الحقوق الزوجيّة

[font="]بقية لماذا هذا العزوف عن الزواج[/font][font="]
[/font]

[font="]
[/font]

[font="] * الحقـوق الزوجيــة[/font]

[font="]فالزواج يا عزيزي هشام، هو طريق النسل و تربيته، و إكمال الدّين، و ضبط لنوازع الفطرة كالشهوة و الحبّ، و جُنّة عن الوقوع في ما حرّم الله تبارك و تعالى، و سبب من أسباب تحقيق الاستقرار و الطمأنينة و السعادة التي عادة ما تكون حافزا للتفوّق الاجتماعي و الثقافي و الحضاري.. و في الزواج الاستعانة على التحلّي بأبهى خصلة من خصال الشرف، هي الطّهر و العفاف، و بالطّهر و العفاف يسود الاستقرار، و تسلم روابط الوفاق و الدفء العائلي من مظاهر التنكّر و الاختلاف و الشقاق.. و لا يتحقّق ذلك إلاّ ببعض الشروط الأساسية، أهمّها الزوجة الصّالحة التي توفّر لزوجها الراحة و السكينة و الهدوء في البيت، و تدعمه معنويّا و ماديّا إن أمكن ذلك خارج البيت..[/font]
[font="]عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتّق الله في الشطر الثاني ".[/font][font="]( أخرجه الحاكم و صححه و وافقه الذهبي )[/font][font="].. [/font][font="]و يقول صلّى الله عليه و سلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وجاء ".[/font][font="] ( أخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما )[/font][font="].[/font]
[font="]و في الزواج دعوة للتآزر و التعاون على متطلّبات الحياة اليومية: الزوج يوفّر ما تحتاجه العائلة من الأكل و الشرب و الكساء و المداواة، و يقيم حول البيت عازلا من الهيبة و الكرامة و الصيانة، و يعطي لأفراد الأسرة ما يستحقّونه من العناية و الإحاطة الشاملة.. و الزوجة تدبّر شؤون المنزل، و ترعى الأولاد رعاية دينية و أدبية و اجتماعية سليمة، حتّى تؤهّلهم للاندماج في المجتمع اندماجا إيجابيّا فاعلا..[/font]
[font="]و في الزواج فرصة لكسب عائلة ثانية، إذ ينعقد بينك و بين آل الزوجة رباط المصاهرة، و قد تصل هذه الرابطة المتينة في قوّتها و صفائها درجة ذوي الأرحام..[/font]
[font="]و هذه الروابط الشريفة لا تستقيم على أسسها الصحيحة، و لا تحقّق أهدافها الطيّبة المرجوّة، إلاّ بتفاهم الزوجين، و معاشرتهم الحسنة التي تحقّق للعائلة ككلّ الألفة و السعادة، وهي الأهداف و المناهج التي دعا إليها ديننا الإسلامي الحنيف.. [/font]
[font="]و قد أبطل الإسلام الأنواع المختلفة للنكاح القائمة على استعباد الزوجات و اضطهادهنّ، و أقرّ النوع الذي فيه صيانة العرض و حفظ النسل، و الذي يمكن أن تنتظم به الحياة المملوءة بالحبّ و المودّة و الصفاء.. وهو الزواج الجاري و المعتمد بين النّاس إلى يومنا هذا.. و حثّ ديننا الحنيف على الزواج و جعله سنّة من سنن الله العظيمة في خلقه.. و نهى كلّ من تحدّثه نفسه بإيثار حياة العزوبية على الحياة الزوجية المستقرّة الهانئة. و دليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم لقومٍ ائتمروا على أن يتركوا الزواج لينقطعوا إلى العبادة: " لكنّي أصوم و أفطر، و أصلّي و أرقد، و أتزوّج النساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ". و أرشد النبيّ صلى الله عليه و سلم إلى حسن اختيار الأم الصالحة لأبنائه، فقال: " تنكح المرأة لأربعٍ: لمالها و لحسبها و لجمالها و لدينها، فاظفر بذات الدّين تربت يداك ". أي: تفضيل الدّين على المال و الحسب و الجمال، اعتبارا إلى أنّ الدّين يضمن الزوجة المتخلّقة و المتأدّبة التي نشأت في حلية الدّين و إن لم تكن فائقة الجمال أو غنيّة أو ذات حسب و نسب، تَفْضُلُ غيرها ممّن لا دين لها و من لا دين لها، لا أخلاق و أدب لها..[/font]
[font="]و القيام بالحقوق الزوجية، من أفضل القربات، بل قد يكون سببا لدخول الجنّة، كما أنّ التفويت في هذه الواجبات و التغافل عنها قد يكون سببا في دخول النّار.. و كلا الزوجين مطالب بأداء هذه الحقوق، قال تبارك و تعالى: " و لهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف ".[/font][font="] ( سورة البقرة من الآية: 228 )[/font]
