الْجَمَاعَةُ السُّرُورِيَّةُ (مُوَافِقٌ لِلتَّعْمِيمِ) 16 ربيع الأول 1443هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1443/03/15 - 2021/10/21 06:27AM

الْجَمَاعَةُ السُّرُورِيَّةُ 16 ربيع الأول 1443هـ

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا, مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فإِنَّ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لِوُلاةِ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ - فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ - أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْعَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ، قَلَّ أَنْ يَخْلُوَ كِتَابٌ فِيهَا مِنْ تَقْرِيرِهِ وَشَرْحِهِ وَبَيَانِهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِبَالِغِ أَهَمِّيَّتِهِ وَعَظِيمِ شَأْنِهِ، إِذْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُمْ تَنْتَظِمُ مَصَالِحُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَعًا، وَبِالافْتِيَاتِ عَلَيْهِمْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا فَسَادُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا.

وَقَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا دِينَ إِلَّا بِجَمَاعَةٍ، وَلا جَمَاعَةَ إِلَّا بِإِمَامَةٍ وَلا إِمَامَةَ إِلَّا بِسَمْعٍ وَطَاعَةٍ. يَقُولُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ  رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي الْأُمَرَاءِ : هُمْ يَلُونَ مِنْ أُمُورِنَا خَمْسًا: الْجُمُعَةَ ، وَالْجَمَاعَةَ، وَالعِيدَ، وَالثُّغُورَ، وَالْحُدُودَ, وَاللهِ لا يَسْتَقِيمُ الدِينُ إِلَّا بِهِمْ، وَإِنْ جَارُوا وَظَلَمُوا وَاللهِ لَمَا يُصْلِحُ اللهُ بِهِمْ أَكْثَرُ مِمَّا يُفْسِدُونَ، مَعَ أَنَّ طَاعَتَهُمْ – وَاللهِ – لِغِبْطَةٌ وَإِنَّ فُرْقَتَهُمْ لَكُفْرٌ.ا.هـ

وَلَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ يُولُونَ هَذَا الْأَمْرَ اهْتِمَامًا خَاصًّا، لا سِيَّمَا عِنْدَ ظُهُورِ بَوَادِرِ الْفِتْنَةِ، نَظَرًا لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجَهْلِ بِهِ أَوْ إِغْفَالِه مِنَ الْفَسَادِ الْعَرِيضِ فِي الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْعُدُولِ عَنْ سَبِيلِ الْهُدَى َوَالرَّشَادِ, وَاهْتِمَامُ السَّلَفِ بِهَذَا الْأَمْرِ تَحْمِلُهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ نُقِلَتْ إِلَيْنَا عَنْهْمُ، فَمِنْهَا:

الْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ لِلْإِمَامِ الْقَائِمِ الْمُسْتَقَرِّ الْمُسْلِمِ وَالتَّغْلِيظُ عَلَى مَنْ لَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ وَالتَّرْهِيبُ مِنْ نَقْضِهَا، قَالَ الإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلَيٍّ الْبَرْبَهَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ (السُّنَّةِ) : مَنْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ بِإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَرِضَاهُمْ بِهِ، فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، لا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةً وَلا يَرَى أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إِمَامٌ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا ... هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل ا.هـ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ – حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ، زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ -، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُطِيعٍ: اطْرَحُوا لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن وِسَادَة، فَقَالَ : إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ لَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ مِنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ التَّحْذِيرَ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، ومِثَالُ ذَلِكَ: مَا قَامَ بِهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، حَيْثُ كَانَ مِثَالًا لِلسُّنَّةِ فِي مُعَامَلَةِ الْوُلَاةِ، فَلَقَدْ تَبَنَّى الْوُلاةُ فيِ زَمَنِهِ أَحَدَ الْمَذَاهِبِ الْفِكْرِيَّةِ السَّيِّئَةِ وَحَمَلُوا النَّاسَ عَلَيْهِ بِالقُّوَّةِ وَالسَّيْفِ، وَأُرِيقَتْ دِمَاءُ جَمٍّ غَفِيٍر مِنَ الْعُلَمَاءِ بِسَبِبِ ذَلِكَ، وَفُرِضَ الْقَوْلُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى الأُمَّةِ، وَقُرِّرَ ذَلِكَ فِي كَتَاتِيبِ الصِّبْيَانِ.... إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الطَّامَّاتِ وَالْعَظَائِمِ، وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالإِمَامُ أَحْمَدُ لا يَنْزَعُهُ هَوَىً، وَلا تَسْتَجِيشُهُ الْعَوَاطِفُ بَلْ ثَبَتَ عَلَى السُّنَّةِ، لِأَنَّهَا خَيْرٌ وَأَهْدَى فَأَمَرَ بِطَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَجَمْعِ الْعَامَّةِ عَلَيْهِ, وَوَقَفَ كَالْجَبَلِ الشَّامِخِ فِي وَجْهِ مَنْ أَرَادَ مُخَالَفَةَ الْمَنْهَجِ النَّبَوِيِّ وَالسِّيَرِ السَّلَفَيِّةِ، انْسِيَاقًا وَرَاءَ الْعَوَاطِفِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ قُيُودِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَوِ الْمَذَاهِبِ الثَّوْرِيَّةِ الْفَاسِدَةِ.

