الخطباء والفصحى ...
عبدالله البصري
وما زال علماؤنا قديمًا وحديثًا يحرصون على تعليم أبنائهم اللغة الفصيحة ، ضمانًا لاتصالهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم وتراث أمتهم ، ولذا فقد جعلوا تعلم النحو والصرف والبلاغة وسائر علوم اللغة من فروض الكفايات التي يجب أن ينبري لها من الأمة من يكفي لتعلمها وتعليمها ؛ لئلا تغدو نصوص الكتاب والسنة رموزًا يصعب على المسلمين فهمها ، أو يفهمونها على غير المراد منها ، أو تصل بهم الحال إلى أن تستغلق عليهم فلا يعون منها شيئًا ، فتزل بهم القدم بعد ثبوتها ويخسرون .
وقد علم المستعمر الحاقد هذا الأمر فعمل على كل ما من شأنه قطع الصلة بين المسلم ولغته الفصحى ، وذلك بطرق شتى ليس هذا مجال ذكرها فضلاً عن التوسع فيها .
وقد وجدت دعوات أولئك الحاقدين وللأسف قبولاً لدى كثيرين إما جهلاً وإما تشربًا بأفكارهم ، واقتنع كثيرون حتى من طلبة العلم بصعوبة اللغة الفصحى ووعورة الطريق إلى تعلمها ، ووقع منهم من وقع في حبائل من زعم أن اللغة وسيلة اتصال لقضاء الحاجات بين الأفراد والمجتمعات والشعوب ، ومن ثم قالوا : إن المقصود هو التواصل بأي لغة كانت ، فصيحة أو عامية ، أو حتى أجنبية أعجمية ، ما دامت مفهومة لدى المتكلم والسامع أو الكاتب والقارئ .
ونحن نسلم لهم في ذلك في غير العربية ، أما العربية التي هي وعاء كتاب الله وسنة رسوله فلا وألف لا .
وليت شعري أي جيل سيخرج لنا إذا نحن تهاونا بلغتنا الفصحى ، ورضينا بخليط من اللهجات العامية واللكنات الأعجمية ؟! هل سيفهم ذلك الجيل مراد الله ومراد رسوله ؟!
فيا قومنا عامة ، ويا خطباءنا خاصة ، يجب علينا حمل لواء العودة إلى الفصحى نحوًا وبلاغة وأدبًا ... إلخ .
يجب علينا استهال الصعب في ذلك الشأن حتى ندرك المنى .
اكتبوا خطبكم بأرقى الأساليب ، وخاطبوا مستمعيكم بأجمل العبارات وأرقى الكلمات ، وَسِّعُوا ثقافتكم اللغوية ، ونوعوا أساليبكم وزاوجوا بينها ، واجعلوا للمستمع فرصة ليتذوق جمال لغته .
إن من النقص أن ترى الخطيب في خطبته وكأنه صحفي يكتب خبرًا في جريدة ، ليس له هم سوى سرد ما جرى كيفما اتفق وبأي أسلوب تهيأ .
فهيا إلى الفصحى ... هيا إلى المعين الذي لا ينضب ... فقد نزل كتاب ربكم " بلسان عربي مبين " وقد قال الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " وإن من البيان لسحرًا "
المشاهدات 7687 | التعليقات 16
شكرا لك أيها الشيخ عبد الله على هذه المشاركة المتميزة وأسأل الله أن ينفع بها، وأن يعيدنا إلى لغتنا الفصحى.
والنحو مثل الملح إن ألقيته ... في كل ضد من طعامك يحسن
وإذا طلبت من العلوم أجلّها ........ فأجلها منها مقيم الألسن
يسرني الترحيب بالشيخ عبد الله البصري في ملتقى الخطباء الذي هو أحد فرسانه الذين لا يبارون ولا يجارون.
أسأل الله أن يجزيه خير الجزاء على ما يقدمه للخطباء والمستمعين لهم من خدمات وتوجيهات.
وفي الموضوع المهم الذي تفضل به الشيخ عبد الله أحب التنويه إلى الآتي:
يتمنى كثير من الخطباء أن يحسنوا اللغة الفصحى، ويتفننوا في أساليبها، وأنا على يقين بأنهم على درك لأهميتها، ولكنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك فإني أرى أن من المفيد في هذا المقام أن يقرأوا للمبرزين في هذا الفن مقترحات عمليه .