[font="]و يقول نور الهدى صلى الله عليه و سلم: " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ".[/font][font="] ( أخرجه الترمذي و قال حديث حسن ) [/font][font="] [/font]
[font="]و عن أمّ سلمة أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " أيّما امرأة ماتت و زوجها عنها راضٍ دخلت الجنّة ".[/font][font="] ( أخرجه ابن ماجه و الترمذي و قال حديث حسن )[/font][font="] [/font]
[font="]وعن حصين بن محصن قال: حدّثتني عمّتي قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال: " أي هذه، أ ذات بعل؟ قلت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قلت: ما ألوه إلاّ ما عجزت عنه. قال: فانظري أين أنت منه فإنّما هو جنّتك ونارك ".[/font][font="] ( أخرجه ابن أبي شيبة و الحاكم بسند صحيح و وافقه الذهبي )[/font]
[font="] [/font]
[font="]* من حقوق الزوج:[/font]
[font="] [/font]
[font="]* الطّـــاعة: [/font][font="]أن تطيعه و تلتزم أمره في غير معصية الحقّ تبارك و تعالى، و ذلك بقبول توجيهاته، و تعينه على تربية أولاده التربية البدنية و الرّوحيّة، و تأديبهم، و تبتعد عن موقف عدم المبالاة و التخاذل.. قال صلى الله عليه و سلّم: " و المرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة ".[/font]
[font="]*[/font][font="] الحقوق الماديّة: أن تقوم على خدمته فيما يتعلّق بشؤونه، و شؤون بيته، و أن تراعي حالة زوجها المادية، فلا تكلّفه فوق ما يطيق. قال رسول الله صلوات ربّي و سلامه عليه: " خير نساء ركبن الإبل: نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، و أرعاه على زوجٍ في ذات يده ".[/font]
[font="]* إعانته على فعل الخيرات: [/font][font="]تذكّره و تساعده على التسابق إلى فعل الخيرات، و تحفزه على المداومة على فعل الطّاعات و العبادات، و على بذل نفسه و كلّ ما يملك لإعانة إخوانه المسلمين من الأرامل و الأيتام و المحتاجين، و توفير ما يحتاجون إليه.. و لا تكلّفه في النفقات و متطلّبات الأسرة ملا يطيق و يثقله أو يشقّ عليه..[/font]
[font="]و ألاّ تخونه في نفسها، و رزقه و أسرار بيته مهما كانت طبيعتها..[/font]
[font="]عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و سلم: " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، و خياركم، خياركم لنسائهم ".[/font][font="]( أخرجه أحمد و الترمذي و قال: حديث حسن صحيح )[/font][font="]..[/font][font="] [/font][font="]و يقول عليه الصلاة و السلام: " كلّ ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلاّ رميه بقوسه و تأديبه فرسه و ملاعبته أهله فإنّهنّ من الحقّ ".[/font][font="]( أخرجه ابن ماجه و الترمذي بإسناد حسن صحيح )[/font][font="].[/font]
[font="]* من حقوق الزوجة:[/font]
[font="] [/font]
[font="]ممّا يدعو إليه حسن المعاملة للزوجة، أن يفسح الزوج صدره لها، تناقشه فيما يقوله أو يريد أن يفعله.. قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: " صخبت عليّ امرأتي، فراجعتني فأنكرت أن تراجعني، قالت: فلم تنكر عليّ أن أراجعك ؟ فوالله إنّ أزواج النبيّ صلى الله عليه و سلم ليراجعنه ".. [/font]
[font="]و قد نبّه الشارع لمداواة الزوجة، إذا أخلّت بشيء من واجبات الزوجية في دائرة الصون و الحصانة، فقال صلى الله عليه و سلم: " و استوصوا بالنساء خيرا، فإنّهنّ خلقن من ضِلع أعوج، و إنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاهن فإن ذهبت تقيمه كسرته، و إن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا ". فالحديث الشريف يعلّم الزوج كيف يسلك في سياسة الزوجة طريق الرفق و الأناة، فلا يشتدّ و يبالغ في ردّها عن بعض آرائها التي بها عوج، فإنّ ذلك قد يفضي إلى الفراق،كما أنّه لا يتركها و شأنها، فإنّ الإغضاء عن العوج مدعاة لاستمراره أو تفاقمه، و العوج المتواصل أو المتزايد قد يكون شؤم على الحياة الزوجية فتكون النتيجة مكروهة..[/font]
[font="]
[/font]
[font="]و للزوجة:[/font]
[font="]
[/font]

