسلاماً كيف لا ؟ والقرآن الكريم كلام الله تعالى – الصادق الوعد الذي لا يخلف الميعاد فالقرآن الكريم هو طب لهذه القلوب

((الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)) سورة الرعد آية (28) فالإدمان على قراءة القرآن من خلال المرور على الآيات التي تذكر ما حدث في الأمم السابقة نتيجة أنها اعوجت عن دين الله عز وجل – تعينك على الثبات قراءة القرآن حين تتلو الآيات التي تذكر الجنة والنار والثواب والعقاب وزوال هذه الدنيا وحقارتها يعين القلب على الثبات على دين الله عز وجل – ولهذا فإن الله عز وجل – نزل هذه الآيات تثبيتاً لقلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم – قال الله تعالى(( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً)) سورة الفرقان آية (32) لذلك فإن قراءة القرآن وتدبره من أهم الوسائل التي تعين المرء على أن يثبت على دين الله عز وجل – خصوصاً أننا نعيش في مجتمعنا المسلم في حال انهزام وفي حال الوهن على العبد المؤمن أن يحافظ على ثباته وأن يحافظ على ثباته وعلى إيمانه وأن يحافظ على دينه . 2- القرآن العظيم يرد على الشبه التي يطرحها أعداؤنا فما من شبه يطرحونها إلا وتجد لها الجواب في كتاب الله عز وجل – حين فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – في مكة وانقطع عنه زعم المشركون أن الله تعالى على حد زعم النبي صلى الله عليه وآله وسلم – كما قالوا : لقد قلاك ربك وترك يا محمد أين الوحي ؟ لا وحي فتر الوحي قلاك ربك وهجرك فأنزل الله تعالى ((وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) سورة الضحى الآيات (1-3) فأقسم الله تعالى بالضحى وبالليل إذا سجى وهي من آيات الله عز وجل – العظمى أنه ما تركه وما قلاه وما هجره ولكن ذلك أمر يجري وفق إرادة الله عز وجل – ليأجر الله تعالى – نبيه صلى الله عليه وآله وسلم – بما يلقاه من أذى المشركين والتضييق عليه والكلام عليه والهجوم عليه . ولما زعم المشركون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – إنما يتلقى التعليمات من أحد أحبار اليهود قالوا : إنما يعلمه بشر فأنزل الله تعالى- تثبيتاً له قوله سبحانه (( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ )) سورة النحل آية (103) بمعنى أن الله تعالى بين بأن هذا كلام باطل لأن هذا الكلام الذي أنتم تقولونه كلام ليس بعربي فكيف يأتي محمد بالكلام العربي إن كان الذي يعلمه أعجمي فبطلت حجتهم لذلك فالقرآن العظيم يعين القلب ويعين المسلم على أن يثبت على دين الله عز وجل . وما أكثر الشبه التي يبثها أعداؤنا ضد ديننا وضد إيماننا وإسلامنا وربنا ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم – الجواب عليها تجده في كلام الله تعالى . فالعناية العناية بكلام الله والقراءة المتأنية المتدبرة لكلام الله تعالى تعين القلوب على الثبات على دين الله –عز وجل – ثانياً : من الأمور المعينة على الثبات أيضاً : تدبر قصص القرآن العظيم وما حصل للأنبياء والصالحين والدعاة إلى الله عز وجل – وأخذ الدروس والعبر منها معين على الثبات على دين الله عز وجل – وذلك لأن الله تعالى قال في محكم كتابه ((وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ )) سورة هود آية (120)

هذه الآيات ما ذكر الله عز وجل من قصص موسى وإبراهيم ونوح –عليهم السلام – وغيرها من القصص ثبت الله تعالى بها فؤاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم – ولذلك كان من جملة ما ذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم –حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن الأعمش قال سمعت أبا وائل قال سمعت عبد الله رضي الله عنه قال: قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسما فقا رجل إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ثم قال يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر ))[6] لما أوذي النبي صلى الله عليه وآله وسلم – تذكر ما حصل لموسى عليه السلام – فثبت ولم يضطرب قلبه ولم يتضجر ولم يعترض على قضاء الله تعالى وقدره حين تقرا ما حصل لإبراهيم حين تآمر عليه القوم قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ )) سورة الأنبياء الآيات ( 68-70) حين تقرأ مثل هذه الآية ماذا يورث عندك ؟ يورث عندك تهوين المصائب لقد فعل بنو إسرائيل بإبراهيم ما بوسعهم بإنزال التنكيل به ولكنه مع هذا ثبت على دينه وكان آخر ما قال كما ذكر ابن عباس رضي الله عنه حسبي الله ونعم الوكيل هذه القصص من تدبرها ورثت عنده ثباتاً على الأمر وثباتاً على دين الله عز وجل . ثالثاً : من الأمور المعينة على الثبات الالتزام بشرع الله تعالى والعمل الصالح الذي يتوافق مع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وعدم الاكتراث بما يحصل من الكلام من الناس مهما كان وقعه على القلب فلا يبالي الإنسان بكلام الناس ذلك هو الثبات بعينه وإلا فانظروا إلى أحوال الصحابة الكرام رضي الله عنهم – وماذا كان يقول فيهم المشركون كانوا يقولون فيهم صابئة وكانوا يقولون فيهم الكلام القوي الذي يهز الجبال ومع هذا ثبتوا على دين الله عز وجل – لهذا يقول الله عز وجل : يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)) سورة إبراهيم آية (27) قال قتادة يثبتهم في الدنيا بالأعمال الصالحة وفي الآخرة بالمرور على الصراط فلا يقعون في النار – عياذاً بالله تعالى من ذلك . ويقول – سبحانه – (( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (66) وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (68) سورة النساء الآيات ( 66-68) أي عملوا ما يوعظون به أي ما يوجهون به من الأوامر والنواهي افعل كذا ولا تفعل كذا لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً أي على دين الله عز وجل – يثبتهم الله تعالى بسبب أنهم فعلوا بتوجيهاته سبحانه – وفعلوا بمقتضى دين الله عز وجل – فالعمل الصالح والامتثال للآيات القرآنية والأحاديث النبوية مما يعين الإنسان على الثبات على دين الله تعالى . رابعاً : من الوسائل والأمور المعينة على الثبات على دين الله عز وجل – الدعاء ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم – يديم الدعاء لله عز وجل- وكان من دعاء المؤمنين ((… رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )) سورة البقرة آية (250) وكان من دعاء المؤمنين (( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )) سورة آل عمران آية (8) وكان أكثر دعائه : يا مقلب القلوب ! ثبت قلبي على دينك . فقيل له في ذلك ؟ فقال : إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ))[7] إن كثيراً من الناس لا يبالي بالثبات وإن أعماله ماهي إلا روتين يومي يؤديه لا يشعر بلذته ولا يشعر بالحرج إذا حصل له نوع من التقصير في أدائه للأعمال التي تقربه من الله عز وجل – ولهذا كان الناس متفاوتون في هذا الجانب .

خامساً : من الوسائل المعينة على الثبات على دين الله عز وجل – ذكر الله عز وجل – فإن من صفات المؤمنين أنهم يذكرون الله عز وجل – كثيراً قال الله تعالى – يصف عباده المؤمنين ((… وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) سورة الأحزاب (35) والله تعالى –يقول في محكم كتابه (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) سورة الأنفال آية (45) ما هو الرابط بين الثبات والذكر الذكر هو الذي يعين الإنسان على أن يثبت في وقت الفتن وفي مواجهه أعداء الله تعالى بجميع المجالات سواء كان ذلك في المجال الفكري أو العقدي أو الإعلامي فذكر الله تعالى يعين الإنسان على أن يثبت في مواجهه أعداء الله تعالى فلا يتزعزع ولا يقع في الفتنة ولا يقع في شراك مخططات أعداء الله تعالى . سادساً : من الوسائل المعينة على الثبات الحرص على أن تسلك في الطريق الصحيح الذي رسمه الله تعالى ورسمه رسولك صلى الله عليه وآله سلم – فإياك إياك أن يكون تدينك تقليداً إياك إياك أن تتعبد لله تعالى في أمر لا تعرف أهو مشروع عند الله تعالى أم غير مشروع لأن من عبد الله تعالى حسب ما يفعل الناس وحسب التقليد وحسب ما يقال له دون أن ينظر في الأدلة هل على هذا العمل دليل من كتاب الله أو من سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم – أم لا يعيش مثل الريشة في مهب الريح فإن أي واحد من الناس يمكن أن يأتي يشككه في معتقده وفي ثباته وفي دينه لكن حين يكون تدينه وفق قال الله قال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم- لا يستطيع أحد أن يقف في وجهه ولا يستطيع أحد أن يشكك ولا أن يجعلك متذبذباً فعليك أن تسلك الطريق الصحيح وأن تتدين لله تعالى – بالدين الصحيح الذي شرعه والي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم . سابعاً : من الأمور المعينة على الثبات على دين الله عز وجل – أن تربي نفسك تربية إيمانية صحيحة فإن التربية الإيمانية التي تعتني بالفكر وتعتني بالعقل وتعتني بالسلوك وتعتني بالعقائد وتعتني بالعبادة من الأمور التي هي غاية في الأهمية المعينة على الثبات على دين الله عز وجل – ومن هنا يظهر أهمية مكوث النبي صلى الله عليه وآله وسلم – ثلاثة عشر سنة في مكة المكرمة وهو يربي أصحابه على الثبات يربي أصحابه على المعتقد الصحيح على الخلق السليم على العبادة الصحيحة على الصبر على الثبات على المبدأ حتى كان أصحابه يأتون إليه يقولون له يا رسول الله لقد أنزل بنا أعداؤنا من البلاء ما لا نطيق فادعوا الله لنا استنصر لنا فعن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قلنا له ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا ؟ قال ( كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه . ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون))[8] فكان صلى الله عليه وآله وسلم يربيهم على هذه المبادئ الصحيحة التي يعينهم على ا،يثبتوا على دين الله عز وجل – على ألا يتشكك أحد منهم في دينه في يوم ما ولهذا لما سأل هرقل أبا سفيان هل ارتد أحد من أتباعه سخطه على دينه ؟ قال له : لا قال : فكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب فإنه لا يرتد الإنسان عن دينه أبداً . ثامناً : من الأمور المعينة على الثبات : الثقة بنصر الله تعالى – إن الأمة اليوم تعيش في حالة إحباط نتيجة هجمات أعدائها عليها نتيجة تأخر نصر الله تعلى عنها لأنها لم تفعل الأسباب التي تعينها على أن يتنزل عليها النصر نتيجة وجود ثلة كانت سبباً رئيساً في إحباط همم هذه الأمة كانت سبباً في ذل هذه الأمة كانت سبباً في تأخر نزول نصر الله على هذه الأمة فإيقان المسلمين بأن دين الله عز وجل غالب وأنه سينتصر وأن نصر الله تعالى آتٍ من الأمور المهمة والمعينة على الثبات على دين الله عز وجل – ولهذا فإن الله تعالى قد ذكر أناساً قاتلوا في سبيل الله تعالى وحين قالوا : متى نصر الله ؟ قال الله تعلى لهم ((… أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)) سورة البقرة آية (214) ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )) سورة آل عمران آية (146) العمل الدءوب الذي فيه مثابرة وفيه صبر معين على الثبات ونصر الله تعالى قادم وآتٍ لا شك في ذلك ولا ريب فالإيقان بأن نصر الله عز وجل قادم كما قال سبحانه في محكم كتابه ((…وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)) سورة الحج آية (40) إن الله تعالى قد وعد أن يظهر هذا الدين كما قال صلى الله عليه وآله وسلم فعن تميم الداري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر الا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر وكان تميم الداري يقول قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية))[9] إن الله تعالى قد وعد بأن يظهر هذا الدين ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) سورة الصف آية (9) سيظهر هذا الدين والبشارات تلوح في الأفق فهاهي فئات من الغرب تدخل في دين الله تعالى أفواجاً وهذه دول الغرب تتراجع تراجعاً ملحوظاً وتنتكس انتكاسة بعد أخرى والأمر كما قال العلامة ابن خلدون رحمه الله تعالى إن سقوط الدول لا يكون فجأة ولا يكون ما بين عشية أو ضحاها إن هذه الدول كما قامت في سبعين سنة أو ثمانين سنة تحتاج إلى مثلها من أجل أن تسقط وإلى أن تتلاشى على وجه الأرض فلا بد إذاً من الثبات على دين الله عز وجل – ولابد من العمل الدءوب ولابد من الاستمرار على الأعمال الصالحة وعلى الثقة بنصر الله عز وجل – أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يثبتنا على دينه .

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :

التاسع : من الأمور المعينة على الثبات على دين الله تعالى – معرفة حقيقة الباطل وأن الباطل دولته ساعة وأن دولة الحق إلى قيام الساعة إن دين الإسلام لا يمكن أن ينمحي من على وجه الأرض بل سيظل مستمراً كما قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم – ( لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك))[10] فمعرفة حقيقة الباطل وأنه آيل إلى الزوال مهما ظهر ومهما تغطرس ومهما حاز من المكاسب فإن مآله إلى زوال قال تعالى ((لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)) سورة آل عمران آية (197) فلا يغتر المسلم بما يحصل من الانتصار ومن تحقيق المكاسب لأعدائنا بمختلف أشكالهم وأصنافهم لا يغتر بذلك بل عليه أن يعمل جاهداً إلى إزالة هذه الغربة التي أصيب بها المسلمون بها في هذه الآونة المتأخرة والدين آيل إلى الغربة والاغتراب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها))[11] هذه الغربة التي بدأت بقلة التي بدأت بالمحاصرة وبالبلاء والعذاب آلت في النهاية إلى الظهور وإلى النصر وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – ما ينطق عن الهوى فهاهو اليوم تعود غربته إليه ويقل أتباعه وأنصاره ويكثر أعداؤه وينزل فيه البلاء من الأقربين قبل الأبعدين لكن هذا البلاء آيل إلى الزوال والتلاشي بأذن الله تعالى – فما عسى أن يكسب أولئك الذين يسعون لكسب ود الغرب وتنفيذ مخططاتهم ما عساهم أن يكسبوا وما عساهم أن يبلغوا من العمر ولن تعدم هذه الدنيا من أناس ثابتون صابرون على دين الله عز وجل – فلا بد إذاً من معرفة حقيقة الباطل وأنه آيل إلى الزوال بأذن الله تعالى – قال تعالى ((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ)) سورة الرعد آية (17)

وإن الله تعالى قد رسم منهجاً في كتابه الكريم وفي سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم – لتوضيح سبيل المجرمين فقراءة القرآن والإطلاع على سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم – مما يعين المسلم على كشف مخططات أعداء الله تعالى – (( وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)) سورة الأنعام آية (55) فسبيل المجرمين إذا تبلورت واتضحت في ذهن المسلم هان عليه الخطب وهانت عليه الفتن وثبت على أمر الله تعالى .

عاشراً : التأمل في نعيم الجنة وذكر الموت من الأمور المعينة على الثبات على دين الله تعالى- لقد كان صلى الله عليه وآله وسلم – يمر في مكة وهو لا يملك للمسلمين شيء في حال ضعف واستضعاف فكان يأمرهم بالثبات وبالصبر على البلاء مر على عمار بن ياسر وعلى أسرته وهم يعذبون فينظر إليهم فلا يجد لهم حيلة ولا سبيلاً يجد لهم أن يقول لهم صبرا يا آل ياسر فإن موعدكم الجنة))[12] يأتي إليه الصحابة رضي الله عنهم وهو متوحش ببردة بجوار الكعبة كما في حديث خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قلنا له ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا ؟ قال ( كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه . ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون))[13] يا رسول الله ائذن لن في القتال لكنه كان في حال قلة في حال استضعاف لا يجوز لهم أن يرموا بأيديهم إلى التهلكة لا يجوز لهم أن يهيجوا أعداءهم عليهم يقول لهم : لا لم يؤذن لي بعد عليكم بالصبر عليكم بالثبات على دين الله تعالى فإن تذكر الإنسان ما له من الأجر عند الله تعالى أعانه ذلك على أن يثبت على دين الله تعالى – هذه عشرة كاملة من الأمور والوسائل التي تعين المرء على الثبات على دين الله تعالى – وهي من الأهمية بمكان يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك .

والحمد لله رب العالمين .
[1] – البخاري 6/ 2438
[2] – مسلم 1/128
[3] – مسلم 4/1986
[4] - السلسلة الصحيحة 4/ 261
[5] - المستدرك 1/45
[6] – البخاري 3/1249
[7] – السلسلة الصحيحة 5/126
[8] – البخاري 3/1322
[9] – أحمد 4/103
[10] – البخاري 3/1331
[11] – مسلم 1/131
[12] - المستدرك 3/ 432
[13] – البخاري 3/1322


رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=1208





الهجرة وصناعة الأمل



%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%84.jpgوهكذا تنتهي هذا الرحلة المباركة والشاقة لتصل إلى بر الأمان ويبلغ أهل المدينة خبر هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إليهم الرجل الذي صنع الحياة والأمل الرجل الذي أنقذهم الله به من النار فيستقبلونه استقبال الأبطال .

