الحجاب .. الحجاب

الحمد لله الذي جعل حجاب المرأة شرفاً لها وعزةً ورفعة، الحمد لله الذي أوجب لنا العفاف والحياء والطهر. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي حمل رسالة المرأة ودافع عنها أكمل دفاع، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )

إخوة الإيمان والعقيدة ... هل تعرفون قصة تلك المعلمة التي دخلت على طالباتها، وأخرجت لهن حلوى بعضها مكشوف وبعضها مغطى؟ قالت لهن: ما رأيكن؟ أيهما أفضل: الحلوى المكشوفة أم المغطاة؟ فقالوا بلسان واحد: المغطاة أفضل.

نعم أيها المسلمون، لقد جاءت شريعة الله بالحفاظ على المرأة لتبقى مغطاةً، لتظل قيمتها عاليةً عند الله وعند المجتمع.

في هذه الأزمنة تخرج صيحات من هنا وهناك تتحدث عن كشف وجه المرأة وتدعو إلى تبرجها وسفورها، وكأن قضايا المرأة انتهت فلم يبق إلا أن نخوض في وجهها وهل تكشفه للرجال أم لا!!

إن المسلم يأخذ دينه وشريعته من كتاب الله ومن سنة رسول الله ﷺ ومن أقوال العلماء الراسخين في العلم، وليس من آراء الجُهَّال وأهوائهم، ولا من قنوات الفسق، ولا من مواقع الإنترنت غير المعتبرة.

لقد أوجب الله تعالى على المرأة تغطية وجهها ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ) قال العلماء: الجلباب هو الرداء الذي يغطي وجه المرأة ورأسها.

ثم بين الله تعالى الحكمة من الحجاب، فقال ( ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ ) لأن وسيلة المعرفة هي الوجه، والوجه هو أكبر سبب للفتنة والإغراء، لذا جاء الأمر هنا بوجوب تغطيته.

ثم قال تعالى ( فَلَا يُؤْذَيْنَ ) فلا يتعرض لهن الفُساق بالأذى، وقوله ( فَلَا يُؤْذَيْنَ ) إشارة إلى أن في معرفة محاسن المرأة إيذاءً لها ولذويها بالفتنة والشر.

ثم اسع إلى قول الله  ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاْسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) وهذا خطاب للصحابة رضي الله عنهم .. إذا أرادوا أن يسألوا نساء النبي ﷺ وهذا دليل واضح في وجوب وجود غطاء يمنع من رؤية الرجال للنساء.

وهنا ذكر الله الحكمة من الحجاب فقال ( ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) فتأمل - بارك الله فيك - كيف جعل الله الحجاب سبباً لطهارة القلوب! وذلك لأن العين تزرع الشهوة في القلب وتجعله يميل للحرام، فحينما نربي أبصارنا على غض البصر ونربي نساءنا على الحجاب فإننا نكون قد بذلنا السبب في تطهير قلوبنا.

أيها المؤمنون .. من فوائد الحجاب: أن الحجاب دليل الحياء، وقد قال ﷺ ( إن لكل دين خُلُقًا، وخُلُقُ الإسلام الحياء ) والمرأة ولدت والحياء يجري فيها، والحجاب يكمل الحياء ويؤيده.

والحجاب يتناسب مع الغَيرة التي جُبل عليها الرجلُ السَّوِيُّ، الذي يأنف أن تمتد النظراتُ الخائنة إلى زوجته وبناته.

معاشر المسلمين ... إن من يتأمل نصوص الشرع، وعِبَرَ التاريخ، يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا، ولا سيما إذا انضم إليه الاختلاط، قال رسول الله ﷺ ( صنفان من أهل النار لم أَرَهُمَا ... ) وذكر منهما ( ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البُخْتِ المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) ولذا كان من وصايا رسول الله ﷺ ( فاتقوا الدنيا! واتقوا النساء! فإن أول فتنةِ في بني إسرائيل كانت في النساء ).

لقد تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة لأجل لفت الأنظار إليهن، مما يُتْلِفُ الأخلاقَ والأموال، ويجعل المرأة كالسلعة المهينة الحقيرة المعروضة لكل من شاء أن ينظر إليها، مما يؤدي إلى فسادِ أخلاقِ الرجال، وخاصةً الشباب والمراهقين، ودفعهم إلى الفواحش المحرمة بأنواعها.

