الخطبة الثانية من رمضان(شيء من أحكامه).

علي الفضلي
1431/08/23 - 2010/08/04 19:22PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
أيها المؤمنون عباد الله :
ها نحن بعد أيام قلائل سنستقبل شهرا عظيما من أشهر الله عز وجل ، شهر تغلّق فيه أبواب النيران،وتفتح فيه أبواب الجنان ،وتصفد فيه الشياطين ،حثا للعاصي على التوبة ، وترغيبا للمطيع على مزيد من العمل الصالح والأوبة .
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة-رضي الله عنه- أنّ النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:
(إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة ،وغُلّقت أبواب النار،وصُفّدت الشياطين).
تُصفد الشياطين بالأغلال والسلاسل فلا يخلصون إلى إفساد الناس كما كانوا يخلصون إليه في غيره، لاشتغال المسلمين بالصيام الذي يكون فيه قمع الشهوات ، وإكثار الطاعات.
عباد الله :
تكلمنا في الخطبة الماضية عن فضائل رمضان ،وفي هذه الخطبة نتكلم عن شيء من أحكامه .
صوم رمضان واجب على كل مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم ،وتزيد المرأة : أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس.
فالكافر لا يقبل الصوم منه ، لقوله تعالى : {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله}.
بالغ عاقل ،فلا يجب على الصبي ،ولا المجنون ، ففي جامع الترمذي وعند أبي داود في سننه عن علي عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:
(رُفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ ،وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل).
صحيح مقيم ،لأن المريض والمسافر لا يجب عليهما الصوم ، إلا إذا أقام المسافر ،وصحّ المريض ، قال الله تعالى :
{ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}.
أما المريض الذي لا يُرجى برؤه ، والشيخ الكبير والشيخة اللذان لا يستطيعان الصوم ، وكذلك الحبلى والمرضع إذا عجزوا عن الصيام أفطروا وأطعموا مكان كل يوم مسكينا ،ولا يقضون ،لقوله تعالى :
{وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}.
والمرأة أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس ،لما جاء في الصحيحين من حديث النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
(أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم؟).
وعليها قضاء الصوم إذا طهرت ،لحديث معاذة عن عائشة-رضي الله عنها- في الصحيحين قالت:
(كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة).
أيها الإخوة المسلمون: ما هي أركان الصوم ؟
للصوم ركنان :
الأول : النية ؛ لقوله-صلى الله عليه وسلم –كما في الصحيح : (إنما الأعمال بالنيات).
وتجب النية من الليل قبل طلوع الفجر ، للحديث الذي أخرجه أصحاب السنن إلا ابن ماجه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- :
(من لم يجمعِ الصيام قبل الفجر فلا صيام له) ، وفي رواية (لا صيام لمن لم يفرضه من الليل).
والنية هي أن ينوي بقلبه صيام النهار لوجه الله تعالى ، فالنية محلها القلب ، ولا عمل للسان فيها .
والركن الثاني: هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس ، والمفطرات هي:
1- الأكل والشرب عمدا ،جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه ،-واللفظ لمسلم- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:
(من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه،فإنما أطعمه الله وسقاه)؛ وقال الله تعالى في كتابه الكريم :
{وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل}.
2- الجماع : وهو التقاء الختانين ، أي: إيلاج الذكر في الفرج ، ،وهذا هو أعظم المفطرات ذلك أنه تلزم فيه الكفارة المغلظة وهي:
عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ، ومع الكفارة فإنه يقضي ذلك اليوم بعد رمضان.
قال الله تعالى:
{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم –إلى قوله تعالى- : { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل}.
3- الاستمناء عن مباشرة في يقظة ،بخلاف الاحتلام نهارا فإنه لا يؤثر في الصوم ، للحديث القدسي الذي في صحيح البخاري :
(يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي).
4- القيء عمدا ،للحديث الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال النبي-صلى الله عليه وسلم- :
(من ذرعه القيء فليس عليه قضاء،ومن استقاء عمدا فليقض).
5- نزول دم الحيض والنفاس على المرأة في أي لحظة من لحظات النهار ،وهذا بالإجماع ، وللحديث الذي مرّ معنا :
(أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم؟).
وهذه المفطرات كلها عدا الحيض والنفاس لا تفَطّر فاعلها إلا إذا كان عالما ذاكرا مختارا لقوله-صلى الله عليه وسلم- :
(إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه). أخرجه ابن ماجه والبيهقي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-.
والحمد لله رب العالمين.
المشاهدات 4751 | التعليقات 2

يرفع........


يرفع لمناسبته .