الْجَرِيمَةُ النَّكْرَاءُ 18 رَبيعٍ الأَوَّل 1444هـ
محمد بن مبارك الشرافي
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ, الْحَمْدُ للهِ الذِي حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَن، وَأَشَهْدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بَعَثَهُ رَبُّهُ بِأَحْسَنِ سَبِيلٍ وَأَقْوَم سَنَن، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاحْذَرُوا مُضِلَّاتِ الْفِتَن, وَخَافُوا الْوُقُوعَ فِي الْبَلَايَا وَالْمِحَن, وَاعْلَمُوا أَنَّ الشَّيطَانَ وَأَوْلَيَاءَهُ لَايَزَالُونَ يَنْشُرُونَ الرَّذِيلَةَ وَيَبُثُّونَ البَاطِلَ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ أُوتُوا, وَإِنَّ خُطْبَتَنَا اليَومَ عَنْ رَذِيِلَةٍ قَدِيمةٍ فِي زَمَانِهَا حَدِيثَةٍ فِي تَوَجُّهِهَا والدَّعْوَةِ لهَا.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّه لَوْلَا خُطُورَةُ الأَمْرِ لِمَا تَكَلَّمْنَا عَنْهَا, مُرَاعَاةً لِأَسْمَاعِكُمْ, وَحَيَاءً -وَاللهِ- مِنْكُمْ, وَخَوْفًا عَلَى قُلُوبِكُمْ, وَلَكِنَّ الْأَمْرَ بَاتَ جَللًا وَالْخَطَرَ صَارَ يَزْحَفُ بِقُوَّةٍ إِلَى بِلَادِ المسْلِمِينَ عَنْ طِريقِ المنَظَّمَاتِ الغَرْبِيَّةِ التِي تَنْشُرُهُ بِقُوَّةٍ وَتَسْعَى إِلَى إِقْرَارِهِ مِنْ خِلَالِ الأَنْظِمَةِ الدَّوْلِيَّةِ, وَقَدْ نَجَحُوا فِي ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بُلْدَانِهِمْ, وَهُمْ يَسْعَونَ فِي بَثِّهَ بَيْنَ شَبَابِنَا وَمُجْتَمَعِنَا مِنْ خِلَالِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ المتَنَوِّعَةِ المنْتَشِرَةِ بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ بِالأَفْلَامِ وِالبَرَامِجِ وَغَيْرِهَا, حَتَّى يَصَيرَ طَبِيعِيًّا يَعْتَادُهُ النَّاسُ وَلَا يَسْتَنْكِرُونَهُ كَحَالِهِمْ هُمْ فِي بُلْدَانِهِمْ.
إِنَّهَا جَرِيمَةٌ نَكْرَاءُ وَفَاحِشَةٌ شَوْهَاءُ, مُوجِبَةٌ لِلْعُقُوبَةِ وَالْهَلَاكِ, إِنَّهَا جَرِيمَةُ قَوْمِ لُوط, أَعْظَمُ الْفَوَاحِشَ عَلَى الْإِطْلَاقِ, وَأَضَرُّهَا عَلَى الدِّينِ وَالْأَخْلَاقِ، إِنَّهَا دَاءٌ عُضَالٌ وَسُمٌّ قَتَّالٌ، غَايَةٌ فِي الْخِسَّةِ والْقُبْحِ وَالْبَشَاعَةِ وَالشَّنَاعَةِ.