يَقُولُ حَنْبَلٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ فِي وِلايَةِ الْوَاثِقِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ يَعْنِي الإَمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وَقَالُوا لَهُ : إِنَّ الْأَمْرَ قَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا يَعْنوُنُ : إِظْهَارَ الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ - وَلا نَرْضَى بِإِمَارَتِهِ وَلا سُلْطَانِهِ! فَنَاظَرَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَقالَ : عَلَيْكُمْ بِالْإِنْكَارِ فِي قُلُوبِكُمْ وَلا تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، وَلا تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ وَدِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَعَكُمْ ، وَانْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا – يَعْنِي نَزْعَ أَيْدِيهِمْ مِنْ طَاعِتِهِ – صَوَابًا، هَذَا خِلَافُ الآثَارِ )) ، فَهَذِهِ صُورَةٌ مِنْ أَرْوَعِ الصُّوَرِ التِي نَقَلَهَا النَّاقِلُونَ، تُبَيِّنُ مَدَى اهْتِمَامِ السَّلَفِ بِهَذَا الْبَابِ، وَتَشْرَحُ التَّطْبِيقَ الْعَمَلِيَّ لِمَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهِ.

وَمِنْ صُوَرِ مُعَامَلَةِ السَّلَفِ لِلوُلاةِ الظَّلَمَةِ مُعَامَلَتُهُمْ لِلْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيّ، الذِي اشْتُهِرَ أَمْرُهُ فِي الأُمَّةِ بِالظُّلْمِ وَالْغُشْمِ، وَالْإِسْرَافِ فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ وَانْتِهَاكِ حُرُمَاتِ اللهِ، وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْ سَادَاتِ الأُمَّةِ كَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَحَاصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَدَ عَاذَ بِالْحَرَمِ الشَّرِيفِ، وَاسْتَبَاحَ الْحُرْمَةَ وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ أَعْطَاهُ الطَّاعَةَ وَباَيَعَهُ عَامَّةُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ، وَأَكْثَرُ سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَالْحَجَّاجُ نَائِبٌ عَنْ مَرْوَانَ، ثُمَّ عَنْ وَلَدِهِ عَبْدِ الْمَلَكِ وَلَمْ يَعْهَدْ أَحَدٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى مَرْوَانَ وَلَمْ يُبَايِعْهُ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَمَعَ ذَلِكَ مَا تَوَقَّفَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي طَاعَتِهِ وَالانْقِيَادِ لَهُ فِيمَا تَسُوغُ طَاعَتُهُ فِيهِ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ وَوَاجِبَاتِهِ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا, وَمَنْ أَدْرَكَ الْحَجَّاجَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول ِاللهِ r لا يُنَازِعُونَهُ، وَلا يَمْتَنِعُونَ مِنْ طَاعَتِهِ فِيمَا يَقُومُ بِهِ الإِسْلَامُ، وَيَكْمُلُ بِهِ الإِيمَانُ, وَكَذَلِكَ مَنْ فِي زَمَنِهِ مِنَ التَّابِعِينَ كَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَأَشْبَاهِهِمِ وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ سَادَاتِ الأُمَّةِ، وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا بَيْنَ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ مِنْ سَادَاتِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، يَأْمُرُونَ بِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ مَعَ كُلِّ إِمَامٍ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ،  كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ أُصُولِ الدِّينِ وَالْعَقَائِدِ. أَسْأَلُ اللهَ بِمَنَّهِ وَكَرَمِهِ أَنْ يَحْفَظَ دِينَنَا وَأَمْنَنَا وَأَنْ يُوَفِّقَ وُلاةَ أَمْرِنَا لِمَا يُحِبِّهُ وَيَرْضَاهُ وَأَنْ يَأْخُذَ بِنَواصِيهِمْ لِلْحَقِّ وَالصَّوَابِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ هُنَاكَ أُنَاسًا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ خَالَفُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ، فِي مُعَامَلَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الْمُسْلِمِ، وَهُمْ فِي الْوَاقِعِ امْتِدَادٌ لِمَنْهَجِ الْخَوَارِجِ الذِينَ قَاتَلُوا الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُمْ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهُمْ.

وَمِنْ هَذِهِ الْفِرَقِ مَا يُسَمَّى بِالْجَمَاعَةِ السُّرُورِيَّةِ، وَهِيَ جَمَاعَةٌ تَفَرَّعَتْ عَنْ جَمَاعَةِ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ التِي سَبَقَ أَنْ خَطَبْنَا عَنْهَا وَحَذَّرْنَا مِنْ مَنْهَجِهَا.

