التوكل على الله وتحصين الأطفال

ياسين سعيد باصبيع
1437/07/09 - 2016/04/16 11:30AM
[FONT="]بسم الله الرحمن الرحيم[/FONT]
[FONT="]عنوان الخطبة : التوكل على الله وتحصين الأطفال[/FONT]
[FONT="]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.[/FONT]
[FONT="]إننا في الأيام الماضية تقلبنا في نعم الله الوافرة، وخيراته العامرة، فسماؤنا تمطر، وأرضنا تخضر، فتح الله لنا أبواب السماء، فعمّ بغيثه أرضنا، وارتوى زرعنا ونخيلنا . فمالنا لله لا نشكر، وبحسن صنع ربنا بنا لا نعتبر: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [فصلت:39]، {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى:28].[/FONT]
[FONT="]عباد الله ! لقد استبشر و فرح بهذه النعمة الصغار والكبار والصالحون والمقصرون، فترى البهجة والسرور في وجوه الجميع استبشارًا بهذه النعمة وفرحا بها، ولا يعرف حقيقة هذا الاستبشار إلا من فقد هذه الأمطار, فيصف الله عز وجل لنا حالهم: { وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} أي: لآيسين، {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}، انظر إلى آثار رحمة الله في النفوس اليائسة ، وفي الأرض الهامدة التي خشعت والتي بعد ذلك أنبتت، {إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير}.[/FONT]
[FONT="]إن في تصريف الأمطار في بعض البلاد وحبسها عن بعض الدّيار لعبرة لأولي الأبصار وعظة للعصاة والفجار، قال تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا} [الفرقان:48-50].[/FONT]
[FONT="]إن هذا الغيث الذي أنزله الله علينا لمن فضل الله ورحمته، فاشكروا الله بالثناء عليه بألسنتكم والتحدث بنعمته، واشكروا الله بالقيام بطاعته، امتثالاً للأمر واجتنابًا للنهي ، واشكروا الله بالإنابة إليه بقلوبكم واعتقاد أن هذه النعم فضل منه ورحمة وإحسان.[/FONT]
[FONT="]أيها المؤمنون ! وإن من أعظم العبر التي نستفيدها من نزول هذه الغيوث والأمطار ، حسن التوكلِ على الله تعالى الواحد القهار، والاعتماد عليه في جميع شؤوننا في الليل والنهار، وفي جلب المنافع ودفع المضار؛ فإن الله وحده هو القادر على إنزال هذا الغيث ، ولولا رحمة الله بنا لما نزلت هذه الأمطار : { أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ } ، فاللهم [/FONT]
[FONT="]لك الحمد والشكر على آلائك التي لا تعد ولا تحصى ، فما بنا من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك، فسبحانك اللهم ربنا ، فمنك ماؤنا، ومنك طعامنا .[/FONT]
[FONT="]فلنتوكل على الله – أيها المؤمنون - في جميع شؤوننا وأحوالنا ؛ فإن من أعظم أسباب الرزق التوكلُ على الله : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } [الطلاق 2-3 ]، وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أِنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا[/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="][ رواه الترمذي : السلسلة الصحيحة 310 ][/FONT]
[FONT="]وقد أمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالتوكل عليه وحده تعالى ، فقال جلا وعلا : {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} [الفرقان:58]، وقال تعالى: { فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ } [النمل:79]، وقال تعالى: { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } [الأحزاب:3] وقال تعالى : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [[/FONT] [FONT="]آل عمران :159]، أي: اعتمد على حول الله وقوته، متبرِّئًا من حولك وقوتك .[/FONT]
[FONT="]ومن صفات السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، قال [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="]:( هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون[/FONT](