إِنَّ جَرِيمَةَ وَطْءِ الذَّكَرِ الذَّكَرَ قَدِ انْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ الْغَرْبِ الْكَافِرَةِ وَأَعْلَنُوا بِهَا فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْأَمْرَاضَ الْمُسْتَعْصِيَةَ وَالْأَوْجَاعَ التِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِهِمْ، كَالإِيدْزِ وَالْهِرْبِسِ. وَلا يُسْتَغْرَبُ انْتِشَارُ الْفَاحِشَةِ هَذِهِ فِي مُجْتَمَعَاتِ الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ ذَنْبٌ, وَلَكِنَّ الْمُصِيبَةَ الْعُظْمَى وَالطَّعْنَةَ النَّجَلَاءَ أَنْ يَنْتَقِلَ هَذَا الدَّاءُ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَيَنْتَشِرَ فِيهَا. وَخَاصَّةً بَعْدَ انْتِشَارِ الجَوَّالاتِ, وَمَا فِيهَا مِنْ مَقَاطِعَ مُخْزِيَةٍ وَمَنَاظِرَ فَاضِحَةٍ لِهَذِهِ الفَاحِشَةِ, ثُمَّ أَيْضًا بِسَبَبِ إِهْمَالِ الأُسَرِ لِأَبَنَائِهَا, وَوَجُودِ الكِلَابِ البَشَرِيَّةِ الذِينَ قَدْ انْحَلُّوا مِنَ الدِّينِ وِالأَخْلَاقِ, عياذًا بِاللهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ هَذِهِ الْجَرِيمَةَ قَدْ جَاءَتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُحَذِّرَةً مِنْهَا، وَمُبَيِّنَةً عُقُوبَةَ الْأُمَّةِ التِي ابْتَدَعَتْهَا، وَمُوضِحَةً أَنَّ تِلْكَ الْعُقُوبَةَ لَيْسَتْ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ, فَفِي الْقُرْآنِ أَكْثَرُ مِنْ 60 آيَةً فِي شَأْنِ قَوْمِ لُوطٍ, فِي تِسْعِ سُوَرٍ كَرِيمِةٍ, قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}, وَقَالَ تَعَالَى مُبَيِّنًا عُقُوبَتَهُمْ {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَكَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ فِي شَأْنِ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ، فَعَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ) ([1]), وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (.. وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِل عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِل عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ) ([2]), وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) ([3]).
وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى قَتْلِ مُرْتَكِبِ هَذِهِ الْكَبِيرَةِ, لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) ([4]), قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللهُ: لَوْ أَنَّ لُوطِيًا اغْتَسَلَ بِكُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ السَّمَاءِ لَقِيَ اللهُ غَيْرَ طَاهِرٍ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ هَذَا الْعَمَلَ الْقَبِيحَ لَهُ أَضْرَارٌ دِينِيَّةٌ وَخُلُقِيَّةٌ وَنَفْسِيَّةٌ وَصِحِيَّةٌ, عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْجَمَاعَاتِ. إِنَّ اللِّوَاطَ كَبِيرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ, وَسَبَبٌ لِلْبُعْدِ مِنْ عَلَّامِ الْغُيُوبِ، وَهُوَ جَرَمٌ عَظِيمٌ حَذَّرَ مِنْهُ رَبُّنَا جَلا وَعَلَا, وَعَاقَبَ الْأُمَّةَ التِي فَعَلَتْهُ بِأَقْسَى الْعُقُوبَاتِ وَأَنْكَى الْمَثُلاتِ. إِنَّ اللِّوَاطَ لَوْثَةٌ خُلُقِيَّةٌ, وَانْحِرَافٌ عَنِ الْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ, إِنَّهُ مُورِثٌ لِقِلَّةِ الْحَيَاءِ، مُذْهِبٌ لِلْغَيرَةِ مِنَ الْقَلْبِ مُورِثٌ لِلدِّيَاثَةِ وَلابُدَّ, وَرُبَّمَا رَضِيَ فَاعِلُهُ بِوُقُوعِ الْفَاحِشَةِ فِي مَحَارِمِهِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اللِّوَاطَ يَعُودُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ بِالشَّرِّ وَالْوَيْلاتِ وَزَوَالِ الْخَيْرَاتِ وَذَهَابِ الْبَرَكَاتِ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ, إِنَّهُ مُؤْذِنٌ بِحُلُولِ الْعُقُوبَاتِ وَنُزُولِ الْمَثُلَاتِ، مُفْرِزٌ لِضَيَاعِ الْأَمْنِ وَشُيُوعِ الْفَوْضَى وَتَفَكُّكِ الْأُسَرِ وَتَفَرُّقِ الْبُيُوتِ مِنْ خِلَالِ هَذَا الْفَرْدِ الْمُنْحَرِفِ، حَيْثُ يُشَوِّهُ سُمْعَةَ أُسْرَتِهِ وَيُفْسِدُ بَقِيَّةَ إِخْوَتِهِ. إِنَّهُ يُورِثُ لِفَاعِلِهِ الْخَوْفَ الشَّدِيدَ وَالْوَحْشَةَ وَالاضْطِرَابِ, وَالْحُزْنَ الدَّائِمَ وَالْعَذَابَ الْمُسْتَمِرَّ وَالْقَلَقَ الْمُلَازِمَ. وَيَصِيرُ عُرْضَةً لِلأَمْرَاض العَصَبِيَّةِ وَالنَفْسِيَّة، مِمَّا يُفْقِدُهُ لَذَّةَ الْحَيَاةِ وَالْأَمْنَ وَالطُّمَأْنِينَةَ.
