الثقة بالله!
تركي بن عبدالله الميمان
الْثِّقَةُ بِاللَّه
الْخُطْبَةُ الأُوْلَى
إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ في السِرِّ والعَلَنِ، فَالتَّقْوَى: هِيَ طَوْقُ النَّجَاةِ مِنَ المِحَنِ، وَالعَاصِمَةُ مِنَ الفِتَنِ! ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾.
عِبَادَ الله: إِنَّهَا خُلاصَةُالتَّوَكُّلِ، وَمَدَارُالتَّفْوِيضِ، وَأَصْلُالتَّسْلِيم، وَحَقِيْقَةُالاِسْتِعَانَة؛ إِنَّهَا الثِّقَةُ بِالله! ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
والثِّقَةُ بِدِيْنِ اللهِ؛تَبْعَثُ العِزَّةَالإِسْلامِيِّة، وَتَدْفَعُالهَزِيمَةَ النَّفْسِيَّة! ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ﴾. قال الأَلُوْسِي: (الإِيمانُيُوْجِبُ قُوَّةَ القَلْبِ،وَمَزِيْدَ الثِّقَةِ باللهِ،وَعَدَمَ المَبَالاةِبِأَعْدَائِه!).
وَمِنْ عَلامَاتِ الثِّقَةِ بِاللَّهِ؛حُسْنُ الظَّنِّ بِهِ! قال تعالى: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي؛ فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ!).
والثِّقَةُ بِاللهِ: هِيَ حِصْنُ الأَمَان؛ مِنَ المَخَاوفِوالأَحْزَان؛ فَمَنْ أَرَادَالهُرُوبَ مِنْ ضِيْقِالهُمُومِ؛ فَلْيَخْرُجْ إِلَىفَضَاءِ الثِّقَةِ بِالله؛ فَإِنَّهُلَا هَمَّ مَعَ اللهِ! ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾. أَيْ كَافِي مَنْ يَثِقُ بِهِ: كُلَّ مَا أَهَمَّهُ! قال ابنُ القَيِّم: (فَإِنَّهُ لَا أَشْرَحَ لِلصَّدْرِ، وَلَا أَوْسَعَ لَهُ -بَعْدَ الْإِيمَانِ-: مِنْ ثِقَتِهِ بِاللهِ، وَرَجَائِهِ لَهُ، وَحُسْنِ ظَنِّهِ بِهِ).
والثِّقَةُ بِالله؛ جَعَلَتْ أُمَّمُوسَى تُلْقِي بِهِ في البَحْر! ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾، ولَوْلَا ثِقَتُهَا بِرَبِّهَا؛ لَمَا أَلْقَتْ بِوَلَدِهَا؛ لأَنَّهَا وَثِقَتْ بِوَعْدِ اللهِحِينَ قال: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
والثِّقَةُ بِاللهِ؛ تَكْبُرُ بِالصَّلاةِ، فَيَصْغُرُمَعَهَا كُلُّ هَلَعٍ وَجَزَعٍوَفَزَع! ﴿إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعًا* إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا* وَإِذا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا المُصَلِّينَ﴾.
والوَاثِقُ بِالرَّحْمَن، يَعِيشُ في سَكِينَةٍ وَأَمَانٍ، بَعِيْدًا عن التَّشَاؤُمِ والأَحْزَانِ، وَخُرَافَاتِ الكُهَّان، وَوَسَاوسِ الشَّيْطَان! قال U:﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ*وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾. قال أَبُوحَازِم: (لِي مَالَانِ لَا أَخْشَى مَعَهُمَا الْفَقْرَ:الثِّقَةُ بِاللهِ، وَالْيَأْسُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ).
والوَاثِقُ بِاللهِ: تُصِيْبُهُالمُصِيْبَة: فَيَعْلَمُأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الله؛فَيَرْضَى ويُسَلِّم! لِأَنَّهُيَثِقُ بِتَدْبِيرِ الله؛ ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾.
والثِّقَةُ باللهِ؛ هُوَ الجَيْشُالَّذِي لا يُقْهَر! فَهَذَا مُوْسَى u: العَدُوُّ خَلْفَه،والبَحْرُ أَمَامَه، وأَصْحَابُهُ يُنَادُون: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾، فَأَجَابَهُمْمُوْسَى جَوابَ الوَاثِقِين:﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين﴾.
