الحياء

محمود الطائي
1434/04/16 - 2013/02/26 21:21PM
عباد الله ... قد يتعجب الناس من افعال بعضهم عندما يرون الكذب والغش والخيانة واكل اموال الناس بالباطل ، وأصبحوا يتمنون ان لو كان للأنسان وجهان !!
فهذا الزمان قد ولى ، اما اليوم فقد صار لبعض الناس عشرون وجها كلها في الباطل
وامسوا لايعرفون الكاذب فحسب ، بل إن الكاذب يعلم انه معروف بكذبه وخداعه ، وقد افتضح امره امام الناس ، لكنه مازال يكذب ويتحرى الكذب ، وقس على ذلك الأمور كلها ، وسيزول العجب عندما نسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم، حين يقول : إن مِمِا أدرَكَ الناسُ من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح ِ فاصنع ما شئت
هذا الخلق العظيم الذي قل وجوده في ايامنا هذه الا مارحم ربي ، والذي جعل الناس يزكون الرجلَ وتضربُ له الامثال : اذا صدق بقوله او وفى بموعده اوأدى ماعليه من حقوق ، وكأنه إمام زمانه وفريد عصره ، وهو ما فعل هذا الا انه ملزم بفعله، ولكن كأن هذه الصفاتِ بدت شِبه معدومة في هذه الايام .
إن المرء حين يفقد حياءه يتدرج من سيء إلى أسوأ ، و يهبط من رذيلة إلى أرذل

إِذَا رُزِقَ الْفَتَى وَجْهً اوَقَاحًا
تَقَلَّبَ فِي الْأُمُورِ كَمَا يَشَاءُ
فَمَا لَكَ فِي مُعَاتَبَةِ الَّذِي
لاَ حَيَاءَ لِوَجْهِهِ إِلاَّ الْعَنَاءُ

وعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: "إنَّ الله إن أراد بعبده هَلاكًا، نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء،لَم تلقَهُ إلا مَقيتًا مُمقَتًا، فإذا كان مَقيتًا مُمقَتًا ، نُزِعَ منه الأمانة ، فلم تَلقَهُ إلا خائنًا مَخونًا، فإذا كان خائنًا مَخونًا نزع منه الرحمة ، فلم تَلقَه إلا فَظًّا غليظًا، فإذا كان فَظًّا غليظًا، نَزَع َرِبقة الإيمان من عُنقه ، فإذا نَزَعَ رِبقة الإيمان من عنقه، لَم تلقَهُ إلا شيطانًا لعينًا مُلعَناًَ"
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحياء والإيمان قُرَنَاء جميعًا، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر). الحاكم

إذا لم تخش عاقبة الليالي
ولم تستح فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

فعندما نرى الرجل يتحرج من فعل ما لا ينبغي ، و يكسوالخجلُ وجهَهُ إذا بدَرَ ما لا يليق ، وتعلو وجنتيه الحمرةُ ، فاعلم أنه حي الضمير ، زكي النفس نقي المعدن سليم الفطرة .
كيف لا وهو تاج الأخلاق، وعنوان العفاف، ورمْز الوقار، يزيد الرُّجولةَ كمالاً، ويكسو المروءة جمالاً.
وإذا رُزِق العبد حياء لازمتْه السُّمعة الطَّيِّبة، والذكرُ الحسن، فنُشرتْ مَحاسنه، ونُسيت مساوئه، وقديمًا قيل : من كساه الحياء ثوبه ، لم يَرَ الناسُ عَيْبه.
لذلك قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: إن لكل دين خلقا، وخلق الإسلام الحياء

ورب قبيحة ما حال بيني
وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن
إذا ذهب الحياء فلا دواء