وأنا ألتمس من الشيخين عبد الله البصري وبلال الفارس أن يقدموا لنا مقترحات وبرامج عملية مجربة للارتقاء بالفصحى لدى الخطيب واكتساب الأسلوب الحسن البديع.
ولا شك أن لكل علم أصول تغني عن غيرها فما الأصول التي تفيد الخطيب وترتقي بلغته .
كما ذكر ابن خلدون في الأدب أن له أصولاً غيرها تبع لها كما في مقولته المشهورة:
يقول ابن خلدون :
(سمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول فن الأدب و أركانه أربعة دواوين وهي :
كتاب الكامل للمبرد ، وأدب الكاتب لابن قتيبة وكتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب النوادر لأبي علي القالي البغدادي ، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها ).
قال علي بن محمد العلوي:
ولا تعد إصلاح اللسان فإنه ... يخبر عما عنده ويبين
ويعجبني زي الفتى وجماله ... فيسقط من عيني ساعة يلحن .
وتقبلوا فائق تحياتي.
الشيخ ماجد تحية طيبة أشكر فيها حسن ظنك بأخيك الفقير لعفو ربه
وليبدأ الشيخ عبد الله البصري بإثراء هذا الموضوع الجميل مشكورا مأجورا ... والطلب يعود لأرضه لأنها ريانة فزودنا يا شيخ ماجد بما نستفيد منه في هذا الباب الأرحب
وسأدلي بدلوي إن شاء الله , وفق الله الجميع للهدى والحق
جزى الله الإخوة خيرًا على مشاركاتهم الموفقة .
وأعتذر عن التأخر في العود ثانيًا لموضوع ابتدأته وتتابعت على إثرائه أقلام إخواني الأعزاء .
وتأخري كان بسبب انقطاع الاتصال لدي على مدى أسبوعين كاملين . والحمد لله على كل حال .
ما أشار إليه الإخوة من البدء في إثراء الموضوع بما يفيد عمليًّا ، فإني أشير إشارات عابرة غير حاصرة إلى النقاط التالية :
1ـ اللغة العربية الفصحى لغة غالية جد غالية ، ولا ينال الغالي إلا بالغالي ، ومن ثم فلا بد من الصبر والمصابرة لإتقان الجزء الذي يضع به المرء نفسه في عداد الفصحاء والبلغاء ، وإلا فالكمال في هذا الجانب عزيز ، ولا سيما في عصرنا الحاضر الذي تواردت فيه الحرب على الفصحى من كل جانب ، وصار إتقانها من الأمور الجليلة ، ولكن ، ما لا يدرك جله لا يترك كله .
إن ما يتحجج به كثير منا من صعوبة اللغة العربية ولا سيما النحو ، إنما هي حجة واهية يكذبها الواقع ، وما أجمل ما قاله الشيخ العلامة محمد بن صالح ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : النحو بيت من قصب بابه من حديد .
وهو يعني ـ رحمه الله ـ أن الصعوبة إنما هي البداية ، وإلا فإن ما بعدها لذيذ ويسير .
إنه لا بد من مراعاة عامل الوقت والاستمرار في تعلم اللغة العربية الفصحى نحوًا وأدبًا وبلاغة ، وألا يستعجل المرء النتائج وهو لم يبذل الوقت الكافي والمقدمات الصحيحة التي تبلغه ما أراد .
ثم إن تعلم اللسان العربي المبين كما لا يخفى فرض كفاية لا بد أن يقوم به من يكفي ، وأما من تصدى لتعليم الناس ووعظهم وتفسير كتاب الله والاستدلال بكلام نبيه ، فتعلم اللسان العربي متعين عليه ؛ لئلا يقع في ورطات لا مخرج منها ، والله المستعان .
2ـ أرى أن في مناهج وزارة التربية لدينا في النحو البلاغة وعلم الرسم ( الإملاء ) علمًا غزيرًا لمن ابتدأ بها وقرأها قراءة مستفيد ، ويزينها تلك التدريبات التي تلحق بكل درس منها ، فلو أخذ طالب العلم هذه الكتب على يدي معلم متمكن لاستفاد خيرًا كثيرًا ، يمكنه من القراءة في الكتب المتخصصة والمهتمة بالخلافات فيما بعد ، ككتب متقدمي النحويين وعلماء البلاغة أمثال سيبويه والمبرد والزمخشري وابن هشام وابن مالك والسكاكي والقزويني وغيرهم .