وَمَنْ حَقَّقَ الثِّقَةَ بِالله؛ اِسْتَرَاحَ مِنْ هَمَّ الرِّزْق؛قال حَاتِمُ الأَصَمُّ: (عَلِمْتُ أَنَّ رِزْقِي لاَ يَأْكُلُهُ غَيْرِي، فَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسِي!).
والوَاثِقُونَ بِالله:يَعْمَلُونَ بِالأَسْبَاب،وَيَتَعَلَّقُونَ بِرَبِّ الأَرْباب؛قال ﷻ: ﴿نِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ* الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.
وَمَنْ وَضَعَ ثِقَتَهُ كُلَّهَابِالمَخْلُوقِ، أَوْ تَوَكَّلَعَلَيْه؛ خَابَ ظَنُّهُ فِيه! قال ﷺ: (مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا؛ وُكِلَ إِلَيْه!).
والوَاثِقُونَ بِالله؛يَطْلُبْونَ رِضَى الحَقِّ؛ ولا يَتَعَلَّقُونَ بِالخَلْقِ؛لأنَّ مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ؛ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ! يَقُولُ الشَّافِعِيُّ: (رِضَى النَّاسِ غَايَةٌ لَا تُدْرَكُ!فَعَلَيْكَ بِمَا يُصْلِحُكَ فَالْزَمْهُ).
والوَاثِقُونَ بِالله؛ لا يَثِقُونَ بِأَعْمَالِهِمْ! لأَنَّالقُلُوبَ ضَعِيْفَة، والشُّبَهَ خَطّافَة. والحَيُّلا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الفِتْنَة!قال ﷺ: (الْأَعْمَال بِالخَوَاتِيم).
وَالثِّقَةُ بِالله: سَبَبٌلِقَبُولِ الدُّعَاء! قال ﷺ: (اُدْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ).
والثِّقَةُ بِالله؛ تَدْفَعُإلى العَطَاءِ؛ ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى﴾. قَالَ المُفَسِّرُون: (صَدَّقَبِمَوْعُودِ اللهِ الَّذِي وَعَدَهُ أَنْ يُثِيبَهُ، وأَيْقَنَ أَنَّ اللهَ سَيُخْلِفُه!).
والثِّقَةُ بِالله: هِيَالحَبْلُ المَتِيْن،والحِصْنُ الحَصِيْن!فَمَنْ وَثِقَ بِرَبِّه؛ هَدَاهُ إِلى رُشْدِه! قال I: ﴿وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ﴾.
قالَ أَبُوْ العَالِيَة:(الِاعْتِصَامُ: الثِّقَةُ بِاللهِ!).
وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُوْنَأَغْنَى النَّاسِ؛ فَلْيَكُنْ بِمَا في يَدِ اللهِ، أَوْثَقَمِمَّا في يَدِيْهِ! قال تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ﴾.
الوَاثِقُ باللهِ؛ لا يَحْسُدُ أَحَدًا على حُطَامِ الدُّنْيَا؛لأَنَّهُ يَثِقُ بَقِسْمَةِ اللهِ، وأَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَة! ﴿اللهُيَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الحَياةُ الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ إِلَّامَتاعٌ﴾.
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة
الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.
عِبَادَ الله: الثِّقَةُ بِالله؛تَثْبُتُ بِالعِلْمِ والإِيمَان،وَطَاعَةِ الرَّحْمَن، وَتَهْتَزُّبِالشَّهَواتِ والشُّبُهَات!﴿فَفِرُّوا إِلَى الله﴾، وَتَسَلَّحُوا بِالصَّبْرِواليَقِيْنِ، والفِقْهِ في الدِّيْن، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.
*******
* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.
* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.
* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.
* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
* * * *
d قَنَاةِ الخُطَبِ الوَجِيْزَةa
¨https://t.me/alkhutab©
* * * *
المرفقات
1699432509_الثقة بالله.docx
1699432509_الثقة بالله.pdf
1699432509_خطبة - الثقة بالله (وورد).doc
1699432510_الثقة بالله (للطباعة).pdf
1699432510_الثقة بالله (للهاتف).pdf