الهجرة وصناعة الأمل
العناصر:
1- رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرض نفسه على القبائل 2- استجابة الأنصار 3- العجز يولد الظلام 4- أعظم دروس الهجرة 5- وصول النبي عليه الصلاة والسلام المدينة 6- حماية الله سبحانه لنبيه في طريق الهجرة.

الحمد لله الذي شرع الهجرة والجهاد لنشر الدين وقمع الفساد نحمده تعالى إذ نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله المهاجر بدينه من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام والقائل عليه الصلاة والسلام ((لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة و لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها))[1]صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
عباد الله :
من كان يظن أن أولئك النفر الستة الذين استجابوا للدعوة منذ بدايتها سيكونون بداية مرحلة جديدة من العز والتمكين والبذرة الأولى لشجرة باسقة ظلت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها؟!
من كان يخطر بباله أن تشهد تلك الليلة من ليالي موسم الحج ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه يطوفان بمني حتى إذا سمعا صوت رجال يتكلمون مالا إليهم فقالا وقالوا وتحدثا وسمعوا وبينا وأفصحوا فانشرحت الصدور ولانت القلوب ونطقت الألسن بالشهادتين وإذا بأولئك النفر من شباب يثرب ينشرون نور الإسلام العظيم الذي جاء على الباطل فتركه صلدا فيا سبحان الله !!
إن نصر الله يأتي للمؤمنين من حيث لا يحتسبون. لقد طاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على القبائل
ورؤسائها وزعمائها ورحل إلى الطائف وظل يدعو عشر سنوات وهو عليه الصلاة والسلام يرجو أن يجد أصحاب الجاه والمنعة والنصرة فكان يقول علي الصلاة السلام: ((من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر كذا قال فيأتيه قومه فيقولون أحذر غلام قريش لا يفتنك ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع))[2].

إنها مقادير الله عز وجل يوم يأذن الله سبحانه وتعالى بالفرج من عنده ويأتي النصر من قلب المحنة والنور من الظلماء والله سبحانه هو المؤيد الناصر والبشر عاجزون أمام موعود الله عز وجل.
تأملوا أيها الأخوة الفضلاء:
يعرض الكبراء والزعماء وتتألب القبائل و تتآمر الوفود وتسد الأبواب ثم تكون بداية الخلاص بعد ذلك في ستة نفر لا حول لهم ولا قوة فهل يعقل هذا المعنى المتعلقون بأذيال المادية و الآيسون من قدرة الله سبحانه وعظمته من نصر الأمة المغلوبة على أمرها.
إن الله سبحانه يضع نصره حيث يشاء وبيد من يشاء وعلينا أن نعمل وأن نحمل دعوتنا إلى العالم لا تحقرن أحدا ولا تستكبر على أحد وعلينا مواصلة السير مهما أظلم الليل واشتدت الأحزاب فمن يدري لعل الله سبحانه يضع لنا في حلكات ليلنا الداجي خيوط فجر ومن يدري لعل ألآمنا هذه محاضن العز والتمكين.

إخوة الإسلام :
إن من عظم دروس الهجرة وأجل عبرها هو صناعة الأمل:
نعم الأمل في موعود الله (( الأمل في نصر الله الأمل في مستقبل الدعوة الأمل في الفرج بعد الشدة والعزة بعد الذلة والنصر بعد الهزيمة لقد رأينا كيف صنع ستة نفر من يثرب أمل النصر والتمكين وها هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصنع الأمل مرة أخرى حين عزمت قريش على قتله .
قال ابن إسحاق رحمه الله: فلما كانت عتمة الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه فخرج عليه الصلاة والسلام هو يتلو قول الله عز وجل:((وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)) سورة يس آية (9).
خرج وهو يذر التراب على رؤوسهم ، فانظر كيف انبلج فجر الأمل من قلب ظلمة سوداء، ورب محنة في طيها منحة.
قال الله تعالى ((كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) سورة البقرة آية (216).
انظروا ما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في مكة (حصار – تعذيب – تشوية -تجويع – تخويف ) فجعل الله نصره وتمكينه في المدينة.
ارتدت القبائل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وظن الظانون أن الإسلام زائل لا محالة فإذا به يمتد ليعم أرجاء الأرض وهاجت الفتن في الأمة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه حتى قيل لا قرار لها ثم عادت المياه إلى مجاريها.
وأطبق التتار على أمة الإسلام حتى أبادوا حاضرتها بغداد وحتى قيل ذهبت ريح الإسلام فكسر الله سبحانه الأعداء ونصر المسلمين في معركة عين جالوت وعاد للأمة مجدها.
وتمالأ الصليبيون و جيشوا جيوشهم وخاضت خيولهم في دماء المسلمين إلى ركبها حتى إذا استيأس الإيمان نهض صلاح الدين الأيوبي رحمة الله فعاد للأمة الثقة في النصر ورجحت كفة المسلمين وعادت البسمة لبيت المقدس.
وقويت شوكة الرافضة حتى سيطر البويهيون على بغداد والفاطميون على مصر وكتبوا سب الصحابة على المحاريب ثم انقشعت الغمة واستطلق وجه السنة ضاحكا. نعم إن اليأس والقنوط ليسا من خلق المسلم قال الله تعالى: ((يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)) سورة يوسف آية (87).
وقال الله سبحانه ((قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ)) سورة ا لحجر آية(56).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد أيها الإخوة الفضلاء ويمكث عليه الصلاة والسلام ثلاث أيام في غار ثور ومرة أخرى يصنع الأمل في قلب المحنة وتغشى القلوب سكينة الله عز وجل يصل المطاردون إلى باب الغار فيفزع الصديق لذلك فيزرع عليه الصلاة والسلام الثقة بنصر الله في قلب صاحبه وهو يقول: ( يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ) فَقَالَ (( يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ))[3]
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان
ويبدآن في طريق طويل موحش غير مأمون ليس عندهما سلاح ولا مؤنس من البشر حتى إذا كان في طريق الساحل لحق بهما سراقة بن مالك طامعا في جائزة قريش المرصودة ومرة ثالثة وهذا الفارس على وشك أن يقبض عليهما ليقودهما أسيرين إلى قريش تذيقهما النكال مرة ثالثة يصنع الأمل و تسيخ قدما فرس سراقة في الأرض فيطلب الأمان فيبشره رسول الله عليه الصلاة والسلام بسواري كسرى.
وهكذا تنتهي هذا الرحلة المباركة والشاقة لتصل إلى بر الأمان ويبلغ أهل المدينة خبر هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إليهم الرجل الذي صنع الحياة والأمل الرجل الذي أنقذهم الله به من النار فيستقبلونه استقبال الأبطال .
طلع البد علينا من ثينات الــوداع وجب الشكر علينـا ما دعــا الله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع جئت شرفت المدينة مرحبا يا خــير داع
أيها المسلمون ما أحوجنا ونحن في هذا الزمن نعاني من الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم فن صناعة الأمل.
- جراحات في العراق .
- جراحا في فلسطين.
- جوع وفقر في مصر واليمن العالم الإسلامي كله.
- حروب واقتتال في الصومال.
- تهديد وتخريب وتدخل في السودان.
ونحن نستقبل عتاولة الكفر والإلحاد في الأحضان ونرقص معهم بالسيوف .
فمن يدري ربما كانت هذه المصائب بابا إلى خبر مجهول.
فيا أيها الغيور على دينه وعلى أمته :
أنت يا من ابتلاك الله في رزقك أو صحتك أو ولدك أنت يامن جهده الفقر وأنهكك المرض وأخذ الموت أحبابك هل نسيت رحمة الله وفضله .
ولرُبَّ نازلة يضيق بها الفتى ذرعــاً وعند الله منها المخـــرج
ضاقت فلما استحكمت حلقــاتها فُرِجَت وكنت أظنها لا تُفرج
أسأل الله عز وجل أن ينصر دينه ويعلى كلمته وأن يلم شمل المسلمين وأن يوحد صفوفهم على كلمة سواء والحمد الله رب العالمين



[1]سنن أبي داود 2/5
[2] – الأمام أحمد 3/322
[3] – مسلم 7/108


رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=383


خطبة بعنوان : (مراعاة المشاعر )


أما بعد:

أيها الإخوة الكرام إن الله تبارك وتعالى حين خلق هذا الإنسان أوجد فيه أحاسيس ومشاعر .

هذه الأحاسيس والمشاعر إما أن تجعله فرحا مسرورا وإما أن تجعله كئيبا وحزينا وذلك بحسب العوامل التي تطرأ على هذه المشاعر. وهذه الخصلة من الفروق بين الإنسان والجمادات ففي الإنسان مشاعر وأحاسيس لا بد أن تراعى ولابد أن تحترم ولا بد أن ينمي الإنسان هذه المشاعر وألا يكبت هذه المشاعر إن كانت إيجابية فلا بد من إظهار ها وإفشائها لأن ذلك يعود بالمصلحة على هذا الإنسان وعلى من يعايشه وإن هذه المشاعر والأحاسيس تتأثر بما يعايشه الإنسان في واقعه .

نجد أن الناس في الزمن الأول كانوا يعيشون مع ما خلق الله عز وجل في هذه ا لحياة من حيوان وأشجار وبحار وأنهار وطيور وأزهار ويعيشون مع الغلظة والجفوة كذلك فيعشون في الجبال ويعشون في الصحاري الحارة القاسية من أجل ذلك وجدت نوعين من المشاعر :

فمشاعر الذين يعيشون في الطبيعة الرقيقة ترق مشاعرهم ولك أن تقرأ وتتصفح دواوين الشعراء الذين عاشوا في البيئة الخضراء مع الأنهار والأطيار والأشجار تجد مشاعرهم تطفو وتظهر على أشعارهم وعلى نثرهم وتجد أن أشعارهم كلها تضفي على القارئ التفاؤل وتعطيه البهجة وتعطيه السرور .

بخلاف الذين عاشوا في الحروب وعاشوا في الجبال وعاشوا في الصحاري فتجد وتحس وتلمس وتشعر بالجفوة والقسوة في أشعارهم .

هكذا نبينا عليه صلاة الله وسلامه حث على أن تكون هذه المشاعر مشاعر رقيقة ومشاعر عالية ليس فيها جفوة وليس فيها غلظة فالإسلام كله رحمة لم يأت بالغلظة أبدا.

لا يعرف الإسلام الغلظة المقيتة أبدا حتى في قتل الإنسان أو إقامة الحد عليه أو حتى في الحروب كل ذلك مراعاة للمشاعر .

فمشاعر الأكثر لا بد أن تراعي وأن كان على حساب مشاعر أولئك الأشرار فإن مصلحة العامة مقدمة على المصلح الخاصة .

واسمع إلى قول الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى حين قال : ((رأس الكفر نحو المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم))[1]

وقد يقول قائل فما دخل هذه الأشياء بالمشاعر ؟

دخل هذا المشاعر أن الأغنام رقيقة وأنها هادئة غير طائشة وليست بعدوانية فيكتسب الإنسان منها هذه المشاعر بخلاف الجمال والأبقار فإن فيها من الغلظة والجفوة والقسوة ما فيها ولذلك يكتسب الإنسان أخلاقا منها فيجفوا ويقسوا ولهذا نجد أن الجيوش لا تأكل إلا من لحوم الأبقار الجمال والحيوانات القاسية من أجل أن يكتسبوا نوعا من أنواع القسوة ولك أن تفرق بين أخلاق من تسكن السواحل وبين من يسكن في الجبال فإنك تجد فرقا وبونا شاسعا بين هذا وذاك .

وهكذا أيضا قول النبي عليه الصلاة والسلام يقول :كما في حديث أبي هريرة: ((من بدا جفا (أي من سكن الفيافي والقفار والصحاري ) ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلطان افتتن…))[2].

أي يفتتن بهذه الدنيا وذاك يغفل عن ذكر الله عز وجل وذاك تجفوا مشاعر .

لماذا تجفوا مشاعره؟

لأنه صار بعيدا عن الذكر صار يتعامل مع بيئة قاسية ولا غرابة أنك تقرأ في قصة ((ذلك الصحابي الأعرابي الذي جاء النبي عليه الصلاة والسلام فرأى النبي عليه الصلاة والسلام يضم أطفاله ويقبلهم فيستشعر ويقول :تقبلون الأطفال ؟

كأن هذا أمر منفر لطباعه كأنه في هذا تنكيس لهيمنته وتنكيس لكبريائه.

قال: نعم.

قال: والله إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت منهم أحد .

فقال: النبي عليه الصلاة والسلام: وما أملك لك أن كان الله نزع الرحمة من قلبك ))[3].

هذه المشاعر وهذه الأحاسيس التي يعاني منها كل واحد في هذه الحياة الإنسان يتأثر بما حوله نحن اليوم في العالم كله بأسره انتقلت حياتنا إلى التعامل مع الآلات مع حديد لا أحساس له ولا مشاعر لها ولذلك ربما جفت وقلت مشاعرنا نتيجة أن حياتنا كلها تأثرت بهذه الآلات فصار تعاملنا بهذه الآلات حتى الحديث صار بالآلات عبر الهواتف حتى لو كان فيه المشاعر الرقيقة ليس كالكلام الذي يكون حيا والذي يكون وجها لوجه والذي يقرأ المستمع للكلام يخرج من اللسان وينبع من تقاسيم الوجه ويرى التعابير تنبع من العينين ويرى تغيرات الوجه كل هذه تضفي مشاعر على السامع .ولو كان الكلام عبر الكتابة أو عبر الهواتف ما فيه من الرقة لما كان تأثيره كتأثير من يتخاطب أمامك و كتأثير من يتخاطب معك ويدك إلى يده أويده في جسدك ويده تمسح رأسك أو تمسح دمعه من عينيك أو ما شاكل ذلك.

أن تأثير هذا تأثير غريب وتأثير عجيب فإن الكلام له جزء بسيط من التأثير وتقاسم الوجه وتأثيراته وتغيرات العينين تأخذ القسط الأعظم .

لعله يزيد أو يقارب السبعين في المائة من التأثير .

لهذا تأثرت مشاعرنا وصار البعض يشكو من جفاف مشاعره أو مشاعر غيره نتيجة أن الحياة ارتبطت بالآلات .

إن قيم ديننا أيها المسلمون تحرص على مراعاة المشاعر مشاعر القريب ومشاعر البعيد مشاعر المسلم ومشاعر غير المسلم مشاعر الطائع ومشاعر العاص حتى مشاعر الحيوان حث الشرع على الاهتمام بها وعلى عدم أذيتها إطلاقا كل هذا ينبئ أن الإسلام يحمل للناس المشاعر الحسنة ولهذا يقول الله تعالى : ((وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً)) سورة الإسراء آية (53).

حفاظا على المشاعر فعند الكلام ينبغي أن ننتقي أحسن العبارات ولهذا لم يقل سبحانه وتعالى وقل لعبادي يقولوا الحسن وإنما قال يقولوا التي هي أحسن .

لابد أن ننتقي بحيث لا تجد كلاما أحسن ولا أروع ولا ألطف من هذا الكلام الذي سيخرج من فمك هذا الذوق الرفيع الذي يعلمنا إياه الإسلام إنما يريد من وراء ذلك أن تكون حياة الناس حياة مفعمة ومليئة بالمشاعر والرقة وحسن العبارة واللطف وطيب الحياة بإذن الله عز وجل ولهذا نجد يوسف عليه والسلام وقد عانى ما عانى من إخوته وهو في مقام الثناء على الله عز وجل وفي مقام إظهار أنه انتصر بعد ذلك الكيد العظيم الذي حصل له من إخوته أنه بعد هذا لم يتشف بهم ولم يؤذ مشاعرهم إطلاقا وهو إذ يقول ممتنا على الله عز وجل: ((وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101))) سورة يوسف الآيات (100-101).

لم يقل وأخرجني من الجب الذي أنتم رميتموني فيه وإنما اسمعهم كلاما لا دخل لهم فيه وهو السجن الذي حصل له من الملك حينما كادت له النسوة وجاء بكم من البدو وما قال وجاء بكم من المجاعة وجاء بكم من الفقر وجاء بكم من الحاجة إلي فأعطيتكم وفعلت و فعلت ثم قال :من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي.