وفي رأيي أن من العوامل التي تصد طلاب العلم عن دراسة النحو والبلاغة غوصهم في بحور الكتب القديمة مباشرة قبل أن يملكوا أصول هذه العلوم باللغة السهلة التي تعودوها ويفهمونها ، ولا شك أن لغة تلك الكتب القديمة عالية ، وترتيبها يختلف كثيرًا عما اعتدنا عليه ، ومن ثم فليحذر طالب العلم من التزبب قبل التحصرم كما قيل ، وليأخذ العلم شيئًا فشيئًا ، فإن من رام العلم جملة ذهب عنه العلم جملة .
وثمة كتب حديثة ميسرة يمكن قراءتها في هذا الجانب كـ(النحو التطبيقي ) و(الصرف التطبيقي ) وهما لعبده الراجحي ، و(النحو الوظيفي) لعبدالعليم إبراهيم ، و(النحو الواضح ) و( البلاغة الواضحة ) لعلي الجارم ومصطفى أمين .
3ـ لا بد للخطيب من قراءة متأنية في معاجم اللغة ، وليبدأ بما هو مختصر مثل : ( مختار الصحاح ) ( المصباح المنير ) ( مختار القاموس ) ومن ثم يغوص في بحور المعاجم المفصلة وكتب الغريب .
4ـ من المهم جدًّا ، وأقولها وأكررها لأهميتها أن يقرأ الخطيب في الكتب التي اعتنت بالمترادفات اللغوية ليكون لديه تفنن في التعبير عن المعنى الذي في نفسه بكلمات متنوعة وأفانين من المفردات المختلفة ، ومن تلك الكتب : ( جواهر الألفاظ ) لقدامة بن جعفر ، و ( الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى ) للرماني ونحو هذه الكتب وما يماثلها من كتب الأضداد .
5ـ جميل أن يكون للخطيب اطلاع فيما خطته أقلام الأدباء البلغاء ؛ ليكتسب الأساليب الراقية ، ويتقن مهارة الكتابة ، ومن هؤلاء في القديم : الجاحظ ، وفي الحديث : الشيخ الطنطاوي . وغيرهما .
6ـ ليحذر الخطيب كل الحذر من لغة الجرائد والمجلات ، فإنها بلية منيت بها اللغة الفصحى ، وعن طريقها هدم كثير من بيانها وشوه وجه نصاعتها .
هذه إشارات عابرة كتبتها استعجالاً للخير ، و لم أرجع فيها إلى غير ذهني المكدود ، فالمعذرة إن وقع سهو أو غلط أو نقص ، وفي الإخوة البركة لإكمال النقص وسد الخلل ، ولنا بإذن الله عودة .
سبحان الله العجيب أنه حتى العامة تستلذ كلام الخطيب البليغ الفصيح، مما يحتم على الخطباء صرف المزيد من الجهد في اختيار العبارات العربية الصرفة الجزيلة..
والعجيب أن هناك من ينادي بتسهيل لغة الخطبة؛ بحجة إفهام كل الحضور.. وهذه الحجة مرفوضة في نظري؛ لأننا لو عملنا بمقتضاها لبقي جزء من لغتنا(لغة القرآن) معطّلاً...
متى نستخدم فصيح اللغة العربية - إن لم نستخدمه في الخطبة - وعبد الملك بن مروان يقول: " شيّب رأسي صعود المنابر, ومواجة الجمهور" مما يدل دلالة واضحة أنه كان يهمه أمر النحو والبلاغة في الخطبة..!!
وفي ختام المشاركة:
كتب الله سعيك يا شيخ عبد الله، وأجزل لك المثوبة, ونفع بالعلم الذي سطرته أناملكم,,
دعواتي لكم بالتسديد والتوفيق,,
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('https://khutabaa.com/wp-content/uploads/site_imgs/vb_backgrounds/181.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
[/align][/cell][/table1][/align][align=center][table1="width:95%;background-image:url('https://khutabaa.com/wp-content/uploads/site_imgs/vb_backgrounds/181.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
[/align][/cell][/table1][/align][align=center][table1="width:95%;background-image:url('https://khutabaa.com/wp-content/uploads/site_imgs/vb_backgrounds/181.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
[/align][/cell][/table1][/align][align=center][table1="width:95%;background-image:url('https://khutabaa.com/wp-content/uploads/site_imgs/vb_backgrounds/181.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
[/align][/cell][/table1][/align]
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('https://khutabaa.com/wp-content/uploads/site_imgs/vb_backgrounds/181.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
حذر رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة محمود حافظ من استمرار ما اعتبره عدوانا على اللغة العربية، مشيرا إلى أنه بعد جيل أو جيلين ستنشأ في مصر طبقة اجتماعية لا تنتمي إليها ولا إلى اللغة العربية بل تنتمي إلى لغات أجنبية وبلدان تلك اللغات.