[FONT="]وحقيقة التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله - عز وجل- في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلّها، وتفويضِ الأمور كلها إليه، وتحقيقِ الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه، فالتوكل من أعظم المقامات، وأرفع الدرجات، وأجلّ الأعمال الصالحة، وأنبل أعمال القلوب، ولذا جاء عن سعيد بن جبير أنه قال :" التوكل جماع الإيمان[/FONT] [FONT="]". [/FONT] [FONT="]وقال وهب بن منبه: "الغاية القصوى التوكل"، وقال الحسن:" إن توكلَ العبد على ربه أن يعلم أن الله هو ثقته[/FONT] [FONT="]".[/FONT]
[FONT="]المؤمنون الصادقون يعتمدون بقلوبهم على ربهم في جلب مصالحهم ودفع مضارهم الدينية والدنيوية، ويثقون بأن الله تعالى سيحقق لهم ذلك. [/FONT]
[FONT="]توكلنا على الرحـــمن إنا *** وجــدنا الخير للمتوكلينَ[/FONT]
[FONT="]ومن لبس التوكل لم تجــده *** يخاف جــرائر المتجبرينَ[/FONT]
[FONT="]والتوكل لا يعني النوم والكسل وعدم الأخذ بالأسباب والسعي في طلب الرزق بطرقه المشروعة، حيث يقول الله تعالى[/FONT][FONT="]: { [/FONT][FONT="]فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15]، امشوا في الأرض وابحثوا عن الرزق، فهذا المشي والبحث يعتبر طاعة لله وامتثالاً لأوامره .[/FONT]
[FONT="]إن المتوكلين في كتاب الله هم العاملون، { نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [العنكبوت: 58-59]، وقال تعالى لنبيه لوط - عليه السلام- : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ } [هود: 81]، وأوحى إلى نبيه موسى - عليه السلام -: { أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ } [الشعراء: 52]، ونادى الله تعالى أهل الإيمان ووجههم بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ }[/FONT] [FONT="][النساء: 71][/FONT]
[FONT="]وفي سيرة إمام المتوكلين العطرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، نبحث عن التوكل ، فنجد أنه [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] اختفى في غار ثور مع أبي بكر -رضي الله عنه- حين هجرته إلى المدينة، ولبس درعين فوق بعضها زيادة في الوقاية والتحصين، واستخدم الدواء، وقال لأصحابه في إحدى الغزوات: ( من يحرسنا الليلة ؟ )، وأمر بأن يغلق الباب وتطفأ النار قبل النوم، وقال لأحد أصحابه حين سأله عن ناقته: هل أعقلها أو أتركها وأتوكل ؟! فقال له - صلى الله عليه وسلم: ( إعقلها وتوكل) [/FONT]
[FONT="] مما سبق ندرك بأن التوكل ليس إهمالاً للعواقب وعدم التحفظ وأخذ الاحتياطات، بل ترك العمل بهذه الأمور يعتبر تفريطًا وعجزًا يستحق صاحبه التوبيخ والذم ، ولم يأمر الله سبحانه وتعالى بالتوكل إلا بعد الأخذ بالأسباب وبعد التحرز واستفراغ الوسع ، فقال تعالى: { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } [آل عمران: 157] [/FONT]
[FONT="]إن المؤمن يستطيع أن يجمع بين فعل الأسباب والأخذ بها وبين التوكل، فلا يجعل عجزه توكلاً، ولا توكله عجزًا، إن تعسر عليه شيء فبتقدير الله، وإن تيسر له شيء فبتيسير الله، والمتوكل يخرج من بيته متوجهًا إلى عمله، فبمجرد خروجه من عتبة داره يقول: "باسم الله، توكلت على الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم إني أعوذ بك أن أزِلَّ أو أُزَلّ، أو أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أظلِم أو أُظْلَم، أو أجهلَ أو يُجهَل عليَّ)، ومن قال[/FONT]: "[FONT="]باسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله[/FONT]"[FONT="]، يقال له حينئذ[/FONT]: "[FONT="]كفيت ووقيت وهديت، وتنحّى عنه الشيطان[/FONT]"[FONT="]، وهو يقول لشيطان آخر: ما تريد من عبد قد هدي وكفي وحُفِظَ؟! [/FONT]