الحياء صفة من صفات الله جل وعلا ، ففي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن ربكم حيي كريم ، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا ).
وقد قصَّ علينا ربُّنا جل وعلا خبر تلك المرأة العفيفة الطاهرة مع نبي الله موسى - عليه السلام - التي مشت إليْه بخطوات، لا إغواء فيها ولا إغراء، وحادثتْه بكلمات معدودات، لا خضوع فيها ولا تميُّع.
قال الله تعالى: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَاسَقَيْتَ لَنَا ﴾
يصف لنا ربنا سبحانه وتعالى ابنة الرجل الصالح كيف كانت تمشي بحياء أي تمشي في جانب الطريق وهي تغُضُ بصرها ولا ترفع رجلاً وتخفض أخرى ولا تضرب برجلها ليُعلم ما تخفي من زينتها والحياء يملأ قلبها ،
وفي قراءه فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي * عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ : حتى في كلامها حياء، لا ترفع صوتها ولا تجهر بالكلام ولا تتجرء على محادثة الرجال ، بل إذا كلمت رجلاً كلمته وهي تنتفض من الحياء ترتعش من الخجل.
أما في زماننا نرى نساءنا إذا كلمت الرجال ترفع صوتها أعلى من الرجال، تذهب إحداهن إلى التاجر تحدثه بنبرة عجيبة وتتعامل معه بجُرأة فضيعة
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَايَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَة :ِ وذكر منهم وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ أي الَّتِي تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ فِي زِيِّهِمْ وَهَيْئَاتهمْ وتصرفاتهم
بل وقد تخرج وقد وضعت على جسدها الروائح العطرة فما ان مرت على قوم حتى شموا ريحها وافتتنوا بعطرها
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) .

النساء بدون حياء ، مصيبة المصائب ، وكارثة الكوارث ، فإذا نزع الحياء من النساء ، وجدت الفواحش والفجور، وانتشر التبرج والسفور ، وظهر العري وكثرت الشرور .
فالمرأة العاقل التي تريد الله والدار الآخرة ، تحذر كل أمر ينافي حياءها !
وأعظم ما توصف المرأة بالحياء ، فرأس مال المرأة حياءها ، وكلما عظُم حياءها عظُمت في عيون الناس .
أين الغيرة والحياء بل اين الرُجولة والمروءة؟ للذي يرى زوجته او اخته اوابنته وهي تخرج متبرجة متعطرة
يقول النبي صلى الله عليهوسلم : صنفان من أهل النار لم أرهما وذكر : ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.

واخص بهذا المقام اخواتنا الطابات في المدارس والجامعات :
والله ان حياءُكِ هو رمز رفعتك ، ودليل طهرك وعِفَتُكِ ، واياكي وخيانةَ والديك الذين قضوا أعمارهم في رعايتك والحفاظ عليك ، فأحذري خيانتهم فأن سُمعة الأسرة وشرفها مرهونٌ بك

اختي الغالية :
ان والداك لواستطاعوا ان يضعونك تحت اجفانهم لوضعوكِ ، فلا تقولي انهم يُضيّقونَّ علي ، ويحرمونني اشياءَ اُريدها ، فهم يعلمون انكِ مستهدفة من دعاة الفتنة والرذيلة،
واياكي ان تفكري ان والداكِ الذين هم ليسوا من جيلكِ ، وانهم كبار في السن ولايعلمون في التقنية الحديثة ولا في الهواتف النقالة والانترنت هم لايحسون بتصرفاتك! ، فنظرة منهم تكفي لتكشف جميع اوراقكِ ، كيف لا وهم الذين تربيتي في احضانهم وكبرتي امام انظارهم ، فلا تنكسي لهم رأساً ولا تمرغي لهم انفا.
نريدك أن تكوني أكبر من هذا، نريدك أن تنفعي وتساهمي في بناء المجتمع ونهضته، هل تعلمين أن هناك من يريد إبعاد المرأة عن دينها، وصدها عن كتاب ربها؟!
والله الذي لا إله غيره ما حرم الإسلام عليك التبرج إلا لصيانتك، وحمايتك ، وحفظك من عبث العابثين ، ومجون الماجنين ، حتى لا تتطلع إليك النظرات الزانية ، وحتى لاتُدنس بدنك هذه النظرات الخائنة ، والله ما أراد الإسلام لكِ إلا العفة والستر والحياء.
جعلك الإسلام في شرعه كالدرة المصونة وكاللؤلؤة المكنونة التي تحيط بها الصدفة، حتى لا تمتد إليك اليد العابثة الآثمة،
أيتها الفتاة الطيبة! فتشي في صداقاتك، واحذري رفيقات السوء، فإنهن لا يقر لهن قرار، ولا يهدأ لهن بال، حتى تكوني مثلهن وأداة طيعة في أيديهن، إما لكراهيتهن امتيازك عنهن بالخير، وإما حسداً لك ، فإن الله تعالى أخبر عن المنافقين فقال: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء:89]
وقال عثمان رضي الله عنه: [ودت الزانية لو زنا النساء كلهن].
فإياك وقطاع الطريق إلى الآخرة اللاتي يصددن عن ذكر الله كما قال الله تعالى : وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [الكهف:28].اعلمي أخيتي! أن رفقة السوء بداية كل شر، وهي النقطة الأولى للانحراف والضياع ، فكم من الفتيات هلكن بسببهن ، وكانت النهاية فضائح وسجون، وهل ينفع حينها الندم؟! بل هل ينفع الندم يوم القيامة عندما تقولين : يَاوَيْلَتِى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً
والله ان القلب يحزن ويتألم عندما يراك ألعوبة تتأرجح ، وسلعة رخيصة لا همّ لها سوى اللذات والشهوات ، ويسعد القلب ويفرح ويعقد الآمال وأنت تصارعين طوفان الفساد ، وتصرخين في وجه الرذيلة : أنا مسلمة مستقيمة ، وبنت أصيلة ، أعرف للمكر ألف صورة وحيلة.