نعم الشيطان هو الذي كاد وأعان إخوانه لكن المباشر في هذه الأذية هم إخوانه كل هذا من الأدب الرفيع الذي أدب الله عز وجل به نبيه ويوسف عليه السلام أنه لم يؤذ مشاعرهم بالرغم من أنهم آذوه في مشاعره وآذوه في جسده وتسببوا في بعده من أبيه هذه السنين الطويلة ودخل السجن ولقي ما لاقى من الكيد مع هذا لم يؤذ مشاعرهم إطلاقا . إن الشريعة تحث على هذه الخصلة الجميلة .

يقول صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر : ( لا يتناجى اثنان دون صاحبهما (لماذا؟)

فإن ذلك يحزنه )) [4]

قال أبو صالح : فقلت لابن عمر فأربعة ؟ قال : لا يضرك ))[5]

مراعاة لمشاعره أو أنه يتوجس خوفا منهم ماذا يريدون ؟ لعلهم يتآمرون عليه خاصة إذا كانوا في معزل من الناس.

وهكذا الرابع والخامس و الخامس دون السادس فلا يعزل البعض ويتحدث البعض ويدخل في هذا أنك حينما تتحدث مع اثنين أو ثلاثة ثم تغير لهجتك وتغير لغتك وهذا أيضا نوع من إيذاء المشاعر ولعل هذا الإنسان لا يفهم اللغة التي نتحدث بها فلا يتحدث إلا لغته ماذا تحدث بالأردية أو الإنجليزية أو الفرنسية أو غير ذلك ظن سوءا بكم وخاف و انجرحت مشاعره.

وأيضا يقول صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه )) [6]

هو أحق بهذا المجلس مهما كانت وجاهتك ومهما كانت مكانتك فمكانتك في المكان الفارغ لا أنك تأتي وتقيم الإنسان وتجلس مجلسه لماذا؟

إن هذا يشعره بتعاليك هذا يشعره بأنك تحتقره هذا يجرح مشاعره إلا إن قام من ذات نفسه إكراما وإجلالا فإن هذا أيضا من هذا الباب من باب احترام المشاعر فإذا قام الصغير للكبير وقام طالب العلم للعالم فإن هذا من هذا الباب لقوله صلى الله عليه وسلم ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوفر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر))[7] .

فإذا لم يجل الكبير سواء كان كبيرا في السن كالأب أو العم أو الخال أو كان عالما أو كان رئيسا أو مسئولا فإنهم ينزلونه منزلته اللائقة به.

فلهذا قال صلى الله عليه سلم : (( ليس منا من لم يجل كبيرنا)) وإجلال الكبير وذي الشيبة من هذا الباب من باب احترام المشاعر ومن باب إظهار المحبة ودفء العاطفة فيما بينك وبينه .

النبي عليه الصلاة والسلام يراعي مشاعر كثير من الناس الذين حس أن مشاعرهم ربما انجرحت.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِىِّ : أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ – أَوْ بِوَدَّانَ – فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَلَمَّا أَنْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا فِى وَجْهِى قَالَ: (( إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ ))[8].

هذا الصعب بن جثامة رضي الله عنه يرى النبي عليه الصلاة والسلام في الطريق وهو مسافر إلى الحج محرم فيرى حمار وحش فيصطاده ثم يأتي به إلى النبي عليه الصلاة والسلام هدية فالنبي عليه الصلاة والسلام رده عليه مع أنه ليس من عادته رد الهدية فرأى التغير و التلون والتأثر بهذا الصحابي الجليل إذ أنه أراد إكرام النبي عليه الصلاة والسلام فرده عليه فلما رأى صلى الله عليه سلم تأثره قال : إنا ما رددناه عليك إلا أنا حرم))

وأنت تعلم أن المحرم لا يصطاد ولا يأكل مما صيد له فهذا الصحابي الجليل صاد من أجل النبي عليه الصلاة والسلام وذلك صار هذا الصيد في حقه صلى الله عليه وسلم مثل الميتة يحرم عليه فرده عليه .

فبرد قلبه وأطفأت المشاعر الملتهبة في صدره ففرح وسر إذا النبي عليه الصلاة والسلام بينه له السبب وهكذا في كثير من القضايا التي تحدث بين الناس بين الأصدقاء بين الأب وابنه وبين الأزواج وما شاكل ذلك ربما تؤدي إلى تعكر الأجواء فإذا ظهر السبب كما يقال بطل العجب تزول تلك المشاعر الملتهبة التي تأثرت نتيجة ذلك القول أو ذلك الفعل .

وهكذا أيضا نبينا صلى الله عليه سلم يولم على أحدى زوجاته ويعطي للناس الطعام ويبقى أناس يتحدثون في البيت والله تعالى قد أدب الناس بقوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً )) سورة الأحزاب آية (53).

ففهم الناس وانصرف من انصرف وبقي من بقي يتحدثون ولعلهم يطمعون في أن النبي صلى الله عليه سلم يتحدث معهم فدخل النبي عليه الصلاة والسلام على زوجته ثم عاد فوجد الناس ثم دخل فعاد فوجد الناس ولم يتحدث معهم ولم يقل لهم : انصرفوا راشدين ولو قال لهم لكان ذلك أبرد على إلى قلوبهم ولكنه صلى الله عليه وسلم يراعي مشاعر هؤلاء الناس حتى جاء بعض الصحابة فقال لهم : ألم تروا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل ويخرج يعني ما فهمتم ما راعيتم مشاعره صلى الله عليه وسلم ماذا تريدون بعد أن أكرمكم ؟ فإذا أكرمكم فانطلقوا .

ولهذا بعض القبائل أحيانا أو بعض الناس عندهم أسلوب معتاد في مثل هذه القضايا.

أنه يطعم الناس يقدم لهم القهوة ثم بعد ذلك يطيبهم بالعود ولهذا يقول بعض القبائل بعد العود ما في قعود فينصرف الناس ويمشون .

أما أنك تطيل الجلوس وتنتظر ماذا سيقدم ثم أيضا يبقى يتلفت هنا وهناك ماذا عنده وماذا صنع وهكذا ولذلك جعل الشرع لمثل هذا القضايا ضوابط فجعل صلى الله عليه وسلم الضيافة لا تزيد على ثلاثة أيام مهما كان الحال والضيافة الواجبة يوم وليلة وهذا حق الإنسان المنقطع وابن السبيل فما زاد فهو صدقة لكن بعد ذلك لا يجوز للإنسان أن يحرج على صاحبه فوق هذه المدة .

دخل أعرابي ومشى إلى زاوية المسجد فبال فقام الصحابة يريدون أن يضربوه وأن يقعوا فيه فقال صلى الله عليه سلم : دعوه اتركوه حتى قضى بوله ثم قال: صبوا عليه دلوا من ماء هؤلاء يريدون أن يؤدبوه .

هذا مسجد بيت الله ما بني لهذا فدعاه النبي عليه الصلاة والسلام قال: (( إن هذه المساجد أيها الأعرابي لم تبن لهذا إنما بنيت للصلاة وللذكر وللاعتكاف )وغير ذلك.

فانظر بين هذين التعاملين هذا تعامل برفق ورقه ودفء وحنان.

وذلك تعامل بغلظة وجفوة هذا يريد أن يرفسه وهذا يريد أن يلطمه وهذا يريد أن يجبذه من ثيابه هذا الأعرابي بعد أن تعلم هذا من النبي صلى الله عليه وسلم قال ((فَبِأَبِى هُوَ وَأُمِّى مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِى وَلاَ ضَرَبَنِى وَلاَ شَتَمَنِى ))[9]

هكذا يكون احترام المشاعر.

فمهما كان الذنب مهما كان الخطأ فليست الأمور بجفوة وليس الأمور بغلظة ولا بقسوة وليست الرجولة بهذه المعاني ولا الإدارة لهذه المعاني ولا الأبوة بمثل هذه المعاني إلا في أسباب ضيقة جدا فإن التعامل مع هذه القضايا المحرجة لا يتم إلا بدغدغة المشاعر والعواطف وتنميتها وتربيتها هذا هو الذي يجذب الناس إليك ويجعلك شخصا محبوبا معظما محترم الأوامر أن تتعامل مع أحاسيس الناس كما تحب أن يتعامل الناس معك ثم يحبونك . ماذا تصنع لو كنت جبارا وجبروتا تحتك الآف من الناس ثم لا يحبونك

ولهذا كان من كلامه صلى الله عليه سلم ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تلعنونهم ويلعنونكم وتبغضونهم ويبغضونكم))[10]

وهو يواجههم بنفس الأمر يتعامل معهم بجفوة و قسوة وغلظة .

هكذا أيضا في القضايا التي ربما يخطئ فيها الإنسان يحصل عنده غلط يحصل عنه خطأ يحصل عنده زلة ونيسان لابد تتعامل معه بأسلوب ألطف .

هذا رجل يعطس عند ابن المبارك رحمه الله تعالى ثم سكت ولم يحمد الله تعالى فقال له: يا رجل إذا عطس الرجل ماذا يقول؟

قال: يقول الحمد لله قال : وأن أقول لك يرحمك الله .

الرسالة وصلت إليه ويكفي هذا أما أنك تنهره و تزجره بل حتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ربما لو كان بين الناس لأدى إلى منكر أكبر منه و لأدى إلى أن تجرح مشاعره وأن تضره وأن تجعله يتعقد أكثر منك ومن نصائحك فلا يقبل بعد ذلك منك نصحا لابد أن تتحين الوقت المناسب يقول الشافعي:

تعمدني النصح في انفراد وجنبني النصح في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه

هكذا النبي صلى الله عليه سلم غضب رجل غضبا شديدا أحمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة أني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجد هذا الصحابي ذهب لذلك الإنسان مباشرة فقال له قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يذهب عنك ما تجد فقال : أنا مجنون أقول هذا الكلام لماذا لم يباشره صلى الله عليه وسلم بالكلام؟

لأن الرد عليه أمر خطر ولكن يعلم الأمة أن تعالج مثل هذه القضايا هذا الرجل أصاب مشاعره ما يغضبها ما يجعلها كالشرر وكان كالجمر وكالنار المحترقة جعله بهذه الهيئة لو رأى نفسه لمقتها ولقال ليست هذه صورتي ولكن نصيحته لا تكون في مثل هذا الحال ولهذا فالغضب مشكلة عظيمة تؤدي إلى هدم الأسر وربما تؤدي إلى ارتكاب المآثم وتؤدي إلى الكفر بالله.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم








الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

أيها الإخوة:

كيف نتعامل مع الأمور المحرجة ؟ التي تحرجنا أو تحرج غيرنا وربما كان هذا الأمر قاسما مشتركا فمثلا صاحب العاهة كالأعور والأعرج ومقطوع اليد ومقطوع الأصبع والمجذوم وما شاكل ذلك من الأمراض هذه قضايا تسبب للإنسان نوعا من أنواع النقص والعيب عندهم ولذلك نهى صلى الله عليه وسلم أن يدام النظر إلى صاحب العاهة فقال : ((لا تديموا النظر إلى المجذومين))[11]

وهكذا أصحاب العاهات إنسان أعور مثلا لا تديم النظر إلى عينه العوراء و لا تديم النظر إلى يده المقطوعة وإلى رجله المشلولة السبب في هذا ألا تحزنه وألا تشعره بالدون وألا تجرح مشاعره هذا الإنسان يكفي أن النبي عليه الصلاة والسلام علمنا ذلك الأدب أن يقول ((الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء ))[12]

يكفي هذا وهذا الذكر ما ينبغي لأحد أن يرفع صوته به ليزيد جرحا إلى جرحه فإدامة النظر إليه جرح وهذا الذكر أن جهرت به فجرح آخر .

ولهذا تقول هذا الذكر شكرا لله عز وجل بقلبك ولا تديم النظر إليه إطلاقا بل أشعره بالثقة في نفسه أو أشهره بأنه عظيم .

كم من العظماء من كان صاحب عاهة أشعره بأنه يمكن أن يفعل شيئا وأنه عضو نافع عضو فاعل في هذا المجتمع.

ابن أم مكتوم قام بأعماله وبإدارة المدينة بعد النبي عليه الصلاة والسلام وهو رجل أعمى وقام بالإمامة في المسجد وهكذا فالأعمى وأصحاب العاهات لا بد أن يكون لهم دور في المجتمع كالإمامة في المسجد وتدريس القرآن الكريم والعلم الشرعي والمحاماة لا أن يهمشوا ويصبحوا عالة أو يصبحوا متسولين أوما شاكل ذلك كلا بل الأعمى يمكن أن يعمل ويمكن أن يكون عضوا نافعا وبناءً في المجتمع .

هكذا أيضا وأنت في مجلس مثلا خرج على إنسان ريح أو خرج عليه صوت فالواجب هنا أن تتعامى وأنت تفعل نفسك أنك لم تشعر بشيء لأن هذا الأمر حدث منه اليوم و غدا يحدث منك ولهذا لا تحرجه ولا تجرح مشاعره ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ((لم يضحك أحدكم مما يفعل ))[13]

لماذا تضحك أنت من شيء ربما خرج منك بل ربما حدث منك ما هو أعظم من هذا فكما تحب أن يراعي الناس مشاعرك راعي أيضا مشاعر الناس .

النبي عليه الصلاة والسلام يراعي مشاعر الطفل أطال النبي عليه الصلاة والسلام في السجود فخشي الصحابة عليه رضي الله عنهم أن يكون قد حدث للنبي عليه الصلاة والسلام مكروها فبعضهم رفع رأسه لينظر فوجد النبي صلى الله عليه وسلم ساجد ظنوا أنه قبض فما قام صلى الله عليه وسلم قال لهمfrown.png إني أطلت السجود على غير عادة لأن ابني ارتحلني) يعني جعلني كالراحلة وركب على ظهري قال frown.png فكرهت أن أعجله وتركته حتى يقضي حاجته)[14].

كل هذا محافظة على شعور هذا الطفل الصغير والطفل الصغير أشد رهافة في أحاسيسه ولك أن تجرب هذا وتعرض حين يتحدث معك ابنك أو ابن ابنك فإنك لو أعرضت عنه وهو يحدثك حتما سيأخذ يده وسيجر وجهك إليه يعني: يقول لك : راعي مشاعري حينما أتكلم معك لا بد أن تنظر إلى فكلا مي ليس بالكلام الهين ولذا أحيانا بعض الأسئلة الكبيرة التي هي أكبر من عقله هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابة وإذا كبته فإنما تكبت طموحه فلا تقل له اسكت يا ولد ليس هذا الوقت وما شاكل ذلك بل لا بد أن تجيب على هذا التساؤل بقدر عقله .

هكذا أيضا الخادم في البيت لا بد أن تراعي مشاعره ليس فقط كونه خادم أو كونها خادمة أو كونها تتلقى أجرا يقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين أو لقمة أو لقمتين فإنه ولي حره وعلاجه))[15] .

هو الذي طبخه بيده وهو الذي شم رائحته وهو الذي سال لعابه عليها .

فإما أن تجلسه أن كنت من أصحاب المكانة الرفيعة والقلوب الواسعة والصدور الرحبة ليجلس معك خادمك ليأكل وإلا فليس أقل من أن تأخذ له شيئا من الطعام وتعطه يأكلها لأنك تأكل وتتنعم و هو ينظر إليك وهكذا أيضا النبي صلى الله عليه وسلم يراعي مشاعر من يرتكب الذنوب والمعاصي فهذا رجل يشرب الخمر وكثيرا ما يؤتى به إلى الرسول صلى الله عليه سلم فيقيم عليه الحد فقام رجل من الصحابة فقال: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به فتنبه النبي لهذا الكلام وقال : لا تسبوه لا تلعنوه والله أنه يحب الله ورسوله )).

لا تؤذوا مشاعره أبد حتى ولو كان في هذا الموقف .

وإليك قصته كما في البخاري عن عمر بن الخطاب : ((أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه و سلم كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارا وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب فأتي به يوما فأمر به فجلد فقال رجل من القوم اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به ؟ .

فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا تلعنوه فو الله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله ))[16]

هذه امرأة تفدي نفسها من أجل إقامة الحد عليها وترجم بالحجارة فيطير من دمها إلى ثوب أحد الصحابة فيلعنها.

فيقول صلى الله عليه سلم : ((كلا والله لا تلعنوها إنها تابت توبة لو وزعت على أصحاب المدينة لو سعتهم ))

وهذا طبعا أما مراعاة لمشاعرها حيث كانت لا تزال تسمع و لا تزال حية أو لمشاعر أوليائها من هنا جاء قوله صل الله عليه سلم ((لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء ))[17]

حتى لو كان هذا الميت يستحق اللعنة ويستحق السب لكن ابنه المسلم بين يديك وابنته بين يديك فلا تؤذي مشاعرهم أبدا.