[FONT="]فمن أراد أن يكون متوكلاً على الله ،وأن يجد أثر هذا التوكل فعليه دائمًا بإتباع سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم- في الأذكار وفي جميع الأحوال، ليكون في حصن من الشيطان والآفات ، وفي القرآن العظيم :{ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [النحل: 99] [/FONT]
[FONT="]بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]الخطبة الثانية :[/FONT]
[FONT="]الحمد لله الذي ارتضى الحمد لنفسه ، ورضي به من خلقه ، أحمده على آلائه ،[/FONT] [FONT="]وأشكره على نعمائه ، وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه، توكل عبد راض بقضائه ، وصابر على بلائه . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده المصطفى ، ونبيه المجتبى ، ورسوله إلى خلقه ، وأمينه على وحيه ، أرسله الله تعالى بعد انقطاع الرجاء ، وطموس العلم ، واقتراب من الساعة ، [/FONT] [FONT="]فبصّر به من العمى ، وهدى به من الرّدى ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما مزيد . أما بعد :[/FONT]
[FONT="]عباد الله: قد علمنا في الخطبة الأولى أن الأخذ بالأسباب المشروعة لا ينافي التوكل على الله تعالى ، ومما لا ينافي التوكل على الله تعالى التداوي والعلاج وتحصين الأطفال من الأمراض وتطعيمهم ، فعندما يسمع الناس نذيراً ينذر بمرض خطير يصيب الأطفال، وأنه يجب على أوليائهم تحصينهم من هذا المرض، حتى لا يصيب هذا المرض فلذات أكبادهم، وثمرة قلوبهم، وزينتهم في هذه الحياة. فقد حبب الأولاد إلى آبائهم وأمهاتهم، وزينوا لهم بالفطرة والجبلّة التي فطروا عليها وجبلوا عليها، كما قال - سبحانه وتعالى-: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ ) [آل عمران:14]، وقال - جل وعلا- : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف:46]، وقد قال القائل: [/FONT]
[FONT="]وإنـــــــمـــــــا أولادنــــــا بـــــيــــــنـــــــنـــــــا *** أكبادنا تمشـــــي على الأرض[/FONT]
[FONT="]لو هبت الريح على بعضهم *** لامتنعت عيني عن الغمض[/FONT]
[FONT="]إن تحصين الأولاد من الأمراض، ووقايتهم منها، من واجبات الرعاية المناطة بالآباء ، ، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، وهو لا ينافي التوكل على الله تعالى ، بل حماية الجسم من الأسقام والعلل واجب فقد قال -تعالى- ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) [النساء:29]، وقال - سبحانه-: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة:195]. وترك المرض يعبث بالجسم ويهلكه، من باب قتل النفس وإلقاء باليد إلى التهلكة ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: "ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء". وفي صحيح مسلم -رحمه الله- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله -تعالى-". والتحصين أيضاً من حقوق المجتمع المسلم لأفراده الذين يعيشون فيه ؛ لأن سلامة الفرد من الأمراض - وخاصة المعدية منها- سلامة للأسرة، وسلامة الأسرة سلامة للمجتمع. [/FONT]
[FONT="]من أجل هذا نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يورد الممرض على المصح، فقال - عليه الصلاة والسلام-: "لا يورد ممرض على مصح "، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفرّ من المجذوم كما تفر من الأسد"، وهذا لفظ البخاري . وهذا - عباد الله- من أجل سلامة الصحيح، وخوفاً من أن يعديه السقيم بسقمه فيَكثر السقماء والمرضى، وهذا فيه ضعف للمجتمع، ووسيلة إلى عدم القيام بالواجبات الدينية والدنيوية .[/FONT]