ولكن الحمد لله، أننا رأينا المرأة المسلمة من جديد ، ترفع بيمينها كتاب الله جل وعلا ، وبشمالها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لبست الحجاب ورددت : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لايَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *

الخطبة الثانية
عباد الله ... ان أولَ ما يجب أن يستحيا منه هو الله عز وجل يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((استحيوا من الله حق الحياء.
قالوا: يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله.
قال :ليس ذاك ، ولكن الاستحياءَ من الله حقَ الحياء : أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، ولتذكرالموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))

وكان الإمام أحمد كثيرًا ما يردِّدهذا القول
إِذَا مَا قَالَ لِي رَبِّي أَمَا اسْتَحْيَيْتَ تَعْصِينِي
وَتُخْفِي الذَّنْبَ مِنْ خَلْقِي وَبِالعِصْيَانِ تَأْتِينِي


وهناك نوع من الحياء مذموم : وهو الذي يمنع صاحبه من العلم ويمنع صاحبه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والحياء المذموم الذي يقع صاحبه في خطأ ويمنعه أن يسأل عن حكم هذه لا يحسن يتوضئ ولا يحسن يصلي وربما طلق زوجته ثم إستحى أن يسأل ، فهذا حياء مذموم لهذا قال ابن عباس: لا يطلب العلم مستحيي ولا مستكبرٌ،
وكثير من الناس يقول لا حياء في الدين، كيف ؟ والدين كله حياء والإسلام كله حياء والحياء هو الإيمان إنما الصحيح أن تقول : إن الله لا يستحيي من الحق او لا حياء في تعلم الدين
نسأل الله ان يرزقنا الحياء في الامور كلها وان يزيننا بالحياء انه ولي ذلك والقادر عليه
المشاهدات 4579 | التعليقات 5

تم التعديل للأخطاء الاملائية


احد الجنود الفرنسيين اثناء الثورة الجزائرية كتب في مذكراته :

عندما كنا نقوم بعمليات التمشيط و مداهمة القرى للبحث عن المجاهدين ..
يشعرني بالخجل ردة فعل النساء : حيث كن يهرولن و يهربن نحو اسطبلات الحيوانات عند رؤيتنا ..
و يَقمن بتلطيخ ﺎجسادهن بالروث و فضلات الحيوانات لكي نشمئز منهن عند محاولة اغتصابهن ..
و لا نقربهن بسبب الرائحة الكريهة التي تنبعث منهن بفعل الروث .....
حقاً ، صورة لن تغادر ذهني ما حييت و تجعلني ﺎكن احتراماً لهؤلاء اللاتي قمن بـ تقذير أنفسهن في الروث لاجل شرفهن ..

فهذه صورة من أعظم صور الحياء للمرأة المسلمة العفيفة الطاهرة




ملف مرفق

المرفقات

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/0/3/2/الحياء.doc

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/0/3/2/الحياء.doc


بورك فيك شيخ محمود أجدت فالحياء لجام العباد الخفي في القلوب والقيد المنطوي في الصدور فكم أثنى كثيرين عن الخناء وكم أبعد كثيرين عن الخطأ.

يقود للفضائل ويسوق للشمائل ويمنع الرذائل.


وبارك الله فيكم شيوخنا
تواصلكم ودعمكم يزيدنا عطاءً
والفضل اولا واخرا ً لله تعالى
نسأل الله لنا ولكم الاخلاص والقبول