ومن هنا جاء أيضا مراعاة مشاعر المرأة في حال زواجها فقال صلى الله عليه سلم كم جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الأَيِّمُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ لا تُنْكَحُ، إلا بِإِذْنِهَا"، قَالُوا: وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟، قَالَ:"أَنْ تَسْكُتَ))[18]

البكر لا تتكلم ولا تنطق من شدة حيائها كما قال صلى الله عليه وسلم فلا تخدشوا حياءها فكيف تعرف أنها راضية بهذا الزواج قال : صمتها إذنها فإن الحياء اليوم يا عباد الله من الرجال من النساء من الأبكار فضلا عن الثيبات يكاد الحياء ينعدم ويكاد بفقد في حياة الناس إلا ما شاء الله تعالى.

والحمد الله رب العالمين.
[1] – البخاري3/1202

[2] – مسند أحمد 2/371

[3]

[4] – البخاري 2/345

[5] – البخاري 2/345

[6] – البخاري 3/2313

[7] – سنن ا لترمذي 4/322

[8] – البخاري 4/13

[9] – مسلم 2/70

[10] – مسند الشامين 1/333

[11] – سنن ابن ماجه 2/1172

[12] – سنن الترمذي 5/493

[13] – البخاري 4/1888

[15] – البخاري 5/2078

[16] البخاري 6/2489

[17] – سنن الترمذي 4/353
[18] – المعجم الكبير 20/18


رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=594


خطبة بعنوان : (الطغيان السياسي والمخرج من الفتنة )


إن الحمد لله نحمده ونسعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلله ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدع ضلالة وكل ضلالة في النار .

عباد الله:

فإن شأن هذه الأمة يؤول إلى خير بإذن الله عز وجل وهذا نطق به كتاب الله عز وجل ونطقت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال الله تعالى: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) سورة الصف آية (9).

فهذا الدين في هذه الأمة سيظهر على جميع الأديان مهما حاول الأعداء أن يقفوا في طريق هذا الدين وفي طريق الدعوة وفي طريقة تغيير أوضاع المسلمين إلى أحسن حال فإنهم لا يستطيعون .

وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن خاتمة هذه الأمة يؤول إلى خير ففي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم حين ذكر النبوة وأنها تمضي ويرفعها الله عز وجل ثم ذكر الخلافة على منهاج النبوة ثم يرفعها ثم يأتي الملك العاض ثم يرفع وقد رفع ثم يأتي الملك الجبري وهو هذا الزمان الذي نعيشه وسيرتفع ثم قال :بعد ذلك ثم تأتي خلافة على منهاج النبوة ولم يذكر بعدها حكما آخر .

فمآل هذه الأمة إلى خير ويجب على كل إنسان أن يكون متفائلا وأن لا يتشاءم بأي حال من الأحوال فالتفاؤل منهاج نبوي وسلوك نبوي والتفاؤل كذلك مما يشرح الصدر ويفرح القلب ويعطي للإنسان سكينة ودفعة للعمل بالأسباب لكنها تؤدي إلى النجاح وتؤدي إلى الخير بإذن الله عز وجل .

حتى أنه صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل بالأسماء يوم غزى صلى الله عليه وسلم فوجد رجلا في الطريق وهو سائر فقال له : ما اسمك ؟

قال: اسمي سهل فقال : سهل أمركم .

وفعلا هذا التفاؤل دائما يؤول إلى الخير.

فإياك والتشاؤم فالتشاؤم يعود عليك بالضيق ويعود عليك بالضجر .

فالتفاؤل إذا منهاج نبوي والتفاؤل مآله إلى خير وإحسان الظن بالله عز وجل لا بد منه وأقدار الله كلها خير.

يقول الله عز وجل في الحديث القدسي frown.png(أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ))[1]

ها نحن نرى أن رياح التغير هبت وخاصة على عالمنا العربي هبت رياح التغير على هذه المنطقة لم يا ترى هذه الهبة ؟

هذه الرياح التي تجري في عالمنا العربي ألها خصوصيتها ؟

نعم لها خصوصيتها ومنها : ما ذكرنا أن الله تعالى يغير هذه الأحوال .

رجوع هذه الأمة وصحوة هذه الأمة و رجوعها إلى دين الله عز وجل وتمسكها بدينها بروز هذه الصحوة ومعالم هذه الصحوة وهذه الأمة وبزوغ شمس هذه الصحوة منذ وقت ليس بالقريب أمر يمشي وفق قضاء الله وقدره حاول الأعداء أن يكمموا الأفواه حاولوا أن يقتلوا الأخلاق وأن يقتلوا الفضيلة أو يبثوا الرذيلة و أن يسهلوا السبل من أجل أن يحولوا هذه الأمة عن دينها.

فلم تزدد هذه الأمة إلا ثباتا على الدين حاولوا إخراج الشباب من ذكور و إناث من المساجد حالوا أن يحولوهم عن العلم والتعليم فازدادت هذه الأمة صلابة وتمسكا بعقيدتها وثوابتها وهذا ما أقض مضاجع الأعداء ومما وضع حاجزا وسدا منيعا أمامهم وأنهم يحاولون إلى آخر رمق من حياتهم أن يحولوا هذه الأمة وأن يغيروا مسارها ولكنهم لا يستطيعون بإذن الله عز وجل .

ها أنت ترى أن أمرا ما يحدث في أمريكا مما يسيء إلى الإسلام والمسلمين فتهب الأمة كلها برمتها وها أنت تسمع من يسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدانمارك أو في هولندا أو في غيرها فتجد هذه الأمة تهب من أجل نصرة نبيها صلى الله عليه وسلم .

مما ضرب مثلا قويا للعالم كله أنه لا يمكن اجتثاث هذا الدين بل ستزداد هذه الأمة تمسكا ورجوعا إلى الله تعالى مهما ضيق على هذه الأمة فإنها تزداد صلابة.

وهذا من علامات سريان وقوة هذا الدين إن هذا الدين يحمل عوامل قوته في مواجهته لأعدائه فكلما ازداد الأعداء عداوة لهذا الدين كلما ازداد انتشارا وكلما ازداد أبناء هذا الأمة تمسكا بهذا الدين. لقد تكالب الأعداء بالأمس على أمة الإسلام و جاءوا بحدهم وحديدهم جاءوا كلهم إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب ليقضوا على هذه الثلثة المؤمنة وليطفؤا نور الله عز وجل فباؤا بالفشل حتى إن هذا الهجوم الغاشم على الدين كان مفتاحا للنصر بإذن الله عز وجل حين أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا نخن نسير إليهم))[2]

من الآن فصاعدا نحن الذين نغزوهم في عقر دورهم وبالفعل ما كادت تتحرك أي كتيبة من الكتائب المعادية لهذا الدين حتى يضربها المسلمون في عقر دارها ولم يتركوها تدخل إلى قرب حدود مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلا عن أن تدخل إلى المدينة وكل غزوات بعد غزوة الأحزاب كلها كانت ابتداء من المسلمين وكلها كانت خارجة حدود الدولة الإسلامية بل كانت الدولة تتوسع يوما بعد يوم بإذن الله عز وجل .
ما تعانيه أمتنا أيها الإخوة :على مرأى ومسمع من الناس ولا يستطيع أحد أن ينكر هذا إنها ابتليت بأناس من الحكام ومن حولهم أصحاب وجهين اثنين:

الوجه الأول: أنهم استنسخوا شيئا من الاستبداد والطغيان الفرعوني لدرجة أنهم ما يستحيون أن ينطقوا بنفس كلامه وبالمنطق نفسه الذي نطق به فرعون سواء كان بلسان الحال أو بلسان المقال ((مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ )) سورة غافر آية (29).

وهكذا جمعوا ثلة من الناس حولهم هذا الثلة تنظر إلى مزاج هذا الحاكم فتضفي عليه ما يتوافق مع مزاجه وإذا انتفض الشعب أوهبت الشعوب تنادي الحرية و تنادي بشيء من العدالة وغير ذلك نطقوا بنفس المنطق الفرعوني وقالوا: كما قال الله عنهم (( إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55))) سورة الشعراء الآيات (54-55).

هذا هو منطق الإعلام الفرعوني وهو نفسه منطق الإعلام اليوم سمعنا هذا في تونس سمعنا هذا في مصر سمعنا هذا ليبيا ونسمعه اليوم في سوريا وهكذا نسمع هذا الكلام في البلدان التي انتفضت فيها الشعوب يتردد من الإعلام الذي يحاول أن يؤله هؤلاء الناس ويصفقون له في كل ما يفعله ما استطاع أحد منهم في يوم من الأيام أن يقول له لقد أخطأت في هذا وأنا أريد من أي إنسان أن يأتيني بأي تصريح من وزير وما شاكل ذلك قبل هذه الأحداث يقول لحاكمه لقد أخطأت في هذا القرار ما سمعنا إلا التصفيق وما سمعنا إلا عبارات التبجيل .

الوجه الثاني: أن هؤلاء الناس رهنوا البلاد لأعداء الله عز وجل وأرادوا أن يحكموا شعوبهم وأبناء جلدتهم بالمنطق الغربي وبالرأي الغربي وبما يراه الغرب ويتخفى الغرب وراء هذا الأنظمة التي استجلبت واستوردت لبلاد المسلمين بمسمى الديمقراطية والغرب نفسه يعلم أن لا ديمقراطية في دول العالم الثالث ومنها العالم العربي ولكنه يتخفى وراء هذا الستار ويلمع هذه الأنظمة من أجل أن ينفذ أجندته من وراء ومن خلف هذه الحجب وجعل أيد تنفذ هذه المخططات وتحفظ له تلك المصالح التي يبتغيها من وراء هذه الدول فإذا نفذت مصالحه مسح يده وتخلى عن هذه الأنظمة تماما كما فعل على سبيل المثال بزين العابدين بن على يوم أن بقي في السماء يحلق ساعات ما تقبلته أي دولة من الدول التي كانت تلمعه أو التي كانت تصفق له.

هذا الطغيان نتج عن أمرين :

الأمر الأول:السلطة التي تتمثل بالملأ وبالنخبة التي حول هؤلاء الحكام وكذلك بالجنود الذين نشؤوهم من أجل حماية العروش ومن أجل حماية الكراس لا من أجل حماية الأوطان في الوقت الذي تدك فيه حماه في سوريا عن بكرة أبيها وتدمر بيوتها ومآذنها في تلك المأساة وتقصف من الجو في نفس الوقت تحتل الجولان وبدلا من أن تتوجه هذه الجيوش الجرارة لمحاربة العدو اليهودي حاربت أبناء البلد واليوم كذلك نفسه الحدود مع اليهود محاطة بالجنود ولا يستطيع أحد أن يتسلل إليها و لا تزال الجولان محتلة وها هي تلك السلطات تدك أبناء جلدتها وأبناء بلدها تدكهم بالدبابات وبالمدافع بحجج واهية أول من يكذبها هم أنفسهم وإنما خرج الشعب يريد شيئا من هواء الحرية العليل يستنشقه ويريد كذلك العدالة والمساواة إن العقود التي تجري بين الشعوب وحكامها أيها الإخوة الكرام هذه عقود ليست ملكا وليست تملكا وإنما هو عقد عمل بين الشعب من جهة وبين الحاكم من جهة أخرى ولا بد للعقود من أن تتوفر فيها الشروط ومن هذه الشروط :

الأهلية فأهلية الحاكم إذا لم تكن موجودة فلا عقد وأهلية الشعوب إن لم تكن موجودة فلا عقد أساسا .

ولا بد أن تتوفر أركان العقد التي هي العاقدان (الحاكم والمحكوم ) وكذلك الأمر المعقود عليه وهو أن يكون وكيلا عنه في تسير الأمور وفي إقامة الدين وفي سياسة الدنيا به فإذا أختل شرط من هذه الشروط كيف يكون عقدا .

إذا كان هنالك على سبيل المثال تزوير في الانتخابات سواء كان في الانتخابات البرلمانية أو المجالس المحلية أو في الانتخابات الرئاسية وما شاكل ذلك .

فأين صحة هذه العقود أين الحرية المزعومة أن الشعوب تأخذ حقها وأنها تختار كما تشاء .

إن من الضوابط والأصول التي يجب أن تتوافر في مثل هذه النوازل والفتن أن يكون الإنسان ملما بالقواعد الكلية والقواعد الشرعية التي ترجع إليها الفروع حتى لا يقع في الكذب وحتى لا يقع في الظلم إن من حق الشعوب أن تختار حكامها كما تشاء ليس هنالك تأبيد في الحكم وإنما هو عقد بين الأمة وبين حاكمها .

لها أن تقول له : بيننا وبينك أربع سنوات ثم تتنازل أو ثمان سنوات ثم تتنازل فقط وتدوير الوظائف العامة والهامة أمر كان معروفا في الإسلام لعلكم تذكرون كيف قام سلمان الفارسي رحمة الله ورضوانه عليه يوم قسم عمر رضي الله عنه ما جاءه من غنائم فقسم على الناس الثياب من ثوب ثوب يعني إما يصلح رداء وإما يصلح إزارا فطلع عمر يوم الجمعة يخطب في الناس فإذا عليه إزار ورداء فقال عمر أيها الناس اسمعوا و أطيعوا .

قال : سلمان لك ولا طاعة.

وقال: ولم يا أبا عبد الله ؟

قال : لقد وزعت على الناس ثوثا ثوبا وعليك حلة فمن أين لك هذا ؟

هل يستطيع أحد اليوم من الوزراء فضلا من المدراء أصحاب الوظائف الدنيا فضلا عن الشعوب أن تقول لوزير أو تقول لحكامها من أين لكم هذا الثراء؟

لقد عرف العالم بأسره مسلمه وكافره تلك الأموال التي رصدت والتي وردت إلى حسابات كثير من هؤلاء الحكام الذين فضحوا في هذا الآونة المتأخرة مئات المليارات من الدولارات ومرتباتهم ربما لا تتجاوز أحيانا الألف أو الألف والخمسمائة دولار.

من أين هذا الأموال ؟

وما خفي كان أعظم . هل كان يستطيع شخص يقول من أين لكم هذا قبل هذه الثورات؟

لا أحد يستطيع أن يقول من أين لك هذا؟

فقال عمر رضي الله عنه:أين عبد الله فلم ينطق أحد .

قال :يا عبد الله بن عمر قم؟

فقام .

فقال : أخبرهم من أين لي هذا الثوب الثاني.

قال : إنه ثوبي يا أمير المؤمنين لما رأيتك طويلا ورأيت أن الثوب الواحد لا يكفيك أعطيتك ثوبي.

قال : مه يا سلمان .

قال: أما الآن فلك السمع والطاعة هذه مبادئ سار عليها الإسلام وسار عليها المسلمون وسار عليها الحكام العادلون هكذا أيها الإخوة :

وهذه عقود بين الحاكم و شعبه له الحق أن يقول له في كل عام ائتنا بذمتك المالية ؟

فإذا وجد خللا قال : من أين لك هذه الزيادة ؟

إن مرتبك كذا وكذا كم تصرف لنعطيك أعلى حد لهذه الصرفيات فمن أين لك هذا الزيادة؟

لكن هكذا استخفت الشعوب ولمعت هذه الرموز لدرجة أن الناس ألهو هؤلاء الناس حتى لما استجلبوا لهم القوانين الوضعية التي تصادم شريعة الله عز وجل ما وجدوا غير السمع والطاعة.

أيها الإخوة في حال الاستخفاف لم تستطع الشعوب أن تتكلم أبدا بل إنهم عياذا بالله تعالى اتخذوهم أربابا من دون الله عز وجل وتركوهم يشرعون كيفما يشاؤن فافسدوا البلاد والعباد أفسدوا الأخلاق أفسدوا الشباب أفسدوا التعليم أفسدوا في كل مجال والشعوب لا تستطيع أن تتكلم أبدا ذلك لأمرين:

الأمر ا لأول :أنها ستخفت واستعبدت وصارت كالعبيد لا تستطيع أن تتلكم ولا تستطيع أن تنطق ببنت شفة.

الأمر الثاني: أنها ألهت حكامها بطاعتهم فيما يشرعون .

ولهذا نطق المصريون بكل جراءة وقالوا : سقط عهد الفراعنة وصدقوا إن عهد آخر فرعون بإذن الله تعالى سقط يوم أن سقط حسني مبارك .

ذلك الطاغية الذي عاث في الأرض فسادا والذي طال فساده إلى جميع الدول العربية ومنها أن أكبر فتنة زرعها بين الفلسطينيين حلت بأيام قليلة في حكومة انتقالية وحصل التآلف بين فصائل الشعب الفلسطينية بوقت قصير ما يدل على أنه كان وراء الأكمة كان ما و راءها .

وما الجدار الفولاذي بين مصر وغزة إلا نوع من هذا الحصار ونوع من هذا الظلم و الطغيان والفرعنة.