[FONT="]والإسلام ينشد مجتمعاً سليماً من الأمراض والأسقام التي توهن الأجساد وتضعف القوى، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان". وهذه القوة تشمل القوة الدينية والقوة البدنية.[/FONT]
[FONT="] فينبغي لنا جميعاً المحافظةُ على أجسادهم من الأمراض والأسقام، والتداوي بالأدوية المباحة المشروعة، والحرص على وقاية أولادنا من الأمراض والعلل المضعفة للأجسام أو المهلكة لها. [/FONT]
[FONT="]ومن هذا المنطلق فإن إخوانكم في وزارة الصحة العامة – جزاهم الله خيراً - وضمن جهودهم المشكورة للقضاء على ما انتشر من أمراض الحصبة والحصبة الألمانية ، وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض، فهم يعتزمون إقامة حملة وطنية شاملة لتحصين الأطفال من هذه الأمراض الفتاكة ، وهي أمراض فيروسية خطيرة ، شديدة العدوى ، وربما تؤدي إلى الوفاة، خاصة ًالأطفال دون سن الخامسة ، وهي تنتقل عن طريق إفرازات الأنف والفم ، أثناء العطاس أو السعال أو عبر الطعام والماء الملوث ، أو براز الشخص المصاب . [/FONT]
[FONT="]وستبدأ هذا الحملة لمدة خمسة أيام من يوم غدٍ السبت 9- من رجب وحتى 13- 1437ه منه ، الموافق السادس عشر من أبريل حتى 20 أبريل 2016 م منه ، وستكون هذه الحملة في مواقع ثابتة في الوحدات الصحية ومراكز الأمومة والطفولة ،ومواقع أخرى متجولة، حيث تشمل الحملة الأطفال المطعمين وغير المطعمين ، وذلك من أمراض الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال ، لذا فلنحث أهالينا وأقاربنا وجيراننا على تحصين أولادهم من هذه الأمراض الفتاكة ، والمساهمة في أنجاح هذه الحملة ، لأهمية هذا التحصين لأطفالنا وثبوت نفعه ، وألا نترك أولادنا عرضة للهلاك أو الإعاقة أو التلف . فإننا مسؤولون عنهم أمام الله عزّ وجل .[/FONT]
[FONT="]عباد الله ! إن التحصين هو الحل الأمثل للوقاية من هذه الأمراض الفتاكة – كما يقول الأطباء -، فقد ثبتت كفاءة هذا التحصين من هذه الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيم والنظافة الكاملة مع تجنيب الأطفال الاختلاط بالمصابين بالحصبة والحصبة الألمانية من خلال عزل المصابين في غرف نظيفة جيدةِ التهوية ، بعيداً عن بقية أفراد الأسرة .[/FONT]
[FONT="]كما يجب علينا الاهتمام بما يقينا من هذه الأمراض ويجنبنا أخطارها بالمحافظة على صحتنا ونظافتنا الشخصية والعامة ، ونظافة بيوتنانا وشوراعنا . والجهات المسئولة عن ذلك تحمل على عاتقها القيام بما وكل إليها بكل إخلاص وصدق ونصح. فليقم كل بمسؤوليته، وليعلم أنه مسؤول عنها أمام ربه - عز وجل- يوم يقف بين يديه . [/FONT]
[FONT="]ألا وتوكلوا على الله ربكم ، وصلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم بذلك ربكم، في محكم التنزيل فقال جلّ وعلا : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[/FONT]
[FONT="]اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد [/FONT]
[FONT="]وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمةِ المهدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحب والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم وفيهم بعفوك ومنك يا أكرم الأكرمين .[/FONT]
[FONT="]اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئنا رخاءً وسائر بلادِ المسلمين ..اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اجعل ولاتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ... اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها .. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ..اللهم لا تدع لنا ذنب إلا غفرته ولا مريضاً إلى شفيته ولا مبتلاً إلى عافيته ...[/FONT]
المرفقات

التحصين والتوكل على الله.doc

التحصين والتوكل على الله.doc

المشاهدات 1427 | التعليقات 0