وقال حافظ في افتتاح ندوة "العربية في عصر العولمة" مساء السبت إنه [glint]توجد بمصر حاليا 250 مدرسة أجنبية تدرس العلوم بغير العربية تماما، إضافة إلى جامعات أجنبية قائمة وأخرى في طور التأسيس[/glint].
وأكد أنه ليس ضد تعلم اللغات الأجنبية بل يرى أنها ضرورية للتقدم، لكنه حذر مما وصفه بمؤامرات تحاك منذ سنوات للنيل من اللغة العربية ظهرت حاليا على الساحة في صورة اعتداءات صارخة وهجمة شرسة للنيل منها.
ويشارك في الندوة التي ستختتم جلساتها مساء اليوم لغويون عرب وأجانب منهم الروماني نيقولا دوبرشان والمغربي محمد بن شريفة والمصريون كمال بشر ومحمد يونس الحملاوي والأمين العام لمجمع اللغة العربية الشاعر فاروق شوشة.
وتعقد الندوة بعد أيام من أخرى أقيمت في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة بمناسبة احتفال مجمع اللغة العربية في مصر بمرور 75 عاما على إنشائه.
في السياق شدد أحمد درويش مقرر لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة على أن إنقاذ اللغة إنقاذ للتاريخ والحاضر والمستقبل، مؤكدا أن الذين يحاولون الانتقاص من العربية يحققون هدفا بعيدا يتجاوز اللغة إلى الأفراد ويتجاوز مجرد لعبة الكلمات إلى المصائر. وقال درويش في كلمته إن "مهمتنا المحافظة على صلابة الأمة من خلال صلابة لغتها".
[/align][/cell][/table1][/align]
[align=CENTER][table1="width:95%;background-image:url('https://khutabaa.com/wp-content/uploads/site_imgs/vb_backgrounds/41.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
[glint]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[/glint]
عرض بطريقة بديعة في جداول وتشجير
http://www.4shared.com/get/28893091/75030f42/___online.html
[glint]و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/glint]
[/align][/cell][/table1][/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملتقى الخطباء » مهارات الخطيب » لغة الخطيب »
https://khutabaa.com/category/%d9%85%d9%87%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%b7%d9%8a%d8%a8/%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%b7%d9%8a%d8%a8
سطرها أبو عبد العزيز سليمان العيوني
ولعل في إثرائها من مزيد من المتخصصين ما يحقق طلبات الإخوة أعلاه
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تم تحميل العرض .
روعة بكل صراحة .
جزيت الجنة أبا عبد الرحمن .
بلال الفارس
[align=center]أخي الشيخ عبد الله البصري
كم سرني تشريفك للملتقى جعلك الله مباركا أينما كنت .. وزاد من سروري طرحك الجميل
والذي زانه برك بلغتك يا ابن العربية ..
والشيء بالشيء يذكر : في مقارنة حديثة كشف خبراء لغويون بريطانيون أن الكلمة رقم مليون ستضاف إلى اللغة الانجليزية في الشهر القادم
( وكالة upi )
وفي المقابل :
في إحصائية تضرب في عمق التاريخ قال الخليل بن أحمد الفراهيدي اللغوي الشهير :
" عدد أبنية كلام العرب المستعمل والمهمل من غير تكرار :
اثنا عشر ألف ألف وثلاثمائة ألف وخمسة آلاف وأربعمائة واثنا عشر ( 12305412)
انظر المزهر في علوم اللغة (ج1/ص60 )
صورة لكل من عظم رطانة العجم و اعتبرها لغة العلم والحكم وعق أم اللغات وأوسعها وأشرفها وأجمعها لغة القرآن والسنة ( اللغة العربية)
ولئن كان كل أحد مطالب ببر لغته والنهل من معينها فإن الخطيب أولى الناس بذلك كيف لا وهو الذي يقدم للناس الخير والدين في قالب هو يختاره وإناء هو من يصنعه وهل عرف الناس إناء كالعربية الفصحى ؟؟ )[/align]
تعديل التعليق