يوم تلا صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل frown.png(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) سورة ا لتوبة آية (31).

قام عدي بن حاتم فقال يا رسول الله ـ وقد كان نصرانيا ثم أسلم ـ قال: والله ما عبدناهم ما سجدنا لهم وما ركعنا لهم فكيف تقول هذا القول قال : صلى الله عليه وسلم يا عدي : أما كانوا يحلون الحرام فتستحلونه ويحرمون الحلال فتحرمونه قال : أما هذا فنعم .

قال صلى الله عليه وسلم فتلك عبادتهم .

إن الرضى بتبديل الشريعة نوع من أنوع اتخاذ هذا الحاكم أو أولئك الأعضاء في البرلمانات أو مجالس الشعب اتخاذهم أربابا من دون الله عز وجل قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)الشورى آية (21) .

والأصل في هذه الأمة أن تحكم فيها شريعة الله عز وجل ولذلك دخلت في الأنفاق ا لمظلمة كما قال صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ))[3]

هكذا أدخلونا في هذا النفق المظلم ووصلنا إلى مكان مسدود من الذي يخرجنا من هذا المكان المسدود لذلك ما وجدوا الحلول إطلاقا تأتي من هنا وتأتي من هناك فتسد الأبواب لأنهم سدوا باب الله عز وجل الذي جعله مخرجا من الفتن.

تخلوا عن الله عز وجل فتخلى الله عنهم رموا شريعة الله عز وجل فلم يبال الله عز وجل بهم في أي واد هلكوا هكذا أيها الإخوة :

هذه الأمة لا يصلح أن يدس في جسمها بالأجسام الغريبة وبالفيروسات القاتلة الممرضة ومنها هذه القوانين التي يتغنى بها كثير من الناس إن هذه الديمقراطيات الغربية لا تصلح لأبناء هذه الأمة .

لكن في العالم الغربي نرى فيه شيء من الاستقرار والسبب أنهم ليسوا أصحاب أديان ولأنهم ارتضوا بهذه القوانين ولأنهم احترموا هذا القوانين مع عوجها ومع مصادمتها للفطرة لكنها حققت لهم شيئا من الاستقرار شيئا من الأمن أعطتهم مساحة كبيرة من الحريات الشرعية وغير الشرعية ونحن نريد أن نقلدهم للأسف الشديد مثل ذلك الحيوان الذي أراد أن يقلد حيوانا آخر في مشيته فلم يستطع أن يقلده ونسى مشيته فصار حائرا لا يعرف كيف يخرج من هذه المشكلة .

إن المخرج هو العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من كان يطالب بالحرية ففي كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن يطالب بالعدل ففي شريعة الله العدل من كان يطالب برفع الظلم فشرع الله ينهى عن الظلم من كان يطالب برقابة الحاكم من قبل المحكوم فهذا شرع الله عز وجل كل ما ينادي به الناس اليوم في الشارع وفي كل مكان حله موجود في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الغرب اليوم أيها الإخوة يتدارس فيما بينه مدى إمكانية تطبيق الشريعة الإسلامية في مجال الاقتصاد ألمانيا فرنسا أمريكا اليابان تتدارس في إمكانية تطبيق النظام الإسلامي في هذا المجال لأنهم روا أن النظام الإسلامي يكفل الحرية في المجال المالي يكفل أن المال يبقى متداولا بين جميع الفئات وتبقى العدالة لا أن المال يذهب إلى الفئة الحاكمة فحسب أو يذهب لكي يكون دولة بين الأغنياء من الناس أما في هذا آية لنا لنرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله علية وسلم .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفي وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فهنالك من القضايا التي عمل بها المسلمون الأولون ولا تتصادم مع شريعة الله عز وجل وإن كان ثمة أصوات أحيانا قد تظهر فتكون نشازا ربما منها على سبيل المثال قضية مدي شرعية أن يجعل الشعب لحاكمه مدة معلومة في حكمه ولا يجوز له الترشح مرة أخرى بعدها بعض الناس يري أن هذا تقليد للغرب ولكن هذه قضية إجرائية إدارية محضة لا تتصادم مع الشرع أبدا وهو عقد بين الحاكم والمحكوم بل تضبط الأمور والقضايا الإدارية والإجرائية يجوز لنا أن نعمل بها وأن نأخذ بها من أي طرف كان سواء جاءت من الروس أو من الهند أو من الفرنسيين أومن الأمريكان يجوز لنا أن نأخذ بذلك فهي قضية إجرائية محضة وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بخطة سلمان الفارسي في حفر الخندق فقال : سلمان رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم إنا كنا في فارس إذا داهمنا العدو فعلنا الخنادق فاستحسن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك و حفر الخندق .

هذه خطط إجرائية ولا مانع أن يكون ذلك وهذا أدعى إلى كف استبداد وطغيان وعبث الحاكم المسئول ليس هنالك شيء اسمه أن يبقى الحاكم ويأتي من بعده أبناؤه وأبناء أبنائه فتحديد المدة الزمنية قضية إجرائية .

أمر آخر هو قضية الانتخاب الحر النزيه هذا ما تعاني منه الشعوب في مصر تبين للعام كله أن ما جرى من الانتخابات الرئاسية والمجالس النيابية والمحلية أنها كانت تجري بالتزوير بدليل أن الناس يوم خرجوا من أجل أن يغيروا أو يستفتوا في تغير الدستور أظهر الشارع خلاف ذلك.

يوم أن جعل عمر رضي الله عنه الخلافة بعده في ستة ثم آلت إلى اثنين عثمان وعلي وذلك بعد أن تنازل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فخرج عبد الرحمن بن عوف من أجل أن يستشير الناس من أحب الناس إليكم عثمان أم علي حتى استفتيت النساء في البيوت بل حتى الصبيان وبقي ثلاث أيام كان من يدخل المدينة يسأل من أحب إليك في الحكم فلان أم فلان؟

هذا ما نسميه ؟

هذا يسمى انتخاب.

نعم تطور هذا الأمر صار هنالك أجهزة كمبيوتر تسجل أرقام صناديق اقتراع لجان تفرز الأصوات إعلان عن النتائج لكن هنا كانت شفافية من الدرجة العليا.

أما اليوم فما هنالك شفافية بل هناك تزوير مئات الصناديق تدخل بآلاف الأصوات المزورة وأصوات في القوائم الانتخابية هي محفوظة في الكمبيوترات مزورة ويمنع التسجيل مرة أخرى لعدة سنوات مع أن مئات الآلاف من أبناء الشعوب تشب وتصل إلى السن القانوني ويحق لها أن تسجل لكن من أجل أن تضمن هذه الأنظمة الغالبية العظمى بذلك التزوير الموجود فالانتخابات بطريقة حرة ونزيهة هذا حق من حقوق الشعوب أن تكون هذه الحقوق في غاية وفي قمة من الحرية والنزاهة والشفافية إن حصل هذا سيحصل الاستقرار لأي بلد يسير في هذا الطريق ويسير في هذا المضمار هذه قضايا كلها إدارية وإجرائية لا تتصادم مع شريعة الله عز وجل .

والحمد لله رب العالمين
[1] – البخاري 6/2694.

