الحزم .... بين الأمس واليوم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
إخوة الإيمان والعقيدة ... عندما تضعف أمة الإسلام فإن الأمم تطمع بخيراتها ومقدّراتها بل تتجرأ إلى غزو ديارها، وإن الأمم بعامة من يهود ونصارى ورافضة نصيرية أو حوثية لا يُجدي معها سوى لغة إلقام الحجر! ولا يردعها سوى لغة (خمس فواسق يُقتلن في الحلّ والحرم) ولا يردّها خاسئة ذليلة حقيرة إلا منطق سليمان -عليه الصلاة والسلام ( ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ولا يقطع دابرها سوى مقولة ((مَنْ لِكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله)) ولا يردّها عما عزمت عليه غير منطق "الجواب ما ترى لا ما تسمع"!. فلله در هارون الرشيد! ونسأل الله أن يوجد مثله اليوم رَجُلٌ رشيد؟!!
يا ألف مليون تكاثر عدهم **** إن الصليب بأرضنا يتبختر
الحرب دائرة على الإسلام يا **** قومي فهل منكم أبيٌّ يثأرُ
إنا سئمنا من إدانة منكر **** إنا مللنا من لسانٍ يزأرُ
يتقاسم الأعداء أوطاني على **** مرأى الورى و كأننا لا نشعر
أين النظام العالمي ألا ترى **** شعباً يُباد وبالقذائف يُقبرُ؟
أين العدالة أم شعار يحتوي **** سفك الدماء و بإدانة يُسترُ؟
ما دام أن الشعب شعبُ مسلمٌ **** لا حل إلا قولهم نستنكر
يا أمتي و القلب يعصره الأسى **** إن الجراح بكل شبرٍ تُسعِرُ
و الله لن يحمي رُبا أوطاننا **** إلا الجهاد و مصحف يتقدّرُ
إن المواجهة بين المسلمين وأعدائهم لم تتوقف منذ فجر الإسلام، مصداقاً لقول الله تعالى( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) فالمعركة مستمرة، وإن تعددت ساحاتها وتبدلت أسلحتها ( وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) ولعل ذلك من أقدار الله الغلَّابة ومن ابتلاءات الخير والشر، فالمسلمون مستهدفون بأصل إيمانهم وليس بسبب كسبهم أو فعلتهم في كثير من الأحيان ( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) وسوف تتداعى عليهم الأمم لتأكل خيراتهم وتستنـزف طاقاتهم وتتحكم ببلادهم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، وسوف تجتمع عليهم، ولن ترضى عنهم حتى يتخلوا عن دينهم ويصبحوا أتباعاً ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) وهذا قد يكون طبعياً من الأعداء، لكن المشكلة في غالب الأحيان إنما تتمثل في غفلة المسلمين وسُبَاِتهم، وعدم اليقظة إلى مكر عدوهم ( وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ) والتاريخ شاهد على ذلك في القديم والحديث، وكم غفل المسلمون أو تغافلوا عن هذا القانون وركنوا إلى الذين ظلموا، ووالوا أعداء الله، واتخذوا بطانة من دونهم لا يألونهم خبالاً، وخدعوا بعهود ووعود، فكان السقوط وكان التخلف وكانت الهزيمة الثقافية والسياسية والعسكرية، لكن من نعمة الله على المسلمين أن تسليط عدوهم عليهم ليس تسليط استئصال وإبادة، لأنهم أمة النبوة الخاتمة، وإنما تسليط إيذاء وعقوبة على المعاصي الفكرية، والمعاصي السياسية، والمعاصي الأخلاقية التي يقعون فيها ( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى ) هذا الأذى ليس هو شراً دائماً بل هو في كثير من الأحيان خير فـ ( لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) لأنه أشبه بالمحرّضات والمنبهات الحضارية، التي تشعر الأمة بالتحدي وتبصَّرها بمواطن التقصير وتقضي على الجوانب الرخوة في حياتها، فتستعد للإقلاع من جديد، فالغريب أن تتوقف المعارك ويتوقف الأذى، والغريب ألاّ يدرك المسلمون ذلك حق الإدراك، وهم يتلون القرآن ويقرؤون التاريخ.
