الحفاظ على البيئة مطلب ديني ووطني

حسين بن حمزة حسين
1445/06/21 - 2024/01/03 08:17AM

إخوة الإيمان: الحِفاظَ على البيئة أحدُ شُعب الإيمان، ودلائل البرِّ والإحسان؛ قال تعالى: (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، وقال تعالى (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) ، وروى مسلم في صحيحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الإيمانُ بِضعٌ وسبعون شُعبة، فأعلاها: قولُ لا إله إلا الله، وأدناها: إماطةُ الأذى عن الطريق)، والأذى يشملُ الحِسِّيَّ والمعنويَّ ، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "بينما رجلٌ يمشِي بطريقٍ وجد غُصنَ شوكٍ فأخَّرَه، فشكرَ الله له فغفرَ له". أخرجه البخاري، وحذَّر -صلى الله عليه وسلم- من تلويثِ البيئة وتدنيسِها، بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "اتقوا الملاعِن الثلاثة: البراز في الموارِد، وقارعة الطريق والظلِّ". أخرجه أبو داود.، وفي  صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم ( إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى الطُّرُقَاتِ، فَقالوا: ما لَنَا بُدٌّ، إنَّما هي مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ)

إخوة الإيمان: إن السعيَ في إفساد البيئية داءٌ عُضال، لا يتلبَّسُ به إلا من هو عن سبيل الذَّوق العامِّ مُنحرِفٌ وضالٌّ، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من إنسانٍ قتلَ عصفورًا فما فوقَها بغير حقِّها إلا سألَه الله -عزّ وجل- عنها). أخرجه أحمد والنسائي ، وعند أبي داوود وصححه الألباني، قال -صلى الله عليه وسلم-: (من قطعَ سِدرةً صوَّبَ الله رأسَه في النار) قال أبو داود مُعلِّقًا: "أي: عبثًا وظُلمًا بغير حاجةٍ تكونُ له فيها"، ذلكم الوعيدُ في سِدرةٍ في فلاة، وشجرةٍ في صحراء؛ فكيف بالصيد والاحتِطابِ الجائر؟! وانبِعاث دُخان المصانِع، وعوادِم المركَبات، وأكوام النفايات، ونتن المُستنقعَات، وطفحِ الصَّرف الصحِّيِّ، ونحو ذلك من البيئات الطارِدة!! ، قال الشيخ عبدالرحمن السديس- حفظه الله -وببعض التصرف : وأخطرُ من ذلك: ما حسبُنا الله عليه، ثم حسبُنا من جبروت الظُّلم والطُّغيان، وأسلِحة الدمار الشامِل، والأسلحة النووية والكيماوية، والغازَات السامَّة، والألغام المُتفجِّرة، وبراميل النيران، التي أبادَت جموعَ النساء والرجال والولدان دون شفقةٍ أو رحمةٍ أو تَحنان، ومحَقَت بكل وحشيَّةٍ وبُهتان مصادرَ البيئة والحياة، وجعلَت منها مورِدَ الأسقام والهلَكَات، ومسرحًا للحروب والصِّراعات ...وفي مُقدمة ذلك: المُمارساتُ الصهيونيَّة ضدَّ المُقدَّسات الإسلامية والأراضي الفلسطينية، والأزمةُ السودانية، وتدهوُر الأوضاع الإنسانيَّة في كثير من بلاد المسلمين في إرهابٍ فظيعٍ ضدَّ الإسلام والإنسان والبيئة، ألا بِئسَت سلعة الأشرار التي محَت من جمال البيئة كلَّ الآثار، وهلُمَّ جرًّا من جرائِم التلوُّث السمعيِّ والبصريِّ واللفظيِّ مما يُخجِلُ الفضيلة، وتئِنُّ منه المروءةُ، والله المُستعان ، ثم قال :أيها المؤمنون: إن الوعيَ التامَّ، والتثقيفَ العامَّ بالحفاظ على البيئة، وحفظِ مُقوِّماتها، وعناصرها ومُهمَّاتها، والوعي البيئيِّ أمانةٌ شرعيةٌ، ومسؤوليةٌ خُلُقيَّة، وحاجةٌ وطنيَّة، وضرورةٌ اجتماعية، وقيمةٌ حضاريَّة، لا تزيدُ الأُممَ إلا تحضُّرًا وعلوًّا، ورُقيًّا ونمُوًّا إهـ   نفعنا الله بما سمعنا وجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه...

 

الخطبة الثانية :

الله أكبر! كيف ندرء الأذى عن مناحِي الحياة كلِّها؟! لتسلمَ بيئتنا وحياتنا وتكون جميلةً بهيَّة، نقيَّةً صحيَّة، فحقيقٌ ، الأمر عظيمٌ وجليلٌ ولكن هل نمتثل .

ومن هذا المنطلق وجه معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد خطباء الجوامع بتخصيص خطبة هذه الجمعة - 23/ 6 /1445هـ -لحث الناس على المحافظة على البيئة وعدم الإضرار بها بأي شكل من الأشكال، وأهمية التأدب بآداب الإسلام أثناء التنزه في المنتزهات البرية، والتأكيد على وجوب المحافظة على نظافة المكان بعد التنزه فيه، وعدم إبقاء المخلفات البلاستيكية والزجاجية وبقايا الطعام وغيرها والتي تضر بالإنسان والنبات والحيوان، وأيضا التأكيد على عدم إشعال النار إلا في الأماكن المسموح بها، وضرورة إطفائها قبل مغادرة المكان، ووجوب الالتزام بالأنظمة التي أصدرتها الجهات المعنية بشأن المحميات الطبيعية وعدم الاعتداء عليها، وكذلك عدم الصيد والاحتطاب تحقيقاً للغاية الشرعية في المحافظة على الحياة الفطرية والغطاء النباتي..

 

 

 

المشاهدات 626 | التعليقات 0