وِمَّمَا قِيلَ شِعْرًا فِي هَذِهِ الْجَرِيمَةِ : ([5])
فَيَا نَاكِحِي الذُّكْرَانِ تَهنِيكُمُ الْبُشْرَى
كُلُوا وَاشْرَبُوا وَازْنُوا وَلُوطُوا وَأَكْثِرُوا
فَإِخْوَانُكُمْ قَدْ مَهَّدُوا الدَّارَ قَبْلَكُمُ
وَهَا نَحْنُ أَسْلَافٌ لَكُمْ فِي انْتِظَارِكُمُ
وَلا تَحْسَبُوا أَنَّ الذِين نَكَحْتُمُ
وَيَلْعَنُ كُلٌ مِنْكُمُ لِخَلِيلِهِ
يُعَذَّبُ كُلٌ مِنْهُمُ بِشَرِيكِهِ
فَيَوْمَ مَعَادِ اللهِ إِنَّ لَكُمْ أَجْرا
فَإِنَّ لَكُمْ زَفًّا إِلَى نَارِهِ الْكُبْرَى
وَقَالُوا إِلَيْنَا عَجِّلُوا لَكُمُ الْبُشْرَى
سَيَجْمَعُنَا الْجَبَّارُ فِي نَارِهِ الْكُبْرَى
يَغِيبُونَ عَنْكُمْ بَلْ تَرَوْنَهُمُ جَهْرا
وَيَشْقَى بِهِ الْمَحْزُونُ فِي الْكَرَّةِ الْأُخْرَى
كَمَا اشْتَرَكَا فِي لَذِّةٍ تُوجِبُ الْوِزْرَا
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ, أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطَبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ, وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى رَسِولِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَبْلَ أَنْ نَذْكُرَ أَضْرَارَ اللِّوَاطِ الصِّحِيَّةَ أُنَبِّهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ جِدًّا, وَهِيَ أَنَّ هَذَا الفِعْلَ المشِينَ حَرَامٌ حَتَّى بَيْنَ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ, خِلَافًا لِمَا قَدْ يَظُنُّهُ البَعْضُ, فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) ([6]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الطِّبَّ الْحَدِيثَ يَكْشِفُ لَنَا بَيْنَ الفَيْنَةِ وَالْأُخْرَى كَارِثَةً مِنْ كَوَارِثِ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ، وَوَسَائِلُ الْإِعْلَامِ تُطِلُّ عَلَيْنَا مِنْ وَقْتِ لِآخَرَ بِقَارِعَةٍ تَحُلُّ بِسَاحَةِ الشُّذَّاذِ. وَمَا أَنْ يَجِدَ الْأَطِبَّاءُ عِلاجًا أَوْ عَقَارًا نَاجِعًا لِمَرَضٍ مِنَ الْأَمْرَاضِ، إِلَّا وَيَسْتَجِدُّ مَرَضٌ جَدِيدٌ يَشْغَلُهُمْ عَنِ الْمَرَضِ السَّابِقِ, مِمَّا جَعَلَهُمْ يَقِفُونَ مُتَحَيِّرينَ أَمَامَ هَذَا الْخِضَمِّ الْمَوَّارِ مِنْ تِلْكَ الشُّرُورِ وَالْأَخْطَارِ. وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ (لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ التِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمْ الذِينَ مَضُوا) ([7]) .
