الحث على استغلال العشر وشعيرة نسك الأضاحي وعدم الحج بلا تصريح
فيصل التميمي
1435/12/02 - 2014/09/26 04:49AM
الحث على استغلال العشر وشعيرة نسك الأضاحي وعدم الحج بلا تصريح 2/12/1435هـ
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فإن من اتقاه وقاه وحفظه في دنياه وأخراه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
معاشر المؤمنين: ونحن في عشر ذي الحجة في الأيام العشر المباركة حري بنا أن نكثر من التهليل والتكبير والتسبيح: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتسبيح)) .
وذكر الله عز وجل فيه أجر عظيم، وهو من أسهل الأعمال وأيسرها، قال صلى الله عليه وسلم : ((لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خير لي مما طلعت عليه الشمس)) أخرجه مسلم .
عباد الله.. وإنه لجدير بالمسلم الفطن أن يغتنم الأزمان الفاضلة فيما يقربه إلى ربه ، ويعلي منزلته في دار كرامته، من المحافظة على أداء نوافل الصلوات، وتلاوة القران الكريم والصدقات، والإكثار من ذكر الله تعالى وحفظ الجوارح عما حرم الله، قال جل وعلا : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
ومن الأعمال الصالحة التي يحسن بالمسلم الحرص عليها وهي سهلة يسيرة وأجورها عظيمة لاسيما في هذه الأيام المباركة التي يضاعف فيها أجور الأعمال الصالحة: عبادة الصيام ، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا)) أخرجه البخاري ومسلم.
ويتأكد صومُ يومِ عرفةَ لغير الحاج وتعويد الصغار عليه، لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" صيام يوم عرفه أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " رواه مسلم.
ومعنى يكفرها: أي إذا اجتنبت الكبائر يكفرُ الصغائر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)).
عباد الله.. وفي آخر أيام العشر المباركة يوم النحر وهو من أعظم الأيام عند الله تعالى، وفيه تراقُ دماءُ الأضاحي والهديَ تعبداً وتقربًا إلى الله عز وجل، وهذا النسك من أفضل القربات وأجل العبادات والطاعات، فقد قرن الله عزّ وجل الذبحَ بالصلاة ، قال تعالى:(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )، وقال عز وجل: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
والتقرب إلى الله بذبح الأضاحي، سنة أبينا إبراهيم عليه السلام ، شرعها لنا نبينا صلى الله عليه وسلم من بعده لما فيها من الأجر عظيم ، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينةَ عشر سنين يضحي..وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: ضحى النبي بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده. أخرجه البخاري ومسلم. فحري بكل مسلم قادر على التقرب إلى الله تعالى بهذا النسك العظيم أن لا يفرط فيه.
واعلموا عباد الله أن للأضحية أحكاما وآدابا ينبغي للمسلم أن يراعيها، منها أن تبلغ الأضحية السن المجزئة شرعًا، فمن الغنم ما أتم سنة كاملة، ومن الضأن ما أتم ستة أشهر، ومن الإبل ما أتم خمس سنين، ومن البقر ما أتم سنتين كاملتين، وتجزئ الإبل والبقر عن سبعة أشخاص، فلو اشترك سبعة في بعير أو بقرة أجزأت عنهم جميعًا.
ومن أحكام الأضحية أن تكون خالية من العيوب المخِلّة شرعًا، قال صلى الله عليه وسلم : ((أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تنقي))
ولنحذر عند شراء الأضاحي من غش بعض الباعة فإن الغش في هذه الأزمنة كثير ، كأن يبيع معيبة لا تجزئ أو صغيرة لم تبلغ السن المعتبرة شرعا لإجزاء الأضحية، ولنجتهد في طيبها وكمالها وسلامتها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ ، كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ، وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)
بارَكَ الله لي وَلكُم في القُرآنِ العَظيمِ، ونَفَعَني الله وإيَّاكم بهدي نبيه الكريم، أقول ما تسمعون، وأستَغفِر اللهَ لي ولَكم ولجميعِ المسلِمينَ من كلّ ذَنب فاستغفِروه، إنّه هو الغفور الرّحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد فاتقوا الله عباد الله وأكثروا في هذه الأيام من التهليل والتكبير والتسبيح وذكر الله تعالى.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد
عباد الله يا من عقدتم العزم على الحجّ إلى بيت الله العتيق، عظِّموا شعائِرَ الله يزِدكم إيمانًا وتَقوى، ذَلِكَ (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) .
ألا وإن ومِن تعظيم الشعائِر إحسانُ العمل وإتمامه، والحِرصُ على كماله ، واتباع هديِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في كلِّ صغيرةٍ وكَبيرة من مناسكه ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : ((خذوا عني مناسككم)).
كما أنَّ تتبُّع الرّخَص والتهاونَ في المناسك خُذلان ونَقص، والله تعالى يقول: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) .
عباد الله.. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ: خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)
فحري بكل حاج قاصد لتلك البقاع المباركة أن يتقي الله أولا وآخرا في حله وترحاله ، وأن يتحرى إتباع السنة في أداء نسكه ، وأن يبتعد عما يفسد حجه أو ينقص أجره ليكون حجه مبرورا وسعيه مشكوراً ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ، ومما يعين الحاج على أداء نسكه بكل يسر وسهولة ويجنبه تعريض نفسه للمشقة والخطر ، أن يلتزم بالتعليمات الصادرة عن الجهات المنظمة للحج ، بما في ذلك ابتداء أن لا يحج إلا بتصريح ، لأن النظام الذي يتخذ لتنظيم الناس وضبط سفرهم للحج معتبر شرعاً ، فلا تجوز مخالفته ولا التحايل عليه ، وبالإلتزام به تحصل المصلحة العامة من التوسعة على الحجاج ودرء المخاطر عنهم ، ويتحقق التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به في قوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) لا سيما مع ما نشهده من ازدحام الحجاج وكثرة أعدادهم.
نسأل الله بمنه وكرمه أن يحفظ حجاج بيت الله الحرام .. وأن ييسر لهم حجهم وأن يتقبل منهم .. وأن يعيدهم إلى أهلهم سالمين غانمين.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال قولاً كريماً...
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق