الحَثُّ عَلَى العِنَايَةِ بِالقُرْآنِ الكَرِيْمِ

مبارك العشوان 1
1442/10/02 - 2021/05/14 01:04AM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَـاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى أَيُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ العِنَايَةَ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى؛ تِلَاوَةً، وَحِفْظًا، وَتَدَبُّرًا، وَعَمَلًا، وَتَعَلُّمًا وَتَعْلِيْمًا؛ لَهِيَ مِنْ أَفْضَلِ العِبَادَاتِ.

وَلَقَدْ جُمِعَتْ فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ خَيْرَاتُ الدُّنْيَا وَالأُخْرَى؛ فَفِي القُرْآنِ هِدَايَةُ الخَلْقِ وَفَلَاحُهُمْ؛ وَفِيْهِ سَلَامَتُهُمْ مِنَ الشَّقَاءِ، وَفِيْهِ شِفَاؤُهُمْ: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُــونَ }يونس 57 – 58 وَقَالَ تَعَالَى: { طَه، مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } قَالَ قَتَادَةُ: لَا وَاللَّهِ مَا جَعَلَهُ شَقَاءً، وَلَكِنْ جَعَلَهُ رَحْمَةً وَنُورًا، وَدَلِيلًا إِلَى الْجَنَّةِ.

تَعَلَّقِتِ الخَيْرِيَّةُ بِالقُرْآنِ الكَرِيْمِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَارْتَبَطَتْ بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ؛ فَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ.

إِنْ قَرَأْتَهُ؛ فَلَكَ بِكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.

وَإِنِ اسْتَمَعْتَ لَهُ وَأَنْصَتَّ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ رَحْمَةِ اللهِ لَكَ.

إَنْ كُنْتَ مَاهِرًا بِالْقُرْآنِ؛ كُنْتَ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَإِنْ كُنْتَ تَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْك شَاقٌّ، فلك أَجْرَانِ.

إِنِ اِجْتَمَعَتَ مَعَ قَوْمٍ لِتِلَاوَةِ القُرْآنِ وَتَدَارُسِهِ، كَانَ اِجْتِمَاعًا مُبَارَكًا؛ جَاءَتِ البِشَارَةُ لِأَصِحَابِهِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ... ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ

القُرْآنُ العَزِيْزُ عِزُّ لِصَاحِبِهِ، وَرِفْعَةٌ لَهُ فِي دُورِهِ الثَّلَاثِ  الدُّنْيَا، وَالبَرْزَخُ، وَالآخِرَةُ.

القُرْآنُ الكَرِيْمُ حِفْظٌ لِصَاحِبِهِ مِنَ الشُّرُورِ؛ فَسُورَةُ الْبَقَرَةِ، أَخْذُهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكُهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ.

القُرْآنُ الكَرِيْمُ أَمَانٌ لِصَاحِبِهِ مِنْ عَظَائِمِ الفِتَنِ؛ فَـ: ( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ )

هُوَ أَمَانٌ مِنْ مَخَاوُفِ الآخِرَةِ؛ شَفِيْعٌ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ تَأْتِي سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَسُورَةُ آلِ عِمْرَانَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا.

فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ - رَحِمَكُمُ اللهُ - صَلَاحُ قُلُوبِنَا وَطَهَارَتُهَا، وَأُنْسُهَا: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد 28 

 يَقُولُ عُثْمَانٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُكُمْ مَا شَبِعَتْ مِنْ كَلَامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَنَا.

وَأَنْ يُبَارِكَ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَيَنْفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.

 

الخطبة الثانية: 

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلمَ: ( لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ ) رواه البخاري ومسلم.

فَلْنُكْثِرْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - مِنْ تِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيْمِ؛ وَلْنَرَتِّبْ لِأَنْفُسِنَا وِرْدًا يَومِيًّا؛ وَخَتَمَاتٍ طُولَ العَامِ؛ كُلَّمَا انْتَهَيْنَا مِنْ خَتْمَةٍ شَرَعْنَا فِي أَخْرَى.

قِرَاءَةً خَالِصَةً لِلَّهِ، قِرَاءَةً مُتَأَنِّيَةً؛ نُبَيِّنُ الحُرُوفَ، وَنُرَاعِيَ الوُقُوفَ، نَتَدَبَّرُ المَعَانِي؛ لِنَفْهَمَ وَنَعْمَلَ.

لِنَهْتَدِي بِهَدْيِهِ، فَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى هُدًى لِلْمُتَّقِيْنَ، { الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ }البقرة: 1 - 2

جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ، وَرَزَقَنَا عَالِيَ الجِنَانِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَاءِ الدِّيْنِ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

المرفقات

1620954249_الحَثُّ عَلَى العِنَايَةِ بِالقُرْآنِ الكَرِيْمِ.pdf

المشاهدات 1984 | التعليقات 0