فنسأل الله تعالى أن يعيد للأمة مجدها وعزتها. نسأل الله أن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... إن سنة الله تعالى في خلقه واحدة ، ثابتة لا تختلف ، مؤكداً أن من سنن الله في الكون أن جعل المدافعة بين الحق والباطل قائمة مدى الدهر، ماضية إلى أن تقوم الساعة، لا اتفاق بين حق وباطل ولا ائتلاف ولا اجتماع.
إن بلادنا – ولله الحمد - بذلت مع أشقائها في الدول العربية والإسلامية مساعي الصلح بين الأشقاء في اليمن لكن هذه المساعي لم تلق أذناً صاغيةً من مليشيات الحوثي الباغية، فكان لهم الرد القوي على عملهم الباغي.
عباد الله ... أن عملية "عاصفة الحزم" كانت استجابة لطلب الحكومة الشرعية في اليمن بنصرتهم على من انقلب عليهم، وحوَّل حياتهم من سعادة إلى شقاء, ومن أمن إلى خوف, ومن رخاء إلى نهب وسلب من قبل عصابات المليشيات الحوثية, مشيراً إلى أن العديد من الدول لبّت نداء العاصفة لإنقاذ اليمن وأهله .
أن الكل يقع عليه مسؤولية نصرة أشقائه، لقد كانت الخطوة مباركة .. بادرت بها المملكة مع الدول الخليجية والعربية والإسلامية لوقف الزحف الحوثي المتعنت ومساندة القيادة الشرعية لليمن، لاسترداد الحقوق اليمنية المسلوبة من قبل مليشيات الحوثي الظالمة التي امتهنت الأعمال الإرهابية والجرائم المنكرة التي قاموا بها من سفك للدماء البريئة، وإتلاف للأموال، وقتل للأنفس المعصومة، وتدمير للمساجد، وحرق للمصاحف, إلى جانب ما اقترفوه من الاستيلاء على مراكز السلطة الشرعية في اليمن والتحفظ على رجالاتها وإيذائهم.
فكانت هذه عاصفة الحزم .. انطلاقاً من واجب النصرة لإخواننا في اليمن, وحفاظا على استقرار وأمن بلاد الحرمين الشريفين والمنطقة العربية من أن يتخذ اليمن أداةً لقوى خارجية لم تكُفَّ عن العبث بأمن واستقرار اليمن. حتى يتم النصر بإذن الله لأهل اليمن،
لقد انطلقت (عاصفة الحزم) مؤيدة بتأييد الله تعالى أولاً (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) وإنفاذا لما أوصى به النبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم من حق المسلم على أخيه المسلم والجار على جاره.
ثم بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وبتأييد دولي لوأد خطر الحوثيين وما يحملونه في عقولهم وقلوبهم من أفكار خبيثة ضد المسلمين الذين يؤازرهم في ذلك أعداء الإسلام من الخارج.
أن "عاصفة الحزم " ستعيد الحق - بإذن الله - إلى أهله وتلقّن كل عدو للمسلمين درساً لن ينساه، وبأن للحق رجالاً أوفياء أبطالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه, ينصرون الحق ويدحرون الظلم ويذيقون الظالم أشد العذاب، ويدافعون عن المقدسات والحرمات.
انـا لقـوم أبـت اخلاقنـا شرفـا **** أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينـا
نسأل الله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد لما يحبه ويرضاه، وأن يفشل خطط الأعداء، ويرد كيدهم في نحورهم.
نسأل أن يحفظ الجنود البواسل ... يجمع كلمتهم .. ويسدد رميهم .. ويشفي مريضهم .. ويرحم ميتهم .. ويتقبل شهداءهم

المشاهدات 1923 | التعليقات 0