[font="]* حقوق ماديّة: [/font][font="]و ذلك بأن يوفّر لها الزوج النفقة و الكسوة و حاجة شؤونها و كل ما تتطلّبه الدّار و الأسرة من حاجيات يومية و موسمية..[/font]
[font="]* حقوق نفسية: [/font][font="]بإدخال السرور على نفسها بملاطفتها و التحدّث إليها و الاستماع إلى أقوالها و أرائها، و مشاورتها إذا كانت ذات عقل يعين على الخير، كما لا يفوت الزوج أن يشكر جهودها التي تبذلها لإدخال البهجة و الفرحة في قلوب أفراد الأسرة.. وهو مطالب بعدم هجرتها لأمر دنيوي فوق ثلاث ليال.. [/font]
[font="]و أن يفتح لها باب الخير فتتصدّق و تهدي من ماله، و تستضيف أهلها و صويحباتها و صديقاتها و من له حقّ عليها.. و أن لا يمنعها من زيارة أهلها و أقاربها بلا إفراط..[/font]
[font="]* [/font][font="]ألاّ يشقّ عليها بما يثقل كاهلها، و لا يعكّر صفوها، و لا يكدّر خاطرها عند أدنى تقصير كما وصّانا بذلك صلى الله عليه و سلم: " ألا و استوصوا بالنّساء خيرا فإنّما هنّ عوان عندكم ليس تملكون منهنّ شيئا غير ذلك إلاّ أن تأتين بفاحشة مبيّنة ".[/font][font="]( أخرجه ابن ماجه و الترمذي و قال حديث حسن صحيح )[/font][font="]. [/font][font="]و قوله: " هنّ عوان "، أي أسيرات عندكم لا تملكون تعدّي حقوقهنّ إلاّ عند النشوز و شكاسة الخلق..[/font]
[font="]* [/font][font="]أن يجالسها الوقت الكافي في البيت لتأنس به بعد يوم حافل بالأعمال المنزلية المختلفة، و يبتعد عن كثرة السفر، و يترك الخروج و السهر باللّيل..[/font]
[font="]* [/font][font="]أن يعلّمها أمر دينها، و يربّيها على الفضيلة، و يشتري لها كلّ ما تحتاجه في سبيل العلم و الاستقامة على نهج الله تبارك و تعالى و سيرة رسوله صلى الله عليه و سلم.. و أن يعمل على أن يصونها بمنعها من الخروج إلى الأسواق و المتاجر و غيرها بمفردها، و يبعدها عن كلّ ما من شأنه أن يظهرها في خلوة مع الأجانب.. و أن يطهّر منزله ممّا يفسد أخلاق زوجته و أولاده، و يهدم الأعراض من آلات اللّهو و الابتعاد عن طريق الله تعالى..[/font]
[font="] [/font]
[font="]* و لا تقربوا مال الزوجة:[/font]
[font="] [/font]
[font="]كانت المرأة قبل الإسلام ملكا للرجل بما لها من مال و عقار و أطيان، فجاءت الرسالة المحمّدية لتحمي ممتلكات الزوجة، فلم يجعل ليد الزوج عليها من سبيل، فخيّرها و أبقى لها التصرّف في مالها و ممتلكاتها على ما ترى، فهي التي تتصرّف كما تشاء وقت ما تشاء.. و ليس للزوج حقّ في أن يتناول من مالها ولو دينارا واحدا إلاّ عن طيب خاطرها، و ليس له حقّ في منعها من أن تتصرّف فيه على وجه المعارضة، كالبيع و الشراء و القرض و الإجارة و نحو ذلك.. و هذا بإجماع العلماء.. و ليس له الحقّ في منعها من أن تنفق منه أو تنفقه كلّه على وجه التبرّع و الصّدقة و الإنفاق في سبيل الله و الهبة، عند جمهور أهل العلم..[/font]
[font="]و إنّما ذهب المالكية إلى أنّ الزوج و إن لم يكن له حقّ في أن يتناول ولو دينارا من مال زوجته، و لم يكن له حقّ في منعها من عقود المعاوضات، فله حقّ في أن يمنعها من التبرّع بأكثر من ثلث مالها، و أدلّة هذا المذهب معروفة في كتب الفقه..[/font]
[font="]هنا تدخّل هشام متسائلا: أليس من واجب الزوجة أن تعين زوجها على حاجيات الأسرة إن كان لها مالا ؟.. أليس من واجبها أن توظّف مالها لمصلحة العائلة ؟..[/font]
[font="]قلت: نصيحتي لك يا صاحبي أن لا تنظر إلى هذه المسألة من منظار الواجب و الحقّ، و إنّما هناك العديد من الممارسات و المواقف التي يقوم بها الزوج تجاه زوجته أو العكس فيتحدّد بمقتضاها الدّور الأساسي الذي سيلعبه الزوج أو الزوجة داخل و خارج محيط الأسرة.. و بمقتضى هذا الدور يتحدّد مصير الأسرة.. فإمّا السعادة و الدّفء و المودّة.. و إمّا التفكّك و الانهيار و الضياع و ينتهي الأمر بالطّلاق.. و إليك هذه القصّة من واقع مجتمعنا المعاش..[/font]

[font="][/font]

[font="][/font]
[font="] و للحديث بقيّة[/font]

[font="][/font]
[font="] الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب
[/font]
المشاهدات 2090 | التعليقات 0