[2] – البخاري 4/1509.
[3] صحيح البخاري 6/2669 حديث رقم 6889


رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=704


حكم الاحتفال بالمولد

%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A.jpgما بعث الله تعالى الرسل إلا ليطاعوا بإذن لله تعالى وإلا كان وجودهم بين البشر من قبيل العبث، ولقد دل النبي صلى الله عليه وسلم أمته على كل خير وشر، ومع هذا فقد وجد من يزعم إسداء النصح إلى الناس فبث فيهم من البدع ما دين الله منه براء، مع أن هؤلاء الأدعياء هم أشد الناس تفريطاً في الواجبات …
خطبة بعنوان: حكم الاحتفال بالمولد
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
هكذا كان يبتدئ نبينا صلى الله عليه وآله وسلم خطبه ومواعظه بهذه الخطبة المباركة التي يسميها العلماء بخطبة الحاجة يذكر الناس بتقوى الله عز وجل – ويذكرهم بأن أحسن الحديث كلام الله تعالى وأحسن الهدي وأفضله هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم – ويحذرهم من شر الأمور فيقول وشر الأمور محدثاتها ويعمم على الناس فيقول وكل بدعة ضلالة ثم يقول وكل ضلالة في النار فيرغب بتباع الكتاب والسنة ويحذر من إتباع البدع والضلالات والخرافات التي تشوه جمال هذا الدين المبارك معلوم أن البشرية لا يمكن أن تهتدي بغير الأنبياء والرسل ولا يمكن أن يتم لها الهدى والرشاد بغير كتاب الله تعالى وبغير سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم – ومن زعم أنه يمكنه التعرف على الله تعالى ويمكنه الوصول إلى الله تعالى بغير الرسل والأنبياء بغير كتب الله تعالى بغير هدي الأنبياء فهذا من أضل الضالين وذلك لأن هذا الكلام يقتضي أن مبعث الرسل عبث وأن إنزال الكتب عبث وغير محتاج إليه فمن أدعى مثل هذا الكلام أنه يمكنه أن يصل إلى الله أو أن يهتدي إلى الله بغير الأنبياء والرسل وبغير الكتب المنزلة فإن هذا من أضل عباد الله تعالى أجمعين . اعلموا بارك الله فيكم أن الله تعالى اقتضت حكمته أن يبعث الرسل مبشرين ومنذرين فقال سبحانه وتعالى (( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)) سورة النساء آية (165) فأي حجة تأتي بعد الأنبياء والرسل فهي حجة مقطوعة وحجة ملغية لأن الله تعالى قد أقام الحجة على الناس أجمعين بإرسال الرسل وإنزال الكتب والرسل لم يبعثهم الله تعالى هملاً وإنما بعثهم لغاية وهي هداية الناس وتبليغ كلام الله تعالى للناس وتبصير الناس بالصراط المستقيم الذي رسمه الله تعالى وارتضاه للناس فقال سبحانه وتعالى(( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ…)) سورة النساء آية (64) وجعل طاعة الرسول طاعة لله ومعصية الرسول معصية لله تعالى فقال سبحانه وتعالى (( مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)) سورة النساء آية (80) والسبب في هذا أن الرسل ما ينطقون عن الهوى قال تعالى (( وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى)) سورة النجم آية (3) وما مات نبينا صلى الله عليه وآله وسلم – إلا وقد بلغ دين الله تعالى البلاغ المبين قالت عائشة – رضي الله عنها – لو محمد كاتماً شيئاً لكتم قول الله تعالى (( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً)) سورة الأحزاب آية (37) الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم – (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )) سورة المائدة آية(67) هذه الآية التي ذكرتها أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – كان سبب نزولها أن العرب كانت عندهم عادة سيئة وبدعة منكرة أن الواحد منهم كان إذا ربى ولداً وصار هذا الولد رجلاً ربى ولد غيره وصار رجلاً بعد ذلك ثم تزوج لو طلق زوجته ما يتزوج الذي رباه زوجة هذا الربيب ولا شك أن هذا الربيب أجنبي وهذه المرأة أجنبية لكنهم ابتدعوا أمراً منكراً وكانوا ينسبون هذا الولد المربى إلى من رباه فكانوا يقولون مثلاً زيد بن محمد وهو زيد بن حارثة ولهذا أمر الله تعالى أن يدعى هؤلاء إلى آبائهم فقال سبحانه (( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)) سورة الأحزاب آية (5)
ما يجوز أن ينسب رجل أجنبي لغير أبيه فابتدع الجاهليون هذه البدعة الشنيعة المنكرة ولأنهم لا يتزوجون بهذه المرأة التي طلقها هذا الربيب ليش ؟ لأنهم ينزل منزلة الولد فأراد الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يهدم هذه البدعة المنكرة بيده الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم – كأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يتريث قليلاً لعل الله أن يحدث بعد ذلك أمراً فكلمه الله تعالى أن يتزوج بزينب رضي الله عنها زوجة زيد بن حارثة رضي الله عنه – فانتظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعل الله يحدث أمراً ولكن الله تعالى أراد أن يكون نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يهدم هذه البدعة المنكرة فكلفه الله تعالى أن يتزوج بزينب رضي الله عنها فنزلت الآية وكانت زينب رضي الله عنها تفخر بهذا وتقول زوجكن أباكن وزوجني الله من فوق سبع سموات وفعلاً هدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه العادة القبيحة ولم يخش ولم يخف إلا الله تعالى – ولهذا استدلت عائشة رضي الله عنها أنه ما كتم شيئاً بهذه الآية لأن كتم الشيء خيانة وتقول على الله وتحريف لدين الله ولقد تهدد صلى الله عليه وآله وسلم – بقول المولى عز وجل (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ)) سورة القيامة الآيات ( 44- 47) ولكنه بلغ ما أنزل إليه من ربه صلى الله عليه وآله وسلم – ولم يخش في الله لومه لائم إذاً لم يمت صلى الله عليه وآله وسلم إلا وقد بلغ ما أنزل إليه من ربه وأكمل به الله الدين في حجة الوداع أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم – (( …الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً…))
سورة المائدة آية (3) فكمل الله تعالى الدين قبل أن يقبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم – بل كم ثبت في الأحاديث الصحيحة عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا : لم يتوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وما من طائر يطير بجناحية إلا ويذكر لنا منه علماً ما من خير إلا ودلنا عليه وما من شر إلا وحذرنا منه صلى الله عليه وآله وسلم – ولهذا كان من تحذيره صلى الله عليه وآله وسلم أنه حذر من أن يتشوه هذا الدين أو يدخل عليه دخيل من قبل أعداء الله تعالى فكان صلى الله عليه وآله وسلم – في كل موعظة في كل جمعة يقول : إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم – وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ويقول أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد))[1] مردود عليه مأزور غير مأجور لهذا توعد الله على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بأن هذه البدع والضلالات أن صاحبها عياذاً بالله تعالى في النار كما صح في السنن والمسانيد كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أي صاحبها وما أغاض أعداء الله تعالى من مجوس ويهود ونصارى مثل غيضهم من كمال هذا الدين المبارك من حفظ الله تعالى لهذا الكتاب كما قال تعالى (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) سورة الحجر آية (9) الكتب التي سبقت القرآن حرفت كلها أخبار الأنبياء قبل نبينا حرفت وبدلت كلها اختلط الحق فيها بالباطل أما كتاب ربنا القرآن فإن تعالى حماه وحرسه وحفظه وقيض له علماء يحفظونه من التبديل والتحريف ولقد جعل الله تعالى معيارين لصحة هذا القرآن ما لم يتفقا فلا قرآن الصدر والسطر لابد أن يكونا متطابقين فإذا ما اختل ما في الصدر وخالف ما في السطر فليس بقرآن والعكس كذلك فلابد أن يجتمعا معاً ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكتابة القرآن وحذر من أن يكتب شيء من كلامه خشية أن يختلط بالقرآن فقال ((لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه))[2] فدون القرآن تدويناً كاملاً وإن لم يجتمع في مصحف واحد في حياته صلى الله عليه وآله وسلم – غير أنه كان محفوظاً في صدور الرجال وكان مكتوباً على الجلود وعلى اللحاف والرقاع وما شاكل ذلك لكن لما خشي الصحابة رضي الله عنهم – من موت الحفاظ وذهاب القرآن أمر أبو بكر رضي الله عنه بتدوين القرآن في مصحف واحد وفعلاُ تم ذلك الأمر بحمد الله تعالى ولهذا كثر الحفاظ للقرآن وكثرت بعد ذلك النسخ فمهما حاول أعداء الله تعالى أن يحرفوا كتاب الله تعالى في المطبوع فإنهم لا يستطيعون أبداً لأن الحفاظ يتصدون لهذا الخلل ويحذرون الأمة من هذا الخلل وهذا الدخيل الذي دخل على الأمة من قبل أعدائها ولولا الله عز وجل وتقييضه للعلماء لما عرف عامة الناس كلام الله من كلام غيره وكم حاول اليهود والنصارى والهندوس ومن نحا نحوهم أن يحرفوا كتاب الله تعالى وأن يطبعوه طبعات فاخرة ليغروا الناس به فلم يستطيعوا ذلك لا من قريب ولا من بعيد وذهبت تلك الأموال التي بذلوها أدراج الرياح كما قال تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) سورة الأنفال آية (36) فكم من أموال ا،فقوها في طباعة المصاحف المحرفة لكنهم باءوا بالفشل وذهبت إلى المحرقة تلك الصحف التي كتبوها وطبعوها والتي وزعوها ربما بالمجان أو بأبخس الأثمان وكذلك سنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم – دخل الزنادقة الكائدون للدين ودخلوا دين الإسلام تستراً لليس لهم غرض ولا هم إلا هدم الدين والطعن فيه وتشويه المعتقد والأخلاق والعبادة وما شاكل ذلك من أمثال عبد الله بن سبأ اليهودي وغيره ومن نحا نحوه الذين دسوا السم في العسل ورءوا أنهم لا يستطيعون أن يتدخلوا في كتاب الله تعالى فبدءوا يدسون سمومهم في سنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم – ظانين أن هذا العمل يوصلهم إلى مقصودهم لكن من حفظ الله تعالى للقرآن حفظه للسنة لماذا ؟ لأنه لا يمكن أن نفهم القرآن فهماً سليماً إلا من خلال السنة لذلك لو لم يحفظ الله تعالى السنة لانحرف عندنا فهم القرآن وذلك أن في القرآن آيات مجملات تحتاج إلى بيان من الذي يبين لنا هذه الآيات إنه رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم – يا أيها العقلاء لعلكم ولا شك قد قرأتم كتاب الله تعالى من أوله إلى آخره من منكم يستطيع يحضر لنا آية من كلام الله تعالى توضح لنا كيفية الصلاة أنه يستقبل القبلة ويرفع يديه ويكبر ويقرأ الفاتحة ثم سورة ثم يركع ثم يقوم من يستطيع أن يفعل هذا ؟ موجود هذا ما هو موجود ونحن والحمد لله نصلى الآن من علمنا كيفيه الصلاة ؟ إنه رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم – في أذهاننا أيضاً أن من فروض الإسلام حج بيت الله الحرام قال الله تعالى (( …وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ )) سورة الحج آية (97) من أين يحرم أهل اليمن ؟ من يلملم وماذا يلبسون ؟ رداء وإزار طيب أتوني بآية من القرآن تثبت ما تقولون يا أيها العقلاء ما هو موجود هذا وهكذا في بقية الأركان غير موجود من أين أخذنا هذا ؟ من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم – إذاً فالسؤال كالتالي هل يمكن أن نكتفي بالقرآن بدون السنة ونتعبد لله تعالى كما أراد بالسنة الجواب لا يمكن . سؤال الحمير تؤكل وإلا ما تؤكل ؟ لا تؤكل من الذي حرمها ؟ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – من رأسه وإلا وحي من الله تعالى – هيا أتونا بآية من القرآن تبين تحريم الحمر الأهلية أنا أعطيكم مليون ريال ما فيش آية إنما عندنا قول رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم – في غزوة خيبر كما في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه
: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه جاء فقال أكلت الحمر فسكت ثم أتاه الثانية فقال أكلت الحمر فسكت ثم أتاه الثالثة فقال أفنيت الحمر فأمر مناديا فنادى في الناس ( إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية ) . فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم))[3] على كل أريد أن أتوصل بهذا إلى أن القرآن وحده لا يكفينا إلى أنه لابد من السنة لأن السنة هي التي توضح القرآن وتبينه وتفصله والذي يدعي أنه يمكن أن نكتفي بالقرآن دون السنة هذا في حكم الإسلام كافر مرتد عن دين الله عز وجل ليس له من الإسلام حظ ولا نصيب وهذه في الحقيقة دسيسة من دسائس أعداء الله أنهم جاءوا لبعض الناس فقالوا لهم : أن السنة قد دخل فيها الدخيل وفيها المكذوب والضعيف أتركوها جانباً واكتفوا بكلام الله تعالى وفعلاً تشكلت يا أيها الإخوة طائفة مندسة بين المسلمين يسمون أنفسهم بالقرآنيين هؤلاء مرتدون عن دين الإسلام لا حظ لهم فيه لأنهم لم يطيعوا الله عز وجل كما ينبغي لأن الله تعالى يقول (( …وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) سورة الحشر آية (7) عن عبد الله قال لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله
فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فجاءت فقالت إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت فقال وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هو في كتاب الله فقالت لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول قال لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } . قالت بلى قال فإنه قد نهى عنه قالت فإني أرى أهلك يفعلونه قال فاذهبي فانظري فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئا فقال لو كانت كذلك ما جامعتنا))[4] إذاً لابد من السنة بجانب القرآن لكن كما قلت لما لم يستطع أعداء الله عز وجل – أن يدسوا بالقرآن دخلوا من السنة ظانين أن السنة يمكن للناس أن يقبلوها ويقبلوا كل حديث يظنون أن كل كلام حديث وكل مدور رغيف في مدور تائر هم يظنون رغيف في مدر في حجار في حديد لكن لا العلماء وفقهم الله لأن يجعلوا قوانين تحكم السنة بها إذا اجتمعت هذه القوانين في حديث قالوا : هذا الحديث صحيح وإذا اختلت قالوا : هذا ليس بحديث هذا ضعيف أو هذا مكذوب ولهذا كذبوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم – في أحاديث كثيرة كذبوا على الله تعالى منها أنهم كذبوا على الله عز وجل أنه قال : ما وسعتني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن هذا حديث مكذوب الله أعلم من وضعه يهودي مجوسي نصراني ودسوه على لمسلمين وقالوا: هذا من كلام الله . كذبوا على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم – فقالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – لو أحسن أحدكم بحجر لنفعه وما شاكل ذلك لكن هنالك رجل زنديق في أيام الرشيد قدمه الرشيد للمحاكمة ولساحة العدالة ليصلب وتضرب عنقه فقال : لا يهم هذا لقد وضعت فيكم أحاديث تحلل الحرام وتحرم الحلال قال له يا زنديق تعيش لها الجهابذة تنخلها نخلاً عبد الله بن المبارك وأمثاله وهناك رجل يسمى محمد أبو سعيد المصلوب صلب في الزندقة دخل في الإسلام بغرض أنه يشوه دين الله عز وجل – فالحاصل أن الله تعالى قيض للسنة رجالاً منذ زمن بعيد كالإمام الشافعي رحمه الله وشعبة بن الحجاج ومالك بن أنس والإمام أحمد والبخاري والإمام مسلم النسائي أبو داود الترمذي الحاكم البيهقي وأنت ماش هكذا شيخ الإسلام ابن تيمية ابن القيم الجوزية رحمة الله على الجميع وأنت ماش هكذا الشيخ أحمد شاكر محدث مصر تأتي إلى بلاد الهند تجد محدثين الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله الشيخ مقبل بن هادي الو ادعي محدث الديار اليمنية وهلم جر ولا تزال الأمة تنجب علماء نجباء أمثال هؤلاء يدافعون عن سنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم – لأن اليهود هم اليهود والنصارى هم النصارى والزنادقة هم الزنادقة والهندوس هم الهندوس لا يزالون إلى يومنا هذا يدسون شبههم في دين الله تعالى فتحتاج إلى علماء ربانيون من أجل أن يبينوا مثل هذه البدع و الضلالات والخرافات التي دسها أعداء الله تعالى وما أكثر هذه البدع والضلالات منها ما هو على سبيل الدوام ومنها ما هو موسمي مثلاً لعلكم ما قد سمعتم بما سأقوله من أشياء أنظر مثلاً الروافض الخميني وأصحابه كانوا يقولون لأي واحد ملتح يا خميني مش عارفين من هو هذا الخميني هؤلاء الروافض أذناهم أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن علياً ولي الله أشهد أن علياً ولي الله مرتين هذا كان يؤذن به النبي صلى الله عليه وآله وسلم – يا إخوة ؟ كان الصحابة رضي الله عنهم – يؤذنون بهذا ؟ الأئمة الأربعة كانوا يؤذنون بهذا ؟ هذه بدعة رافضية ولما جاء الخميني أراد أن يدخل نفسه في الأذان أشهد أن علياً ولي الله أشهد أن الخميني آية الله لكن المشكلة أن الآيات يموت آية وتأتي آية أشهد أن الخميني آية الله أشهد أن الرفس نجاني آية الله أشهد أن فلان آية الله وبعدها الأذان يحتاج إلى ست ساعات لما تنتهي من الأذان ثم يكون وقت الصلاة هذه بدعة دائمة ولا شك أن هذه بدعة منكرة حذار حذار أن تدخل بلاد اليمن وقد أطلت هذه الفتنة برأسها منذ ما يزيد على عشر سنوات بداية هذه الفتنة ظهر بال روافض الذين صار لهم اتصال مشبوه في البلاد السنية معلوم أن اليمن كانت خالية من الروافض الاثني عشرية وإن كان المقبلي عالم اليمن رحمه الله كان يقول : أتني بزيد صغير أخرج لك منه رافضي كبير الحاصل أن فرق الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى السنة لكن غزانا الروافض من إيران إبان دخول الحزبية وصار لهم اتصال مشبوه في البداية بالزيدية مع أن الروافض يا أيها الإخوة لما نقرأ في كتبهم يكفرون الزيدية ليش؟ قالوا : لأنهم لا يسبون أبا بكر ولا عمر وكتبهم طافحة بتكفير الزيدية لكن دخلوا عليهم من جهلهم وقالوا : نحن شيء واحد ثم بعد ذلك صار لهم اتصال مشبوه بالبلاد السنية عن طريق آل البيت عن طريق الصوفية وقد فرخت الرافضة في أوساط المتصوفة من السادات بالذات وصارت لهم أقوال شنيعة يقولون إن القرآن ناقص هؤلاء شافعية صوفية ما كانوا يعرفون الرفض صاروا اليوم يطعنون في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم فأخشى أن تصل بدعة الروافض في الأذان إلى مساجدنا اللهم بلغت اللهم فاشهد من هذه البدع أيضاً التي تكلم عنها العلماء ما هو بدعة موسمية مثل : الاحتفال بالإسراء والمعراج مثل رأس السنة الهجرية مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – أنه لم يهاجر في أول محرم وإنما هاجر في شهر ربيع فالاحتفال بمناسبة الهجرة النبوية في واحد محرم بدعة مركبة أولاً لأن هذا لم يفعله السلف الصالح الأمر الثاني أنه غلط إنما هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ربيع الأول ومنها أيضاً الاحتفال بليلة النصف من شعبان هذه لم يرد فيها أدلة ولم يكن السلف الصالح يحتفلون بهذه الليلة لا من قريب ولا من بعيد ومنها بدعة أول جمعة من رجب والذهاب إلى مسجد الجند وجعلوه حج لمعلومتيكم حج في الجند وعمرة في حضرموت عند قبر نبي الله هود عليه السلام – ومن هذه البدع أيضاً بدعة المولد صح في التاريخ أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ولد يوم الاثنين شهر ربيع الأول لكن لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحتفل في يوم مولده ومن ادعى ذلك فهو أكذب الكذابين ولم يحتفل الصحابة رضي الله عنهم بيوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم – كذلك ولم يحتفل الأئمة الأربعة في يوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم – وإنما حصلت هذه البدعة المنكرة في أيام اندساس الفاطميين والعبيديين الكارهين لدين الإسلام الذين هم من صنائع ودسائس اليهود فأول من ابتدع هذه البدعة الشنيعة المعز العبيدي بل بعد ذلك جعل خمسة موالد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي رضي الله عنه وفاطمة الزهراء رضي الله عنها والحسن والحسين عليهما السلام وبعدها لك حاكم عبيدي له مولد ثم يا أيها الإخوة نحن ندعي أننا نحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم – سبحان الله نحبه يوم في السنة أين المحبة والتعظيم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم – هل المحبة والتعظيم تكمن في ذكر المدائح والأشعار بحجة أن هذا من العلم وأن هذا من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم- أين هم من ذكر غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وجهاده وصبره وتقواه وزهده وعبادته صلى الله عليه وآله وسلم –
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا ورب في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
إذا نظرت إلى هؤلاء القوم لوجدت أنهم من أكثر الناس تقصيراً في الواجبات وفي الفروض وفي السنن والتأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم – ما أكثر الفرائض التي قصروا فيها وما أكثر الواجبات التي قصروا فيها وما أكثر السنن التي قصروا فيها تظهر واضحة جلية إذا نظرت إلى مظهره فقط نظرت إلى مخالفاته من رأسه إلى أخمص قدميه وهو يخالف نبيه صلى الله عليه وآله وسلم – الذي يدعي أنه يحبه ثم ما هذه الجفوة مرة في السنة قالوا : لا نجعلها في الشهر مرة في الشهر غلط مرة في الأسبوع لابد أن يكون حياتك كلها مع نبيك صلى الله عليه وآله وسلم – لا مرة في الأسبوع ولا مرتين ولا في الشهر ولا في السنة هذا كله غلط وبعدها أيضاً من التلبيس على الناس ومن التضليل على الناس أن يقال : إن المولد مسألة خلافية ليست مسألة خلافية الخلاف الوارد فيها خلاف غير معتبر لا يلتفت إليه لا من قريب ولا من بعيد بدليل أن الإجماع قد انعقد – إجماع الصحابة رضي الله عنهم – على ترك الاحتفال بالمولد هؤلاء القوم قد يقولون هؤلاء الذين يحرمون الاحتفال بالموالد لا يحبون النبي صلى الله عليه وآله وسلم – أستغفر الله وأتوب إليه الذين لا يحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كافر خارج من دين الإسلام قد يقولون أيضاً هؤلاء يحرمون ذكر الله أعوذ بالله أن نكون ممن يحرم ذكر الله لكن ذكر الله له طرائقه ذكر الله عباده وليس مهزلة وليس مجنانة ذكر الله لا بد أن يكون ذكراً مشروعاً لا أن يكون أمراً مبتدعاً إن الذي يقول أن قضية المولد قضية خلافية هذا غلط هذا تلبيس وتضليل على الناس ثم قلت لكم إجماع الصحابة منعقد إجماع التابعين منعقد إجماع تابع التابعين منعقد إجماع الأئمة الأربعة منعقد على أنهم ما كانوا يحتفلون بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم – نأتي نحن الآن نخرق الإجماع من المقرر عند أهل السنة والجماعة أن الذي يخالف الإجماع ليس من أهل السنة والجماعة أنه يلتحق بأهل الأهواء والبدع ليش؟ لأن عندنا مصادر التلقي ثلاثة : القرآن والسنة والإجماع أسألكم يا إخوة سؤال لا تخافوا ما بيدي مسدس ولا رشاش ولا سيف الأذان مشروع وإلا لا ؟ مشروع أحسنت الأذان لصلاة العيد مشروع وإلا لا ؟ لا طيب لصلاة الخسوف لا لصلاة الاستسقاء لا طيب أيش السبب ؟ أليس فيه ذكر الله ؟ أنا سأقول لكم أنتم تكرهون ذكر الله أنتم تحرمون ذكر الله والأذان من ذكر الله والأذان يطرد الشيطان الجواب ليس كذلك هذا عمل الملبس هذا عمل المضللين على الأمة الذين لا يريدون أن تسلك صراطاً مستقيماً أقول الجواب كالتالي أن إجماع الصحابة والتابعين وأتباع التابعين قد انعقد على ترك الأذان لصلاة العيد والخسوف والاستسقاء صح وإلا ما صح ؟ فلو قال إنسان وأيش فيها ذكر الله ومن زاد زودنا له يقال : لا أنت الآن خالفت إجماع الأمة الآن المطلوب من هؤلاء الذين يبهدلون بأنفسهم تجده مثلاً يخرج عينه تجده مثلاً يطعن عينه وما شاكل ذلك أيش ذلك قالوا هذا مولد حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم – المطلوب من هؤلاء أن يأتوا بواحد من الصحابة احتفل بالمولد قالوا ما في طيب من التابعين ما يستطيعون طيب من الأئمة الأربعة وإحنا معاكم ما يستطيعون طيب من الأئمة الأربعة نحن شافعية يا عباد الله وإلا لا قابلين بالأحناف خلاص بكرة نقتلب حنفية لكن القضية وما فيها أن هذا هو التلبيس والتضليل بعينه فليس في قضية المولد خلاف معتبر أبداً
وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافاً له حظ من النظر .
هذه مسألة الخلاف فيها ضعيف وإلا لو كان العمل بالخلافات الضعيفة والله سأذكر لك أشياء يشيب شعرك لكن أقول هذا خلاف غير معتبر هذا أمر . الأمر الثاني : أننا يمكن أن نقول هذا المولد وهذا العمل الذي تقومون به علم وإلا ما هو العلم هم يقولون أنه علم ليش ما تفعلونه كل يوم ؟ الجواب أن هذا ليس علم طيب ذكر قالوا : هذا ذكر الله السؤال كالتالي الذكر عباده وإلا ما هو عباده الجواب عباده العباده هذه على المزاج وإلا ما وافق الكتاب والسنة ؟ ما وافق الكتاب والسنة يا عباد الله لو أن شخصاً قام يصلي واقف على رجل واحدة قال لأن الوقوف على رجل واحدة أتعب للإنسان وكل ما تعب الإنسان كان أجره أعظم أيش نقل له ؟ جزاك الله خير وإلا نقول له ابتدعت أنت الآن تقول له هذه بدعة يا أخي ليش؟ نقول : أولاً العبادة توقيفية هات دليلك من القرآن هات دليلك من السنة قضيتنا هذه المولد ليس لها ذكر في القرآن ولا في السنة الأمر الثاني : أن الأذكار توقيفية إذا أراد أن يدخل المسجد يقدم رجله اليسرى وإلا اليمنى اليمنى يقول : باسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث صح وإلا ما صح ؟ أيش أقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم افتح لي أبواب رحمتك أعوذ بالله العظيم وبوجه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم صح وإلا ما صح ؟ فلو كانت القضية مزاج ممكن واحد يدخل بالشمال وإلا يدخل يحبو يقول لأن الحبو فيه خضوع لله تعالى ثم يقول : سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله هذا ذكر المسجد أيش نقول له ؟ بارك الله فيك وإلا نقول له هذه بدعة هذه بدعة دخل المسجد وقال : باسم الله اللهم بارك لنا في ما رزقتنا وقنا عذاب النار ما شاء الله تعالى هذا من الذاكرين لله والذاكرات هذا ليس محله هنا لو صلى الإنسان صلاة العيد اليوم قال : خلينا نصلي صلاة العيد من الآن عشان لما تجيء صلاة العيد نرقد تصح وإلا ما تصح ؟ ما تصح لأنه ماذا يشترط فيها الزمان زمانها ما قد جاء كذلك المكان لو أن إنسان وقف في جبل صبر بدل الوقوف بعرفات يصح وإلا ما يصح؟ إذاً يشترط فيها المكان كذلك الكيفية أيضا لو إنساناً قدم السجود قبل الركوع تصح صلاته وإلا ما تصح ؟ لأن الكيفية اختلفت الآن هذه كلها ضوابط ذكرها العلماء في العبادات أنه لابد العبادة توقيفية يشترط فيها الزمان والمكان الهيئة والكيفية العدد إلى آخر ذلك هذه كلها شروط معتبرة ثم في المولد إضافة إلى الشركيات من الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم – أنا أذكر لكم أمثلة في مديح النبي صلى الله علية وآله وسلم – يقول صاحب البردة :
وإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
هذا يصلح للنبي صلى الله عليه وآله وسلم – وإلا لله هل النبي صلى الله عليه وآله وسلم – يعلم الغيب ؟
((وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))
سورة الأعراف آية (188) قال تعالى (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)) سورة النمل آية (65) يسأل السؤال ربما انتظر أسبوع أو أسبوعين ما عنده علم ويقول أيضاً
يا أكرم الخلق من لي ألوذ به إلا سواك عند حدوث الحادث العم مي
أنت تلوذ عند حدوث المشاكل بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم – وإلا بالله أنظر أيش يقولون ؟ هؤلاء تأدبوا مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم – كان الصحابة رضي الله عنهم – لا يقومون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم – مع حبهم الشديد له صلى الله عليه وآله وسلم لعلمهم لكراهيته لذلك عن أنس قال : لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك))[5] وفي المولد يقومون هذا احترام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم – من أفضل هؤلاء وإلا الصحابة
الجواب لا شك أن الصحابة رضي الله عنهم – لكن هم مرحباً يا نور عيني مرحباً يا جد عيني وقاموا أيش في ؟ قالوا : حضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وهذه طامة كبرى يا عباد الله القضية تحضير أرواح القضية نرمي بالشبك إلى المدينة المنورة من أجل أن نأتي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم – مرة أنا سألت واحد قلت له : يا أخي فعلنا في تعز عشرة موالد وخمسة في صبر في آن واحد قلنا حضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم – مرحباً يا نور عيني مرحباً يا جد الحسين عند من يحضر ؟ في آن واحد هذه مشكلة وإلا لا ؟ مشكلة هذه عند من يحضر عند هذا وإلا عند هذا وإلا عند هذا الجواب قال: والله ما أدري وللأسف الشديد يا إخوة واحد فعل نكتة بغض النظر أنهم صلحوا حضرة حضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم – طفئوا السرج ودخلوا حمار في المجلس وأحضروا المدائع والقات وال كندة قالوا : حضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم – تفسحوا وأضاءوا السرج وإذا به صاحبنا وهذه يا إخوة والله وقاحة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لعبة يتلاعبون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم – يوم يحضر هنا ويوم هنا يوم في مصر ويوم في كذا أتعبناك كل يوم في مكان كيف سوى كيف يفعل ؟ مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم – ما كان يفعل ما يفعله هؤلاء الذين يدعون أنهم من أصحاب الخطوة الذين لا يحضرون بيوت الله تعالى ولا يصلون مع المسلمين أين فلان ؟ ليش ما يصلي في المسجد ؟ قالوا : مسكين أنت تصلي في المسجد هذا يخطو خطوة ويصلي بالحرام والله هذا ما حصل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم – سار صلى الله عليه وآله وسلم – من المدينة إلى مكة بالحج ثمانية أيام في الحر هو وأصحابه ولو كانت القضية في حاجة اسمها خطوة لكانت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم – وإلا أنا غلطان كان يقول لهم أنا أسبق وأنتم ألحقوني وإلا لا ؟ أنتم سادات الأولياء ليش عاد تحملون معكم الحمير والبغال والطعام والشراب وما شاكل ذلك باسم الله خطوة واحدة ونحن في الحرم خطوة ثانية ورجعنا لكن لا هذا على كل حال تضليل وتلبيس على هذه الأمة فأنا أقصد أن مثل هذه المخالفات بل أشنع من هذا أنا أتعجب من أناس يحبون بيوت الله تعالى – أن يجعلونها مثل الأسواق بل أسوأ من الأسواق أنا أتعجب كيف أن الناس يسمحون أن المساجد يفعل فيها مثل هذا الكلام ما كنا نعرف بدعة يفعل فيها مولد في بيوت الله تعالى هذه بدعة كانت محصورة ومعروفة في بعض البلدان وانتقلت إلى بعض مدن حضرموت والآن يريدون أن يعيدوها حية جذعه في هذه المدينة المباركة لا لا لا يجب على العلماء والدعاة إلى الله تعالى بل عامة الناس أن يحاربوا هذه البدعة المنكرة الشنيعة وتغلق دونها بيوت الله تعالى يقال لهم هذه بدعة منكرة بل هذا من أشنع المنكر لأن هذه دعوة إلى البدع والمبتدعة على صنفين شخص مبتدع في ذاته ما لنا وله لا نتكلم عليه لكن شخص يعلم الناس ويدعوهم إلى الابتداع ويرغبهم في ذلك هذا في الحقيقة منكر عظيم ما كان العلماء ليسكتوا على مثل هذه المنكرات في الزمن الأول بيوت الله يجب أن تنزه وأن تعظم ثم نقول لهم أيضاً ما تصنعونه في المساجد ليس له لا حنة ولا طنة أين الدفوف أين الطبول دخلوها المساجد باسم الله واضربوا الدفوف من أن يكون المولد بطيبة نفس أنتم تعرفون أن الموالد في البيوت يصلحون فيها دفوف وإلا لا ؟ طيب ليش ما ندخل هاش المسجد وإلا حرام نقول إن هذا العمل بدعة حيثما كان لكن إنسان يتخفى ببدعته في بيته ما أمرنا أن نذهب وننقب عليه أما في بيوت الله فلا بيوت الله يجب أن تعظم والله تسمع المساجد وأنت خارج تقول ما شاء الله هذه زفة عروس والله بعض الكلام أناشيد كأنها زفة عرس المساجد يجب أن تنزه وعلى عامة الناس تبعة والله لن تخلو من التبعة ما تقولون نحن عامة وليس في يدنا شيء والمسألة على العلماء وطلبة العلم لا أنتم تكثرون سواد هؤلاء الناس أخرج خذ نعلك وتوكل على الله ليس هذا من السنة وليس هذا من دين الله عز وجل – يعني إن كان القضية إكراه وإجبار أنت لست مكره هل في أحد أمسكك وقال لك تربط هنا وفعلك سكاريب إلا اجلس معنا بالقوة خذ نعلك وتوكل على الله ليس هذا من الذكر وليس هذا من السنن وليس هذا من تعظيم بيوت الله تعالى – يقول صلى الله عليه وآله وسلم ((ليليني منكم أولوا الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم و لا تختلفوا فتختلف قلوبكم وإياكم وهيشات الأسواق))[6] هذه الهيشات تعودناها بجوار البيوت لمن يزوج واحد نرح نهيج له ساعة وإلا نص ساعة من أجل أن يفرح مع أن المسألة عاد فيها نظر لكن نقول : خلاص نحضر من أجل أن نسعده ونفرحه لكن بيوت الله تعالى لا هذا في الحقيقة منكر نتحمل جميعاً مسئولية إزالته جميعاً طلبة علم وعلماء وعامة ونحذر من التلبيس والتضليل أن هذا من العلم وأن هذا من الذكر . الخلاصة في هذا يا أيها الإخوة الأفاضل أن دين الله تم وأن مثل هذه البدع والضلالات ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - ولا الصحابة رضي الله عنهم ولا التابعين ولا الأئمة الأربعة لا من قريب ولا من بعيد وإنما فعلها أعداء الله تعالى الباطنية الذين أرادوا أن يخربوا دين الله وأن ينشئوا دولة باطنية على أنقاض دولة الإسلام في ذلك الوقت لكن العلماء تصدوا لهذه البدع والخرافات وبينوا ضلالها .
أسأل الله تعالى أن يأخذ بأيدينا أجمعين إلى دينه وأن يبصرنا بالحق وأن يجعلنا من أنصاره ودعاته اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.
[1] – البخاري 2/959
[2] – مسلم 4/2298
[3] -البخاري 4/1539
[4] – البخاري 4/1853
[5] – سنن الترمذي 5/90
[6] – سنن الترمذي 1/440


رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=1240


المولد النبوي ميلاد حكومة راشدة

0909181657477d2u.jpg شهر ربيع الأول من كل عام يذكرنا بحدث عظيم حدث في هذا الكون كان نقطة فارقة وفاصلة سطر التاريخ في ذلك اليوم كلماته وأحرفه بنقاطها من نور ذلك التاريخ الذي لن ينساه بشر ولن يطمس من أذهان الناس عربهم و عجمهم .
المولد النبوي ميلاد حكومة راشدة
العناصر:
1- شهر ربيع الأول نقطة فاصلة 2- إقامة الشعب الراشد 3- العدل وأغراضه 4- الحكم الراشد وأغراضه 4- أمثلة من التاريخ.

إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً ((وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) سورة النساء آية (1).
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (710-71).
أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ولك ضلالة في النار في النار.
ثم أما بعد فشهر ربيع الأول من كل عام يذكرنا بحدث عظيم حدث في هذا الكون كان نقطة فارقة وفاصلة سطر التاريخ في ذلك اليوم كلماته وأحرفه بنقاطها من نور ذلك التاريخ الذي لن ينساه بشر ولن يطمس من أذهان الناس عربهم و عجمهم .
إنها نقطة فارقة بين الشرك والإسلام بين الهدى والضلال إنها نقطة فارقة في حقوق الإنسان ونقطة فاصلة وفارقة بين الحكم الجائر والحكم العادل إنها نقطة فاصلة بين الدين الحق والدين الباطل إنها نقطة فاصلة بكل ما تحويه الكلمة من معنى ذلك لأن الكون انقلب ظهرا على بطن يوم ولادة محمد صلى الله عليه وسلم فلقد حجبت السماء بالشهب فلم تقو الجن على استراق السمع ولقد أطفئت نيران أولئك اليهود المجوس الذين كانوا يعبدونها من دون الله عز وجل.
ولقد تحول هذا الكون كله في تلك اللحظة حتى إن القلوب القاسية تحولت إلى قلوب في غاية الرحمة فهذا أبو لهب يعتق جاريته لأن جاريته قد بشرته بميلاد محمد صلى الله عليه وسلم هذا النقطة الفاصلة لقد كانت نقطة فارقة في تحول مجريات الأمور على ظهر هذا الكون لقد ارتعد الباطل واضطرب الظلم واضطرب أولئك السادة الذين كانوا يتحكمون بالضعفاء والمساكين و الذين كانوا يضطهدون عباد الله تبارك وتعالى كل ذلك خوفا على أنظمتهم التي صنعوها بأيديهم تلك الأنظمة الجائرة التي استحلت ما حرم الله تبارك وتعالى.
التي اضطهدت الإنسانية التي احتقرت المرأة وجعلتها سلعة تباع وتشترى ويتمتع بها فإذا انتهت صلاحيتها رميت في الزبالة وإذا مات سيدها انتقلت إرثا إلى الأبناء وإلى الأعمام وإلى غيرهم يتوارثونها فيظلمونها من أجل أن يأخذوا مالها و لا يتعاملون معها كإنسان له حق الوجود وله حق التصرف وله حق الحياة .
ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم نقطة فارقة في بناء الحكم الراشد وفي بناء المجتمع الراشد الذي يدعم هذا الحكم الراشد والذي يقوى على أن يقول كلمة الحق والذي يقوى هو بالتالي أن يتقبل كلمة الحق والذي يحمد الله عز وجل على أن له من يقومه ومن يسدده لأنه يخاف الله عز وجل رب العالمين كانت الحياة قبل النبي عليه وسلم في غاية الظلم وفي غاية الجور تسلط الكبراء على رقاب الضعفاء فالضعفاء عبيد بين أيديهم يتصرفون فيهم كيفما يشاءون وهم وما يملكون إن كانوا يملكون ملكا لأولئك السادة وأما أولئك الضعفاء فلا يمتلكون شيئا هم وأزاوجهم وأبناؤهم عبيدا لتلك الطغمة التي كانت تملكهم وتحكمهم بشريعة الغاب لا بشريعة القانون وإن سطروا قوانين وضعية كتبت أو هي في أِذهانهم فإنها في غاية من الجور والظلم.
ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم كان نقطة فارقة ارتعدت جميع الأنظمة يوم مبعثه صلى الله عليه وسلم يوم قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2)))سورة المدثر الآيات (1-2).
ويوم قال الله له: (( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)) سورة الشعراء آية (214).
ويوم أن قال الله: ((فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ )) سور الحجر آية (94).
في ذلك اليوم خاف أولئك الطغاة على عروشهم خاف أولئك على مناصبهم وخافوا على مكانتهم وخافوا على شعبيتهم فبدأوا يحيكون المؤامرات لقتله ولما لم يفلحوا بدأوا بالتنازل الأول وهو أن يلتقوا في مفرق الطريق يعبد ألههم سنة ويعبدون ألهه سنة ولما لما يفلحوا في هذا قدموا التنازل تلو التنازل ولكنه بقى صامدا صلى الله عليه وسلم قائلا لهم : (( أترون هذه الشمس ؟ قالوا : نعم قال : ما أنا بأقدر أن أدع لكم ذلك على أن تشعلوا لي منها شعلة قال : فقال : أبو طالب : ما كذبنا ابن أخي فارجعوا ))[1].
وقال : ((يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فان أصابوني كان الذي أرادوا وان الله أظهرني عليهم دخلوا في الإسلام وافرين وان لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فما تظن قريش ؟ فو الله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله حتى يظهرني الله أو تنفر هذه السالفة))[2]
علم أولئك أنهم سائرون على خط معوج أنهم سائرون على حكم جائر ظالم يعطي جميع الصلاحيات لفئات من الناس يتصرف كيف يشاء في الأموال وتتصرف في إدارة الحروب وإقامتها وتتصرف في كل قضية من القضايا كيفما تشاء دون رقابة ودون رقيب لكنه صلى الله عليه وسلم .
ابتدأ أولا بإقامة الشعب الراشد الذي يقوم بجواره والذي يحمي دعوته ويتمحور حول قضية من القضايا التي هي المحك والتي هي القضية الأساسية التي ينطلق الناس من أجل تحقيقها لأنها تعود عليهم بالعدالة وتعود عليهم بالحرية وتعود عليهم بالمساواة وتعود عليهم بأن تصل الحقوق إلى أهلها .
تلك القضية هي قضية الإسلام الحكم الراشد أيها الإخوة الكرماء:
إنها نتيجة وليست مقدمة المقدمة هي بناء القاعدة التي تحمي هذا الكيان والتي تسعى لتشييد أركانه ولذلك حق لذلك الصحابي أن يقول : (( ولقد رأيتني وأنا ثلث الإسلام))[3] .
شخص واحد يعد نفسه ثلث دولة فإذا كان قول الله تعالى: ((كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) سورة البقرة آية (249).
يعني بها ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ينصرهم الله عز وجل مع كثرة المشركين فهي قضية نسبية إذن فهكذا في زماننا القضية نسبية المهم أن توجد المقدمة أولا وهي أيجاد الشعب الراشد والقاعدة الرشيدة التي تحمي مثل هذه الفكرة والتي تتبناها.
وكان والآخر يقول :((ولقد رأيتني وأنا ربع الإسلام وأنا سابع سبعة في الإسلام )) .
حق لهم ذلك فقد كانوا الأسس والقواعد والدعائم لبناء هذا الإسلام الذي جاء من أجل حقوق الإنسان وإرساء حقوق المرأة والمساواة وغير ذلك وأعطى التصرف في الحرية والحرية في التعبير وغير ذلك من القضايا التي تنادي بها اليوم كل الأنظمة الموجودة على ظهر الأرض وإن كان أحيانا لها مآرب أخرى من وراء ذلك سواء تحقق أو لم يتحقق إننا لو تصورنا أيها الأخوة الفضلاء: هرما فإن الحكم الراشد هو في قمة الهرم وأما أسفله فيه القاعدة التي يتدرج من خلالها للوصول إلى ذلك ومن هنا كان لا بد من أقامة هذه القاعدة التي تحمل هذا الهم كما تكون هذا القاعدة يولي عليها وقد قيل قديما (( كيفما تكونوا يولى عليكم)) .
لقد أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا البناء القوي وهذه القواعد القوية التي تحمل هذه الفكرة وتتبناها وظهر ذلك جليا في خلافة عمر رضي الله عنه يوم أن لم يستح عمر أن صعد على المنبر كما روي عنه فقال: أيها الناس إن وجدتم فيّ اعوجاجاً فقوموه فيقول له رجل من المسلمين : (( والله لو وجدنا فيك اعوجاجاً لقومناه بحد السيف )) فيغتبط عمر ويرضى ويحمد الله على ذلك؟
ولم يقل للقاعدة العريضة ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد بل قال :لو رأيتم في أعوجاجا فقومني فقالوا لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناك بهذا السيف هذه هي المعارضة الحقيقة التي تنطق بالحق للحاكم الراشد وتعدله وهكذا ليس المقصود من الحاكم الراشد أن يعترف بخطئه ولا أن يعدل قراراته ولكن المقصود هنا أن توجد القاعدة الصلبة القوية التي تجرؤ على أن تقول الحق وألا تحني جباهها وظهورها للظلم والضيم بل إنهم لم يتعرضوا على هذا القائل وهذا القائل يمثل فئة وشريحة من الناس ما قاموا يصرخون في وجهه وما قاموا يسكتونه بل أقروه على مثل هذا الكلام .
أيها الأخوة الفضلاء: عمر في موضع آخر وهو المتخرج من مدرسة رسول لله صلى الله وآله وسلم يخطب خطبة بليغة حينما رأى أن الآباء قد تغالوا في المهور وحينما رأى عزوف الشباب عن الزواج فقام من أجل أن يحد من هذه الظاهرة فقامت له امرأة من سطة النساء في وسط المسجد في حشد من الناس ذكورا وإناثا معترضة عليه بقولها: يا عمر لم تمنعنا شيئا أباحه الله عز وجل لنا قال: كيف ذلك.قالت ألم تسمع إلى قول الله تعالى : ((وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً )) سورة النساء آية (20).
هل قام الجيش لحبسها هل أودعوها في السجون هل كمموا فمها.
إنه ترك لها الحق وأعطاها حرية التعبير عن نفسها بل كان شجاعا فاعترف بالخطأ وقال أمام الملأ : أصابت امرأة وأخطأ عمر لم يثر الشعب عليها ولم يثر الجيش عليها ولم يأمر القائد بإلقاء القبض عليها ويزجها وراء القضبان ولكنه تجرد واعترف بالخطأ الذي تلاه بعد ذلك التنازل عن مثل هذه القضية.
أيها الأخوة :
إذا وجد الحكم الراشد ولم يوجد الشعب الراشد فإن هذه قضية آنية تزول بزواله تكون القضية مرتبطة به لو وجد حاكم عادل ونفذ العدل في جميع المجالات لكن لا توجد القاعدة الصلبة التي تحمي هذا الحكم الراشد فبزواله وموته يزول الحكم الراشد ويعود الظلم كما كان وهذا مثاله كما كان الحال عليه قبل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لقد فشا الظلم وأخذت أموال الناس وكان الناس في سكوت وفي وجوم فلما جاء عمر بن عبد العزيز أعاد الحقوق إلى أهلها وفاض المال لدرجة أنه كان صاحب المال يطوف بماله بالمدينة كلها لا يجد فقيرا فاض المال زمنه لكن بمجرد أن زال عمر زال الحكم الراشد وعاد الأمر إلى أسوأ مما كان عليه ولقد وجد بالعكس شعوب عندها شيء من الرشد والنضج كما الحال في ألمانيا على سبيل المثال بسقوط حكومة تلو حكومة وبقي الشعب راشدا وينمو رشده كما ينموا الصبي الصغير.
إن الشجرة الطيبة تؤتي ثمارا طيبة وإن الحكم الراشد هو ثمرة من ثمار الشجرة الطيبة الذي هو الشعب الراشد.
والقاعدة الرشيدة ولو جاءت الثمار أحيانا غير جيدة في عام من الأعوام فإنها في الأعوام التالية قد تأتي أفضل مما كانت عليه بإذن الله عز وجل .
إن قضية مهمة أيها الإخوة :
وهي قضية تهم كل فرد وهو أنه لا بد من الشجاعة والصراحة النفسية ولا بد أن نصارح أنفسنا ولا بد أيضا أن نشخص داءنا حتى يشخص لنا الدواء الناجع النافع بإذن الله عز وجل وهذه الصراحة هي أن ننظر في حالنا وننظر في ذواتنا هل نحن راشدون هل نحن خالون من الأمراض والأسقام هل نحتاج إلى علاج أم أننا لا نجرؤ ولا نتشجع على أن نصارح أنفسنا وعلى أن نجلد أنفسنا جلدا ذاتيا بناء وعلى ألا نرمي بالتبعة على غيرنا .
إن النفس البشرية حين يقول لها شخص فيك كذا و كذا فيك عجب فيك كبر فيك بخل فيك كذا تستنكف النفس البشرية إلا من هضم نفسه إلا من أراد أن يقوم نفسه وأن يصحح مساره لذلك من السهولة أن نرمي بالتبعة على الغير ونقول هذا بسبب كذا وهذا بسبب كذا وهذا بسبب الأعداء في الخارج أما أن تقول: إن الداء فينا فهذا ما يندر حدوثه إن القرآن دائما يرجع القضية إلينا نحن فإذا كنا معافين من الله عز وجل من هذه الأسقام والأمراض فهو نوع ابتلاء من الله عز وجل لذلك ذكرتكم في خطبة مضت في عزوة أحد الصحابة كانوا يبحثون بعد أن غلبوا وتحولت مجريات المعركة إلى هزيمة كانوا يبحثون عن تبعة يرمون سبب نكستهم عليها من أين أتينا؟
لماذا ؟؟
فأنزل الله سبحانه ((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) سورة آل عمران آية (165).
إذا أنتم السبب والمرض فيكم.
عليكم أن تعالجوا أنفسكم هذه بداية الطريق بل بداية أن صح التعبير خارطة لطريق لإيجاد قاعدة رشيدة تتحمل الفكرة قديما أيها الأخوة الفضلاء الحكم الشيوعي الشمولي تبنى فكرة الإشتراكية وبلورها في عقول الناس وضخها إلى قلوب الناس فتحملها الناس عن وعي وغير وعي فقام الحكم الاشتراكي وعم كثيرا من الحكومات خارج الاتحاد السوفيتي سابقا قديما أيضا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة والتابعين الفكرة المتبلورة التي تمحور الناس حولها هي الإسلام هي العدالة هي المساواة هي الحرية كل هذه القضايا تمحورت في الإسلام وتبلورت في أفكار الناس وغذي بها الناس فقام الناس بحملها حتى قام الإسلام بإذن الله عز وجل الديمقراطية اليوم أمريكا وغيرها بنوا هذا النظام تبنوا هذا الدين حشدوا في أذهان الناس حمسوا الناس من أجله صدروه إلى دول العالم بأسره دعموا المتحمسين لمثل هذه الفكرة وبالتالي فإن القضية اليوم وطنية ديمقراطية لكن قضيتنا كمسلمين هي قضية الإسلام التي تشمل جميع الحقوق التي يتنادى عليها البشر على ظهر هذا الكون من حرية التدين من حرية الرأي من حرية المعتقد حرية التصرف المساواة في الحقوق والواجبات بين الناس رؤساء ومرؤوسين مقربين ومبعدين .
الإسلام كله يدعو لمثل هذه القضايا .
أيها الإخوة:
أذا لا بد من الوعي لمثل هذه المسائل ولا يجوز لنا أن ننظر إلى المشاكل نظرة جزئية إن النظرة الجزئية هي شكل من أشكال المرض لكنه بطريقة أخرى كمن يشعر بصداع فإذا أعطي مسكنات سكن الصداع لكن لم تعالج القضية .
الصداع هذا لا بد أن يعالج سببه فقد يكون بسبب الأذن قد يكون بسبب الحنجرة أيضا أو اللوزتين قد يكون بسبب الانفعالات قد يكون بسبب القولون قد يكون بسبب الآم أسفل الظهر وقد يكون أسفل القدم قد يكون وقد يكون.
إذا المسكن ليس بعلاج ومثل هذه الظواهر التي ينظر الناس إليها نظرة جزئية .
الظلم غلا الأسعار انتفاء المساواة كبت الحريات .
ولو نظرنا إليها نظرة جزئية لم تعالج المشكلة من الأساس وهذه الظواهر لا يمكن فصلها عن بعضها ليس كخليط من الأجزاء يمكن فصلها عبر المختبرات والمواد الكيميائية بل بمعنى أن هذا الجزء المريض لا يمكن أن يفصل عن بقية الأجزاء الصحيحة فهي مترابطة لا بد من حل القضية حلا جذريا.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
أيها الإخوة الفضلاء: إن العالم اليوم بأسره مسلمه وكافره يسعى لتحقيق الحكم الراشد هذا الحكم الراشد بغض النظر كونه دينينا أو غير ديني المهم أنهم يطالبون بأشياء مشروعة شهد لها القاصي والداني شهد لها الأصدقاء والأعداء كلهم يسعون ويطلبون بإقامة هذا الحكم الراشد الذي يكفل الحريات ويكفل الحقوق ويعيد الأمور إلى نصابها وإن إعادة الناس إلى الرشد يمكن تقسيمه إلى قسمين:
قسم إعادة تأهيل وقسم بناء جديد والبناء الجديد أسهل من إعادة الترشيد لأن البناء الجديد يمكن أن نشبهه بالطفل الصغير الذي ينموا مع السلوكيات والأخلاقيات فيأخذها بتسليم .
لكن من أريد إعادة تأهيله من الصعوبة بمكان ولهذا فإن على كل إنسان تقع المسئولية في إعادة تأهيل نفسه لحمل هذه الفكرة التي صار الكون كله اليوم يتبناها.
إن الناس تأنف من الظلم وتأبي الضيم وترفض الديكتاتورية وتحب أن يعطي الناس وتطلق لهم حرياتهم الشرعية والحريات إذا أطلقت أريد بها الحريات الشرعية التي تتوافق مع شريعة الله عز وجل لا التي تتصادم معها إن الحكم الراشد جوهر الإصلاح وهو لازم من لوازم الإيمان قال الله تعالى: ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً )) سورة النساء آية (65).
العدل : ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) سورة النحل آية (90).
((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)) سورة النساء آية (58).
((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)) سورة ص آية (26).
والعدل واجب وفريضة شرعية قال الله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)) سورة النساء آية (58).
وقال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)) سورة النساء آية (135).
والعدل له أعراض فمنها نشر الرخاء بين الناس أن ينشر الرخاء ويعم الرخاء في جميع المجتمع لا أن يبقى في طبقة مخصصة من الناس فهذا هو عين الظلم.
تأمين الطرق : من أغراض العدل أن تأمن الطريق فيأمن الإنسان على نفسه وعلى ماله وعلى عرضه ومن أغراض العدل أيضا أن يرتفع الظلم والخوف فيحكم بالعدل بين الناس ولا يخاف الإنسان أن يقول كلمة حق ولا يشهد بالحق ولا أن ينطق بالحق.
من أغراض العدل أيضا أن يثق الناس يشرع الله عز وجل إذا رأوا العدل المنبثق من شريعة الله عز وجل فإنهم يثقون بالشرع .
أما أولئك الذين يتمسحون بالشرع ويحكمون بغير ما أنزل الله تعالى ويظلمون الناس ويرتشون من أجل التغير والتزوير والتبديل فهؤلاء أفقدوا الناس ثقتهم بشريعة الله عز وجل وهم جزء لا يتجزأ من المرض الحاصل اليوم في العالم الإسلامي على وجه الخصوص .
ثانيا: من أغراض الحكم الراشد المساواة في الحقوق والواجبات وهذا مطلب أساس تطلبه جميع الشعوب ومن أغراض المساواة في حق الحياة والوجود فلا يحيا قسم من الناس ويموت القسم الآخر عبد هنالك أنظمة كانت تبيد نصف الشعب ليحيا النصف الآخر عبدا للطغمة الفاسدة لكن من أغراض المساواة الحق في الحياة والوجود ثالثا: النسب المساواة في حق الانتساب وهذا ما يعبر عنه شرعا بحفظ النسل أيضا حق الملكية فلكل إنسان الحق في أن يملك، بعض الأنظمة تأتي إلى أملاك الغير فتسيطر عليها وتطرد أصحابها كالنظم الاشتراكية على سبيل المثال تستولي على أموال الناس وتصيرها في حد زعمها للشعب هذا أمر مرفوض هكذا أيضا التسلط و التنفذ على أملاك الغير وضمها لفلان أو علان هذا ليس من المساواة في شيء.
من أعراض المساواة المساواة في حق الملكية والمساواة في حق التعبير فيما يتوافق مع شريعة الله عز وجل أما حق التعبير المصادم للشرع فمرفوض الحق السياسي أيضا لك الحق في أن ترشح وأن تترشح لك الحق أن تقول كلمة الحق ولا تخاف في الله لوم لائم الحق في القضاء والمقاضاة فلك الحق أن تقدم دعوة ضد فلان أو علان لك الحق أن تستخرج الحكم الشرعي الذي إما أن يكون لك أو عليك لا أن تقبل فلان وترفض دعوى الآخر.
إن المساواة أيها الأخوة لا تنافى مع التعامل فإذا كان الإسلام لم يسو بين المسلمين ذكورا وإناثا وعالما وجاهلا وفاضلا وغير فاضل كما قال صلى الله عليه وسلم ((أَقِيلُوا ذَوِى الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ الْحُدُودَ))[4] .
وإن كان من أهل العلم من يعترض رفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام : ((أَقِيلُوا ذَوِى الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ الْحُدُودَ))[5] . يعني الشخص الذي لا يعهد عنه السقطات والعثرات إذا وقع في عثرة يقال فيها لا أن يشهر فيه لا أن يتكلم فيه فهي عثرة لا يكاد يخلو منها إنسان هكذا الشريعة أيضا فرقت بين الوالد و الولد فالوالد لا يقاد بولده إذا قتل الوالد ولده فلا يقاصص به فرقت بني الذكر والأنثى ((…وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى…)) آل عمران آية (36).
وكذا في المواريث وجعلت الحق في مسك زمام الأمور في الأسرة للرجل ليس للمرأة جعلت الولاية للأب أو للأخ الأكبر أو ما شابه ذلك من الأقربين في الولاية وليس للمرأة الحق في أن تزوج نفسها وهكذا فالإسلام لم يسو بين الذكر والأنثى ولا بين صغير والكبير ولا العالم ولا الجاهل إلى آخر ذلك فكذلك أيضا لا يسوي بين المسلم والكافر فلا يقاد المسلم بكافر و المسلم له حقوقه في الإسلام والكافر له حقوقه وعليه واجبات وأخرى ليست واجبة على المسلم .
وإن كانت الديمقراطية العربية تتهم المسلمين بأن عندهم تمييز عنصري فهذا تمييز شرعي يشهد الواقع في دول الغرب بوجود مثل هذه الفوارق بين طبقات الناس هذه موجودة وهذه فطرة الله عز وجل التي فطر الناس عليها ومن هنا فإن الإسلام جاء من أجل إرساء دعائم العدالة والمساواة .
الضمانة الثالثة للحكم بالعدل الحرية أن يعطي لكل إنسان الحرية في أن يعبر عما يعتقده شريطة أن يكون متوافقا مع شريعة الله عز وجل .
والحمد الله رب العالمين
[1] – مسند أبي يعلى 12/176

[2] – المعجم الكبير 20/15

[3] – البخاري 3/1324

[4] – سنن أبي داود 3/232

[5] – سنن أبي داود 3/232


رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=580