فَمِنْ تِلْكَ الْأَضْرَارِ الصِّحِّيَّةِ: التَّأْثِيرُ عَلَى الْأَعْضَاءِ التَّنَاسُلِيَّةِ, بِحَيْثُ تَضْعُفُ مَرَاكِزُ الْإِنْزَالِ الرَّئيِسِيَّةُ في الْجِسْمِ ثُمَّ يَنْتَهِي الْأَمْرُ إِلَى الْإِصَابَةِ بِالْعُقْمِ مِمَّا يَحْكُمُ عَلَى اللَّائِطِينَ بِالانْقِرَاضِ وَالزَّوَالِ.
وَمِنَ الْأَمْرَاضِ: ارْتِخَاءُ عَضَلاتِ الْمُسْتَقِيمِ وَتَمَزُّقُهُ: وَلِذَلِكَ تَجِدُ بَعْضَ الْوَالِغِينَ فِي هَذَا الْعَمَلِ : دَائِمِي التَّلَوُّثِ بِهَذِهِ الْمَوَادِّ الْمُتَعَفِّنَةِ، بِحَيْثُ تَخْرُجُ مِنْهُمْ بِدُونِ شُعُورٍ. وَمِنَ الْأَمْرَاضِ الزُهْرِي: الذِي يُسَبِّبُ الشَّلَلَ وَتَصَلُّبِ الشَّرَايِينِ وَالْعَمَى وَالتَّشَوُّهَاتِ الْجِسْمِيَّةِ. وَمِنْهَا مَرَضُ السَّيَلانِ: الذِي يُحْدِثُ الْتِهَابَاتٍ شَدِيدَةٍ فِي الْأَعْضَاءِ التَّنَاسُلِيَّةِ يَصْحَبُهُ قَيْحٌ وَصِديدٌ كَرِيهُ الرَّائِحَةِ، وَتُؤَدِّي إِلَى الْعُقْمِ وَضِيقِ مَجْرَى الْبَوْلِ وَالْتِهَابِ الْقَنَاةِ الشَّرَجِيَّةِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ تِلْكَ الْأَمْرَاضِ: ذَلِكُمُ الْمَرَضُ الْخَطِيرُ الذِي سَبَّبَ لِلْعَالَمِ مَوْجَةً مِنَ الذُّعْرِ وَالرُّعْبِ, إِنَّهُ الإِيدْز. هَذَا الْمَرَضُ نِسْبَةُ الْوَفِيَّاتُ بِهِ عَالِيَةٌ جِدًّا, وَالْعِلَاجُ لَهُ قَلِيلٌ أَوْ مُنْعَدِمٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَانْتِشَارُهُ أَسْرَعُ مِنِ انْتِشَارِ النَّارِ في الْهَشِيمِ, وَقَدْ ذَكَرَ عُلُمَاءُ الطِّبِّ أَنَّ نِسْبَةَ 95٪ مِنْ مَرْضَى الإِيدْزِ هِمْ مِمَّنْ يُمَارِسُونَ اللِّوَاطَ.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ { قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}.
نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخِزْي وَالْعَارِ, وَنَلْجَأُ إِلَى اللهِ مِنَ الْهَلَاكِ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ, الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ, الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، حَرْبًا عَلَى أَعْدَائِكَ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
( [1] ) رواه أحمد وصححه الألباني
( [2] ) رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال الشيخ أحمد شاكر إسناده صحيح.
( [3] ) رواه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني.
( [4] ) أخرجه الأربعة إلا النسائي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي،وصححه الألباني.
( [5] ) ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابه ( الجواب الكافي )
( [6] ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصححه الألباني
( [7] ) رواه ابن ماجه وقال الحاكم: صحيح الإسناد وحسنه الألباني رحمهم الله.
المرفقات
1665590372_الْجَرِيمَةُ النَّكْرَاءُ 18 جُمَادَى الأُوْلَى 1444هـ.doc
المشاهدات 2038 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
محمد بن مبارك الشرافي
أصحاب الفضيلة : الموضوع خطير والشر ينتشر في وسائل التواصل التي صارت بين أيدي الصغار والشباب الذي لا يعرف الخطر, فالله الله في الخطبة وعدم الحياء (الذي ليس حياء في الواقع , بل هو جبن عن الصدع بالحق) والله المستعان
سدد الله خطاكم ونفع بكم
تعديل التعليق