الحوثيون والأمريكان !! / د. محمد علي الهرفي

احمد ابوبكر
1435/11/02 - 2014/08/28 02:53AM
اكتسب (الحوثيون) هذا المصطلح نسبة إلى مدينة حوث التي تقع شمال اليمن ؛ فمؤسس حركة الحوثيين حسين بدر الدين الحوثي ينتسب إلى تلك المدينة، وقد أسس حركته عام 1992م في مدينة صعدة وأطلق عليها اسم: (حركة الشباب المؤمن)، وهي حركة دينية سياسية مسلحة، وقد قُتل مؤسس الحركة عام 2004 م على يد الجيش اليمني، ويتزعم الحركة حاليا (عبدالملك الحوثي) الأخ الأصغر لمؤسس الحركة.

الحوثيون حاليا لا يحبون أن يطلق عليهم اسم "الحوثيون" ويفضلون عليه اسم (أنصار الله) وهو الاسم الذي أطلقوه على حركتهم مؤخرا ربما اقتداء بـ (حزب الله) ذو التوجه الشيعي والمرتبط عقائديا بولاية الفقيه في إيران، فالحوثيون كما هو واضح لم يعودوا ينتمون للمذهب الزيدي الذي كانوا يعتقونه سابقا حيث تحولوا بصمت إلى المذهب الشيعي الخاضع أيضا لتوجهات إيران المذهبية والسياسية ومن هنا بدأت عندهم فكرة السيادة على اليمن حيث نقل عن زعيمهم الحالي قوله: إن حكم اليمن حق الهي لآل البيت!! وما دام الأمر كذلك - حسب قوله - فإنه يجوز له أن يفعل أي شيء للوصول إلى ذلك الحق الإلهي المزعوم وهذا فعلا ما بدأ بفعله مستخدما كثيرا من الحجج الواهية!!

الحوثيون خاضوا حروبا عدة ضد الدولة اليمنية أيام على عبد الله صالح، وقيل بعدها إنه ساعدهم ووقف إلى جانبهم كي يستخدمهم في ضرب خصومه في الداخل وكذلك تخويف دول الخليج منهم كي يبتزها ماليا، لكن دخول إيران على الخط وبقوة غير ذلك التوجه الذي دعمه صالح إلى توجه آخر يتماشى مع مصالح إيران من جهة ومع تطلعات الحوثيين في إنشاء دولتهم التي يحلمون بها ويرون أحقيتهم بها.

ولتحقيق ذلك الهدف حارب الحوثيون السلفيين في دماج وقتلوا أعدادا منهم واستطاعوا ترحيلهم جميعا من دماج إلى مناطق متفرقة في اليمن، وحققوا أول نصر كبير لهم في ظل صمت أو تواطؤ الدولة معهم وكذلك صمت دول الخليج ربما لقناعتهم أن الحوثيين سيحاربون الإخوان في اليمن - عدوهم المشترك - ثم يفعل الله بعد ذلك ما يشاء!! ولكن هل سيتحقق لهم ذلك؟ هذا ما أشك فيه كثيرا لأن الحوثيين أصبحوا أصحاب عقيدة لا يمكنها التماهي مع عقيدة السنة طويلا وبالتالي فإنهم لن يقبلوا مجاراة دول الخليج السنية في مشاريعهم السياسية خاصة إذا اختلفت الأهداف بينهم.

بعد أن قضى الحوثيون على السلفيين اتجهوا لتحقيق هدفهم الأصلي فاتجهوا صوب صنعاء منذ رمضان الفائت، وقد ذكرت الأخبار قتلهم للسنة ومنعهم من صلاة التراويح وهدم مساجدهم إلى غير ذلك من أعمال القتل والهدم والتخريب، وهاهم اليوم وسط العاصمة صنعاء يتظاهرون بأنهم إنما دخلوها لتحقيق بعض المطالب السياسية ولكن الهدف غير ذلك كما هو معروف، ولا أشك أبداً أنهم سيكونون خطرا مباشرا على الخليج لو تم لهم الاستيلاء على صنعاء.
وإزاء كل ما يفعله الحوثيون في اليمن ومع أن شعارهم الذي يرفعونه هو: الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام، إلا أن الأمريكان حريصون على أن لا يصاب الحوثيون بأي أذى!! ولا استبعد أنهم يضغطون على حكومة اليمن أن تتركهم يفعلون ما يشاءون وهذا يرجحه أنهم قتلوا أعدادا من الجيش ودخلوا صنعاء والحكومة صامتة لا تفعل شيئا عدى دعوتهم للمفاوضات!! ولا أدري كيف ستفاوض دولة فريقا ينتمي إليها وقد دخل عاصمتها عنوة وبقوة السلاح ويريد فرض ما يريد بالقوة!!

أمريكا تقتل الكثير من الأبرياء في اليمن بحجة محاربة الإرهاب!! ومعروف أنها قتلت مجموعات لا صلة لهم بالإرهاب وكله عن طريق الخطأ كما تقول لكنها لم تتوقف عن هذا الخطأ المتكرر كما أنها لم تعتذر عن قتل الأبرياء بل ولم تعوضهم على الإطلاق، كل تلك الجرائم التي ارتكبتها كانت تضعها تحت مظلة محاربة الإرهاب لأن القاعدة في اليمن تهدد مصالحها!! لكن الحوثيين شعارهم (الموت لأمريكا) وكذلك الموت لربيبتها وحبيبتها إسرائيل ومع هذا فهي لم تجرم الحوثيين ولم تصنفهم بأنهم إرهابيون رغم كل ما ارتكبوه من مجازر!!

الواضح أن أمريكا تجامل إيران كثيرا في هذا الملف ؛ فهناك مصالح مشتركة بينها في العراق وهذا يقاضي التغاضي عن مشروع الحوثيين في اليمن، واستفاد الحوثيون أيضا من توجه بعض الدول الخليجية من محاربة الإسلام السياسي، كما أن توجه أمريكا وآخرون لمحاربة الإرهاب في اليمن يصب في صالحهم كثيرا إذ أن الكل صامت عن مشروعهم الخطير الذي قد يهدد الكثيرين في حال نجاحه.

أمريكا لا يهمها مصالح العرب ولا يهمها الدم العربي كيف يراق ومتى، كما لا يهمها الإرهاب إذا كان بعيدا عن مصالحها، هي تستخدم كل من تستطيع لتحقيق ما تريد، وتحارب من تريد إذا لم يحقق مصالحها والذرائع كثيرة ومتوفرة ولا يهمها من يرضى ولا من يغضب، فالحق للقوة وحدها وهي تملك حاليا هذا الحق، ولكن يبقى الآخرون الذين عليهم أن ينظروا إلى مصالحهم سواء أرضيت أمريكا أم غضبت.

المصدر: بوابة الشرق
المشاهدات 1131 | التعليقات 0