نَشَأَتْ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَمْلَكَةِ عَلَى يَدِ (مُدَرِّسٍ)، كَانَ يَعْمَلُ فِي الْمَرْحَلَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ فِي الْمَعَاهَدِ الْعِلْمِيَّةِ التَّابِعَةِ لِجَامِعَةِ الْإِمَامِ، يُدْعَى مُحَمَّدُ بْنُ سُرُور بْنِ نَايِف بْنِ زَيْنِ الْعَابِدِين، وَهَذَا الرَّجُلْ لَمْ يَدْرُسِ الْعِلْمَ الشَّرْعِيَّ دِرَاسَةً مَنْهَجِيَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ مُثَقَفٌ أَخَذَ الْمَعْلُومَاتِ مِنَ الْكُتُبِ، وَلَمْ يَدْرُسْ عَلَى أَيْدِي الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ.

بَدَأَ دَعْوَتَهُ فِي حَائِل، وَيُقَالُ: بُرَيْدَةُ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْمَنْطِقَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَتَأَثَّرَ بِهِ بَعْضُ طُلَّابِهِ فِي الْمَدَارِسِ الْمُعْتَادَةِ، الذِينَ حَمَلُوا فِكْرَهُ وَقَامُوا بِنَشْرِهِ بَيْنَ  الشَّبَابِ فِيمَا بَعْدُ.

وَلَمَّا انْتَبَهَتِ الدَّوْلَةُ لِنَشَاطَاتِهِ الْحَرَكِيَّةِ ذَهَبَ إِلَى الْكُوَيْتِ، وَمِنْهَا إِلَى بِرِيطَانِيَا، حَيْثُ أَسَّسَ مَجَلَّةٍ صَارَ يَنْشُرُ فِيهَا أَفْكَارَهُ الضَّالَّةَ، وَيُوصِلُهَا لِشَبَابِ الْخَلِيجِ، وَقَدْ أَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ (مَجَلَّةِ السُّنَّةِ), مَعَ أَنَّهَا فِي الْوَاقِعِ لا تَمُتُّ لِلسُّنَّةِ بِصِلَةٍ، قَالَ عَنْهَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ نَاصِرُ الدِّينِ الْأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ: هَذِهِ الْمَجَلَّةُ لَيْسَ فِيهَا مِنَ السُّنَّةِ إِلَّا اسْمُهَا. يَعْنِي أَنَّهَا مَجَلَّةُ بِدْعَةٌ، وَلَيْسَتْ سُنَّةٌ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ مِنْ أُصُولِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ زَرْعَ الْفِتْنَةِ بَيْنَ الشَّعْبِ وَالدَّوْلَةِ، وَالتَّحْرِيضَ عَلَي وُلاةِ الْأَمْرِ، وَتَوْجِيهَ الشَّبَابِ بِطُرُقٍ خَفِيَّةٍ حَتَّى يُعَادُوا الْحُكَّامَ، وَبَدلًا مِنْ أَنْ يَنْصَحُوا لَهُمْ وَيُنَاصِحُوهُمْ يَقُومُونَ بِالتَّحْرِيضِ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، مَعَ أَنَّهُمْ يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ نَاصِحُونَ لِلدِّينِ وَلِتَوْجِيهِ الشَّبَابِ، وَأَنَّهُمْ يُحَذِّرُونَ مِنَ الشَّهَوَاتِ، وَلَكِنَّهُمْ فِي الْوَاقِعِ يَدْفَعُونَهُمْ إِلَى الشُّبُهَاتِ وَالْأَفْكَارِ التِي يَعُادُونَ بِهَا الْمُجْتَمَعَ، وَيَعُدُّونَهُ مُجْتَمَعًا جَاهِلِيًّا، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى شَقِّ الصَّفِّ وَتَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ.

وَلِذَلِكَ فَعَلَيْنَا جَمِيعًا الانْتِبَاهُ مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ وَأَفْكَارِهَا، وَلا سِيِّمَا بَعْدَ وَسَائِلِ التَّوَاصِلِ  الْحَدِيثَةِ، التِي جَعَلَتْ وُصُولَ الْأَفْكَارِ الْهَدَّامَةِ سَهْلًا، حَتَّى رُبَّمَا تَشَرَّبَهَا الشَّبَابُ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَنْصُرُونَ الدِّينَ، وَهُمْ فِي الْوَاقِعِ يَهْدِمُونَهُ وَيُضْعِفُونَهُ، فَإِنَّ الْبِدَعَ شَرٌّ وَبَلَاءٌ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلَيِّ الْعَظِيمِ.

فَاللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، وَلا تَجْعَلْهُ مُشْتَبِهًا عَلَيْنَا فَنَضِل, اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ, اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِالإِسْلَامِ قَائِمِينَ وَقَاعِدِينَ وَعَلَى جُنُوبِنَا، وَلا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا وَلا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا! اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ، وَجَنِّبْهُمْ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنْ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا, اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الغَلَا وَالوَبَا وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَلازِلِ وَالفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.

المرفقات

1634797671_الْجَمَاعَةُ السُّرُورِيَّةُ (مُوَافِقٌ لِلتَّعْمِيمِ) 16 ربيع الأول 1443هـ.doc

المشاهدات 5679 | التعليقات 2

فتح الله عليك


جزاك الله خيرا