الحث على التحصيل العلمي مع اتباع الارشادات والتعليمات
عايد القزلان التميمي
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، والحمدلله الذي فضل العلم على الجهل فقال سبحانه: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له العليم بمن يصلح للعلم والدين, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: ((إنما بعثت معلماً)) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله ويعلمكم الله .
أيها المؤمنون ديننا الإسلامي دين علم ومعرفة، دين حارب الجهل والأمية من أول يوم،
وفي أول كلمة من الوحي: اقْرَأْ ، لأن القراءة والكتابة من العناصر الأساسية لقيام الدول والشعوب، فكانت البداية بهما في مستهل الرسالة دليل على قيام حضارة إسلامية متى تمسكت الأمة بالعلم، ويقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح)) : مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ )) أخرجه أبو داود والترمذي .
وكان النبى محمد صلى الله عليه وسلم يدرك أهمية العلم والتعلّم فى مسيرة الأمة الإسلامية، فقد افتدى مجموعة من أسرى معركة بدر ممّن ليس لهم فدية بتعليم جماعة من المسلمين القراءة والكتابة،
قال ابن القيم رحمه الله فى زاد المعاد: (فصل فى حكمه فى الأسرى: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فى الأسرى فادى بعضهم على تعليم جماعة من المسلمين الكتابة) .
فالحاجة إلى العلم فوق كل حاجة، فلا غنى للعبد عنه طرفة عين،
قال الإمام أحمد رحمه الله: "الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب، فالرجل يحتاج إلى الطعام والشراب مرة أو مرتين، وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه".ا.ه . وكيف لا تكون هذه منزلة العلم؟! وهو الذي به يَعْرِف العبد ربه وأسماءه وصفاته وأفعاله وأمره ونهيه،
وبالعِلم والإيمان يُخرج اللهُ العباد من الظلمات إلى النور، قال الله تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا .
وقال سبحانه (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ))
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)) متفق عليه
وقال الإمام الشافعي رحمه الله عن قيمة صاحب العلم:
تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالما وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِل
وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ صَغيرٌ إذا الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ
وإنَّ صَغيرَ القَومِ إنْ كانَ عَالِماً كَبيرٌ إذَا رُدَّتْ إليهِ المحَافِلُ
أيها المؤمنون وأمتنا اليوم هي أشد ما تكون حاجةً إلى العلم النافع الصحيح.
وإن العلم والتحصيل العلمي هو السلاح القوي على مواجهة الأفكار الفاسدة، والثقافات الضالة التي تأتي من الأعداء .
وبالعلم والتعلُّم ترتقي المجتمعات وتزدهر .
وللعلم آثار طيبة من خلال ترسيخ القيم الفاضلة والأخلاق العالية .
عباد الله : والمتعلم ,وغير المتعلم لا يستويان، قال سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
وعلى الإنسان أن يسعى دائما نحو طلب العلم والمعرفة كل في مجاله وتخصصه، والعلم بحر لا ساحل له.
واعتنت حكومة بلادنا وفقها الله عناية بالغة بالتعليم، من خلال الاهتمام بالأجيال منذ نشأتها وشيدت لهم المدارس والجامعات ، واستقطبت الكفاءات العلمية بمختلف التخصصات والمجالات، وقد راهنت قيادتنا الحكيمة على التعليم لأنه سلاح التقدم والرقي والازدهار ومن خلاله تكتسب العقول العلوم والمعارف وبه يتم الإبداع والابتكار والاختراعات.
أيها المسلمون إن معلم الناس الخير منزلته عالية ومكانته رفيعة، ومهنة التعليم هي في الحقيقة أشرف المهن،
فعلى المعلم أن يستشعر حجم المسؤولية التي تقع على عاتقه، وأن يكون قدوة لطلابه بأفعاله وأخلاقه وسلوكه وأقواله، وأن يخلص النية ويضاعف الجهد حتى ينال الطالب الفوائد، وأن يسعى نحو ترسيخ القيم العالية والأخلاق الفاضلة في أبنائه الطلبة .
عباد الله وليعلم كل من المدرس وولي أمر الطالب والطالبات: أنه راع فيهم، ومسؤول عنهم، ومطلوب منه النصح لهم ومتابعتهم وحثهم على التحصيل العلمي. قال صلى الله عليه وسلم (( كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه))؛ متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وهو غاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عليه الجَنَّةَ )) أخرجه مسلم
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما قد سمعتم، وأستغفر الله فاستغفروه، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي جعل العلم وأهله في أعلى الدرجات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، المعلّم الناصح والمرشد لأمته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا
أما بعدُ فيا أيها المسلمون: ولقد استقبل طلاب وطالبات المرحلتَيْن الابتدائية ورياض الأطفال وأولياء أمورهم قرار عودة الدراسة حضوريًّا بالابتهاج تأكيدًا منهم أن القرار الذي أعلنته وزارتا التعليم والصحة يُعدُّ مطلبًا أسريًّا وتربويًّا؛ بعد انقطاع عامين عن الدراسة بسبب تداعيات الجائحة، مع اعتماد نماذج تشغيلية ، يتم فيها تطبيق الاحترازات والإجراءات الصحية المعتمدة مع التوكل على الله وفعل الأسباب من لُبس للكمام وغيره واتباع التعليمات والارشادات.
وَاعْلَمُوا أَنَّ دِينَنَا جَاءَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ وَجَاءَ بِعَمَلِ الْأَسْبَابِ، قَالَ اللهُ –تَعَالَى(( وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ((فَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ أَمْرٌ وَاجِبٌ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ كَفَاهُ
فاتقوا الله أيها المسلمون، واحرصوا على تعلم العلم النافع ، وهذِّبُوا به أخْلاقَكُم، واعملوا به في حياتِكم. يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فبذلك فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ * }
ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في قوله عز من قائل: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه عشراً)) رواه مسلم.
المرفقات
1642739409_الحث على التحصيل العلمي.doc