 أيها الكرام ... إن الناظر في تاريخ الأمم السابقة والدول حتى الكافرة منها يجد أن الحجاب والستر كان من سمة نسائهم، فقبلَ مائةِ عامٍ تقريباً، لم تكن امرأةٌ مُسلِمةٌ على وجهِ الأرضِ تكشِفُ وجهَها، والصُّورُ الموجودةُ للمسلمينَ في الهندِ وألبانيا ودولُ شمالِ أفريقيا وتركيا والشامُ، فضْلاً عن جزيرةِ العربِ كلُّها تشهدُ بذلك، حتى في الأندلسِ؛ قالَ أبو حيَّانِ الأندَلسي: وكذا عادةُ أهلِ الأندلسِ لا يَظهرُ من المرأةِ إلا عينَها.

بل حركاتِ التحريرِ -  كما يزعمونَ - والتي يفتخرونَ بها، تُثبتُ أن النِّساءَ كُنَّ مُستَتراتٍ مُتحجِّباتٍ، حتى جاءَ من خدعَهنَّ في نزعِ الحِجابِ وكشفِ الوجهِ.

عباد الله .. لماذا الهجوم على الحجاب!! إن الذين يسعون للنقاش في مسألة الحجاب لا يريدون تحقيق مصلحةٍ للمرأة وتحريرها من هموم نزلت بها، ولا الدفاع عن كرامتها، إنهم يريدون إخراجها من عفافها وخلعها لحجابها عبر التدرج في ذلك.

كان النقاش حول النقاب، ثم توسع النقاب وأصبح هناك نقابٌ واسع، ثم خرجت زينةٌ في النقاب، وخرجت العينان، وزادت الزينة فأصبح هناك مكياج للعين، ثم تطورت القضية وبدأت بعض الأخوات بلبس اللثام، وبعد زمن سقط اللثام وكشف الوجه للعالم، ثموانتشر العباءة المفتوحة، ويظهر اللباس حتى أصبح اللباس ضيق وقصير، ثم ماذا؟ - الله أعلم -.

أسأل الله تعالى أن يحفظ نسائنا وبناتنا ونساء وبنات المسلمين من كل سوء ومكروه.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

معاشر المؤمنين ... أقول لي ولكل أب وولي الأمر: نخاطب غيرتك ورجولتك وقبل ذلك دينك، واقول لك: اتق الله في نسائك! اتق الله في زوجتك، في أخواتك، في بناتك، حافظ على عفاف أسرتك، عوِّد بناتك على الحجاب من الصغر حتى يكون عادة لهن. امنع زوجتك من لبس القصير حتى في البيت حتى لا تكون قدوةً لبناتك. لا تسمح لزوجتك بلبس العباءة الفاتنة والمطرزة والضيقة، وكن قيماً عليها، كما قال الله ( الْرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) اعلم أن قنوات الفسق هي من أكبر المحفزات للتبرج والسفور ونزع الحجاب، فأوصيك بإغلاق تلك القنوات المحرمة التي تخدش الحياء وتسهل الحرام.

إذا كان المنافقون وأذنابهم يستخدمون وسائلهم لحرب الفضيلة والعفاف، فلماذا نقف نحن ونتفرج؟ يجب أن يكون لنا موقف قوي ندعو للفضيلة ونكونَ صفاً واحداً في رعاية العفاف والحياء والحجاب.

اللهم احفظنا من الفتن والشبهات والشهوات.

الحجاب يحكي عن تربية الأب، وحرص الأم، وغيرة الأخ، وحب وخصوصية الزوج، وشخصية المرأة.

إننا نحمد الله على ما نراه في بلادنا من التمسك بالحجاب الشرعي، ومهما رأينا من خللٍ فهو يسير بحمد الله وبحاجة إلى معالجة وتصحيح.

اللهم احفظ بلادنا من كيد المنافقين والمغرضين، اللهم املأ بيوتنا بالعفاف والحياء، اللهم أصلح الآباء لحسن رعايتهم للأبناء والبنات، اللهم أصلح نساءنا واجعلهن عفيفات صالحات.

عباد الله ... صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ....

المشاهدات 829 | التعليقات 0